Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

لمن لم‮ ‬يراع حرمة المسلمين‮ .. ‬خطبة الوداع‮.. ‬هل نستفيد من دروسها¿ هذا ودع النبي‮ ‬عليه الصلاة والسلام أمته

‬في‮ ‬السنة العاشرة من الهجرة حج النبي‮ ‬صلى الله عليه وآله وسلم إلى بيت الله الحرام‮ ‬وحج معه قرابة مائة وأربعين ألفاٍ‮ ‬من المسلمين كانت هي‮ ‬الحجة الأخيرة للنبي‮ ‬عليه الصلاة والسلام فسميت حجة الوداع‮.. ‬وداع النبي‮ ‬لأمته‮.. ‬كان شعارها‮ »‬لعلي‮ ‬لا ألقاكم بعد عامي‮ ‬هذا بهذا الموقف أبداٍ‮«‬
ولذلك حرص النبي‮ ‬عليه الصلاة والسلام أن‮ ‬يودع أمته بخير الوصايا‮..‬
فكانت خطبة الوداع‮.. ‬خطبة جامعة نافعة‮.. ‬ألقاها في‮ ‬خير‮ ‬يوم طلعت عليه الشمس‮ – ‬يوم عرفة‮ – ‬على تلك الجموع المؤلفة ولم تكن تلك الخطبة لهم وإنما خطبة لجميع أمته ووصية لمن اتبع ملته‮.. ‬ولذلك أوصاهم فقال‮: »‬ليبلغ‮ ‬الشاهد منكم الغائب‮« .‬
وقفات مع تلك الوصية المباركة
لنأخذ منها الدروس والعبر‮ .. ‬فهي‮ ‬وصية نبوية‮.. ‬فاز من تدبرها وعمل بها‮.. ‬
قضايا مهمة
بداية‮ ‬يحدثنا الشيخ إبراهيم عبدالكريم عضو جمعية علماء اليمن عن أبرز الجوانب التي‮ ‬ركزت عليها خطبة الوداع فيقول‮: ‬ركزت خطبة الوداع على قضايا مهمة‮ ‬ولعل أهم ما ركزت عليه هو قضية حقوق الإنسان وهذا‮ ‬يتجلى في‮ ‬قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم‮: »‬إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة‮ ‬يومكم هذا في‮ ‬شهركم هذا في‮ ‬بلدكم هذا‮«‬
وكان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم‮ ‬ينظر إلى حال الأمة المحمدية بعده‮.. ‬ينظر إلى هذه الدماء وإلى هذه الأشلاء التي‮ ‬تتساقط بغير حق‮ ‬وكان‮ ‬يرسل رسائل إلى أمته حتى تصان دماؤها وأموالها وأعراضها‮.‬
أما القضية الثانية التي‮ ‬بينها النبي‮ ‬عليه الصلاة والسلام في‮ ‬خطبته فهي‮ ‬قضية حقوق المرأة‮ ‬وأنها إنسانة محترمة لها شأنها في‮ ‬المجتمع‮ ‬فهي‮ ‬تمثل نصف الأمة ثم هي‮ ‬تلد النصف الآخر‮ ‬فهي‮ ‬أمة كاملة وهذا‮ ‬يتجلى في‮ ‬قوله عليه الصلاة والسلام في‮ ‬هذه الخطبة‮: »‬ألا واستوصوا بالنساء خيراٍ‮ ‬فإنهن عوان عندكم‮ ‬أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله‮«‬
أما القضية الثالثة‮: ‬فهي‮ ‬القضاء على التمييز العنصري‮ ‬وإرث الجاهلية من التعصب والربا والوثنية وكل ما كان في‮ ‬الجاهلية من سوء وضعه الرسول عليه الصلاة والسلام تحت قدميه وارسى دعائم قول الحق سبحانه وتعالى‮: » ‬إن أكرمكم‮  ‬عند الله أتقاكم‮«.‬
إمال الدين
