Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

كم لاقيت فيه أهوال..!؟

المقالح عبدالكريم
لوحة الفنان: عبدالفتاح عبدالولي
(1)
ذاته طريقك المعتاد.. فجأة اعترض انسيابك مجهول الابتسامة..
وهات يا أحضان.. ويا تراحيب.. مع رشة معتبرة من قبلات لزجة..!!
وكلما حاولت لملمة اندهاشك.. شنَّ عليك مزيداً من هجماته:
“أحوالك..!؟
أخبارك..!؟
أيش مسوي..!؟
منين..!؟
إلَين..!!؟”
ومرغماً تستفيق من هول صدمتك…
وفي لهجة اعتذارية تامة التهذيب..
تستلطفه:
– عفواً يا أخي، لكن من أنت..؟؟!!
ولترويعك أكثر..
يرد عليك بما لا تتوقعه:
– معقول يا ذاك.. ما عرفتني..!؟
وقبل مصارحته باعترافك مغلظ الأيمان:
– لا والله يا أخي.. لا ما عرفتك..!!
يبصقك بذات استبشاره بك:
– هيا مع السلامة
ولا تملك لك وله إلا توديعه..
وأنت تام الاستغراب.. مستوفي الانزعاج!!
(2)
ومجدداً..
وقد نسيت ما نسيت، مصادفة عوراء أخرى..
– “يا مية هلا وغلا فيك يا الحبيب.. كيف الحال؟!”
تصافحه صامتاً.. تقرر سراً تركه حتى ينهي مهذاره..!
ومتدفقاً معه في حركاته وإيماءاته..
تدقق في خيطان كلماته علَّك تتذكر الصوت أو تسترجع النبرة من ذكرى غابرة.. ولا تنجح، تدرس تقاسيم ملامحه مسامة مسامة.. ربما تعثر في نتوء أو غيور موقفاً عتيقاً.. لكن لا.. يتوِّجك الفشل الذريع مع كل محاولة..!
ولما تصمم على إنهاء الغرابة وتكاشفه بيقينك:
– “أخي.. يمكن إنك مشبِّه”
يرفع منسوب ابتهاجه بك.. ويصرعك مجدداً:
– ” لا تشبيه ولا تشابه..
أعرفك عز المعرفة..
أنت فلان.. صح..!؟”
مصعوقاً ترد:
– صح أنا فلان لكن من أنت”..؟!!
يربِّت على كتفك..
كمن يهوِّن مصيبة على عزيز:
– “أنا مش مصدق نفسي..
عادك لليوم ما عرفتني..!!؟”
بصراحة:
– “لا.. لليوم ما عرفتك”
مشدداً على حروفك في لهجة صارمة حادة قاطعة..
لكن سرعان ما يرديك صدى قهقهاته..
لا تدريها.. سروراً أنك فشلت في مسعاك تذكر من هو..
أو لأنه تفوق عليك في المطاردة حتى تواري عنك نهائياً..
إلى أن فقدته كله.. سيماءً وصوتاً واسماً..!
(3)
ووحيداً..
كلما تهابب في خيالك غباره.. غرقت في لجِّي متلاطم من حيرة وفضول عتيّ ذكرياتك القدام: تتعالى..
تتدافع..
تتصادم..
لا تهديك إلى يقين، ولا ترسو بك في اكتشاف..
لكن الأمواج الهدَّارة تتلاعب بك إلى ذات الجزيرة القفر..
هدوء موحش..
رمال شاسعة..
كلما قطعت منها خطى متقصيات.. كلما غاصت طمأنينتك قعر الانفعال وغبّ القلق..!؟ وتتكرر العملية في دورة مضنية.. مقيتة.. قاتلة..
حرب أعصاب.. بكل اختصار.
(4)
أنا داري/ “أنا داري وعالم أين قلبي.. ولكن منكم لا أسطى ولا أجزم”/ أسمعني/ من عيون شعر الغناء الصنعاني/ تمام.. أنا داري إن الوضع غير منطقي لا تفضي عبثيته إلا إلى الجنون/ الجنون المطبق/ فعلاً.. لكن إهدأ.. فكر معي للحظة.. خلينا نجمع المبعثر من النقاط.. علشان نرتب الحروف بشكل صحيح/ بعدك/ خلينا نبدأ من المعطيات/ إبدأ بما تريد/ المعطيات على الأرض تقـــ…./ لا، ليست على الأرض.. إنها داخل جمجمتي/ تمام.. المعطيات الأولية/ والأساسية والرئيسية/ تمام.. معطيات تتلخص في أمر جوهري: أنك متأكد وواثق أنه فلان بعينه هو، هو لا محالة.. ولديَّ أدلة دامغة تدعم ادعائي/ تمام.. إذن نبدأ من الصفر../ من المعطيات أو من الصفر.. !؟ ربشتني الله يسامحك/ سايرني لو سمحت/ سايرني وهدّي واترك التحدي/ أيش هذا..؟ / عبارة قريتها مرة فوق فريم حافلة.. الورا.. الخلفي.. لكن الأحلى منها: من باطل الناس إبليس قدم استقالته.. وباقي../ بس بس.. إحنا في أيش وأنت في أيش/ سامحني/ مش أنت اللي طلبت مساعدتي.. ؟!/ أكيد.. وأكرر اعتذاري/ ما علينا.. نرجع إلى موضوعنا/ المعطيات ..!!؟ / خلاص حددناها .. ثقتك أنه فلان/ وأبصم عليه بالعشر والعشرين/ تمام إذن السؤال الملح والمشروع والمنطقي هو .. /…./ هو ..!؟