Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

الديمقراطية‮.. ‬الوجه الآخر‮ ‬للوحدة ومنجزها الأهم

جاء الاتفاق على‮ »‬خيار الديمقراطية‮« ‬والتعددية السياسية بين شريكي‮ ‬صنع المنجز الوحدوي‮ ‬العظيم في‮ ‬الشمال والجنوب ليعزز فرضية اكتمال البناء المؤسسي‮ ‬والسياسي‮ ‬لدولة اليمن الواحد‮ ‬بحيث أصبحت الديمقراطية قريناٍ‮ ‬شرطياٍ‮ ‬لهذا البناء الوحدوي‮ ‬وبحيث استطعنا أن نقول حينها أى لحظة تحقيق وحدة اليمن في‮ ‬صبيحة الثاني‮ ‬والعشرين من مايو‮ ‬1990م أن اليمن انتقلت وبثقة وعن جدارة من‮ »‬وحدة الدولة‮« ‬الى‮ »‬دولة الوحدة‮«‬‮ ‬حيث لم‮ ‬يكن ليكتمل البناء السياسي‮ ‬والمؤسسي‮ ‬لولادة اليمن الموحد‮ »‬لولا خيار‮ »‬الديمقراطية‮« ‬الذي‮ ‬مامن شك سيعزز من فرصْ‮ ‬نجاح بناء‮ ‬يمن الثاني‮ ‬والعشرين من مايو وسيصحح كثيراٍ‮ ‬من المسارات التي‮ ‬تعترض بناء الدولة اليمنية الحديثة حيث أضحت الوحدة مرتكزاٍ‮ ‬والديمقراطية خياراٍ‮ ‬أى أنهما صنوان‮ ‬لايفترقان‮ .‬

استطلاع‮ / ‬سمير الفقيه

يؤكد الدكتور سيلان العبيدي‮ ‬الامين العام للمجلس الأعلى للتعليم أن الوقفة الجادة عند كل ماتعيشه بلادنا من إنجازات تاريخية واستراتيجية واحتفائية بالمناسبات الوطنية ستكشف أن للوحدة المباركة الفضل الكبير لكل ماهو جميل ورائع في‮ ‬بلادنا ونحن نعيش هذه المناسبات المتمثلة بالثاني‮ ‬والعشرين من مايو والسابع والعشرين من أبريل‮ ‬يوم الديمقراطية وهي‮ ‬مناسبات مرتبطة ارتباطاٍ‮ ‬وثيقاٍ‮ ‬في‮ ‬الواقع وفي‮ ‬الأفئدة‮ ‬حيث طالما انتظر الناس تحقيق الوحدة المباركة وقيام الجمهورية اليمنية حتى تحقق الحلم وتجسدت الحقيقة في‮ ‬الـ22‮ ‬من مايو‮ ‬1990م لتأتي‮ ‬على طريق الخير الـ27‮ ‬من أبريل‮ ‬1993م ليختار الشعب نهجه السلمي‮ ‬للوصول إلى السلطة وحكمه نفسه بنفسه‮ ‬‮ ‬وقد كان هذا حلماٍ‮ ‬تأجل تحقيقه كثيراٍ‮ ‬‮ ‬وعندما بدأ الشعب بتجسيد هذا الحلم على الواقع وجعله ثابتاٍ‮ ‬وطنياٍ‮ ‬لايمكن الرجوع عنه أبت القوى المأزومة إلا أن تعرقله في‮ ‬الـ27‮ ‬من أبريل‮ ‬1997م‮ ‬ولكن الإصرار الشعبي‮ ‬على الحفاظ على هذا المكتسب أنحج العملية الديمقراطية رغم مقاطعة بعض أحزاب المعارضة‮ ‬‮ ‬وكان مقرراٍ‮ ‬لهذا الاستحقاق أن‮ ‬يتأخر عن موعده في‮ ‬الـ‮ ‬27‮ ‬من أبريل‮ ‬2001م لأسباب تمثلت في‮ ‬التعديلات الدستورية وتمديد فترة البرلمان من‮ ‬4‮ ‬سنوات إلى‮ ‬6‮ ‬سنوات‮ ‬وكان للاصطفاف الشعبي‮ ‬الجماهيري‮ ‬الرائع وراء القيادة السياسية ممثلة بفخامة الأخ علي‮ ‬عبدالله صالح رئيس الجمهورية دور في‮ ‬أنجاح النهج الديمقراطي‮ ‬في‮ ‬الـ27‮ ‬من أبريل‮ ‬2003م‮ ‬واستمر الإصرار الشعبي‮ ‬على مزاولة حقه الدستوري‮ ‬مهما حاولت القوى المعارضة