أما الدكتور محمد أحمد عبدالغني‮ ‬فيقول‮: ‬عن خطبة الوداع‮  ‬في‮ ‬رسالة بعنوان‮: »‬خطبة الوداع‮ – ‬فوائد وفرائد‮«:‬
إن هذه الخطبة النبوية تمثل رؤية واضحة ومنهجاٍ‮ ‬اجتماعياٍ‮ ‬متوازناٍ‮ ‬متناسقاٍ‮ ‬بين مراعاة حقوق الفرد والجماعة وحقوق الرجل والمرأة والأسرة‮ ‬تقوم على قاعدة الالتزام بالحقوق والواجبات‮..‬
وهذه الخطبة في‮ ‬الحقيقة دستور رائع لبناء مجتمع متكاتف متكامل‮ ‬يشد بعضه بعضاٍ‮ ‬وتتكامل فيه جهود الفرد والجماعة والأسرة‮ ‬وقد جاء نزول الآية الكريمة‮: »‬اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي‮ ‬ورضيت لكم الاسلام دينا‮« ‬إتماما لهذا المشروع الحضاري‮ ‬العظيم مشروع إكمال الدين وإتمام النعمة‮..‬
وذكر الدكتور‮ »‬عبدالغني‮« ‬أيضاٍ‮ ‬بعض الجوانب الرئيسية لخطبة الوداع ولخصها في‮ ‬ثمانية محاور هامة كالتالي‮:‬
1‮- ‬حرمة سفك الدماء بغير حق‮ ‬إقراراٍ‮ ‬للعدالة والمساراة‮ ‬حيث المساواة بين الحاكم والمحكوم‮ ‬وبين الغني‮ ‬والفقير‮ ‬والأبيض والأسود والأحمر‮ ‬والرجل والمرأة في‮ ‬الحقوق الإنسانية‮.. ‬فكل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه‮.‬
2‮- ‬دفن الجاهلية ووضعها تحت الأقدام‮.. ‬حيث وضع رسول الله أخلاق ومبادئ وقيم الجاهلية‮ ‬وتصوراتها ومظاهرها وشعاراتها وكبريائها وعنجهيتها وعقائدها وأحكامها وأعراضها‮ ‬كل ذلك وضعه النبي‮ ‬صلى الله عليه وآله وسلم تحت قدمه‮.‬
3‮- ‬الوصية بالنساء خيراٍ‮ ‬وانهن عوان وأي‮ ‬أسيرات‮.. ‬لايملكن لأنفسهن شيئاٍ‮ ‬فإن الإسلام أعطى للمرأة حقوقها ووصى بها‮.. ‬وجعلها بنتا في‮ ‬بيت أبيها‮ ‬وزوجة في‮ ‬بيت زوجها وهي‮ ‬سيدة ذلك البيت واعطاها حقها في‮ ‬الميراث‮ ‬وكانت من قبل لاتأخذ شيئاٍ‮.. ‬جعل لها كرامة وكانت من قبل تباع وتشترى‮..‬
وجعل لها رأياٍ‮ ‬ولم‮ ‬يكن لها من قبل رأي‮ ‬فهذا هو الإسلام جعلها مصانة في‮ ‬بيتها معززة في‮ ‬حياتها‮.‬
4‮- ‬التمسك بكتاب الله والاعتصام به‮ ‬فهو سبيل العزة والنصر والنجاح في‮ ‬الدنيا والآخرة‮ ‬ولما كانت الأمة متمسكه به ومجتمعة تحت خليفة واحد‮ ‬كانت في‮ ‬عزة وكرامة تهابها الأمم ويذل لها الملوك والتاريخ خير شاهد‮.. ‬ولما تركت الأمة كتاب ربها تمزقت وتفرقت‮ ‬فاجتمع عليها الأعداء‮ ‬شقت وعاشت في‮ ‬مذلة وضياع‮.‬
5‮- ‬حرمة الربا‮ ‬لأنه النظام الذي‮ ‬يسحق الفقراء‮ ‬ويجعل المجتمع طبقياٍ‮ ‬يمتلئ بالاحقاد والضغائن ويكثر فيه الجرائم‮.. ‬ويعرض المجتمع للحرب مع الله‮ ‬وأي‮ ‬نصر في‮ ‬معركة تكون مع الله‮ ‬فلا‮ ‬يكون إلا الشقاء والتعاسة‮ ‬وقلة الخير والبركة‮ ‬فلاخير من الأرض إلا القليل‮ ‬ولامن السماء إلا النذر اليسير‮.‬
