Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

أحمد داوود: البنيان المرصوص والنفس الأخير للإصلاحيين في مأرب

ليس أسوأ من أن يظل المرء يعد العدة لأكثر من خمس سنوات ثم يأتي من يمحو كل شيء في ظرف خمسة أيام، هذا حدث في جبهة نهم وبعض المديريات في محافظتي مأرب والجوف خلال الأيام الماضية.

لقد ظلت قوات حزب الإصلاح خلال السنوات الخمس الماضية تعتلي الجبال والتحصينات الوعرة في السلسلة الجبلية لمديرية نهم شرقي العاصمة، وحققت تقدماً لا بأس به خلال تلك السنوات لكنه كان بطيئاً كسلحفاة منهكة مدمرة، وحين رمق هؤلاء المقاتلين صنعاء بأعينهم من أعالي تلك الجبال ظنوا أن نصرهم قد اقترب وأن “الحوثيين” باتوا منهكين وسرعان ما يعلنون الاستسلام قريباً.

فضائياتهم وصحفهم ومواقعهم الالكترونية  نشرت الآلاف من المقالات والتقارير والأخبار التي تحدثت عن اقتراب نصرهم، وكم كانوا محظوظين حين ساندتهم السعودية بالغارات اليومية غير المنقطعة ودعمتهم بالملايين من الدولارات، وأقامت لهم المعسكرات التدريبية، وساندتهم في التغطية الإعلامية المكثفة، وجندت لهم جيشاً ألكترونيا يصنع لهم الانتصارات المتسارعة.

لا يخفى على أحد أننا كنا نصاب بالرعب والخوف أكثر من مرة حين نسمع تلك الأخبار والمعلومات التي تتدفق علينا باستمرار، وكانت هواجسنا ومخاوفنا هو ماذا بعد السيطرة على صنعاء، وماذا سيصنع هؤلاء بالمواطنين الأبرياء الذين وقفوا ضدهم وضد العدوان السعودي الأمريكي الإماراتي على اليمن.

لقد كانت مشاهد السحل وامتلاء السجون بهؤلاء الأبرياء ماثلة في أذهاننا، لكن ولله الحمد، وبعزيمة أبطال الرجال من الجيش واللجان الشعبية تغيرت المعادلة ووقف الأبطال بشموخ، مفشلين كل تقدم لهؤلاء، وكسروا آلاف الزحوفات خلال تلك السنوات.

الآن، وبعد الإعلان عن عملية البينان المرصوص، يمكن القول إن العاصمة صنعاء قد تحصنت وإلى الأبد من خطر هؤلاء المقاتلين الإصلاحيين، وإن نغمة “قادمون يا صنعاء” لن نسمعها بعد اليوم، وستحل محلها “قادمون يا مأرب”.

المعادلة اليوم تغيرت، وموازين القوى تغيرت، ويمكن القول إن محافظتي مأرب والجوف ستتحرران قريباً من هيمنة هؤلاء، فوضعية الإصلاحيين اليوم مختلفة عما كان عليه الحال قبل سنوات، فالدعم الجوي من قبل الطيران الحربي لتحالف العدوان لم يعد يقدم لهم المساندة والدعم الكافي، لتعزيز القناعة لديه بأن مقاتلي حزب الإصلاح لن ينتصروا لذا لا فائدة من تقديم الدعم لهم.

في المقابل تعززت عوامل الانتصار للجيش واللجان الشعبية وبات سلاح الجو المسير مزعجاً لما تبقى من تلك العناصر المليشاوية في مأرب، وباتت مأرب في قلب المدفع، وبات سكانها يعيشون رعباً حقيقياً ويتوقعون اقتحامها من قبل الجيش واللجان الشعبية في أي وقت.

بالنسبة لمحافظة الجوف، يمكن القول إنها قد عادت بالكامل إلى حضن الوطن، فمركز المحافظة ومديرية الحزم يحاصرها الأبطال من كافة الجهات، وإسقاطها بات وارداً مائة في المائة.

ومثلما ظل الإصلاحيون يحافظون على مكاسبهم العسكرية خلال السنوات الماضية في نهم، حاولوا كذلك المحافظة على مكاسبهم العسكرية في محافظة الجوف، غير أن الجيش واللجان الشعبية طمسوا تلك المكاسب خلال أيام محدودة فقط.

لقد أثبتت عملية “نصر من الله” وعملية “البنيان المرصوص” أن الجيش واللجان الشعبية أصبحوا مدرسة في الفنون القتالية ويمتازون بالتخطيط والتكتيكات العسكرية المذهلة، ولم تعد استراتيجيتهم تقتصر على السيطرة على قرية معينة أو عدة كيلو مترات في غضون أيام، وإنما السيطرة على آلاف الكيلومترات في غضون أيام محدودة، والقضاء على ألوية عسكرية كاملة واغتنام كافة العتاد والعدة، وهي مسألة تصيب المتابع بالحيرة وتدفعه للكثير من التساؤلات إذ كيف تحدث هذه الانتصارات في هذا الوقت الزمني الوجيز وبهذه السرعة الفائقة.

ستكون الأيام القادمة حبلى بالتطورات والمفاجآت، وإذا لم يتدارك الإصلاحيون في مأرب المأزق الذي وقعوا فيه ويسارعون لإعلان فك الارتباط مع تحالف العدوان والعودة إلى الصف الوطني، فإنهم سيكتبون على أنفسهم النهاية التراجيدية المأساوية وسيختمون تاريخهم السياسي والنضالي بهذه الصورة المحزنة.

Share

التصنيفات: أقــلام,عاجل

Share