Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

في‮ ‬الذكرى الثالثة والأربعين للاستقلال

في‮ ‬الذكرى الثالثة والأربعين للاستقلال
قضية عدن في‮ ‬الأمم المتحدة‮ ‬يمنية بكل المقاييس
الاستقلال تأكيد رغبة شعبنا في‮ ‬تقرير المصير وإنهاء الاستعمار والتبعية
أ‮. ‬د‮/ ‬عبد الوهاب شمسان
نائب عميد كلية الحقوق‮ – ‬جامعة عدن
‮> ‬يجمع فقهاء القانون على أن المبدأ القانوني‮ ‬لا‮ ‬يعترف بوجوده ما لم‮ ‬يكن هناك شبه إجماع دولي‮ ‬للاعتراف به حتى‮ ‬يمكن القول أن هناك سوابق كافية تدعم هذا المبدأ وتجعله حقاٍ‮ ‬وفي‮ ‬هذا الصدد ومنذ تكوين الدولة الحديثة إلى‮ ‬يومنا هذا ونحن نلاحظ قوى متناقضة تتصارع في‮ ‬مناسبات عدة‮ ‬ولكنها في‮ ‬النهاية شأنها شأن روافد النهر تصب في‮ ‬مجرى واحد تعمل على الاعتراف بالسوابق وتأكيد تقرير المصير كمبدأ عام من مبادئ القانون الدولي‮.‬ءإن مسألة استقلال الشعوب المستعمرة والتحرر الوطني‮ ‬تعد‮ ‬إحدى القضايا الهامة للعلاقات الدولية والقانون الدولي‮ ‬باعتبار أنها مرتبطة أساساٍ‮ ‬بإقامة وتطوير علاقة الصداقة بين الشعوب في‮ ‬سبيل الحفاظ على الأمن والسلام في‮ ‬العالم‮ ‬كما أن مبدأ حق تقرير المصير بأشكاله المختلفة‮ ‬يحتل في‮ ‬القانون الدولي‮ ‬مكانة هامة جداٍ‮ ‬فميثاق الأمم المتحدة الذي‮ ‬يعد احترامه والالتزام به أحد الحلقات الرئيسية لتطوير العلاقات بين شعوب المسكونة‮ ‬كان له تأثير كبير على إدراك الشعوب لحقوقها المسلوبة‮.‬
وفي‮ ‬هذا المنحى تصادف هذا العام الذكرى الثالثة والأربعون لاستقلال الجزء الجنوبي‮ ‬من الوطن اليمني‮ ‬والتحرر وإلى الأبد من نير وظلم المستعمر الأجنبي‮ ‬البريطاني‮ ‬هذا النظام الذي‮ ‬فرض نفسه على شعبنا وعلى أرضنا بقوة السلاح لمائه وتسعة وعشرين عاماٍ‮ ‬عمل خلالها على عرقلة تطور هذا الجزء من الوطن الغالي‮ ‬من جميع النواحي‮ ‬الاقتصادية والثقافية والاجتماعية‮ ‬وحكم على الشعب طوال هذه الفترة بالبؤس والشقاء والجوع والتخلف‮.‬
ولكن شعبنا اليمني‮ ‬لم‮ ‬يذعن ولم‮ ‬يقف مكتوف الأيدي‮ ‬فلقد قاوم الاستعمار البريطاني‮ ‬منذ اللحظة الأولى التي‮ ‬وطأت قدماه هذه التربة‮ ‬واستمرت المقاومة حتى أدرك المستعمر أن هذه الأرض التي‮ ‬يقبع عليها لن تحتمله‮ ‬وأن هذا الشعب لن‮ ‬يتقبل الذل والاضطهاد والسيطرة الأجنبية‮.‬
ولعل الهدف الأساسي‮ ‬الذي‮ ‬خاض من أجله شعبنا اليمني‮ ‬حرب التحرير هي‮ ‬رغبته في‮ ‬تقرير مصير هذا الجزء من الوطن المفدى وإنهاء كافة أشكال ومظاهر الاستعمار والتبعية والاستغلال‮. ‬حيث استفاد شعبنا من تجارب الشعوب وأدرك واقعه وازداد وعيه بحقه في‮ ‬الحياة الكريمة وفي‮ ‬الاستقلال وعدم الخضوع لأية قوة مهما بلغت من الجبروت والتحدي‮ ‬وأنه في‮ ‬سبيل حريته وشوقه وتطلعه لتحقيق آماله‮ ‬يضحي‮ ‬بكل شيء ويبذل كل‮ ‬غالُ‮ ‬ونفيس‮.‬
وقد شهدت السنوات التي‮ ‬سبقت اندلاع الثورة في‮ ‬الجزء الجنوبي‮ ‬من الوطن اليمني‮ ‬نضالات سلمية متعددة الأشكال خاضها شعبنا بكل فئاته من أجل تقرير مصيره‮ ‬إلا‮ ‬أن الاستعمار البريطاني‮ ‬لم‮ ‬يرضخ لمطامح هذا الشعب وهذه من الأمور البديهية‮ ‬فما أخذ بالقوة‮ ‬لا‮ ‬يسترد إلا‮ ‬بالقوة‮ ‬ولذا كان لابد من اللجوء إلى النضال المسلح الذي‮ ‬يعتبر الوسيلة الوحيدة المشروعة لإرغامه على التخلي‮ ‬عن هذه الأرض والاعتراف به ليأخذ أمور دولته بيده‮ ‬وبالطبع