وأعداء الديمقراطية من زرع الأشواك والعراقيل في‮ ‬طريق هذا النهج‮ ‬وهو ماحصل في‮ ‬طريق الـ27‮ ‬من أبريل‮ ‬2009م حيث حظيت المعارضة بفرصة لعرقلة الانتخابات النيابية وقد تحقق لها ذلك من خلال اتفاق فبراير من نفس العام والذي‮ ‬أدى إلى تمديد فترة مجلس النواب سنتين اضافيتين على أن تجرى الانتخابات النيابية في‮ ‬2011م‮ ‬كان هذا الاتفاق محل استياء شعبي‮ ‬واسع كون الـ27‮ ‬من أبريل أصبح نهجاٍ‮ ‬وطنياٍ‮ ‬ثابتاٍ‮ ‬وحقاٍ‮ ‬شعبياٍ‮ ‬مكتسباٍ‮ ‬تقف وراءه الإرادة الشعبية التي‮ ‬لايمكن كسرها أو ترحيلها أو إيقافها‮..‬
تطور المسار
كون هذه الديمقراطية أصبحت تمثل الوجه الآخر للوحدة اليمنية ونهجاٍ‮ ‬تم به درء الفتنة والصراع كان قائماٍ‮ ‬للوصول إلى السلطة‮ ‬وتجنيباٍ‮ ‬للوطن من دورات العنف التي‮ ‬كانت حاصلة قبل الوحدة‮.. ‬تحركت مسيرة الديمقراطية في‮ ‬الـ27‮ ‬من أبريل وجرت انتخابات نيابية عام‮ ‬1993م وشهدت التجربة تنافساٍ‮ ‬ديمقراطياٍ‮ ‬أفضى إلى تبادل التهاني‮ ‬في‮ ‬مابين الأحزاب من‮.. ‬حينها ومسيرة العمل الديمقراطي‮ ‬تتطور وتتعزز لتكتمل منظومة العمل الديمقراطي‮ ‬في‮ ‬عام‮ ‬2001م عندما تم إجراء الانتخابات المحلية وقبلها الانتخابات الرئاسية عام‮ ‬1999م‮ ‬وبالتالي‮ ‬أثبت الشعب اليمني‮ ‬أنه قادر على التعاطي‮ ‬مع كل التوجهات الحضارية في‮ ‬ظل دولة الوحدة ومن‮ ‬يتتبع التقارير التي‮ ‬أصدرتها المنظمات الحقوقية المعنية بالحريات والعمل الديمقراطي‮ ‬يجد أن نسبة العنف والصراعات تراجعت بنسب كبيرة بل كادت تختفي‮ ‬نهائيا في‮ ‬انتخابات‮ ‬2003م‮ .. ‬
رهان الشعب
وتابع العبيدي‮ ‬بالقول‮: ‬لقد راهن الشعب اليمني‮ ‬على التجربة الديمقراطية من أجل شيء واحد هو إحداث التنمية والاستقرار في‮ ‬البلاد‮.‬
وكلنا‮ ‬يعلم أن الديمقراطية هي‮ ‬الرهان الذي‮ ‬تراهن عليه الشعوب لإحداث التنمية‮ ‬وإذا كانت ديمقراطية فقط من أجل الوصول إلى الكرسي‮ ‬دون إحداث تنمية فالشعوب لا تريدها‮.. ‬وأصبحت اليوم الديمقراطية بوجهها الآخر بمنظمات المجتمع المدني‮ ‬متواجدة على مستوى كل قرية وأصبح المواطن‮ ‬يلمس النتائج الإيجابية للعملية الديمقراطية من خلال المشاريع التي‮ ‬تنفذ سواء كانت من قبل الدولة أو من قبل منظمات المجتمع المدني‮ ‬النشطة في‮ ‬مجال محاربة الفقر والتنمية البشرية وما إلى ذلك‮ ‬صارت العملية الديمقراطية برعاية مباشرة من فخامة الأخ رئيس الجمهورية رجل الحوار الأول وراعي‮ ‬هذه التجربة‮ ‬سارت بخطى متنامية وإيجابية ومع مرور الأيام تسجل الديمقراطية في‮ ‬بلادنا ظاهرة صحيحة متنامية نالت إعجاب الأشقاء والأصدقاء وقد أكد الجميع أنه بالديمقراطية فقط سيخرج اليمن من كافة مشاكله التي‮ ‬تعتمل على الساحة‮.. ‬إن