Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

ناديه الحضرمي: مقومات بناء الدولة اليمنية الحديثة

 

يقصد بالحداثة مواكبة التطور وتوظيف الجديد الإيجابي في مفردات بناء الإنسان والمجتمع، دون التخلي عن خصوصية المجتمعات والمتراكم الإيجابي من قيمها التي تحلت بها عبر قرون.

واليمن كما هو في مشهد اليوم، يعاني من أثار عدوان مدمر ساهم في تراجع بناء الدولة اليمنية على مختلف الصعد، خاصة منها ما يتعلق بوظيفة الدولة تجاه مواطنيها من توفير الخدمات وسيادة الأمن وبما يحقق السلم المجتمعي في ربوع الوطن.

أمام هذا المشهد، ورغم قساوته بل ووحشيته، لابد من التفكير على المستوى النظري على الأقل في الكيفية التي يمكن لها أن تضع المسارات المستقبلية لبناء يمن جديد يغادر فيه حالة التراجع والتخلف الذي يعشعش في كل مفاصله بتأثير عقود طويلة من المراوحة بين السكون والتطلع العاجز نحو يمن أفضل.

اليمن رغم هذا يمتلك المقومات الأساسية للبناء الحديث، فهو على الصعيد التاريخي يستند إلى أرث حضاري ثري ساهم في بناء دول حضارية امتدت تأثيراتها نحو شماله في الجزيرة العربية وعموم المشرق العربي، بل كان اليمن تاريخيا مستودع الرجال الذين حملوا السلاح ليشكلوا العمود الفقري للجيوش العربية الإسلامية في فتوحات صدر الإسلام.

أما على صعيد الموارد، فأن اليمن في الحقيقة ليس فقيرا في موارده كما يتصور البعض، لكن هذه الموارد معطلة بفعل عوامل متعددة الاسباب، منها الغياب الكامل للتفكير بوضع الخطط التنموية وتوظف الطاقات البشرية اليمنية في استثمار الموارد وفق أسس علمية سليمة، أضافة إلى المعوقات التي فرضها التحدي الخارجي، وهي معوقات ساهمت إلى حد كبير في تعثر محاولات النهوض وليس أخرها العدوان العسكري الحالي وما سبقها من علاقات بينية متوترة مع المحيط الإقليمي.

رغم ما تقدم نعتقد أن بناء دولة يمنية حديثة ممكنة فيما لو تم الاعتماد على القدرات والموارد الذاتية اليمنية من خلال بناء منهج جديد ينطلق من تثوير الصناعات الغذائية عبر الاستخدام الامثل للمخرجات الزراعية التي تعالج النقص في الغذاء، وهي عملية ممكنة ما دامت الجغرافية اليمنية متباينة المناخ والتضاريس بما يوفر أمكانية أنتاج زراعي متنوع على مدار السنة، وهذه سمة فريدة يمتاز بها اليمن، مما يوفر بدوره فرصة مضافة تشكل مدخل لنهوض صناعي أشمل.

الصين اليوم دولة عظمى على مختلف الصعد ، كانت حتى عقود مضت ، دولة يفتك بشعبها الجوع والامراض ، لا تمتلك الحد الأدنى من البنى الصناعية ، لجأت سلطتها لمعالجة أوضاعها تلك إلى الاهتمام بتنمية القطاع الزراعي الذي خلصها من الحاجة للغذاء أولا ، وفتح الباب أمامها على مصراعيه للانتقال بالصناعة نحو الافاق التي نعرفها اليوم ، وصين الامس ليست بحال أفضل من اليمن الذي نعيشه ، بمعنى أن الحالة التي فيها الدولة اليمنية يجب أن لا تكون مبررا للسكون والقبول بالوضع الذي نحن فيه بذريعة الانتظار لظروف أفضل ، أو انتظار ما تجود به دول العالم من مساعدات هي أصلا لا تصلح لأن تكون أدوات تغيير .

أننا نطرح فكرة الاعتماد الكلي على الذات لبناء الدولة، وهي فكرة أذا كانت منطلقاتها سليمة ومحسوبة وفقا لما هو متوفر لا نجاز الصفحة الأولى من صفحات برنامج طموح طويل الأمد تساهم في رسم مفرداته الكفاءات العلمية اليمنية، وهي متوفرة والحمد لله، لكنها مركونة ومهمشة، فاقدة التأثير في القرار.

أن تجارب بعض دول العالم الثالث التي نجحت في مغادرة الحاجة والتخلف، أعادت النظر في فلسفة التعليم وأهدافه، ورسمت الخطط لبناء جيل جديد مؤهل للارتقاء بالبلد نحو أفاق مستقبلية واعدة، لذلك علينا أن نعيد النظر في المناهج الدراسية والتعليمية، خاصة منها التعليم الجامعي، الذي يجب أن تكون منهاج وظيفي يخدم الدولة ومرافقها بحيث تكون مخرجات هذا التعليم موظفة في برامج تنفيذية تنموية حقيقية وليس دراسات نظرية، الكثير منها تراثية قليلة القيمة أمام حاجة البلد لنمط مختلف من الإنتاج الفكري التعليمي، أن بناء دولة يمنية حديثة أمر ممكن، بل الفرص أمامه متاحة اذا ما عرفنا كيف نتحرك وكيف نوظف الطاقات توظيفا سليما.

Share

التصنيفات: أقــلام

Share