فقد شكلت ثورة‮ ‬26‮ ‬سبتمبر‮ ‬1962م بانتصارها على النظام الأمامي‮ ‬الكهنوتي‮ ‬في‮ ‬شمال الوطن انطلاقة قوية للحركة الوطنية للقيام بمهامها التاريخيةوأصبحت الظروف مواتية لنضال الشعب اليمني‮ ‬وقواه الوطنية لتثبيت النظام الجمهوري‮ ‬في‮ ‬الشمال والتحرر من الاستعمار البريطاني‮ ‬في‮ ‬الجنوب‮ ‬‮ ‬لقد خلقت ثورة‮ ‬26‮ ‬سبتمبر الظروف المواتية للانتفاضة الثورية في‮ ‬الجنوب وجاءت في‮ ‬لحظة حاسمة قامت خلالها القوى الاستعمارية وأعوانها بمحاولات لعزل قوى التحرير خاصة بعد الانفصال السوري‮ – ‬المصري‮ ‬في‮ ‬عام1961م‮ ‬ومن وجهة النظر القومية‮ ‬سمحت الثورة لقوى الثورة القومية بالتعبير عن وجودها في‮ ‬كل أنحاء شبه الجزيرة العربية‮ ‬وهي‮ ‬منطقة كانت مغلقة بالنسبة لهذه القوى في‮ ‬السابق‮.‬
ولم تمر فترة من الزمن إلا‮ ‬واندلعت أول شرارة للثورة في‮ ‬الجزء الجنوبي‮ ‬من الوطن اليمني‮ ‬في‮ ‬ردفان في‮ ‬14‮ ‬أكتوبر‮ ‬1963م‮ ‬معلنة بذلك بداية مرحلة تاريخية جديدة في‮ ‬حياة شعبنا‮ – ‬مرحلة الكفاح المسلح‮ ‬واعتقدت السلطات الاستعمارية وأعوانها في‮ ‬بادئ الأمر أن ما‮ ‬يجري‮ ‬في‮ ‬قمم جبال ردفان حركة تمرد مؤقتة باستطاعتها في‮ ‬عملية عسكرية‮ ‬تأديبية‮ ‬أن تخمد الشرارة المندلعة‮ ‬ولكن خابت ظنونها وفشلت تقديراتها عندما فوجئت بالمقاومة الشديدة والمنظمة‮ ‬وهكذا انتقل الكفاح المسلح من قمم جبال ردفان إلى جميع المناطق في‮ ‬مستعمرة عدن ومحمياتها الشرقية والغربية‮.‬
وعندما لم تستطع السلطات البريطانية أن توقف مد الكفاح المسلح لجأت إلى اتخاذ الإجراءات القمعية اللاإنسانية ضد المواطنين العزل من السلاح وأمام هذا التعنت ثار الرأي‮ ‬العام العالمي‮ ‬تأييداٍ‮  ‬لكفاح الشعب اليمني‮ ‬في‮ ‬الجنوب وتنبهت المنظمات الدولية العالمية والإقليمية لقضية هذا الشعب وتم إدراجها بدرجة أساسية في‮ ‬جدول أعمال منظمة الأمم المتحدة‮ ‬خاصة في‮ ‬أعمال أحد أجهزتها الرئيسية‮ ‬‮ ‬الجمعية العامة‮. ‬
لقد جاءت منظمة الأمم المتحدة لتبسط حلماٍ‮ ‬مشروعاٍ‮ ‬جميلاٍ‮ ‬وأملاٍ‮ ‬تتطلع إليه الشعوب من أجل عالم‮ ‬يسعد بالأمن والاستقرار‮ ‬لا مكان فيه للخوف من شبح الحرب أو نزعة السيطرة والتحكم‮ ‬وجاء الإعلان لمنح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة ليرسي‮ ‬أساس هذا الحلم الممكن وشرعيته في‮ ‬إطار القانون الدولي‮ ‬والتطورات التي‮ ‬شهدها ويشهدها العالم‮ ‬وترنو إليه الشعوب ليشد من ازرها ويدعم نضالها من أجل الاستقلال والتقدم‮.‬
من هذا المنطلق أولت منظمة الأمم المتحدة أهمية كبيرة لحل قضية جنوب اليمن‮ ‬فبعد اتخاذ الدورة الخامسة عشرة للجمعية العامة قرارها رقم‮ (‬1514‮) ‬بشأن منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة‮ ‬عملت على تشكيل لجنة خاصة لمراقبة تنفيذ هذا القرار‮ ‬شكلت في‮ ‬البداية من‮ (‬17‮) ‬عضواٍ‮ ‬ومن ثم ارتفع العدد إلى‮ (‬24‮) ‬عضواٍ‮ ‬وفقاٍ‮ ‬لقرار الدورة السابعة عشرة للجمعية العامة‮ ‬رقم‮ (‬1818‮) ‬عام‮ ‬1962م‮.‬
