Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

ابتسامة تختصر التفاصيل

على طريقة البلاد التي تكرم روادها في اللحود.. لم يفت عن ذهن مجلس نقابتنا الموقر هذا – العرف – البيزنطي المنبثق عن الفكر الجهنمي في إلحاق فكرة تكريم رائدة الابداع الصحفي ونصيرة المهنة الدكتورة رؤوفة حسن التي غيبها عنا الموت الأسبوع الماضي.. على طريقة الامساك بسبلة الجمالة وذلك على هامش احتفائية يوم حرية الصحافة ضمت قائمة تصنيفات ما انزل الله بها من سلطان ومسميات ثورية قريبة إلى مذهب نمط اسماء جْمِع الأزمات السياسية.

   رؤوفة.. استاذة المهنة التي تتلمذنا على يديها.. طلاباٍ وزملاء في حضرة صاحبة الجلالة شخصياٍ اعترف أنها بذرت في نفسي ابجديات حب المهنة وكانت لي نعم الملهم للتحليق في فضاءات القلق لهذه المهنة التي اعترف لها بفضل إشعال ثورة الشيب ووضع حجر أساس مشروع الصلع في رأسي.. وما دام الحديث عن صاحب فضل جليل عنوانه إنسانة تربوية فاضلة.. ابتسامتها تغني عن كل التفاصيل.. أقول أن من لا يستطيع فك شفرات الابتسامة الرؤوفة في هذه الانسانة الرائعة ويستنبط معانيها من قاموس شخصيتها العلمية والمهنية والفكرية الرائدة فأعتقد أنه طالب فاشل لن يستطيع أن يستسيغ معنى أن يقحم نفسه في الحديث عن إنسانة تمتلك كاريزما شخصية نسجت لذاتها منهج التفوق والتميز والحضور المشرف في قائمة الرواد.

   لن امتدحها.. فهي أجل من أن توصف وبغض النظر عن رصيدها المهني والأكاديمي والفكري والثقافي والمعرفي لكن ابتسامتها – ظلت بالنسبة لي – تعبر عن جزئية السهل الممتنع – إذا جاز التعبير في شخصيتها الحوارية القوية وفكرها الأكاديمي المتقد بالحيوية والنباهة ابتسامة تختزل فيها ما عجزت عن البوح به ألسنة الفطاحلة والفلاسفة تحادثك مبتسمة وبتواضع الكبار وتجادل برؤية العالم الزاهد وتقنعك بلباقة الخبير بكينونة أدق تفاصيل الحياة وما بين هذه الدقيقة وتلك الثانية ونهاية تلك الجملة وبداية لحظة مشهد جديد تفاجئك بابتسامة تختصر فيها سحر البيان والمعنى والمبنى الأهم والابلغ لما يمكن أن تسمعه أو يتحدث به اللسان.

رؤوفة بحق في التعاطي مع كل تفاصيل الحياة من حولها وصاحبة ابتسامة لها وقعها البياني العجيب والسلاح الأقوى والأمضى في مواجهة الخصوم من النوع الثقيل والمتوسط والآر بي جي وحتى أصحاب القنابل الآيديولوجية المحرقة والفتاوى العنقودية المكفهرة وكل الوجوه المكفهرة التي تعتليها تجاعيد التشدد والتعصب والتزمت التي عايشنا مشاهد أحداث عنفوانها ضد هذه الإنسانة طلاباٍ وشهود عيان لحظة بلحظة في صيف التسعينات من القرن الماضي..

جادلوها وأكثروا من جدالهم.. فما زادهم ذلك إلا خبالا أمام ابتسامتها وقوة إيمانها بأهمية أن يصمد الإنسان وينهمك في صنع تجربته بنفسه في هذه الحياة الدنيا ويمتلك قوة إرادة لا تهزم.

لهذا كانت نعم المعلم القدوة لطلابها من الجنسين وكل من يعرفها في تجسيد مبدأ القيمة الحقيقية في أن يعيش الإنسان متجرداٍ من تبعية التقليد الأجوف الذي يجلب الفشل ويظل مؤمناٍ لطموحه المشروع وأهدافه النبيلة غير عابىء بكيد ما يصنعه السفهاء من الناس من حوله.

   رؤوفة حسن.. بنت صنعاء القديمة اسطورة زمانها بالحق والحقيقة.. نالت من الصعب وواجهت المستحيل بما هو اصعب بمهارة بساطتها.. يكفيها من الحياة انها صاحبة رصيد إنساني مشرق في الامساك بناصية مشرط تصحيح عمى الألوان عن كائن بني جنسها في هذا الوطن المثقل كاهله بالكثير من المصابين بهذا الداء.

   رؤوفة.. اسم له مدلوله الإنساني العجيب في هذا الوطن.. اسم يعجز أي شغوف بحب إنسانية ونقاوة ابتسامة صاحبته – وأنا أولهم – مهما ادعى رغبة الفضول الجامح في الكتابة – أن يستطيع لملمة جزء من مضمون رسالة حياة هذه الإنسانة أو يستنتج التفسير الموضوعي الواضح لحقيقة وبلاغة ابتسامتها الساحرة الساخرة التي ودعتنا بها هذه الإنسانة  في هذه الأيام القاصفة العاصفة بكل أحلامنا وآمالنا الوطنية والتي يشيب فيها الولدان تحسراٍ على ما يجري في هذا الوطن من بذور فتن زبانية الشيطان..

اللهم ارأف بالفقيدة في مستقر رحمتك وأمنن على وطننا بالخير والسكينة.. آمين..
 

عادل خاتم

Share

التصنيفات: الصفحة الأخيرة

Share