بإمكان أي‮ ‬شخص أن‮ ‬يلاحظ ويلامس ما أنتجته الديمقراطية في‮ ‬بلادنا فمثلاٍ‮ ‬التعددية الصحفية التي‮ ‬أصبحت اليوم تشكل علامة بارزة في‮ ‬مكافحة الفساد وكشف الاختلالات ومكامن الأخطاء‮ ‬كما أن منظمات المجتمع المدني‮ ‬أصبحت الرديف الآخر للدولة من حيث الاتجاه إلى تفعيل الجانب التنموي‮ ‬والنشاط في‮ ‬مجال مكافحة الفقر كان‮ ‬يفترض اليوم على القوى التي‮ ‬تراهن على الديمقراطية للوصول إلى السلطة عبر الصندوق أن في‮ ‬ذكرى المناسبة الـ27‮ ‬من أبريل موقفاٍ‮ ‬إيجابيا وتتبادل مع أبناء الشعب التهاني‮ ‬كونه‮ ‬يمنح الثقة‮ ‬لكن ما‮ ‬يؤسف له أن بعض القوى في‮ ‬الساحة لا ندري‮ ‬عن أية ديمقراطية تبحث وما هي‮ ‬آلية الديمقراطية التي‮ ‬يمكن من خلالها الوصول إلى المأمول¿‮!!‬
طريق وحيد
أن اختيار طريق التوحد في‮ ‬الـ22‮ ‬من مايو‮ ‬1990م قد حتم علينا قيادة وشعباٍ‮ ‬نحن اليمانيين اختيار طريق الديمقراطية باعتبار أن الديمقراطية هي‮ ‬الطريق الوحيد إلى تعزيز الوحدة الوطنية وترسيخ دعائم السلم الاجتماعي‮ ‬‮ ‬والنهوض بالوطن نحو مستقبل أجمل وأرحب‮ ‬‮ ‬فلا وحدة وطنية حقيقية بدون ديمقراطية حقيقية ولا ديمقراطية حقيقية بدون اعتراف حقيقي‮ ‬بحق الآخرين في‮ ‬الاختلاف عنا ومخالفتنا الرأي‮ .. ‬ونوه بالقول‮: ‬وإذا كانت الديمقراطية قد تم انتهاجها من قبل قيادتي‮ ‬شطري‮ ‬الوطن‮ ‬‮ ‬وأسهمت في‮ ‬إنجاز حدث التوحد التاريخي‮ ‬الكبير والمعلن في‮ ‬الـ22‮ ‬من مايو‮ ‬1990م‮ ‬‮ ‬وهو حدث تحقق على مستوى الارض والسلطة اللتين كانتا ماتزالان منشطرتين‮ ‬‮ ‬فان الواجب الوطني‮ ‬اليوم‮ ‬يحتم علينا نحن اليمانيين‮ ‬‮ ‬أفراداٍ‮ ‬وجماعات قبائل واحزاباٍ‮ ‬سلطْة ومعارضة‮ ‬أن ننهض بواجبنا إزاء ماتم إنجازه وأن نبادر بدوافع من ذواتنا إلى إنجاز الكثير والكثير من الواجبات‮ ‬‮ ‬وأن نصحح الكثير والكثير من المسارات الخاطئة في‮ ‬حياتنا الخاصة والعامة‮ ‬سعيا إلى تقوية خطنا الوطني‮ ‬الداخلي‮ ‬لما‮ ‬يجعلنا أكثر قدرة على النهوض الحضاري‮ ‬‮ ‬ومواجهة التحديات الكبيرة والكثيرة التي‮ ‬تتعرض لها أمتنا وخاصة في‮ ‬هذه اللحظة الحرجة من تاريخها‮ ‬‮ ‬نقول هذا انطلاقاٍ‮ ‬من أن الجميع قد بات‮ ‬يدرك أن الأمور تسير من سيئ إلى أسوأ وأن الوطن ومستقبل أبنائه قد صار مسؤولية الجميع دون استثناء‮.  ‬
‮  ‬ثمرة الوحدة
النائب البرلماني‮ ‬عبدالله المقطري‮.. ‬يرى أن الديمقراطية هي‮ ‬سبب أو نتاج من نتائج قيام دولة الوحدة‮.. ‬بل ثمرة من ثمارها الحيوية‮ ‬كما أنها‮ – ‬أي‮ ‬الديمقراطية‮ – ‬جاءت وفقاٍ‮ ‬لاتفاقات أهمها صياغة دستور دولة الوحدة الذي‮ ‬اعتمد في‮ ‬وجود النظام السياسي‮ ‬شرط التعددية السياسية والتنوع السياسي‮ ‬القائم على العمل الديمقراطي‮.. ‬ومضى إلى القول‮: ‬على الرغم من ذلك الإنجاز‮ »‬الديمقراطية‮« ‬الذي‮ ‬رافق قيام دولة الوحدة فإن الديمقراطية لم تأخذ بعدها الحقيقي‮ ‬والمؤمل منه في‮ ‬إطار دولة الوحدة‮.. ‬بمعنى أن هامش الديمقراطية بدأ‮ ‬يضيق شيئاٍ‮ ‬فشيئاٍ‮ ‬منذ أن بدأت التعديلات الدستورية تأخذ طريقها إلى الحياة السياسية‮..‬