ونظراٍ‮ ‬للأهمية الإستراتيجية التي‮ ‬تحتلها عدن في‮ ‬خط الملاحة الدولية وضعت لجنة الأربعة والعشرين في‮ ‬جدول أعمالها عام‮ ‬1963م قضية عدن والمحميات وعندما احتدم النقاش حول هذا الموضوع وظهر تعنت السلطات البريطانية وممثليها في‮ ‬اللجنة‮ ‬عمل ممثلو دول آسيوية وأفريقية على تقديم مشروع قرار أكدوا فيه على حق الشعب اليمني‮ ‬في‮ ‬عدن والمحميات في‮ ‬تقرير المصير وطالبوا انجلترا بإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين وعودة المنفيين من زعماء الأحزاب والتنظيمات السياسية‮ ‬وإلغاء الحظر على العمل السياسي‮ ‬والنشاط الجماهيري‮ ‬وضمان احترام حقوق الإنسان‮ ‬وإلغاء القاعدة العسكرية في‮ ‬عدن وسحب القوات الأجنبية من هناك‮ ‬ولضمان تحقيق ذلك أكد مشروع القرار على ضرورة إرسال بعثة خاصة للأمم المتحدة إلى المنطقة‮.‬
وقد قوبل هذا المشروع بعدم الرضى من قبل ممثلي‮ ‬بعض الدول الكبرى التي‮ ‬دأبت على تقديم مشروع قرار آخر‮ ‬لم تضمنه تاريخ منح الاستقلال لعدن والمحميات أو إلغاء نظام الاحتلال‮ ‬وإنما حمل في‮ ‬جوهره دعماٍ‮ ‬ومساندة للسياسة البريطانية الاستعمارية في‮ ‬جنوب شبه الجزيرة العربية‮ ‬كما شكل في‮ ‬نفس الوقت طوق نجاة للدبلوماسية الانجليزية‮ . ‬
وبالرغم من ذلك حسمت لجنة الأربعة والعشرين هذا الصراع‮ ‬وشكلت لجنة خاصة بعدن في‮ ‬العاشر من مايو عام‮ ‬1963م كان من صلب مهمتها تقصي‮ ‬الحقائق ودراسة الأوضاع على الواقع‮ ‬ضمت ممثلي‮ ‬خمس دول‮ (‬فنزويلا‮ ‬العراق‮ ‬كمبوديا‮ ‬جمهورية الملفاش ويوغوسلافيا‮). ‬هذا الأمر أقلق إنجلترا ودفعها من خلال ممثلها في‮ ‬الأمم المتحدة إلى أن تعلن رسمياٍ‮ ‬في‮ ‬28‮ ‬مايو‮ ‬1963م عن نيتها عدم السماح لأعضاء اللجنة‮ (‬البعثة‮ ) ‬بدخول عدن واستخدمت في‮ ‬سبيل ذلك كل الأساليب والوسائل المتاحة والممكنة للحيلولة دون وصول أعضاء اللجنة إلى عدن والمحميات‮ ‬والمضحك أنه عندما وصلت اللجنة إلى صنعاء أرسلت السلطات الاستعمارية برسائل سرية إلى ممثلي‮ ‬شركات الخطوط الجوية والبحرية‮ ‬احتوت على عدم السماح لأعضاء اللجنة بزيارة عدن عبر شركاتهم والامتناع عن بيع تذاكر لهم‮ . ‬
وعند وصول أعضاء اللجنة إلى مدينة تعز في‮ ‬24‮ ‬مايو سنة‮ ‬1963م وجهت السلطات الاستعمارية رسائل إلى كل الضباط المسؤولين على المنافذ الحدودية بين جنوب اليمن وشماله‮ ‬تضمنت إمكانية السماح بالمرور فقط لمواطني‮ ‬شمال اليمن واتحاد الجنوب العربي‮ ( ‬عدن والمحميات‮ – ‬آنذاك‮) ‬وبعد اتخاذ الإجراءات الجمركية اللازمة‮ ‬والمشددة لدخول أراضي‮ ‬عدن والمحميات‮ ‬أما المواطنون الذين من بلدان وقوميات أخرى‮ ‬فيجب حجزهم في‮ ‬المراكز الحدودية حتى تصل التوجيهات اللازمة بذلك في‮ ‬نفس الوقت أعلنت حكومة اتحاد الجنوب العربي‮ ( ‬آنذاك‮ ) ‬أن أي‮ ‬شخص سيقيم أو سيعمل على إقامة علاقة مع لجنة الأمم المتحدة سيتعرض للعقاب الصارم‮. ‬
‮ ‬وعند سماع سكان عدن والمحميات بقرار الحكومة البريطانية والسلطة الاستعمارية بعدم السماح لأعضاء اللجنة بزيارة الإقليم‮ ‬نظموا مظاهرة احتجاج كبيرة نددوا فيها بهذا الإجراء المخالف لقرار منظمة الأمم المتحدة والموجه أساساٍ‮ ‬ضد الشعب اليمني‮ ‬وأماله وطموحاته في‮ ‬تحقيق مصيره ونيل استقلاله‮ ‬استشهد نتيجتها عدد كبير من المواطنين‮.‬
ولتفادي‮ ‬تكرار ذلك أعلنت السلطات الاستعمارية وحكومة الاتحاد حالة الطوارئ والاستعداد العالي‮ ‬للشرطة في‮ ‬عدن والمحميات وأعطيت التعليمات للقوات المسلحة الإنجليزية والقوات التي‮ ‬تدخل ضمن جيش الاتحاد بقمع أية مظاهرة وبأي‮ ‬أسلوب وإطلاق النار على المتظاهرين إذا تطلب الأمر ذلك‮.‬
