Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

اللواء/ خالد أبوبكر باراس: 22 مايو 1990.. المصالحة الوطنية الكبرى

عندما فكرت في الكتابة حول الذكرى السابعة والعشرين للوحدة المباركة أدركت فورا أين أنا الآن وفي ظل أية أوضاع مأساوية اعيش ويعيش أيضا مثلي الملايين من المواطنين اليمنيين وبدلا عن استعراض الذكريات الجميلة التي عشتها كأي مواطن قبيل وأثناء وبعد إعلان الوحدة يوم 22 مايو 1990م أدركت كم نحن اليوم بحاجة للتمعن في عظمة ذلك الحدث الإنجاز الوطني التاريخي.

وكم هم عظماء أولئك القادة وذلك الرعيل من رموز الحركة الوطنية الذين وضعتهم الأقدار في صدارة ذلك الزخم الشعبي وتلك النهضة الوطنية الجبارة فتحققت للشعب اليمني في ظل قيادتهم أهم تطلعاته و أمنياته.

وأنا لازلت سابحا في أجمل الذكريات وأعزها برزت أمامي هامة ذلك الثائر الوطني علي سالم البيض الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني في ذلك الوقت وهو يلقي خطابه التاريخي أمام تلك الحشود الشعبية الهائلة في ميدان السبعين في صنعاء في أول زيارة لها كما أعتقد عندما ارتجل ابياتا من قصيدة لأبي تمام معبرة جدا عن عظمة ذلك الإنجاز وعظمة محققيه وهي مع اعتذاري عن أية أخطاء كما يلي:

على قدر أهل العزم تأتي العزائم

وتأتي على قدر الكرام المكارم

وتكبر في عين الصغار صغارها

وتصغر في عين العظام العظائم

وتلقائيا وفي نفس اللحظة وجدتني أمام تلك الحشود الشعبية الهائلة المرحبة بقدوم القائد الوطني الكبير علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية العربية اليمنية حينها في زيارته الأولى لعدن كما أظن.

ذلك الاستقبال الشعبي الكبير الذي لم تشهد عدن تقريبا مثله انه بلا شك تعبير الشعوب عن مشاعرها تجاه من يحققون تطلعاتها ومطالبها المشروعة.

لقد دخل هاذان المناضلان علي عبدالله صالح وعلي سالم البيض التاريخ اليمني المعاصر من أوسع ابوابه.

هذه حقيقة ستظل كما هي ولن تلغيها أية قوة مهما كانت فالحقيقة لا يمكن مسحها بشخطة قلم، اقول هذا كيمني عاصر تلك الأحداث وسعد بها كغيره من الملايين من المواطنين اليمنيين.

والآن فلا مفر من العودة إلى الواقع المؤلم الذي نعيشه يوميا في ظل هذه الحرب العدوانية الظالمة الجائرة ،عدت متأملا في ذلك الحدث الذي وصفته بالمصالحة الوطنية الكبرى، أسأل نفسي ألسنا اليوم بحاجة لمصالحة وطنية مماثلة نؤكد بها حكمة اليمنيين لتخرجنا من هذه المحنة المدمرة ؟

فتذكرت تلك المصالحة الوطنية التي لم يجد اليمنيون مفرا منها ولا بديلاً عنها بعد قتال بينهم دام ثمانية اعوام،فذهبوا للمصالحة المعروفة التي تمت عام 1970م، رغم وجود بعض الأطراف الخارجية الداعمة لهذا الطرف أو ذاك والبعض منهم كان مشاركا فعليا بكل قواته.

هناك بعض الشبه بين ما كان بالأمس وماهو اليوم،إلا أن ما يواجهه اليمنيون اليوم يختلف كثيرا من حيث خطورته عما كان يواجهه الشعب اليمني في مستهل ستينيات القرن الماضي فلا مقارنة بين ما كان في ذلك الوقت وماهو اليوم.

لكن الأهم هو حضور الحكمة اليمنية حيث استطاع اليمنيون في ذلك الوقت الوصول إلى تسوية سياسية نتيجة لمصالحة وطنية بينهم تمت عام 1970م ،حقق الشعب اليمني بموجبها أهم أهداف ثورة 26 سبتمبر 1962م وهو الحفاظ على (النظام الجمهوري).

وبالتأكيد تمت تلك المصالحة بعد أن أدركت الأطراف اليمنية والإقليمية والدولية استحالة حل الأزمة عن طريق الحسم العسكري ودون ريب هناك تنازلات قدمها الجميع.

