Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

الملاذ الآمن.. لأرواحنا الْمتعøبة!

عبدالعزيز الزريقي

 

نلوذ بأرواحنا المْتعبة إلى الكتابة عندما تهاجمنا الهواجس المرسلة من المقهورين والمعذبين في الأرض ويستحوذ على كياننا وذاتنا العميقة إحساس غريب يلاحقنا شبحه أينما نحل ونرتحل فالكتابة هي مواجعي ومواجع الناس الذين يعصرهم الألم ويسكنهم الأمل.. إنها قدر وسلوى من السماء للأرواح التي أضنتها مشقة الحياة والأقدار المحتومة.

 

 في فضاء الكلمات تحاصرنا الأسئلة المفتوحة ولغة الاحتمالات.. نعثر فيها على وطن  بديل لنا نرسم من خلاله عالمنا الجميل ورؤانا الحالمة المشبعة بالحنين والمصحوبة بشعور دفين بالغربة على الرغم من أننا نعيش بين أهلنا وناسنا.

 

بها نعزي قلوبنا المكلومة ونْغالب انكساراتنا المتتالية والأماني المْعطلة والأحلام المْصادرة التي نقشناها على أكوام الرمل وجذوع الأشجار ولعبنا الصغيرة وكراسات الرسم وعلى الجدران.

 

نشعر بحاجتنا إلى الكتابة عندما  تجتاح  الفوضى كياننا ويتملكنا ناموس الوحشة ويسكننا رعب مقيم ونضيق ذرعاٍ من ساعات العمر الباهتة وأن كل شيء يفر منا ونحن  نحاول عبثاٍ الإمساك بتلابيب الزمن وتجميع أشيائنا المفقودة على قصاصات الورق وترتيب أوراقنا المبعثرة وأجزائنا المقموعة على خرائطه.

 

  نصنع من الحروف الصامتة كائناٍ حياٍ يصغي إلينا بتواضع جم وأدب رفيع ونخط مشوار أرواحنا فوق مرايا الكلمات نزرع اليقين في سويداء القلب نكتب أسماءنا في قائمة الأحياء وندون أطلال العمر التي نقشناها على صدر النسيان.

 

 نكتب حينما يصبح كل ما حولنا يستفز حواسنا تصرفات الإنسان سلباٍ وإيجاباٍ جمالاٍ وقبحاٍ دمعة طفل وابتسامته وعنفوان شاب وفتوته وعجز شيخ وحكمته ودلال أنثى وانكسار امرأة.

 

  كذلك عندما تهفو أرواحنا وتتغنى بعشق جمال الطبيعة وتقلبات الطقس وتنفس صبح بهي وشدو طير ورائحة أزهار وغيمة ماطرة وتسكع أمواج البحر على الشاطئ.

 

الكتابة تعبير صادق عن مكنونات النفس البشرية وانعكاس دقيق لواقع يسرنا أو يسوؤنا وهي طريقنا السالكة للخروج من سكون اللحظة إلى فضاءات وعوالم جديدة نزرع  من خلالها الأمل في تربة جدباء وصحراء قاحلة  .

 

 أكتب عندما تجتاح روحي الحرائق وتمور في نفسي الخلجات وأنزع نحو الجمال والحق والخير والعدل وكلما أرى أن هناك أشياء معوجة في بلدي يجب إصلاحها ومظالم مستقبح فعلها من ظلم الإنسان لأخيه الإنسان وأدعو إلى ضرورة رفعها عن الناس حينها أكون على موعد مع مولود جديد (أقصد مقالة جديدة).

 

إذن: الكتابة ليست القدرة على تطويع اللغة والتلاعب بالألفاظ بقدر ما هي إحساس صادق وتأمل عميق ينبع من الذات المتوثبة مغلف بروح المغامرة وحب الاستكشاف وفضول طفل  ورسالة  ذات مضامين إنسانية يؤديها الكاتب ليسمعها غيره ويخلق منها وعياٍ جديداٍ على ضوئها يرسم الآخرون خط سيرهم نحو المآلات السعيدة وهي توهج دائم يضيء للآخرين دروبهم المتعثرة ويرسم لهم مسالك الطريق الموصل إلى بر الأمان كذلك هي  عشق أبدي ووله دائم بين الكاتب والكلمة يجمع من خلالها بين حكمة شيخ وعفوية طفل وتلقائية لا يضاهيه فيها أحد قد تقترب أحياناٍ من السذاجة.

 

أخيراٍ.. الكتابة تنسينا عربدة الليل ”وأنى لي أن أنام.. وبي وجع القوافي”!! وكذا الخوف المسكون بداخلنا من شيء أو من لاشيء.

 

  نحاول أن ننسى أمكنة وأشخاصا انعقدت بيننا وبينهم صلة عاطفية ما وننسى طرقات الحارة المرعبة ووضع المدينة المقلق وقريتي مهد صباي التي اقتطعت جزءاٍ من روحي وعمري والناس الذين يروقون لنا و لا نروق لهم.

 

ولمن يسألني: لماذا تكتب¿ أجيب: لأن الحروف أنا.. وأنا الحروف..

Share

التصنيفات: الصفحة الأخيرة

Share