أمام تعنت وصلف الحكومة البريطانية والسلطات الاستعمارية في‮ ‬جنوب اليمن‮ ‬اتخذت اللجنة الخاصة‮ ‬قراراٍ‮ ‬بزيارة كل من‮ : ‬القاهرة‮ ‬‮ ‬صنعاء‮ ‬تعز‮ ‬جدة وبغداد‮ ‬لتتمكن من اللقاء بممثلي‮ ‬الأحزاب السياسية وكذا بالمهاجرين والنازحين من عدن والمحميات لمعرفة جوهر وحقيقة الأوضاع في‮ ‬الإقليم‮ ‬وكان ذلك وفقاٍ‮ ‬للجدول التالي‮ : ‬
‮- ‬زيارة القاهرة في‮ ‬25‮ ‬مايو‮ ‬1963م‮.‬
‮- ‬زيارة صنعاء‮ – ‬تعز في‮ ‬28‮ ‬مايو‮ ‬1963م‮.‬
‮- ‬زيارة جدة في‮ ‬1‮ ‬يونيو‮ ‬1963م‮.‬
‮- ‬زيارة بغداد في‮ ‬4‮ ‬يونيو‮ ‬1963م‮.‬
‮- ‬وخلال هذه الزيارات استمعت اللجنة إلى وجهات نظر زعماء وممثلي‮ ‬الأحزاب السياسية المختلفة وآراء المغتربين والنازحين من مختلف مناطق الجنوب‮ ‬ووصل عدد المتحدثين إلى‮ (‬56‮)‬‮ ‬عشرة في‮ ‬القاهرة وأربعة عشر في‮ ‬صنعاء‮ ‬وعشرة في‮ ‬تعز‮ ‬وسبعة عشر في‮ ‬جدة وخمسة في‮ ‬بغداد‮ ‬كما استلمت أكثر من‮ (‬85‮)‬خطاباٍ‮ ‬وبرقية ومنشوراٍ‮ ‬سياسياٍ‮ ‬وكذا عدداٍ‮ ‬كبيراٍ‮ ‬من الوثائق المطبوعة والصور وغيرها من الوثائق الدامغة‮.‬
‮- ‬إحدى هذه الوثائق وقع عليها ما‮ ‬يقرب من‮ (‬9088‮)  ‬شخصية تتواجد داخل الإقليم إضافة إلى ذلك اقترح مجموعة من المناهضين للنظام الاستعماري‮ ‬لأعضاء اللجنة ضرورة الاستماع إلى آراء ووجهات نظر مجموعة من ممثلي‮ ‬الأحزاب والقوى الوطنية الذين‮ ‬يرغبون في‮ ‬التحدث إلى أعضاء اللجنة والمتواجدين في‮ ‬كل من البيضاء وقعطبة في‮ ‬شمال الوطن والرياض في‮ ‬المملكة العربية السعودية والكويت واندونيسيا‮ ‬غير أن اللجنة اعتذرت عن إمكانية القيام بذلك لضيق الوقت الذي‮ ‬لا‮ ‬يسمح لها بزيارة مراكز إضافية‮ .‬
وقد أكد كل المتحدثين على أن عدن والمحميات تاريخياٍ‮ ‬وجغرافياٍ‮ ‬جزء لا‮ ‬يتجزأ من‮  (‬اليمن الطبيعي‮)‬‮(‬الشمال‮) ‬و(الجنوب‮)‬‮ ‬فاليمن كان دوماٍ‮ ‬مرتبطا بروابط سياسية و اقتصادية ووطنية‮ ‬ومصالح وآمال مشتركة‮ ‬غير أن المستعمر استقطع الجزء الجنوبي‮ ‬من اليمن من الوطن الأم‮ ‬واليوم‮ ‬يحاول إعاقة وحدته مستخدماٍ‮ ‬كافة الأساليب‮ ‬غير المشروعة للحيلولة دون قيام الوحدةو أكدوا على أن كل سكان عدن‮ ‬يقفون مع الوحدة مع اليمن كخطوة أولى على طريق الوحدة العربية‮.‬
وانطلاقاٍ‮ ‬مما أثاره المتحدثون المناهضون و تقرير اللجنة الخاصة بعدن‮ ‬خرجت لجنة الأربعة والعشرين في‮ ‬دورتها الخامسة عشرة‮ ‬بخلاصة مفادها أن الأحداث و العمليات العسكرية لبريطانيا في‮ ‬ردفان تهدد السلام و الأمن في‮ ‬المنطقة كما وتتعارض كلياٍ‮ ‬مع قرار منح الاستقلال للشعوب و البلدان المستعمرة‮. ‬واتخذت قراراٍ‮ ‬أدانت فيه الأعمال العسكرية للسلطات البريطانية وطلبت منها إيقاف القتال بأسرع وقت ممكن‮ ‬وإلغاء حالة الطوارئ في‮ ‬عدن وكافة القوانين المقيدة للحريات وإطلاق سراح المعتقلين والمحتجزين السياسيين‮ ‬وعودة السياسيين الذين‮ ‬غادروا الإقليم أو نفوا منه لنشاطهم السياسي‮.‬
في‮ ‬تقرير اللجنة الخاصة ورد أنه توفرت لديها معلومات من خلال ما طرحه المتحدثون المعارضون والمناهضون للمستعمر الذين التقت بهم‮ ‬بأن الأوضاع‮ ‬غير طبيعية وخطيرة حتى الآن‮ ‬فحالة الطوارئ لم تلغ‮ ‬والاعتقالات والملاحقات والتعسف والحجز للمواطنين لازالت مستمرة وبدون أية أسباب تذكر‮ ‬وأشار التقرير أيضاٍ‮ ‬إلى أن السلطة البريطانية لم تنفذ قرار لجنة الأربعة والعشرين الذي‮ ‬تضمن المطالبة بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وإيقاف العمليات العسكرية والاعتداءات المتكررة على السكان وإلغاء كافة القوانين المقيدة للحريات العامة‮.‬
