Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

حـــث على ترشـــــــيد الاستــــــــــهلاك .. الإسلام يقوم على التوازن والاعتدال في كافة شؤون الحياة

محمد عبدالغني مصطفى

 

أدركت الدول قديماٍ وحديثاٍ أهمية الاقتصاد في سياستها لمردوده الطيب على أفرادها وبخاصة موضوع استهلاك المواد الأساسية في حياتها كالماء والكهرباء والغذاء والكساء والوقود والطاقة.

 

فقامت هذه الدول تحث مواطنيهاعلى ترشيد الاستهلاك وتحذرهم من إهدار ثرواتهم وطاقاتهم سدىٍ أو الاسراف في استعمالها لما يسببه إسرافهم هذا من عبءُ على أنفسهم وحرمان غيرهم من مثل ما انتفعوا به.

 

وكما تعلمون الإسلام يقوم على أساس متين وقاعدة صلبة ألا وهي التوازن والاعتدال والوسطية في جميع التكاليف والأحكام وشؤون الحياة.

 

وهكذا كان التوازن من مميزات هذا الدين وسمة من سمات الصالحين وقد امتن الله على هذه الأمة بأن جعلها أمة وسطاٍ فقال تعالى :«وكذلك جعلناكم أمة وسطا»

 

وسط في كل شيء فلا إفراط ولا تفريط ومنه التوازن والاعتدال في حفظ نعم الله تعالى. فالله جل جلاله وتقدست أسماؤه أنعم على الإنسان بل على البشرية كلها بنعم كثيرة لاتعد ولاتحصى «وإن تعدوا نعمة الله لاتحصوها»

 

وطلب منه شكره عليها وحذره من كفرها أو جحودها أو تضييعها في غير ما شرعت له أو الاسراف فيها وتبذيرها في غير وجه حق .

 

ومن المعلوم أن الواجب تجاه النعم أن تشكر فلا تكفر وأن تذكر فلا تنسى وكما قيل: «إن النعم بشكرها تقر و بكفرها تفر».

 

وخير من ذلك قوله تعالى :«وإذا تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد».

 

وأعلمنا سبحانه وتعالى أننا محاسبون على هذه النعم ومسؤولون عن شكرها وحسن التصرف فيها وأنها إذا توالت على إنسان ولم يكن أهلاٍ لها باستعمالها في غير ما أمر الله به أو أسرف بها تهاوناٍ أو مباهاةٍ فإنه بعمله السيئ هذا يستحق مقت الله له وقد يكون توافر هذه النعم عليه استدراجاٍ له.

 

وكما طلب الله من الإنسان أن يسعى لكسب هذه النعم والأموال من طريقُ حلال فإنه أمره أن ينفقها في حلالُ دون إسراف أو تقتير.

 

وهو مانسميه اليوم ترشيد الاستهلاك ومعنى: «ترشيد الاستهلاك» هو أن يحافظ الإنسان على هذه النعم والأموال فلا يسرف ولا يبذر فيها«إن المبذرين كانو إخوان الشياطين».

 

بل يستخدمها حسب حاجته دون بخلُ أو تقتير.

 

ومعلوم أن الله تعالى نهى عن الإسراف والتبذير وماذلك إلا تنبيهاٍ إلى أنه ينبغي على المسلم أن يحافظ على نعم الله تعالى. بل يجب عليه ذلك.

 

ولقد ورد الذم القطعي الصريح للترف والإسراف في الطعام والشراب في قوله تعالى:« وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لايحب المسرفين».

 

وماذلك إلا لأن الإسراف يحمل على إنفاق الأموال في غير ما شرعت له. ولأنه يكلف المسرف فوق طاقته. ولما فيه من إهانةُ لنعم الله بإهدارها وإلقائها في حاويات النفايات ولأنه يؤدي إلى غلاء أسعار هذه المواد وضياع حق غيره من الانتفاع بها بل قد يؤدي إلى حرمان الآخرين منها ويظهر ذلك جلياٍ وواضحاٍ في بعض الأفراح التي يذبح أصحابها العديد من الذبائح للسمعة والرياء والتفاخر لا للأكل والاستفادة منها وهذا ما ينكره الشرع ويحرمه.

 

ومما يزيد في نكرانه وتحريمه إلقاء كميات كبيرة من الطعام على قارعة الطريق أو في أماكن النفايات والنجاسات علماٍ بأن هذه الذبائح لايجوز ذبحها إلا للحاجة إلى أكلها.

 

هذا ولا يمانع الإسلام من أن يظهر المسلم أثر نعمة الله عليه لكن دون سرف لقوله تعالى :« وأما بنعمة ربك فحدث».

 

ولقوله صلوات ربي وسلامه عليه:« كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا من غير مخيلةُ ولا سرف فإن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده».

 

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال:« كل ماشئت والبس ماشئت ما أخطأك خصلتان :سرف ومخيلة».

 

هذه هي القاعدة الأساسية العامة المثلى في المحافظة على نعمة الله وترشيد الاستهلاك وقد أكد المولى جل وعلا على هذه القاعدة قاعدة التوازن والاعتدال في جمع المال وتحصيله وإنفاقه ومدح جل جلاله المعتدلين في إنفاقهم والمحافظين على نعمه الذين يرشدون استهلاكهم فقال جل شأنه:« والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماٍ».

 

كما انه سبحانه وتعالى نهى عن الشح والبخل والتقتير وحرمه فقد حذر سبحانه من البذخ والإسراف والتبذير وتوعد فاعله فقال:« ولاتجعل يدكُ مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماٍ محسوراٍ».

 

وقد كان النبي صلوات ربي وسلامه عليه أكثر الناس تقديراٍ وحفظاٍ لنعم الله تعالى وأبعدهم عن الإسراف والتفاخر بها وإهدارها رغم انفتاح الدنيا له وإقبالها عليه إلا أنه لم يصرف هذه النعم إلا في طاعة الله دون إسراف ولا تبذير أو تقتير.

 

كما حذرنا صلوات ربي وسلامه عليه من الإساءة في استعمال الماء والإسراف فيه حتى في الوضوء فكيف بغيره وقد أكد رسول الهدى والرحمة على هذا فقال مخاطباٍ رجلاٍ يتوضأ: «لاتسرف لا تسرف».

 

ونهى صلوات ربي وسلامه عليه عن الإسراف والتبذير في شراء الملابس فقال: «كلوا واشربوا وتصدقوا والبسوا مالم يخالطه إسراف أو مخيلة».

 

تلك بعض آيات القرآن الكريم التي تأمر بترشيد الاستهلاك في المأكل والملبس والمشرب والوضوء ونحو ذلك.

 

 وبخاصة في هذه الأيام التي تعمل فيها كل الدول على ضبط نفقاتها وترشيد استهلاكها زيادة لدخلها وتوفيراٍ لمتطلبات حياتها

Share

التصنيفات: نور على نور

Share