والآن وبعد التأمل في ما حدث في الماضي وماهو حاصل في الحاضر، فإن أهم ما يمكن استنتاجه بعد مرور عامين منذ بدء العدوان الذي تقوده المملكة السعودية ضد اليمن والحصار الشامل غير القانوني المفروض على الملايين من اليمنيين المدنيين هو أن مصالحة وطنية يمنية يجب أن تصل إليها أطراف الأزمة اليمنية تفرضها المصلحة الوطنية العليا للشعب اليمني.

وهي بالتأكيد الجامع المشترك لأهم أطراف الأزمة المدمرة المهلكة وفقا لما تدعيه هذه الأطراف فالجميع أو على الأقل أهم أطراف الأزمة يدعون الحفاظ على النظام الجمهوري والوحدة وسيادة الجمهورية اليمنية على كل أراضيها إذا هذا ما يفترض أن يلتقي حوله هؤلاء ومن أجله تقدم التنازلات.

فالمصلحة الوطنية العليا للشعب اليمني والوطن والدولة اليمنية المستقلة بإرادتها وقرارها لا يجوز أن يختلف حوله اليمنيون في كل الاحوال.

ويتذكر الجميع ان كل الحضارات التي بناها الإنسان اليمني عبر كل المراحل التاريخية لم تنتعش وتزدهر إلا عندما تسود بينهم قيم التوافق والقبول بالآخر والتعايش معه.

ومن الطبيعي أن هذه القيم قد أصبحت جزءا من طبيعة اليمنيين كموروث حضاري تناقلته الأجيال.

فالإنسان اليمني يميل عموما للسلم والأمن والاستقرار فلم تشهد حوادث التاريخ القديمة والمعاصرة أن اليمنيين قد اعتدوا على أحد بل هم المعتدى عليهم.

وفي كل المراحل كان اليمنيين يدافعون عن أنفسهم وارضهم وهكذا كان النصر حليف اليمنيين وليس عبثا عرفت اليمن بمقبرة الغزاة.

بعد هذه الخواطر والتأمل في حاضرنا واحوالنا فإني أسأل العقلاء وكل اليمنيين دون استثناء إذا كان آباؤنا واخواننا قد وجدوا ما يجمعهم ليقدموا على تلك المصالحة التاريخية عام 1970م بعد اقتتال مدمر بينهم دام ثمان سنوات،وبعد عقدين من السنين حقق آخرون إنجازا وطنيا أعظم بتوحيد نظامين ودولتين في نظام واحد ودولة واحدة (هي الجمهورية اليمنية)، اليس هناك ما يمكن أن يجمعنا اليوم لنحقق إنجازا تاريخيا كما فعل الذين من قبلنا.

فإن كانت هناك عراقيل و موانع ستقف في وجه اية محاولة للوصول إلى مصالحة بين اليمنيين اليوم فقد وجدت مثلها وربما أكثر منها في الماضي.

وعندما اتفق اليمنيون في ذلك الوقت انصاع الآخرون لارادتهم، واليوم فإن حجة المعتدين ضد اليمن للاستمرار في عدوانهم هي أن اليمنيين يتقاتلون في ما بينهم وما يقومون هم به إنما هو مساعدة اليمنيين للوصول إلى تسوية للأزمة.

أخيرا ندرك ماهو مخطط لهذه المنطقة من الدول الكبرى وخطورة هذه المخططات تكمن في سيطرة فكرة ان ما يخطط له الخارج هو مصير حتمي لا مرد له فالتهويل و المبالغة والإمكانيات اللوجستية والدعم الذي تملكه الدول الكبرى لتضخم من حجم مخططاتها هي أساس سيطرة مثل هذه الأفكار ولكن لا يجوز باي حال من الأحوال الاستسلام انطلاقا من هذا الفكر لأننا بذلك نلغي إرادة الشعوب ولدينا تجارب فشلت فيها مشاريع أقوى وأكبر دول العالم عندما وجدت الشعوب قيادات تمتلك الإرادة وتدرك عظمة شعوبها.

لا بد ان يدرك جميع اليمنيين وأخص بالذكر الرموز والشخصيات ذات التأثير في أطراف الأزمة خطورة ما ينتظر الجميع من تهديد الوجود (كدولة وسيادة وتاريخ) وانا على ثقة أن إدراك خطورة هذا التهديد سيكون الجامع المتين ليصنع اليمنيون حدثا تاريخيا لا يقل شأنا وأهمية عما صنعه الذين سبقوهم وحينها ستنصاع لارادتهم كل الأطراف الإقليمية منها والدولية.

وفق الله الجميع لكل خير..

Share

التصنيفات: متابعات|محليات

Share