وخلال هذه الفترة استجدت أمور كثيرة فقد استفاد شعبنا من تجربته وأدرك واقعه وازداد وعيا بحقه في‮ ‬الاستقلال والوحدة‮ ‬وعدم الخضوع لأية قوة مهما بلغت من الجبروت والتحدي‮ ‬كما أن السلطات الاستعمارية أدركت أن نظرية الرخاء الاستعماري‮ ‬والرفاهية مع حضارة السيطرة والاستغلال قد ماتت بالرغم من القبضة الحديدية التي‮ ‬حاولت بها القضاء على الثورة في‮ ‬جنوب الوطن اليمني‮.‬
إلى جانب ذلك على المستوى الدولي‮ ‬برزت مرحلة تعزز فيها تحقيق العشرات من الدول الآسيوية والإفريقية لاستقلالها السياسي‮ ‬الأمر الذي‮ ‬جعل تأثير هذه الدول أكبر مما كانت تتصور الدول المستعمرة‮ ‬وأيقنت بأن أي‮ ‬خروج عن قرارات منظمة الأمم المتحدة وتجاوز رأي‮ ‬المجتمع الدولي‮ ‬سيؤديان حتماٍ‮ ‬إلى التعجيل بانهيار السياسة الاستعمارية هنا وانطلاقاٍ‮ ‬من هذه الأوضاع المستجدة أصبحت بريطانيا مضطرة إلى تقديم التنازلات والإعلان عن أن عام‮ ‬1968م‮ ‬سيكون عام إعلان الاستقلال للجنوب العربي‮.‬
وهكذا نرى أن قضية نيل الاستقلال لعدن والمحميات الجنوبية مبدئياٍ‮ ‬كانت محلولة‮ ‬ولم تتبق‮ ‬سوى مسألة واحدة معقدة وحساسة‮ ‬غير محلولة‮ ‬تمثلت بمن الذي‮ ‬سيتولى‮ ‬أمور السلطة في‮ ‬الجنوب‮ ‬‮ ‬ومن الذي‮ ‬سيتسلم مقاليد الأمور في‮ ‬هذا الإقليم الاستراتيجي‮ ‬الهام¿ هل سيكون هذا بيد ممثلي‮ ‬الشعب والقوى الديمقراطية أو مجموعة العناصر العميلة للإنجليز وبريطانيا‮.‬
أمام جملة هذه الاستفسارات وأمام ازدياد الزخم الثوري‮ ‬والمساندة والدعم الدوليين للقوى الوطنية‮ ‬استمرت السلطات البريطانية بتجاوز وخرق قرارات لجنة الأمم المتحدة‮ ‬وأعلنت أن الاستقلال سيمنح فقط في‮ ‬حالة ما إذا بقيت الحكومة الاتحادية في‮ ‬السلطة وظهرت في‮ ‬الصحف آراء لشخصيات بريطانية رسمية تؤكد أنه بعد منح الاستقلال للجنوب اليمني‮ ‬ستبقى القوات البريطانية هناك من أجل مساعدة الحكومة الاتحادية‮.‬
وبهذا الشكل دخلت بريطانيا في‮ ‬صراع مع أغلبية الدول أعضاء لجنة الأربعة والعشرين والتي‮ ‬عقدت في‮ ‬نوفمبر‮ ‬1966م جلسة خاصة بقضية عدن والمحميات‮ ‬حيث أعلن المندوب السوفيتي‮ (‬سابقاٍ‮) ‬أن جوهر القضية والجوهر الأساسي‮ ‬لهذه المسألة والصراع القائم لا‮ ‬يتمثل في‮ ‬حل تحصل من خلاله عدن على استقلالها‮ ‬وإنما بأي‮ ‬شكل وعلى أي‮ ‬أساس سينال الجنوب الاستقلال هل سيمنح الاستقلال لعدن فعلياٍ‮ ‬وسيتم تحرير شعب هذا الإقليم وفقاٍ‮ ‬لقرار منح الاستقلال للشعوب والبلدان المستعمرة وغيره من قرارات منظمة الأمم المتحدة الخاصة بعدن‮ ‬أم أن الشعب في‮ ‬هذا الإقليم سيربط بعجلة الاستعمار الجديد عند حل قضيته واستقلاله‮ ‬وطلب المندوب السوفيتي‮ ‬من بريطانيا تنفيذ قرارات الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة الصادرة في‮ ‬11‮ ‬ديسمبر‮ ‬1963م‮ ‬وقرار لجنة الأربعة والعشرين‮  ‬الصادر في‮ ‬15‮ ‬يونيو‮ ‬1966م‮ ‬الذي‮ ‬يأخذ بعين الاعتبار إنهاء النظام الذي‮ ‬لا‮ ‬يمثل الشعب‮ ‬والمتمثل بحكومة ما‮ ‬يسمى باتحاد الجنوب العربي‮ ‬وتشكيل حكومة مؤقتة للجنوب اليمني‮ ‬وفقاٍ‮ ‬لرغبة السكان وعلى ضوء انتخابات عامة تجري‮ ‬تحت إشراف منظمة الأمم المتحدة‮ ‬واحترام الحقوق‮  ‬الأساسية للإنسان ومنح الشعب حقه في‮ ‬تقرير مصيره النهائي‮ ‬بنفسه دون وصاية‮. ‬
