Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

رمضانيات

 أعمال تستحب في رمضــان

إن شهر رمضان المبارك شهر المنافسة والعمل لا شهر النوم والكسل، فيه يجتهد المجتهدون ويتنافس المتنافسون، يجب صوم نهاره ويستحب قيام ليله، وفيه تضاعف الحسنات وتقال العثرات وتعتق الرقاب من النيران، وتغل فيه الشياطين، وكان النبي صلى الله عليه وسلم  أجود ما يكون فيه، ومن الأعمال التي تشرع فيه والتي يظهر بها ارتباط كبير بالقرآن الكريم، مع شهر القرآن، ما يلي:

الإقبال على تلاوة القرآن:يشرع الإكثار من تلاوة القرآن في شهر القرآن، وهنا تجتمع عبادتان عظيمتان الصيام وقراءة القرآن وكلاهما يشفعان للعبد يوم القيامة ثبت عند أحمد في المسند، برقم (6626)، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: أن رسول الله قال: الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب، منعته الطعام والشهوات بالنهار، فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل، فشفعني فيه، قال: فيشفعان [وحسنه صحيح في صحيح الترغيب والترهيب، برقم (984)].

وعن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله: القرآن شافع مشفع، وما حل مصدق، من جعله أمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار [أخرجه الطبراني في المعجم الكبير، برقم (10450)، وصححه الألباني صحيح الجامع، برقم (4443)، وحسنه الشيخ مقبل الوادعي في كتاب الشفاعة (ص:213)].

وقد كان السلف رضوان الله عليهم يقبلون على القرآن في شهر القرآن، تلاوة وتدبراً، فلنكن خير خلف لخير سلف.

صلاة التراويح والقيام: يشرع في ليالي شهر رمضان المبارك أن يجتمع الناس في المساجد لأداء صلاة التراويح وكذا القيام جماعة بخلاف سائر الشهور، فما أجمل ليالي رمضان حين يرتفع فيها أصوات القراء هنا وهناك تالين لكتاب ربهم جل جلاله، كأنهم يوجهون رسالة لجميع الناس إن هذا الشهر هو شهر القرآن، قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: “واعلم أن المؤمن يجتمع له في شهر رمضان جهادان لنفسه: جهاد بالنهار على الصيام، وجهاد بالليل على القيام، فمن جمع بين هذين الجهادين ووفى بحقوقهما وصبر عليهما وفى أجره بغير حساب، قال كعب: ينادي يوم القيامة مناد بأن كل حارث يعطى بحرثه ويزاد غير أهل القرآن والصيام يعطون أجورهم بغير حساب ويشفعان له”. [لطائف المعارف لابن رجب (ص:171)].

وقد كان “بعض السلف يختم في قيام رمضان في كل ثلاث ليال وبعضهم في كل سبع منهم قتادة وبعضهم في كل عشرة منهم أبو رجاء العطاردي”. [لطائف المعارف لابن رجب (ص:171)].

قال ابن رجب رحمه الله: “وكان عمر قد أمر أبي بن كعب وتميما الداري أن يقوما بالناس في شهر رمضان، فكان القارئ يقرأ بالمائتين في ركعة حتى كانوا يعتمدون على العصي من طول القيام وما كانوا ينصرفون إلا عند الفجر.

وفي رواية: أنهم كانوا يربطون الحبال بين السواري ثم يتعلقون بها.

وروي أن عمر جمع ثلاثة قراء فأمر أسرعهم قراءة أن يقرأ بالناس ثلاثين وأوسطهم بخمس وعشرين وأبطأهم بعشرين، ثم كان في زمن التابعين يقرؤون بالبقرة في قيام رمضان في ثمان ركعات، فإن قرأ بها في اثنتي عشرة ركعة رأوا أنه قد خفف قال ابن منصور: سئل إسحاق بن راهوية كم يقرأ في قيام شهر رمضان فلم يرخص في دون عشر آيات فقيل له: إنهم لا يرضون؟ فقال: لا رضوا فلا تؤمنهم إذا لم يرضوا بعشر آيات، من البقرة ثم إذا صرت إلى الآيات الخفاف فبقدر عشر آيات من البقرة يعني في كل ركعة، وكذلك كره مالك أن يقرأ دون عشر آيات” [لطائف المعارف لابن رجب (ص: 169-170)].