/ هو ..!؟ ألوه هو .. تحاكى عنه ..!؟ / ليش ..!؟ / ليش أيش ..!؟ تتحاكى به ..!؟ / لا .. ليش فلان هذا بالذات يتصرف معاك هكذا ..!!؟ / ما تقول .. “لغاجة” / تمام .. لكن من الناحية السايكولوجية / يا منعاه يا داعاه .. حاكيني عربي / أكثر من كذا صعب/ يارب سهلها لي/ أنت معي..!؟ أكيد معاك .. تمام .. سايكولوجيا تصرف شخص هكذا قد يكون راجع لواحد من سببين/ نور على نور.. والأول هو.. ينتقم منك/ الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه.. ليش هكذا ..!؟/ يمكن زمان خلال معرفة قديمة ببعضكما، يمكن تقرب منك، حاول كسب صداقتك.. لكنك ولسبب معين صددته عنك../ يمكن/ وبرجوعه المراوغ هذا في الوقت الحالي يحاول مستميتاً استمالة قلبك إليه وتعريفك على صفات ومزايا في شخصيته.. يمكن كانت غايبة عنك/ كلام معقول/ لذا فهو في شدِّه وجذبه لك .. صحيح أنه يوترك لكنه يشوقك إليه ما يحول اللعبة إلى لغز سهل عسير عليك أنه تحله بأي شكل كان/ صدقت والله/ لكن وعندما يحدث هذا ويوافقك أنه فعلاً هو فلان بعينه يكون قد أكمل انتقامه منك.. وكأن لسان حاله يقول: هذا أنا على حقيقتي ومثلما خسرتني زمان الآن أنت تخسرني لكن أكثر وأشد / حسبنا الله ونعم الوكيل.. والثاني!؟ / استعادتك له والتقرب منك/ كيف..!؟ بحريق دمي..؟ كلما قربت منه شبراً ابتعد عني ميلاً..!؟ / لا.. بإثارة فضولك بإيقاد حيرتك أنت تعرف من هو لكنه لم يوافقك على ذلك، أنت تريده هو أن يؤكد ظنونك: “أنا فعلاً فلان بعينه”، لكنه لن يوصلك إلى هذه النهاية السعيدة إلا وقد تعلقت به أكثر لحد أنك من ترغب فعلاً بالتقرب منه وتوطيد العلاقة به أعمق، / ومن الحب ما قتل، والحل..!؟ / اصبر تصبَّر على بختك وإلا موت، وإلا يبيضين حمامات الهوى ياقوت، والشمس تطلع عشي والبحر يزرع توت، وإلا يجي من خزيمة عمَّنا مبخوت.. / ياغارة الله.. كم لاقيت فيه أهوال..!!؟؟
(5)
و… لقاء جديد.. ليس الأخير.. وثانٍ وثالث وألف..
و.. يلوّح لك خلاص..
اتهامه: عرفك عن طريق آخر.. وقاما معاً بتصميم هذه التمثيلية الهزيلة.. لكنه يدافع عنه: يعرفك عز المعرفة.. بأمثلة يسوقها واهية غريبة غامضة..!!
تجاهله.. ليفعل ما يحب وليقل ما يريد..
استفزازه.. التقليل من شخصيته.. تتهكَّم عليه.. تسخر فيه.. لكنه سرعان ما يحاصرك.. يجهش بكلماته متألماً: أسأت إليه.. تريد لامبالاة لكنك تعجز.. تتمنى غض الطرف لكن لا مناص.. لا تملك إلا تأسفاتك الحارة الصدوقة..!
وترسم خطة محكمة: استدراجه بذكاء وخفة..
وتنتظره.. ثم لقاء كارثي زرعه تجاهك.. تبدأ المجابهة..
ترتجيه “اسمه” فيغمز لك بخبث أنك تعرفه.. تصدمه بأنك فعلاً نسيته، يطالبك بتذكُّره.. تستعطفه: إذن الحرف الأول.. يدنو منك “يشاورك” به.. والأخير: بذات همسات المرتابين حرف آخر..!
وتعود إلى وكرك تلوذ بذاكرتك، تعد قائمة بما اسعفتك به لحظتك تلك..
وفي لقاء آخر تبادره باللائحة الحرفية.. فقط يمر عليها اهتمامه.. يرسم غروب ابتسامه شاحبة ويهز رأسه ويتركك ويمضي.. وحيداً أعزل.. تنهشك أنياب اللامعقول حتى تدور في رأسك الدنيا وتسقط على الأرض مغشياً عليك، حين ترفع أستار وعيك تستغرب لك: أين أنت..؟! وتأتيك الطامة: “في المستشفى.. ارتفع عندك ضغط الدم بشكل خطير جداً..
اِحذر .. إذا استمررت على ذات الإجهاد قد تصاب”…!
ولا تغادر إلا بقائمة “تبيِّض” الوجه من نبوءات محتملة: السكري – القلب – الكبد – الأعصاب .. ما بين تلف كامل وخلل جزئي وهستريا.. أو يمكن كلها.. كارثة الكوارث لمحبيك .. سيحتارون فيك أين يمكن أن ينقلوك: مشفى يعالج الجسد .. أو آخر يداوي النفس!؟ وربما “أقرعوك” بين اتجاهين.. يختارون لك أهون مصير!!
Share

التصنيفات: ثقافــة,عاجل

Share