وقد لاقى ذلك‮ ‬الدعم الكامل والمشاركة النشطة لأغلبية الدول أعضاء الأمم المتحدة من ضمنها الدول العربية‮ ‬هذه المقترحات التي‮ ‬تم فيها مراعاة المطالب الأساسية للتنظيمات والأحزاب السياسية الوطنية في‮ ‬عدن‮ ‬ومطالب كافة المناضلين من أجل الحرية لشعب الجنوب اليمني‮ ‬كما لاقت كذلك الاستحسان من قبل المجتمع الدولي‮.‬
ووفقاٍ‮ ‬لقرار لجنة الأربعة والعشرين ومجلس الوصاية في‮ ‬12‮ ‬ديسمبر‮ ‬1966م اتخذت الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة وبأغلبية الأصوات قراراٍ‮ ‬خاصاٍ‮ ‬للأمم المتحدة إلى عدن‮ ‬وقد صوت ضد هذا القرار كل من‮ : ( ‬الولايات المتحدة الأمريكية‮ ‬إنجلترا‮ ‬فرنسا‮ ‬كندا‮ ‬البرتغال‮ ‬جنوب أفريقيا‮ ‬بلجيكا‮ ‬استراليا‮ ‬هولندا‮ ‬نيوزيلندة الجديدة‮ ‬ولوكسمبورج‮ ).‬
وقد شكل هذا القرار ضربة موجعة للمملكة المتحدة التي‮ ‬رأت في‮ ‬أن سفر بعثة الأمم المتحدة إلى عدن‮ ‬يعتبر بداية انهيار لكل خططها في‮ ‬خلق ما‮ ‬يسمى بالدولة المستقلة‮ ( ‬شكلياٍ‮) .‬
وهكذا وقبل سفر البعثة إلى عدن‮ ‬سافر وبشكل عاجل وزير الدولة البريطاني‮ ( ‬جورج تومسون‮ ) ‬الذي‮ ‬حاول الحصول من وزراء حكومة الاتحاد على الموافقة في‮ ‬منح الاستقلال للجنوب العربي‮ ‬في‮ ‬نهاية‮ ‬1967م أو في‮ ‬بداية‮ ‬1968م‮ ‬غير أن ممثلي‮ ‬حكومة اتحاد الجنوب العربي‮ ‬رفضوا هذا المقترح‮ ‬وطالبوا من أجل القبول به ضرورة توفر الضمانات للحفاظ على نظامهم‮ ‬وذلك ببقاء القوات البريطانية للتصدي‮ ‬وقمع أية تمردات أو انتفاضات شعبية‮. ‬
أمام هذه الأوضاع أو المستجدات التي‮ ‬لم تكن تتوقعها إنجلترا‮ ‬تقدمت لندن بمقترح تضمن إرسال قوات للأمم المتحدة إلى عدن تكون من ضمنها القوات البريطانية في‮ ‬عدن‮ ‬حاولت من خلال ذلك استخدام شخص وأهداف منظمة الأمم المتحدة في‮ ‬تحقيق خططها الاستعمارية الجديدة‮ .‬
وقد كتبت المجلة الجزائرية‮ ( ‬ثورة أفريقيا‮ ) ‬في‮ ‬ديسمبر‮ ‬1966م حول هذا الموضوع‮ ‬وأشارت إلى أن‮ ( ‬الأمبريالية الإنجليزية تبحث عن إمكانية منظمة الأمم المتحدة في‮ ‬عدن‮ ‬مثل الكونغو في‮ ‬عام‮ ‬1968م‮. ‬
غير أن هذه المناورات اللندنية فشلت‮ ‬ومنظمة الأمم المتحدة تجاهلت المقترح البريطاني‮ ‬وهنا كانت الحكومة البريطانية مضطرة لاتخاذ قرار سمحت بموجبه لبعثة الأمم المتحدة بزيارة عدن‮ ‬غير أنها اتخذت كافة التحضيرات اللازمة مسبقاٍ‮ ‬لإعاقة البعثة عن تنفيذ مهمتها‮ ‬وعدم السماح لها الالتقاء بالشعب أو بممثليه وحصر لقاءاتها بوزراء اتحاد الجنوب العربي‮ ‬فقط من هذا‮ ‬يتبين أن السلطات الاستعمارية رأت بأن الحوار مع حكومة اتحاد الجنوب العربي‮ ‬يعني‮ ‬إمكانية اعتراف البعثة الاعتراف للحكام الذين‮ ‬يقفون أساسياٍ‮ ‬ضد الشعب‮ ‬بأنهم‮ ‬يملكون التخاطب باسمه‮. ‬
وقد كان للدبلوماسية اليمنية الدور الكبير والمؤثر في‮ ‬توضيح المسألة الهامة حول اعتبار عدن والمحميات جزءاٍ‮ ‬لا‮ ‬يتجزأ من اليمن الموحد‮ ‬وأن قضية عدن في‮ ‬الأمم المتحدة‮ ‬يمنية بكل المقاييس‮ ‬وفي‮ ‬هذا الاتجاه أشار الأستاذ‮ / ‬محسن العيني‮ ‬في‮ ‬خطابه أمام الدورة الثانية عشرة للجمعية العامة للأمم المتحدة إلى أنه‮ ‬‮ ” ‬بطريقة حاذقة ودقيقة التي‮ ‬يمكن توقعها فقط من السلطات البريطانية‮ ” ‬التي‮ ‬كشفت عن أسلوب جديد لإطالة سيطرتها على هذه