اللهم وفقنا والمسلمين لصيام رمضان وقيامه إيماناً واحتساباً، وحسن العمل يا رب العالمين، اللهم واجعلنا من العاملين بكتابك القائمين به، واجعله لنا شاهدا وقائدنا إلى جنات النعيم، والحمد لله رب العالمين.

بلقــيس والهــدهد وســليمان

بلقيس هي ملكة سبأ ، وكانت هي وقومها يعبدون الشمس من دون الله، وعلم سليمان عليه السلام من الهدهد المؤمن الموحد بقصتها، وكتب إليها كتابًا يدعوها للتوحيد والإسلام وأمر الهدهد بقوله: (اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ)[النمل:28]، وحمل الهدهد الكتاب وألقاه في مخدع الملكة فقرأته.. وهنا تبرز صفات الرجاحة والحكمة والحنكة لدى تلك المرأة العاقلة الملكة الكافرة وقتئذ، وكيف هداها عقلها الراجح للإيمان، وأن تدع عبادة الشمس لتعبد رب الشمس، وتستغفره وتهدي شعبها كذلك للتوحيد. ويثبت لنا من قصتها بعد التأمل بعض الحقائق كما يلي:

1 – حسن التقدير والاحترام والفهم لفحوى الرسالة التي ألقاها الهدهد حيث قالت: (قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ * إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ)[النمل:29-31].

2 – الشورى لذوي الاختصاص والأمر، ورفض مبدأ الديكتاتورية في الحكم، حيث عرضت قضية كتاب سليمان التي يترتب عليها تغييراً في العقيدة والعبادة وسيادة المملكة، قالت: (قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْراً حَتَّى تَشْهَدُونِ)[النمل:32]، فأجابوا عليها بحسن ظنهم وتقديرهم لفكرها واعتزازهم بمملكتهم وثقتهم في قوتهم المادية: (قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ)[النمل:33].

3 – العلم بتاريخ الأمم والملوك والغزاة: حيث قالت: (قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ)[النمل:34].

4 – تقييم الموقف السياسي والعسكري: بأن ترسل هدية إلى سليمان، فإن كان ملكًا من ملوك الدنيا فرح بها وقبلها ويخفف التوتر بين المملكتين، وإن كان نبيًا مرسلاً رفض ولم يرضَ إلاَّ بتغيير العقيدة وإعلان الإسلام.. كذلك سيتعرف الرسل الذين سيحملون الهدايا عن كثب عن أخبار سليمان وملكه وجنوده، ووافق الشعب على رأي ملكته وأعد الهدايا، وأسرف فيها لتليق ولتحظى بالقبول عند سليمان.

ولما ذهب الرسل إلى سليمان رفض هديتهم وأدهشهم ملكه وجنوده من الإنس والطير والحيوانات، وأعلن رفضه بقوله: (فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ * ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ)[النمل:36، 37]، حينذاك قررت الملكة أن تذهب مع كبار قومها إلى سليمان لتصل إلى حل سلمي ودِّي يستقر عليه التفاوض في ما بينهما سواء في العقيدة أو الملك.

5 – الذكاء والفطنة: كانت الرحلة بين سبأ واليمن إلى القدس حيث يقيم سليمان، تستغرق ثلاثة اشهر، وأراد سليمان أن يختبر ذكاء بلقيس بأن يظهر لها فضل الله عليه وملكه الذي لا ينبغي لأحد أن يملك مثله، بأن يحضر لها كرسي عرشها من مملكتها إلى مملكته ويجلسها فوقه، فقال لجنوده: (قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ)[النمل:38]، فأجاب عفريت من الجن: (أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ)[النمل:39]، أي سيحضره في غضون ساعات، فقال الذي عنده علم من الكتاب لسليمان: (أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ)[النمل:40]، أي في غضون ثواني قليلة ، فلما رأى سليمان العرش مستقرًا عنده لم يفرح بقدرته أو قدرة أعوانه وجنوده، ولكنه قال: (هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ * قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ * فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ)[النمل:40، 41،42]، وهذا سؤال عصيب استخدمه سليمان لقياس معدل ذكاء ملكة سبأ، فالعرش عرشها به أمارات قد ألفتها وعرفتها ولا تستطيع أن تنكرها رغم تغيير بعض العلامات، ولكن كيف يجيء العرش من اليمن إلى بلاد الشام وقد تركته هناك في حماية جنودها وشعبها؟ فإن أجابت نعم هذا هو عرشي كانت الإجابة غير صحيحة. لأن عرشها في اليمن وليس في القدس عند سليمان. وإن قالت لا كان ذكاؤها ضعيفًا أو محدودًا لأنها تفكر استنادًا لأفكار في رأسها دون أن تطرح هذه الأفكار للمناقشة مع هذا الواقع الجديد. فأجابت إجابة تنم عن فطنة وحكمة واسعة لا تثبت ولا تنفي، فقالت: (كَأَنَّهُ هُوَ).

