Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

شـعــــــــب لا يقـهــــــــــــــر

لم أجد قولا أصدق في الإخوان من مقولة الغزالي رحمه الله «الإخوان أن عجبهم شخص رفعوه إلى مصاف القديسين وإن اختلفوا معه عدوه من زمرة الشياطين» والغزالي لمن لا يعرفه إمام جليل انضم إلى الإخوان في شبابه ثم اختلف معهم وقدم استقالته من الجماعة مهاجما لها في كتابه «قذائف الحق» وموضحا التباين الصارخ بين الخطاب المنمق عن النهضة والحرية والشريعة وبين ما يحاك في الغرف المغلقة مما لا يخدم قضايا الأمة بل ساهم في اضعافها ولم يكن أرحم من الأنظمة التي اصطدمت بها وخرجت عليها، واليوم في الذكرى العشرين لرحيل الغزالي ها هي الجماعة تصر على تكرار نفس الأخطاء وسلوك نفس النهج فعدم وضوح رؤيتها لأغلب القضايا المحورية كمسألة الاحتكام للديمقراطية من عدمها – بمعنى حكم الشعب نفسه بنفسه والرضا برأي الأغلبية – والاكتفاء بتجاهل مسببات الخلاف كلما نشب والتركيز على تقوية رابطة الولاء والبراء ضمن الجماعة والتعامل على أساس أنها جماعة المسلمين وليست جماعة من المسلمين وأن المرشد العام هو ولي الأمر الواجب طاعته في المنشط والمكره حتى أصبح ذلك غاية في حد ذاته نتج عنها ما يلاحظ من تغير في الأولويات وضبابية في الموقف حسب ما يقرره المرشد وتلك سمة أصيلة وملازمة للإخوان منذ عهد المؤسس الذي كان يقول «موقفنا من الاتجاهات والدعوات الأخرى في الساحة أننا نزنها بميزان دعوتنا» ولم يقل بميزان الشريعة وهي فلتة لسان لها دلالاتها المرتبطة بما يشاهد من سلوكيات من بعض شباب الإخوان الذين خضعوا للتربية الحزبية بطقوسها الغريبة اختبارات وبيعة ومخيمات – ومن تلك السلوكيات التعصب المقيت وتزكية النفس واتهام الآخرين واحتكار حق الاجتهاد والتلاعب بالفتاوى وإدعاء أحقية الجماعة بالحكم ومظلوميتها التاريخية بالإضافة لما يلاحظ من خلط بين الحزب والإسلام كدين يعتنقه أكثر من مليار ونصف المليار – إخواني وغير إخواني – مما أدى بالمحصلة لحالة الفشل والانغلاق الذي تعيشه الجماعة الذي بدا أكثر تجليا منذ أحداث ثورات الربيع.

على سبيل المثال أذكر كيف ظل إعلام حزب الإصلاح يتهم من سماهم «بقايا النظام السابق» بالسعي لإفشال حكومة با سندوة وقطع الكهرباء وإقلاق الأمن وما أطلق عليه في شارع الستين «جمعة رفض العقاب الجماعي» في حين نراه لا يتورع عن دعم وتبرير قتل المدنيين والتمثيل بالقتلى والتضييق على الشعب في رزقه بل والتشفي والشماتة بما وصلت إليه الأوضاع والتسبب في زيادتها سواء عبر إيقاف الإيرادات عن البنك المركزي من المحافظات الواقعة تحت إدارته مع العلم أن تلك الاجراءات لن يدفع ثمنها سوى الموظف الذي لا ناقة له ولا جمل ولا يدخر من راتبه شيئا في الغالب وهو ما يذكر بالآية «أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم» ويدل على عدم الدراية بطبيعة اليمنيين الصلبة التي تستعصي على الكسر فهو الشعب الوحيد الذي تفرد وكان له قدم السبق في نصر الإسلام في مهده طواعية ودون أن تراق الدماء فأقبلوا في عام الوفود أفواجا حتى قال الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم «الإيمان يمان والحكمة يمانية» ثم كانت القبائل اليمانية أكبر مشاركة وداعمة للفتوحات الإسلامية باذلة النفس والنفيس وكان من أبناء اليمن قادة عظماء كالسمح بن مالك الخولاني وعبدالرحمن الغافقي وكان منهم العلماء الأفذاذ كابن الأمير الصنعاني والشوكاني والوزير والهمداني وكانت أخلاق التجار اليمنيين وأمانتهم سببا في دخول شعوب كثيرة في الإسلام في أصقاع آسيا وأفريقيا وما يزال هذا الشعب العملاق إلى اليوم على الفطرة السوية متمثلا الإسلام النقي عقيدة وقيما محافظة وتقاليد راسخة رافضا الانسلاخ عنه كغيره من المطبعين والمائعين والمبهورين بالحضارة الغربية وبهرجها الزائف، ما يزال على الفطرة شهما مضيافا كريما أبيا لا يقبل الضيم والعدوان قادرا على قهر المعتدين وتأديبهم كما فعل أجداده حين كانت هذه الجبال الوعرة مقبرة الغزاة والمحتلين كما كانت منبع العروبة وحصنها الحصين فإلى اليمن تنسب الملكة السبئية بلقيس والملك الحميري سيف ذي يزن وملوك تبع ومعين وقتبان وكندة والأشاعرة وغفار وكل قبائل العرب العاربة التي هاجرت إلى شمال الجزيرة كالغساسنة والمناذرة والحيرة والأزد الذي تفرع إلى الأوس والخزرج فمن استوعب هذا لا يمكن أن يشارك في تجويع وافقار هذا البلد لأن عواقب ذلك وخيمة بما يحمله أبناؤه من بأس شديد وتاريخ عريق وحضارة تليدة يخجل ويتضاءل أمامها جيرانهم عند المقارنة المستحيلة فالتراث الأصيل والهواء العليل والسهول الخصبة والمدرجات والقلاع والحصون الشامخة في صرواح وزبيد وشبام وشهارة وصنعاء القديمة لا يمكن ان تركع لجفاف الصحارى القاحلة وحرقة الكثبان الجرداء وجلافة ورعونة أعرابها الرحل بكروشهم المنتفخة وتعاليهم الفارغ الذي ماله الزوال لأن الظلم والعدوان سبب خراب العمران كما قال سبحانه في سورة الكهف وتلك القرى اهلكناهم لما ظلموا..

هاني غيلان الشرجبي

Share

التصنيفات: نبض الشارع

Share