Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

القــــلق والهــــــــواجس الدينيــــة مـــن بــــين أســـــــبابه .. المعتقـد الـديني الخـاطئ وراء قبــول الانتحــار

كتب / علي السريحي:

 

« التحدي الكبير» هكذا وصفت منظمة الصحة العالمية الانتحار والذي اصبح ظاهرة تواجهها البشرية خصوصاٍ مع تزايد أعداد المنتحرين من الرجال والنساء الكبار والصغار. ما أدى إلى تزايد التحذيرات العالمية من انتشار الظاهرة مشيرة إلى ارتفاع أعداد الأشخاص الذين يلقون حتفهم انتحارا ليصل إلى مليون شخص حول العالم سنويا ما يعني انتحار شخص كل 40 ثانية تقريباٍ وذهبت تقديرات المنظمة إلى أن عدد الوفيات الناتجة عن الانتحار ستبلغ سنة 2020 مليون ونصف المليون حالة وفاة.  وقالت منظمة الصحة العالمية «إن سلوك الانتحار يمكن حدوثه في جميع الفئات العمريةº بداية من الطفولة ومرورٍا بسن المراهقة المتأخرة وصولا للبالغين إلا أن معظم المنتحرين على مستوى العالم هم بين 15 إلى 19 سنة.»

 

وذكرت المنظمة أن أكثر الأسباب شيوعا للانتحارº هي القلق والهواجس الدينية وكذلك الدوافع الاجتماعية محذرة من خطورة انتشار ظاهرة الإقدام على الانتحار في أوساط الشباب خلال السنوات الأخيرة لأسباب اجتماعيةº في مقدمتها عدم القدرة على الحصول على فرصة عمل مطالبة صناع القرار حول العالم بإدراك خطورة الآثار الناجمة عن الظاهرة على المجتمعات والأسر. ورغم أن المنظمة أشارت إلى أن النسبة الأعلى من حالات الانتحار في العالم توجد في دول أوروبا الشرقية والأميركتين إلا أنه يسجل تزايدا مطردا لحالات الانتحار في دول العالم الإسلامي.

 

يعد الانتحار واحداٍ من الأسباب الثلاثة الرئيسية للوفاة بين من هم في الفئة العمرية الأكثر إنتاجية من الناحية الاقتصادية (15-44 سنة) والانتحار هو السبب الرئيسي الثاني للوفاة في الفئة العمرية 15-19 عاماٍ. 

 

وتشير البيانات الواردة من المسح العالمي للصحة المدرسية الذي أجري في الدول الأعضاء في المنطقة إلى ارتفاع معدلات التفكير بالانتحار والسلوكيات المتعلقة به. وأظهرت الدراسات تبايناٍ على مدى العمر في التفكير في الانتحار من 2.09 إلى 14.1% وفي التخطيط للانتحار من 1.36إلى 9.8%

 

وتشير الدراسات والإحصائيات إلى أن الأسباب المؤدية للانتحار عنصر الكآبة وهو الأوفر حظاٍ في السيطرة على مشاعر من لديه قابلية للانتحار. فحسب إحصاءات الأمم المتحدة فإنه في أية لحظة ننظر إلى أن سكان العالم نجد أن هنالك 450 مليون شخص يعانون من اضطرابات نفسية وعصبية. كما أن أكثر من 90 % من حالات الانتحار يرتبط سبب انتحارهم باضطرابات نفسية وتحديداٍ الكآبة أي فقدان الأمل الذي كان موجوداٍ لديهم. كذلك مشاعر اليأس لها دور كبير في التمهيد للانتحار. كما إن تكرار محاولات الانتحار أو التفكير في الانتحار هي أسباب قوية لتنفيذ هذا الانتحار في ما بعد. إضافة إلى إن الإدمان على الكحول والمخدرات قد يكون أحد الأسباب المؤدية للانتحار. وللمعتقد الديني الخاطئ حول الانتحار  دور أساسي في قبول فكرة الانتحار فعند جهل الإنسان بأن الانتحار محرم قد يستسهل هذه العملية. وقد يعتبر البعض أن الانتحار قرار نبيل للدفاع عن أخطاء أو خسارات كبيرة لا يتحملها العقل. إضافة إلى فقدان شيء غالُ أو خسارة كبيرة وهذا يؤدي لنوع من رد الفعل قد ينتهي بالانتحار. وعوامل نفسية مثل العزلة أو العدوانية قد تؤدي إلى التفكير بالانتحار.

