Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

الطيب الصالح‮ .. ‬والجاهلية الجديدة‮!‬

الطيب الصالح‮ .. ‬والجاهلية الجديدة‮!‬
‮                                        ‬حسن عبد الوارث
Wareth26@hotmail.com‮                                        ‬
‮> “‬أنا مندهش وحزين‮”!!‬
هذا ما قاله الأديب السوداني‮ ‬الفذ الطيب الصالح‮ ‬إثر سماعه نبأ القرار السلطوي‮ ‬الجاهلي‮ ‬الشاذ بحظر التعاطي‮ ‬مع روايته الشهيرة‮ “‬موسم الهجرة إلى الشمال‮ ” ‬في‮ ‬الجامعات والمدارس السودانية‮ ‬قبل نحو عقد ونصف العقد من الزمن‮ !!‬
ولم‮ ‬يكن الطيب الصالح وحده‮ “‬مندهشاٍ‮ ‬وحزيناٍ‮ ” ‬حينها‮ ‬إنما كانت هذه حال جميع الأدباء‮ ‬بل والقراء أيضاٍ‮ .. ‬فالرواية‮- ‬التي‮ ‬صدرت العام‮ ‬1966‮- ‬ظلت مثار إعجاب كل من قرأها‮ ‬ومحل تقدير كل من تناولها بالنقد أو الدرس‮.. ‬وهي‮ ‬إحد بضعة أعمال روائية عربية تشكل اليوم أبرز ملامح التفوق‮ – ‬الفني‮ ‬والموضوعي‮ – ‬في‮ ‬مسار الرواية العربية المعاصرة‮.. ‬بل اعتبرت واحدة من أهم مائة رواية صدرت حتى الآن على مستوى العالم كله‮ ..‬كما ترجمت الرواية إلى عدة لغات‮ ‬‮ ‬بينها الإنكليزية والفرنسية‮ .. ‬وتقرِر تدريسها في‮ ‬أعرق الجامعات السودانية والعربية‮ ..‬وأ‮ ‬ْنجزت حولها عدة رسائل ماجستير ودكتوراه‮ .. ‬وحْرِرت بشأنها مئات الدراسات والمقالات والكتابات المختلفة‮..‬
وبعد هذا كله‮ ‬جاء‮ – ‬في‮ ‬ذلك اليوم الأسود‮ – ‬مشائخ الجاهلية الجديدة ليقرروا أن هذه الرواية‮ – ‬التي‮ ‬طبقت شهرتها الآفاق لروعتها الفنية وتميْزها الموضوعي‮ – ‬تثير الفجور‮ ‬وتسخر من القيم العربية والإسلامية‮ ‬‮ ‬وإنها مْخلِة بالآداب‮ !!‬
وليلاحظ القارئ العزيز كيف اصبحت هذه‮ “‬التهمة‮” ‬سهلة النطق و سريعة الانتشار في‮ ‬هذا العصر‮ ‬حيث التكفير والتخوين والترهيب والوصم بالاباحية والاخلال بالآداب هي‮ ‬من أكثر السلع رواجاٍ‮ ‬‮ ‬لكنها‮ – ‬بالطبع‮ – ‬من أكثرها كساداٍ‮ ‬في‮ ‬الوقت نفسه‮ ‬وبصورة فريدة للغاية‮ !‬
ففي‮ ‬مثل هذا العصر‮ – ‬عصر الثورة الاتصالية الكونية‮ – ‬يصبح مجرد التفكير بمصادرة كتاب ضرباٍ‮ ‬من الحماقة الخارقة‮ .. ‬فالكتاب‮ – ‬مثل اية مادة معلوماتية‮ – ‬سيجد طريقه بألف وسيلة ووسيلة الى‮ ‬يد وجيب وعين القارئ‮.. ‬فلم تعد ثمة موانع قادرة على سد منافذ المعرفة‮ ‬في‮ ‬ظل هذا الانفجار المعلوماتي‮ – ‬الاتصالي‮ – ‬الهائل‮ ..‬
غير ان دعاة الجاهلية الجديدة لا زالوا‮ ‬يمتطون الناقة ويمتشقون السيف ويفترشون الوبر ويلتحفون بالبداوة‮ ‬ولا زالوا‮ ‬يتعاطون مبدأ الوأد ومنطق الفضيحة ولغة العار‮ ‬وهي‮ – ‬كلها‮ – ‬غدت اليوم‮ ‬غير موجودة في‮ ‬سواهم‮ .. ‬فهم فضيحة هذا العصر وعار القرن المقبل‮ !!‬
وقد رحل الطيب صالح‮ ‬‮ ‬ساخراٍ‮ ‬من مشائخ الجاهلية الجديدة‮ .. ‬دهاقنة العصر وسدنة الخطيئة‮!!<

Share

التصنيفات: ثقافــة

Share