6‮- ‬التحذير من الشيطان‮ ‬فإنه‮ ‬يئس من المؤمن لكن رضي‮ ‬باليسير من المحقرات التي‮ ‬نظن أنها بسيطة‮ ‬وهي‮ ‬في‮ ‬الحقيقة مدخل للشيطان إلى القلب فيفسده ويهلك الانسان بعد ذلك‮..‬
7‮- ‬شمولها لأمور الدنيا والآخرة‮ ‬فهي‮ ‬قد عالجت شؤون الحياة الاجتماعية‮ ‬من علاقة الأخ بأخيه‮ ‬والمرأة بزوجها‮ ‬والأفراد بالمجتمع‮ ‬وحذرت من الشيطان‮ ‬وبينت أسس الدين ومقاصد الشريعة‮ ‬وأنهم سوف‮ ‬يلقون ربهم فيسألهم عن أعمالهم في‮ ‬الآخرة‮.‬
8‮- ‬على الداعية البلاغ‮ ‬وليس عليه النتائج وهو أمر محسوم من القرآن قال تعالى‮: »‬فإنما عليك البلاغ‮ ‬المبين‮«‬‮ ‬والنبي‮ ‬صلى الله عليه وسلم سيقرر ذلك أن الداعية عليه أن‮ ‬يبذل قصارى جهده ومبلغ‮ ‬طاقته‮ ‬وجل وقته‮ ‬وأكثر ماله‮ ‬وكل مايملك في‮ ‬سبيل دعوته‮ ‬ولاينتظر النتيجة ولايحاسب عليها هل التزم الناس معه أم لا‮..‬
حرمة الدماء‮ ‬
ويؤكد الدكتور‮ »‬عبدالغني‮« ‬على جانب هام من الخطبة‮ ‬يحترم فيه النبي‮ ‬عليه الصلاة والسلام دماء المسلمين بغير حق فيقول في‮ ‬رسالته‮: »‬خطبة الوداع فوائد وفرائد‮« ‬معلقاٍ‮ ‬على قول النبي‮ ‬عليه الصلاة والسلام‮: »‬أيها الناس إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة‮ ‬يومكم هذا في‮ ‬شهركم هذا في‮ ‬بلدكم هذا ألا هل بلغت‮«.‬
لقد كرر الرسول عليه الصلاة والسلام هذه التوصية نفسها مرة أخرى في‮ ‬خاتمة خطابه وأكد ضرورة الاهتمام وذلك عندما قال‮: »‬أيها الناس اسمعوا قولي‮ ‬واعقلوه تعلمن أن كل مسلم أخ للمسلم وأن المسلمين إخوة‮ ‬فلا‮ ‬يحل لامرئ مال أخيه إلا عن طيب نفس منه‮ ‬فلا تظلمن أنفسكم اللهم هل بلغت¿ ونحن نقول‮: ‬أجل والله قد بلغت‮ ‬يا رسول الله ولعلنا اليوم أولى من‮ ‬ينبغي‮ ‬أن‮ ‬يجيبك‮: ‬اللهم لقد بلغت‮!.. ‬وإن كنا في‮ ‬ذلك إنما نسجل مسؤولية على أعناقنا قصرنا كل التقصير في‮ ‬القيام بحقها‮ ‬فإننا نرى استباحة الدماء المعصومة‮ ‬ووالله إنها لجريمة فظيعة أن تستباح الدماء المعصومة دماء الناس بغير جريمة‮ ‬قال تعالى‮: »‬ولا تقتلوا النفس التي‮ ‬حرم الله إلا بالحق‮«..‬
والنصوص الشرعية متكاثرة في‮ ‬بيان حرمة المسلم وعصمة دمه‮ ‬فالله جل وعلا‮ ‬يقول‮: »‬إنما المؤمنون إخوة‮«.. ‬ويقول سبحانه‮: »‬ومن‮ ‬يقتل مؤمنا متعمداٍ‮ ‬فجزاؤه جهنم خالداٍ‮ ‬فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباٍ‮ ‬عظيماٍ‮«..  ‬ويقول سبحانه عن ابني‮ ‬آدم عليه السلام‮: »‬واتل عليهم نبأ ابني‮ ‬آدم بالحق إذ قربا قرباناٍ‮ ‬فتقبل من أحدهما ولم‮ ‬يتقبل من الآخر قال لأقتلنك‮«..‬
