Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

المثقف العربي والمنافي !!

فؤاد عبد القادر

 

كم من المفكرين والأدباء والسياسيين ألقت بهم ظروف محددة في حياتهم إلى المنافي دفنتهم دفناٍ..

 

أسماء كبيرة في مجتمعها وأنشطتها الإنسانية ضاقت عليها الدنيا بما رحبت وضيق الخناق عليهم في وطنهم وجدوا أنفسهم في منافيهم الاجبارية أو الاختيارية.

 

والحقيقة أن هؤلاء الذين يمكن أن نطلق عليهم منفيين اختار أغلبهم دولاٍ أوروبية ولم يختاروا أي قطر عربي أخذوا أقصر الطرق وابتعدوا عن وجع الرأس والقلب.

 

لماذا المنفى أوروبا.. من روسيا شرقاٍ إلى بريطانيا واسبانيا غرباٍ.. الاجابة ببساطة: الأوروبيون جبلوا على الحرية وتقبل الرأي الآخر.

 

على الرغم من البرودة والصقيع إلا أن الحرية – حرية الإبداع بالذات – أكثر حميمية واتساعاٍ.

 

حرية سعتها باتساع الكرة الأرضية دون رقيب يعد عليهم أنفاسهم وحركاتهم وسكناتهم  أو يتجسس على مكالماتهم ويتلصص عليهم من ثقوب أبواب مساكنهم ورغم ما يقال بأن الحرية – حرية الإنسان في أوروبا – قد تقلصت كثيراٍ عما كانت عليه خلال الخمسة عشر عاماٍ المنصرمة بسبب ما يطلق عليه الهمجية الارهابية التي تتعرض لها وتم لصقها بالمسلمين والعرب وأيضاٍ لأسباب أخرى كالصراعات العربية العربية إلا أن اختيارهم للمنفى الأوروبي اختيار موفق إلى حد كبير مقارنة ببلاد العرب.

 

المثقف العربي والسياسي وجد في منفاه ما افتقده في وطنه الصغير بلاده أو الوطن العربي الكبير من حرية التفكير والتعبير والاعتقاد بل حتى الصراخ وبصوت عال خلق المنفى في قلوب هؤلاء المثقفين قدرة على الإبداع والعطاء والحركة والتواصل مع الآخر.

 

فقد تعرض الكثير من المثقفين لمصادرة آرائهم واضطهاد لمعتقداتهم السياسية والوطن العربي – ما شاء الله – سجل رقماٍ قياسياٍ في هذا الجانب وأفرز مئات المنفيين شوام على مغاربه يمنيين على حجازيين وخليجيين على مصريين ومن كل الأطياف السياسية.

 

الوجوه الشقراء والعيون الزرقاء احتضنتهم وفتحت لهم أبواب بلادها على مصراعيها.

 

وتصوروا لا يزال هناك من يردد في ذروة صقيع أوروبا أنشودة كانت قد دفنت مع أحلام العروبة المنهوبة والتي كانت مقررة علينا ضمن درس المحفوظات.

 

بلاد العرب أوطاني .. وكل العرب إخواني من الشام إلى يمن.. ومن مصر لتطوان.

 

تزيد من معاناة المنفى وتنغص عليه مقامه يزيد على ذلك تعنت سفارة بلاده عندما تتطلب الحاجة لتجديد أو تبديل جواز سفره أو عندما يغضب عليه من السلطان وتسحب منه الجنسية ويسحب جواز السفر..

 

كما أنهم يعانون من الاستفزاز وممارسة الضغوط وبطريقة بشعة على أسرهم في الداخل وعليهم في منافيهم ضغوط غير إنسانية ولا أخلاقية وقد تعرض الكثير منهم للعمليات الاستفزازية اسقاط حقه كإنسان نوع من الهمجية والبربرية.

 

يعيش الكثير من المثقفين – كتاباٍ وروائيين وشعراء – في منافيهم الأوروبية.. البعض وافاه أجله دون أن يكحل عينيه بتراب وطنه..

 

«لا غالب إلا الله فلماذا يبكي عبدالله» هكذا قال شعراٍ الشاعر العراقي الكبير عبدالوهاب البياتي الذي قضى نحبه في اسبانيا والشاعر الكبير نزار قباني والروائي السوداني الطيب صالح والشاعر الكبير سعدي يوسف وغيرهم من أقطار عربية شتى أكلت المنافي أعمارهم من مطار إلى آخر ومن دولة إلى أخرى..

 

تحت سماء أوروبا والضباب الذي يغطيها ومن تحت نجوم سمائها تتعرف على سحناتهم وتقرأ عذابات المنفى في عيونهم والشوق إلى ربوع الوطن يحلمون بالعودة لكن فرمان المأمور لا يزال مسلطاٍ فوق رقابهم ينتظرون شروق الشمس لكن الشمس لم تشرق بعد !!..

Share

التصنيفات: الصفحة الأخيرة

Share