المناطق‮- ‬عدن والمحميات‮- ‬عندما عملت على تشكيل دولة مصطنعة سميت باتحاد الجنوب العربي‮ ‬وكان تحقيق ذلك بمساعدة الاعيب كثيرة وعملاء مأجورين محتقرة ومستخفة بالحقيقة التاريخية والجغرافية وبرغبات سكان هذه المناطق فعن طريق تشكيل هذه الدولة اعتقد الإنجليز أنهم وبرصاصة واحدة أصابوا أرنبين اثنين وكأنهم‮ ‬يعملون بما‮ ‬يتوافق وقرار الجمعية العامة بشأن منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة وكذا بما‮ ‬يتلاءم ومبدأ منظمة الأمم المتحدة عن حق تقرير المصير‮ ‬هادفة بذلك عرقلة جهود اليمن في‮ ‬إعادة وحدة الأرض اليمنية كاملة‮. ‬
في‮ ‬نفس الاتجاه أكد مجموعة من المتحدثين أمام لجنة الأربعة والعشرين‮ ‬بأن إنشاء اتحاد الجنوب العربي‮ ‬كان من صنع المملكة المتحدة بهدف تعميق تقسيم اليمن ووضع بذرة الانفصال بين السكان‮. ‬وهذا السيناريو القديم الجديد‮ ‬الذي‮ ‬تعمل قوى خفية في‮ ‬الظلام على إحيائه متناسية أن الشعوب لا تنسى وأن عقابها شديد ومؤلم‮  ‬وأنها لا تتهاون أو تهادن الخونة والمأجورين‮.‬
وعند وصول بعثة الأمم المتحدة في‮ ‬2‮ ‬ابريل‮ ‬1967م إلى عدن‮ ‬والتي‮ ‬ضمت في‮ ‬عضويتها‮ (‬1‮) ( ‬بريسا جبريرا‮ ( ‬فنزويلا‮ ) ‬رئيس البعثة‮ (‬2‮) ‬موسى ليوكينا‮ ( ‬مالي‮)‬‮ (‬3‮) ‬عبد الستار شاليزي‮ (‬أفغانستان‮ ) ‬أعضاء‮ ‬وتنفيذاٍ‮ ‬للخطة المرسومة أرسل المندوب السامي‮ ‬البريطاني‮ ‬في‮ ‬عدن المستر‮ ( ‬تير نبول‮ ) ‬وزراء الاتحاد إلى البعثة لإجراء المحادثات اللازمة‮ ‬غير أن أعضاء البعثة رفضوا اللقاء مع وزراء حكومة الاتحاد الذين شبهوهم بالدمى المتحركةو طلبوا من السلطات الانجليزية السماح لهم بإلقاء خطاب موجه إلى السكان عبر الراديو و التلفزيون المحلي‮.‬إلا أن السير‮ – ‬تير نبول‮ – ‬أجاب بصورة كاذبة و منافقة و وقحة‮ ‬أن مثل هذا الطلب‮ ‬يجب الحصول عليه من سادة البلد‮ (‬حكومة اتحاد الجنوب العربي‮) ‬أمام هذا الوضع و بدلاٍ‮ ‬من ثلاثة أسابيع الفترة المحددة للبعثة تمكنت وبصعوبة من البقاء خمسة أياملم تسمح لها خلالها السلطات الاستعمارية بإقامة أي‮ ‬اتصال مع السكان المحليينبل إنها تعرضت لإجراءات تفتيش مهينة في‮ ‬المطار‮ ‬وأجبروها على مغادرة عدن‮ (‬بل‮ ‬يمكن أن نسميه نفياٍ‮ ‬من عدن‮ ). ‬وقد علق على هذا الوضع عضو البعثة من مالي‮ ‬حيث قال‮ :(‬كنا محتجزين في‮ ‬فندق سور بأسلاك شائكةمحمي‮ ‬بجنود مسلحين‮).‬
و أثارت هذه الفضيحة مع بعثة الأمم المتحدة جدلاٍ‮ ‬في‮ ‬الأوساط السياسية البريطانيةفكتبت‮ (‬صنداي‮ ‬تايمز‮) ‬في‮ ‬9‮ ‬أبريل‮ ‬1967م‮ (‬إن سياسة الحكومة في‮ ‬الجنوب العربي‮ -‬عدن والمحميات‮ ‬آنذاك‮ – ‬فشلتو دفعت الشعب في‮ ‬عدن إلى رفع شعارات تصدرها المقولة المعروفة(بأن ما أخذ بالقوة لا‮ ‬يسترد إلا بالقوة‮). ‬
إن سياسة التجاهل الوقح للسلطات الاستعمارية لقرارات منظمة الأمم المتحدة المتعلقة بالجنوب اليمني‮ – ‬عدن والمحميات‮ – ‬والاستمرار بالتنكيل و الاضطهاد للقوى الوطنية زاد من‮ ‬غضب واستياء الشعب‮ ‬ونضاله ضد المستعمر‮ ‬الأمر الذي‮ ‬كان له أثره في‮ ‬انخراط دماء جديدة وجديدة من أبناء الشعب اليمني‮ ‬من شماله وجنوبه‮ ‬الذين بنضالهم جسدوا واحدية النضال ضد المستعمر المحتل‮ ‬ما أدى إلى توسع حركة التحرر الوطني‮ ‬و ازدياد عمليات المقاومة شراسة و ضراوة ضد المستعمرين‮.‬