فبداية القتل كانت من ولدي‮ ‬آدم‮.. ‬وقال تعالى‮: »‬وما كان لمؤمن أن‮ ‬يقتل مؤمناٍ‮ ‬إلا خطأٍ‮«..‬
وقد ورد في‮ ‬سبب نزولها أن أبا الدرداء رضي‮ ‬الله عنه كان في‮ ‬سرية‮ ‬فعمد إلى شعب لقضاء حاجته‮ ‬فوجد رجلاٍ‮ ‬من القوم في‮ ‬غنم له فحمل عليه بالسيف‮ ‬فقال الرجل لا إله إلا الله‮ ‬فضربه أبو الدرداء بالسيف فقتله‮ ‬ثم وجد في‮ ‬نفسه شيئاٍ‮ ‬فأتى النبي‮ ‬صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال‮: ‬إنما قالها ليتقي‮ ‬بها القتل‮ ‬فقال‮: »‬ألا شققت عن قلبه‮ ‬فقد أخبرك بلسانه فلم تصدقه‮ ‬فكيف بلا إله إلا الله¿‮! ‬فكيف بلا إله إلا الله¿‮! ‬قال أبو الدرداء‮: ‬حتى تمنيت أن‮ ‬يكون ذلك مبتدأ إسلامي‮ ‬فنزل قوله تعالى‮: »‬وما كان لمؤمن أن‮ ‬يقتل مؤمناٍ‮ ‬إلا‮ ‬خطأٍ‮«.‬
فقد تضمنت الآية الاخبار بعدم جواز إقدام المؤمن على قتل أخيه المؤمن بأسلوب‮ ‬يستبعد احتمال وقوع ذلك منه إلا أن‮ ‬يكون خطأ حتى تكاد صفة الإيمان منتفية عمن‮ ‬يقتل مؤمناٍ‮ ‬متعمداٍ‮ ‬إذ لا‮ ‬ينبغي‮ ‬أن تصدر هذه الجريمة النكراء ممن‮ ‬يتصف بالإيمان‮  ‬لأن إيمانه وهو الحاكم على تصرفه إرادته‮ ‬يمنعه من ارتكاب جريمة القتل عمداٍ‮.‬
وقال صلى الله عليه وسلم‮: »‬لا‮ ‬يزال المؤمن في‮ ‬فسحة من دينه ما لم‮ ‬يصب دماٍ‮ ‬حراماٍ‮« ‬بل ورد الوعيد لمن أعان على القتل المحرم أو كان حاضراٍ‮ ‬يستطيع منعه أو الحيلولة دون وقوعه‮ ‬أو شجع القاتل على القتل‮ ‬فعن أبي‮ ‬هريرة رضي‮ ‬الله عنه قال‮: ‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‮:»‬لو أن أهل السماء والأرض اشتركوا في‮ ‬دم مؤمن لأكبهم الله في‮ ‬النار‮« ‬وقال صلى الله عليه وسلم‮:»‬سباب المؤمن فسوق وقتاله كفر‮«..‬
وقال الحسن البصري‮ ‬أن علياٍ‮ ‬رضي‮ ‬الله عنه بعث إلى محمد بن مسلمة فجيء به فقال‮: ‬ما خلفك عن هذا الأمر¿ ويعني‮ ‬القتال بينه وبين خصومه رضي‮ ‬الله عنهم أجمعين‮.. ‬قال‮: ‬دفع إلي‮ ‬ابن عمك‮ – ‬يعني‮ ‬النبي‮ ‬عليه الصلاة والسلام‮ – ‬سيفاٍ‮ ‬فقال‮: »‬قاتل به ما قوتل العدو‮ ‬فإذا رأيت الناس‮ ‬يقتل بعضهم بعضاٍ‮ ‬فاعمد به إلى صخرة فاضربه بها‮ ‬ثم الزم بيتك حتى تأتيك منية قاضية أو‮ ‬يد خاطئة فقال علي‮ ‬رضي‮ ‬الله عنه‮: ‬خلوا عنه‮.‬
وصية مكررة