 

كما تشير الدراسات إلى أن قابلية الانتحار لدى الشخص تكبر مع تقدم سنه ولذلك نرى أن هنالك أعداداٍ معتبرة بين الذين يموتون منتحرين وأعمارهم تتجاوز 65 عاماٍ. وهؤلاء معظمهم من الرجال.

 

وتؤكد الدراسات أن الرجال أكثر عرضة للانتحار من النساء بأربعة أضعاف تقريباٍ. ولكن محاولات الانتحار عند النساء أكثر.

 

رأي الإسلام

 

 القرآن الكريم لم يهمل هذه الظاهرة فقد أعطى أهمية كبرى لهذا الأمر وعلاجه فتحدث بكل بساطة ووضوح عنه. بل أمرنا أن نحافظ على أنفسنا ولا نقتلها فقال: (وِلِا تِقúتْلْوا أِنúفْسِكْمú) النساء: 29 إنه أمر إلهي يجب ألا نخالفه.

 

ولكن هل يكفي هذا الأمر لعلاج هذه الظاهرة الخطيرة¿ لا لأن الدراسات الحديثة تؤكد على ضرورة بث الأمل لدى أولئك اليائسين المقدمين على الانتحار وضرورة معاملتهم معاملة رحيمة. ولذلك نرى مئات المواقع والمراكز قد خصصت لعلاج ومواساة من لديه ميل نحو الانتحار أو يحاول ذلك.

 

ولذلك فقد أتبع الله تعالى أمره هذا بخبر سار لكل مؤمن يقول تعالى (إنِ اللِهِ كِانِ بكْمú رِحيمٍا)النساء: 29 إنه نداء مفعم بالرحمة والتفاؤل والأمل. ولكن لماذا هذا النداء¿

 

إذا علمنا بأن معظم حالات الانتحار سببها فقدان الأمل من كل شيء عندها ندرك أهمية الحديث عن الرحمة في هذا الموضع بالذات.

 

ولكن هل يكفي الحديث عن الرحمة والأمل¿ لا لأن بعض الناس لا يستجيبون لنداء الرحمة ولا بد من تخويفهم من عواقب الانتحار. ويؤكد العلماء في أبحاثهم عن منع الانتحار أنه لا بد من تعريف الأشخاص ذوي الميول الانتحارية بخطورة عملهم وعواقبه وأنه عمل مؤلم وينتهي بعواقب مأساوية.

 

وهذه الطريقة ذات فعالية كبيرة في منعهم من الانتحار. وهذا ما فعله القرآن يقول تعالى في الآية التالية مباشرة: (وِمِنú يِفúعِلú ذِلكِ عْدúوِانٍا وِظْلúمٍا فِسِوúفِ نْصúليه نِارٍا وِكِانِ ذِلكِ عِلِى اللِه يِسيرٍا) النساء: 30

 

هذا العقاب الإلهي: (فِسِوúفِ نْصúليه نِارٍا) نتيجة مرعبة لكل من يحاول أن يقتل نفسه.

 

من هنا ندرك أن القرآن العظيم لم يغفل عن هذه الظاهرة بل عالجها العلاج الأمثل. ولذلك نجد أن أخفض نسبة للانتحار هي في العالم الإسلامي!!! وذلك بسبب تعاليم القرآن الكريم. بينما يعاني الغرب من عدم وجود تعاليم تمنعه من الإقدام على الانتحار فتجد نسبة الانتحار عالية لديهم.

 

نتأمل النص الإلهي وما فيه من خطاب ملئ بالرحمة يقول تعالى: (يْريدْ اللِهْ ليْبِينِ لِكْمú وِيِهúديِكْمú سْنِنِ الِذينِ منú قِبúلكْمú وِيِتْوبِ عِلِيúكْمú وِاللِهْ عِليمَ حِكيمَ * وِاللِهْ يْريدْ أِنú يِتْوبِ عِلِيúكْمú وِيْريدْ الِذينِ يِتِبعْونِ الشِهِوِات أِنú تِميلْوا مِيúلٍا عِظيمٍا * يْريدْ اللِهْ أِنú يْخِففِ عِنúكْمú وِخْلقِ الúإنúسِانْ ضِعيفٍا (28) يِا أِيْهِا الِذينِ آِمِنْوا لِا تِأúكْلْوا أِمúوِالِكْمú بِيúنِكْمú بالúبِاطل إلِا أِنú تِكْونِ تجِارِةٍ عِنú تِرِاضُ منúكْمú وِلِا تِقúتْلْوا أِنúفْسِكْمú إنِ اللِهِ كِانِ بكْمú رِحيمٍا * وِمِنú يِفúعِلú ذِلكِ عْدúوِانٍا وِظْلúمٍا فِسِوúفِ نْصúليه نِارٍا وِكِانِ ذِلكِ عِلِى اللِه يِسيرٍا * إنú تِجúتِنبْوا كِبِائرِ مِا تْنúهِوúنِ عِنúهْ نْكِفرú عِنúكْمú سِيئِاتكْمú وِنْدúخلúكْمú مْدúخِلٍا كِريمٍا) النساء: 26-31

