Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

مأساة المولّد اليمني في رواية “أنف واحدة لوطنين” للروائي سامي الشاطبي

أنف واحدة لوطنين هو عنوان الرواية الجديدة للروائي اليمني سامي الشاطبي التي أصدرتها مؤسسة أروقة للدراسات والترجمة والنشر ضمن سلسلة إبداعات الرواية العربية

تمثل الرواية اتجاهاً شديد الحساسية في التعامل مع الواقع حيث تتناول قضية اجتماعية وإنسانية تختص بمأساة المولّدين وهم الأفراد الذين يولدون من أب يمني وأم أثيوبية ويتعرضون لشتى أنواع التهميش والقهر والاغتراب وهم موزعون بين هويتين ووطنين ويعانون من عدم الاعتراف بهم سواء من المجتمع اليمني أو المجتمع الأثيوبي، حيث تطرح ما تمثله من انكسارات على مستوى الذات من خلال شخصية صادق هذا المولّد (الهجين)،بطل الرواية والسارد لها، كما تبرز ما تعكسه هذه الحالة من تشريح للمجتمع اليمني ونظرته العنصرية لهذه الفئة من الأفراد وهم المولّدون.

يعتمد الراوي نوعين من السرد وهما : السرد الخارجي حيث يقدم صورة شاملة لعلاقات الذوات الحاضرة في النص حيث يصف سيرة الأب منذ هجرته قسراً من قريته بعد نزاع مع أخيه على الميراث ثم سفره إلى أثيوبيا للتجارة في العسل وزواجه من أمه الأثيوبية وحتى وفاة الأب والأم وهنا تبدأ معاناته الحقيقية سواء مع عائلة أبيه وخاصة عمه الكبير الذي يسلبه ميراثه وكذلك مع المجتمع الذي يرفض الاعتراف به بل ويرفض ان يتيح له فرصة للعمل أو المأوى ..أما السرد الداخلي فهو يقدم صورة البطل من داخل مشاعره وأحاسسيه وانفعالاته بكل هذه الأحداث في لغة فنية متميزة وتقنيات سردية مختلفة مع قدرة على تجسيد هذا العالم النفسي لتلك الشخصية و ينفتح المكان الروائي على أماكن يمنية:تعز،صنعاء، ذمار،الحديدة،حزيز،بير عبيد،باب اليمن،الزبيري، مأرب،عمران، وكذلك أماكن أثيوبية:أديس أبابا،ماركاتو،أســلا، بكل ما تمثله تلك الأماكن مــن خصوصيـة اجتــماعية وإنسانية .

أسطر من الرواية

ويكتب بنصف قلم نصف رسالة إليها…

يا سراب..يا سراب..لا أدري كنّه ما انكسر، لكنّه (شيء) صغير لا يحتاج إصلاحه إلى كائنة رائقة وبهية كسراب..

يا سراب..يا سراب..إصلاح ما انكسر فـيّ لا يحتاج لكائنة بهية كسراب بل يحتاج لإبرة أو دبوس..!!

إنه الضمير عندما يعاقبني ويقول لي..أنت تافه وعدمي وضائع بين هويتين تتصارعان في ذاتك صراعاً رهيباً..أنت نصف شيء ونصف الشيء لا (شيء) فيه لإصلاحه..لم ينكسر فيك شيئ، لأنك أصلاً نصف شيء..الإنسان بمفرده لا شيء، والإنسانة بمفردها أكثر من شيء، وأنتِ يا سراب أكثر من شيء يحيلني لأكثر من معنى، وأكثر من معنى يقودني إلى دهاليز، والدهاليز تجرّني إلى أزقة، والأزقة تصل بي إلى وطن،أفقدوني إيّاه رغماً عني.

دعي ضميري جانباً، فأنا أرجو أن تقودني أزقتك إلى أن أكون (شيئاً كاملاً)، وعندما أصير (كاملاً) أتمنى أن أحقق أملي بالانكسار، وأجري إليك، كما الطفل الهارب من خبث الحدود والجغرافيا والانتماءات الضيقة لأقول لك: لقد صرت اليوم (شيئاً) إنسانياً والدليل أن ثمة شيئا انكسر بداخلي!!

يا سراب..ما الذي يجرجر مولّدا هجينا يعيش وحيدا مثلي للكتابة إليك ولماذا أنتِ بالذات؟ قد تبدو المبررات سخيفة وغير مقــنعة، على الأقل بالنســبة لإنســانة وصــلها الكثير من الرسائل ومزقتها بهدوء!!

وإن لم تكن ثمة مبررات فلا شيء يحيل إلى شيء ذي أهمية أكثر من أنني أكتب في الفراغ أملاًأن يقودني الفراغ إلى نهاية ما؟

جربي مرة ألا تكتبي مثلي للفراغ..جربي ولو من باب المغامرة أن يجرّك قلبي إلى شيء له معنى، وأن يطير بك المعنى إلى كوكب بعيد ونقي ككوكبي.هل قلت كوكبي ..نعم قلت كوكبي!..لأنني وبمجرد الكتابة إليك صرت شيئاً، والشيء يعني أني صرت (معنى)، والمعنى يعني أنّي صرت إنسانا..من محاسن الكتابة التي اكتشفتها اللحظة أنّها تمنح الإنسان قدرتها الخارقة على استكشاف دواعيه..أشعر بها الآن، تعيد لي عقلي من دون أن تعلن عن ضيقها مني..

إذا ..فلماذا أكتب لك يا سراب.. لا أعرف لماذا اكتب لك؟ لكني على ثقة بان زاوية خبرتك تقول لك إنك تعرفين لماذا يكتب لك شخص لا (شيء)؟..

يا سراب..يا سراب..الكتابة تحتاج لخاتمة، والخاتمة تحتاج لكلمة، والكلمة تحتاج إلى معنى، والمعنى يحتاج إلى إنسان، وأنا الليلة صرت بالكتابة إليك إنسانا..بشــيء ومعنى وقيـــمة، فلا تجعليني أتعلّق بك..لا تتركني أسير بلا بصيرة إليك..أرجـــوك..لا تقوديني إلى زقاق مـــسدود !!.

Share

التصنيفات: ثقافــة

Share