وبين لنا الشيخ عرفات الحضرمي‮ ‬أمين عام مكتبة جامع الأشاعرة بزبيد جانباٍ‮ ‬رئيسياٍ‮ ‬مهماٍ‮ ‬لهذه الخطبة النبوية وهو جانب حرمة سفك دماء المسلمين بغير حق مؤكداٍ‮ ‬ما ذكره الدكتور‮ »‬عبدالغني‮« ‬فيقول‮: ‬خطبة الوداع خطبة عظيمة شاملة لكل معاني‮ ‬روح التعامل بين المسلمين‮ ‬خاطب بها الرسول عليه الصلاة والسلام‮.. ‬جميع المسلمين بكل شرائحهم الصغير والكبير‮ ‬الغني‮ ‬والفقير‮ ‬العالم والجاهل الحاكم والمحكوم بدأها الرسول عليه الصلاة والسلام بجانب مهم‮ ‬يحدد علاقة المسلم بأخيه ويحريم سفك دمائهم‮ ‬وكرر الرسول عليه الصلاة والسلام تحذيره في‮ ‬آخر الخطبة بمضمون المعنى فقال‮:» ‬فلا ترجعوا بعد كفاراٍ‮ ‬يضرب بعضكم رقاب بعض‮« ‬وذلك مما‮ ‬يدل على أهمية هذا الأمر العظيم فتكرار النبي‮ ‬عليه الصلاة والسلام لتلك الوصية في‮ ‬ابتداء خطبته وانتهائها بين خطورة هذا الأمر‮ – ‬سفك الدماء‮ – ‬ويقول النبي‮ ‬ألا هل بلغت¿ ثم‮ ‬يقول اللهم اشهد‮.‬
ولذلك كان لزاماٍ‮ ‬على الأمة أن تنتبه لتلك المفردات الهامة التي‮ ‬ودع بها النبي‮ ‬عليه الصلاة والسلام أمته وهو‮ ‬يدلهم على طريق النجاة ويحذرهم من كل مغبة تؤدي‮ ‬بهم إلى طريق الهلاك‮..‬
ولعلنا نعيش واقعاٍ‮ ‬مريراٍ‮ ‬تحققت فيه تلك المهالك التي‮ ‬حذرنا منها النبي‮ ‬عليه الصلاة والسلام‮.. ‬فسفك الدماء المحرمة واستبيحت الأموال والأعراض وكأن من‮ ‬يقوم بذلك لم‮ ‬يع قول النبي‮ ‬عليه الصلاة والسلام‮ »‬أن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة‮ ‬يومكم هذا في‮ ‬شهركم هذا‮.. ‬الحديث‮« ‬فلا مراعاة لحرمة المسلمين ولا مراعاة للأشهر الحرم‮..‬
ولذلك لا بد لكل مسلم أينما كان أن‮ ‬يعمل بموجب هذا الحديث وأن‮ ‬يحرص كل الحرص على تجنب دماء المسلمين وأعراضهم وأموالهم وكل ما حرمه الله تعالى‮..<‬

نص خطبة الوداع
‮> ‬الحمدلله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه‮ ‬ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا‮ ‬من‮ ‬يهده الله فلا مضل له ومن‮ ‬يضلل فلا هادي‮ ‬له‮. ‬أما بعد أيها الناس‮ ‬إسمعوا قولي‮ ‬فإني‮ ‬لا أدري‮ ‬لعلي‮ ‬لا‮  ‬ألقاكم بعد عامي‮ ‬هذا‮ ‬يهدا الموقف أبداٍ‮.. ‬أيها الناس إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة‮ ‬يومكم هذا في‮ ‬شهركم هذا في‮ ‬بلدكم هذا ألا هل بلغت¿
وإنكم ستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم وقد بلغت‮ ‬فمن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها‮ ‬ألا وإن كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي‮ ‬موضوع ودماء الجاهلية موضوعة‮. ‬وإن ربا الجاهلية موضوع ولكن لكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون‮.. ‬قضى الله أنه لا ربا‮ ‬وإن أول رباٍ‮ ‬أبرا به ربا عمي‮ ‬العباس بن عبدالمطلب‮ ‬وأن كل دم كان في‮ ‬الجاهلية موضوع وإن أول دمائكم أضع دم ابن ربيعة بن الحارث بن عبدالمطلب‮ ‬وكان مسترضعا في‮ ‬بني‮ ‬ليث فقتلته هذيل فهو أول ما أبرا به من دماء الجاهلية‮.‬