 

ويعتبر ديننا الإسلامي الانتحار من كبائر الذنوب وقد بيِن النبي صلى الله عليه آله وسلم أن المنتحر يعاقب بمثل ما قتل نفسه به . فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (مِن تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيه خالداٍ مخلداٍ فيها أبداٍ ومِن تحسِى سماٍ فقتل نفسه فسمْه في يده يتحساه في نار جهنم خالداٍ مخلداٍ فيها أبداٍ ومِن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجاء بها في بطنه في نار جهنم خالداٍ مخلداٍ فيها أبداٍ ) رواه البخاري ( 5442 ) ومسلم ( 109 ) . وعن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال 🙁 مِن قتل نفسه بشيء في الدنيا عذب به يوم القيامة ) رواه البخاري ( 5700 ) ومسلم ( 110 ) .  وعن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح فجزع فأخذ سكيناٍ فحز بها يده فما رقأ الدم حتى مات . قال الله تعالى : بادرني عبدي بنفسه حرمت عليه الجنة ) رواه البخاري ( 3276 ) ومسلم ( 113 ) 

 

وقد ترك النبي صلى الله عليه وآله وسلم الصلاة على المنتحر عقوبةٍ له وزجراٍ لغيره أن يفعل فعله وأذن للناس أن يصلوا عليه فيسن لأهل العلم والفضل ترك الصلاة على المنتحر تأسياٍ بالنبي صلى الله عليه وسلم . فعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: (أْتي النبي صلى الله عليه وآله وسلم برجل قتل نفسه بمِشاقص فلم يصل عليه) رواه مسلم ( 978 ) .  قال النووي : وفي هذا الحديث دليل لمن يقول: لا يصلى على قاتل نفسه لعصيانه وهذا مذهب عمر بن عبد العزيز والأوزاعيوقال الحسن والنخعي وقتادة ومالك وأبو حنيفة والشافعي وجماهير العلماء: يصلى عليهوأجابوا عن هذا الحديث بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يصل عليه بنفسه زجرا للناس عن مثل فعلهوصلت عليه الصحابة.

 

وفي زمننا هذا أفتى علماء الأزهر بحرمة إزهاق الأرواح موضحين بأن الإسلام وفقا للقاعدة الشرعية العامة حرم الانتحار تحريمٍا قطعيٍا لأي سبب كان وأنه ليس من حق الإنسان أن يزهق روحه كتعبير عن ضيق أو احتجاج أو غضب. يأتي ذلك بعد تعدد محاولات الانتحار حرقا في مصر والجزائر وموريتانيا على طريقة الشاب التونسي محمد البوعزيزي الذي أضرم النار في نفسه في ديسمبر الماضي مفجرٍا احتجاجات شعبية عارمة في أنحاء تونس أدت إلى الإطاحة بحكم الرئيس زين العابدين بن علي. وقال المتحدث الرسمي باسم الأزهر السفير محمد رفاعة الطهطاوي إن «القاعدة الشرعية العامة تؤكد أن الإسلام يحرم الانتحار تحريما قطعيا لأي سبب كان ولا يبيح للإنسان أن يزهق روحه كتعبير عن ضيق أو احتجاج أو غضب».

 

كما وصف سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ مفتي عام المملكة العربية السعودية رئيس هيئة كبار العلماء رئيس اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء الانتحار بأنه جريمة نكراء ومصيبة عظيمة ومن يقدمون عليه مهما كانت الاسباب والدوافع الدنيوية يرتكبون إثما عظيما ووعدهم الله بالعقوبة الشديدة والعذاب الأليم لأن قتل الإنسان نفسه يعد أعظم بلاء وأن النصوص القرآنية والأحاديث النبوية حذرت من هذا البلاء العظيم وان الانتحار محرم شرعا ولا يجوز الاقدام عليه من مسلم ومن يقدم عليه بقتل نفسه فسببه ضعف الايمان وحذر المفتي العام ممن يروجون للانتحار ومن يدعون إليه لتحقيق المطالب أو الضغط على بعض الجهات والترويج لمن ينتحر ووصفه بالشهيد ووصف ذلك بأنه من «المغالطات» و»الأراجيف» لأن من ينتحر ضعيف الإيمان..

Share

التصنيفات: نور على نور

Share