ورغم رجاحة عقلها، إلا أنها كانت تحيا في بيئة فاسدة كافرة مظلمة، وهذا يدل على أن ذوي الألباب حين يأتيهم ضوء الهدى والإيمان فإنهم سرعان ما يهتدون به في حياتهم وسلوكهم، والعقل في حاجة إلى هداية ربه وإرشاده حتى يعقل ويحسن التصرف.

وجاء السياق القرآني الكريم يوضح علة كفر بلقيس وهي نشأتها في بيئة كافرة في عقيدتها وتصورها (وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ)[النمل:43]، وأعد سليمان عليه السلام مفاجأة أخرى، حيث أعدَّ قصرًا من البلور.

 

كيف نهيئ أبناءنا لاستقبال رمضان

 

شهر رمضان، شهر الخيرات والبركات والرحمات، الشهر الذي ينشغل فريق منا بالاستعداد له بشراء ما لذ وطاب من الطعام والشراب، وفريق آخر ينشغل بالاستعداد له بالإكثار من الدعاء والصيام وتلاوة القرآن.. إلخ.

وفي ظل هذه الاستعدادات والانشغالات يغفل كثير منا عن الاهتمام بتهيئة أبنائه لاستقبال هذا الشهر الكريم، وبعضنا قد يشغله ذلك لكن لا تسعفه الوسائل، وهذا ما نحاول أن نفصله في هذا الموضوع، من خلال ذكر بعض الأفكار والوسائل التي تعين الوالدين على إثارة الأشواق لدى أبنائهم لشهر رمضان الكريم.

1 – الحديث مع الأبناء عن شهر رمضان وما فيه من خيرات وفضائل، كمغفرة الذنوب، والعتق من النار، وفضل ليلة القدر، وغير ذلك من الفضائل، وليكن ذلك بأسلوب لطيف وبسيط ومشوق يتناسب مع أعمارهم وإدراكهم.

2 – قص بعض القصص أو قراءتها معهم عن أحداث متعلقة أو وقعت في شهر رمضان.

3 – حديث الوالدين لأبنائهما عن ذكرياتهما الجميلة والمواقف اللطيفة مع هذا الشهر الكريم، وماذا كانوا يفعلون فيه وهم صغار.

4 – عقد اجتماع أسري للحديث عن وضع برنامج لهذا الشهر، من حيث الواجبات والحقوق واستثمار الوقت والأنشطة الإيمانية مثل: الصيام والصلاة وأوجه الخير العملية كالصدقة والذكر ومساعدة الآخرين وجلسات القرآن ومراجعته، مع الحرص على الاستماع لآراء الأبناء حول هذا البرنامج وكيف يمكن تطبيقه، والاتفاق مع كل منهم على ما سيقوم به خلال الشهر بما يناسب عمره وقدراته.

5 – الحديث معهم حول استجابة الدعاء للصائم، ثم نطلب منهم أن يجهز كل منهم قائمة بالدعوات التي يريدها من الله تعالى، وأن يخصص لكل يوم دعوة.

6 – وضع عدد من المحفزات والجوائز لمن يلتزم بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه حتى نهاية الشهر.

7 – أن يكون الوالدان قدوة لأبنائهما في الاستعداد الروحي والإيماني لشهر رمضان، فذلك يدفعهم لتقليدهما ويشعرهم بقيمة هذا الشهر الكريم.

Share

التصنيفات: منوعــات

Share