أيها الناس فإن الشيطان قد‮ ‬يئس من أن‮ ‬يعبد بأرضكم هذه أبداٍ‮.. ‬ولكنه إن‮ ‬يطمع في‮ ‬ما سوى ذلك فقد رضي‮ ‬به بما تحقرون من أعمالكم فاحذروه على دينكم‮.‬
أيها الناس‮ ‬إنما النسئ زيادة في‮ ‬الكفر‮. ‬يضل به الذين كفروا‮ ‬يحلونه عاماٍ‮ ‬ويحرمون عاماٍ‮ ‬ليواطئوا ماحرم الله فيحلوا ماحرم الله ويحرموا ما أحل الله‮.‬
إن الزمان قد استراء كهيئة‮ ‬يوم خلق الله السماوات والأرض وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراٍ‮ ‬منها أربعة حرم ثلاث متوالية ورجب الذي‮ ‬بين جمادى وشعبان‮.‬
‮ ‬أيها الناس إتقوا الله في‮ ‬النساء‮ ‬فإنكم إنما أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمات الله واستوصوا بالنساء خيراٍ‮ ‬فإنهن عندكم عوان لاعليكن لأنفسهن شيئاٍ‮ ‬إلا أن‮ ‬يأتين بفاحشة مبينة‮ ‬فإن فعلن فاهجروهن في‮ ‬المضاجع‮ ‬واضربوهن ضرباٍ‮ ‬غير مبرح فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهم سبيلاٍ‮ ‬ألا إن لكم على نسائكم حقاٍ‮ ‬ولنسائكم عليكم حقاٍ‮. ‬فأما حقكم على نسائكم‮ ‬فلا‮ ‬يوطىن فرشكم‮ ‬غيركم ولا‮ ‬يدخلن أحداٍ‮ ‬تكرهونه بيوتكم ولايأتين بفاحشة فإن أطعنكم فعليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف‮ ‬فاعقلوا أيها الناس قولي‮ ‬فإني‮ ‬قد بلغت وقد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبداٍ‮ ‬أمراٍ‮ ‬بيناٍ‮ ‬كتاب الله وسنة نبيه‮.. ‬أيها الناس‮ ‬إسمعوا قولي‮ ‬واعقلوه تعلمن أن كل مسلم أخ للمسلم وأن المسلمين إخوة فلا‮ ‬يحل لامرئ‮ ‬مال أخيه إلا عن طيب نفس منه‮ ‬فلا تظلمن أنفسكم‮ ‬اللهم هل بلغت¿
وستلقون ربكم فلا ترجعن بعدي‮ ‬كفاراٍ‮ ‬يضرب بعضكم رقاب بعض‮.‬
أيها الناس‮ ‬إن ربكم واحد‮ ‬وإن أباكم واحد‮ ‬كلكم لآدم وآدم من تراب‮ ‬أكرمكم عند الله أتقاكم وليس لعربي‮ ‬فضل على عجمي‮ ‬إلا بالتقوى ألا هل بلغت¿ اللهم اشهد ألا ليبلغ‮ ‬الشاهد الغائب‮ ‬فلعل بعض من‮ ‬يبلغه أن‮ ‬يكون اوعى له من بعض من سمعه‮.‬
وأخرج مسلم أنه قال‮:» ‬وأنتم تسألون عني‮ ‬فما أنتم قائلون‮« ‬قالوا‮: ‬نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت فقال بإصبعه السبابة‮ ‬يرفعها إلى السماء وينكنها إلى الناس‮ »‬اللهم اشهد‮« ‬ثلاث مراث‮.‬
ولما فرغ‮ ‬من خطبته نزل عليه قول الله تعالى‮:» ‬اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي‮ ‬ورضيت لكم الإسلام ديناٍ‮«.

Share

التصنيفات: نور على نور

Share