وانطلاقاٍ‮ ‬من ذلك وقفت الجمعية العامة أمام تقرير البعثة الخاصة بعدن والمعينة من قبل السكرتير العام‮ ‬وفقاٍ‮ ‬للقرار رقم‮ (‬2183‮) ‬وفي‮ ‬الدورة الحادية والعشرين ابتداء من‮ ‬12‮ ‬ديسمبر‮ ‬1966م‮ ‬والذي‮ ‬أشارت فيه إلى عدم تنفيذ انجلترا لالتزاماتها تجاه المنظمة الدولية و عدم التقيد بقراراتها‮ ‬و لذا لا بد من اتخاذ الإجراءات اللازمة و الضرورية تجاهها‮.‬
إلا انه وأمام هذه الأوضاع المستجدة و المتلاحقةأشارت لجنة الأربعة و العشرين في‮ ‬2‮ ‬نوفمبر‮ ‬1967م إلى أن المملكة المتحدة أعلنت عن منح عدن والمحميات الاستقلال في‮ ‬النصف الثاني‮ ‬من نوفمبر‮ ‬1967م وكذا رحيل كافة القوات الانجليزية من عدن حتى ذلك الوقت‮..‬
ثم عادت المملكة المتحدة‮ ‬يوم‮ ‬29نوفمبر‮ ‬1967م و أعلنت في‮ ‬اللجنة الرابعة و العشرين بأن الإقليم سيحصل على الاستقلال‮ ‬يوم‮ ‬30‮ ‬نوفمبر‮ ‬1967م و سيحمل تسميه‮ (‬اليمن الجنوبي‮). ‬و هنا عبرت اللجنة و الجمعية العامة عن ارتياحها للجهود التي‮ ‬بذلتها اللجنة والبعثة الخاصة بعدن‮ ‬وأكدوا على وحدة و تكامل الإقليم اليمني‮ ‬شاملاٍ‮ ‬لكل الجزر‮ ‬واعتبار أي‮ ‬نشاط موجه لتقويض هذه الوحدة و سيادة الإقليم كخرق للقرار رقم‮ (‬1514‮)‬والقرار رقم‮ (‬2183‮). ‬
وبالطبع فإن هذا الموقف‮ ‬يعد من الأمور البديهية‮ ‬فقوى الاستعمار البريطاني‮ ‬ومعها الرجعية العربية والقوى المتخاذلة‮ ‬كانت تدرك جيداٍ‮ ‬خطر الثورة اليمنية على مصالحها في‮ ‬المنطقة‮ ‬ولذلك فالاستعمار البريطاني‮ ‬وهو‮ ‬يرتب أمر انسحاب قواته من جنوب الوطن كان‮ ‬يضع الترتيات بالتنسيق مع الأمريكان لحماية هذه المصالح الحيوية على مستوى الشمال اليمني‮ ‬والخليج‮ … ‬وفي‮ ‬أجواء المؤامرات وإتساع نطاق المعركة مع الاستعمار والعملاء سارت الثورة اليمنية شمالاٍ‮ ‬وجنوباٍ‮ ‬تحيط بها الكثير من الشوائب والعقبات‮ ‬غير أن النصر في‮ ‬نهاية المطاف كان حليف الشعب اليمني‮ ‬المكافح والذي‮ ‬ضحى بالغالي‮ ‬والنفيس من أجل تحقيق مبادئه وأهدافه الوطنية‮.‬
وهكذا انتصرت إرادة الشعب اليمني‮ ‬و ثورتهثورة‮ ‬14‮ ‬أكتوبر‮ ‬1963م المجيدة‮ ‬وانتزع الشعب اليمني‮ ‬في‮ ‬الجنوب استقلاله بقوة النضال المشروع‮ ‬يوم الثلاثين من نوفمبر‮ ‬1968م‮ ‬الذي‮ ‬شكل بداية حقيقية لإعادة تحقيق الوحدة اليمنية المباركة لاحقا في‮ ‬22‮ ‬مايو‮ ‬1990م‮. ‬
‮>‬‮ ‬أهم المراجع‮ :‬
‮(‬1‮) ‬A AC.  109 L .63
(2)A AC .  109 L  63 P .15.
(3)A  AC  .  109   L.  P. 31.  – 21
(4)A AC.   109    SR. 149
(5)A  AC.  109    L.  63 P.  33 -34 .
(6)A   AC.   109   L.  66
(7)A  AC.   109  L 66 .  P . 65
 (8) محاضر الجلساتالجلسة‮ ‬1217‮ ‬الدورة‮ (‬18‮)‬.
‮ ‬26‮/‬9‮/‬1963م نيويورك‮ ‬صفحة‮ ‬171‮ ‬..
‮(‬9‮)‬A  AC .  109    SR .  149
(10)A  AC.  109   L. 67.
 (11) راجع مؤلف جوليان باغيث‮ (‬LAST  PUST)‮ ‬عدن‮ ‬1964م‮. ‬
‮(‬12‮)‬A  .  A 6920. 29 1.1967 ..
(13) A / 6300 / Add.4, 21 october
(14) المستشار‮ ‬حسين علي‮ ‬الجيشي‮ ‬تقرير المصير‮ ‬دراسة مقارنة‮ ‬في‮ ‬التاريخ والقانون والاقتصاد والمجتمع الدولي‮ ‬مع عرض وثائق لقضية عدن والمحميات‮ ‬دار الغد‮ ‬بيروت‮ ‬1967م‮.‬
‮(‬15‮) ‬السفير‮/ ‬راشد محمد ثابت‮ ‬ثورة‮ ‬14‮ ‬أكتوبر اليمنية‮ ‬من الانطلاقة حتى الاستقلال‮ ‬مطابع التوجيه المعنوي‮ ‬صنعاء‮ ‬2007م‮.<‬

Share

التصنيفات: نبض الشارع

Share