أبعاد ثلاثة
ويتابع المقطري‮: ‬نحن نفهم الديمقراطية بأنها منظومة اجتماعية اقتصادية سياسية متكاملة‮.. ‬ففي‮ ‬البعد الاجتماعي‮ ‬نفهم الديمقراطية بأنها تحقق ولو الحد الأدنى للعيش الكريم للمجتمع ونفهم الديمقراطية في‮ ‬بعدها الاقتصادي‮ ‬أنها‮ ‬يجب أن ترتكز على عدالة توزيع الثروة لجميع الناس وفي‮ ‬البعد السياسي‮ ‬إجراء انتخابات حرة وشفافة ونزيهة وتكريس مبدأ التبادل السلمي‮ ‬للسلطة‮ ‬لذا فإن المنظومة المتكاملة للديمقراطية في‮ ‬دولة الوحدة اليوم‮ ‬غير واضحة‮.. ‬ولا‮ ‬يتم تطبيقها على حقيقتها في‮ ‬المجتمع‮.. ‬ذلك أن الوسائل المتبعة اليوم في‮ ‬تطبيق آليات الديمقراطية‮ ‬غير حرة ونزيهة‮..‬
مشاركة سياسية
ويلفت المقطري‮ ‬إلى القول‮: ‬قد‮ ‬يتساءل القارئ لماذا شاركت المعارضة في‮ ‬مراحل العمليات الانتخابية من عمر دولة الوحدة إذا كانت جميعها لا تتسم بالنزاهة والشفافية‮.. ‬فأقول إن مشاركة أحزاب المعارضة في‮ ‬الانتخابات التي‮ ‬شهدتها دولة الوحدة جاءت إيماناٍ‮ ‬منها بمبدأ الديمقراطية التي‮ ‬جعلتها تشارك وفق ما هو متاح‮.. ‬كما أن خيارنا كان ولا‮ ‬يزال هو الخيار الديمقراطي‮.. ‬وكذا المساهمة باعتبار أن التجربة الديمقراطية النجحة لا‮ ‬يمكن أن تنجح دون أن تكون هناك مشاركات ولأن نجاحها لا‮ ‬يأتي‮ ‬إلا عبر تطور مسارها‮.. ‬من خلال العمل على تطوير أساليب العمل الديمقراطي‮..‬
ولذلك نحن نساهم في‮ ‬أن تتجاوز جميع القوى السياسية هذه الإشكالية التي‮ ‬حالت دون تطوير العمل الديمقراطي‮ ‬والخروج من طور‮ »‬الديمقراطيات الناشئة‮« ‬التي‮ ‬يسقطها‮ »‬الغرب‮« ‬اليوم على ديمقراطيات العالم الثالث‮.. ‬بمعنى أنها ديمقراطيات‮ ‬غير عريقة ومنها بلادنا وهذا صحيح‮.. ‬وخلص المقطري‮ ‬إلى القول‮: ‬نحن نسعى إلى عملية ديمقراطية حرة ونزيهة وأن تأخذ الديمقراطية بعدها الحقيقي‮ ‬والصحيح‮.. ‬بحيث لا‮ ‬يمارس عليها أساليب الضغط فالديمقراطية في‮ ‬بلادنا لا تزال ناشئة ومتعثرة ولا تزال بحاجة إلى تطوير أساليبها بحيث‮ ‬يكون اقترانها بدولة الوحدة ناجحاٍ‮ ‬ومكتملاٍ‮.‬
منجز القرن
د‮/ ‬جميل العريقي‮ ‬مستشار وزارة المالية أستاذ مساعد بقسم الاقتصاد بجامعة تعز من جهته قال‮: ‬الوحدة اليمنية أفضل منجز للعرب في‮ ‬القرن العشرين‮ ‬ففي‮ ‬ظل انقسامات لعدد من الكيانات الدولية إلى أجزاء صغيرة واجه اليمن واليمانيون المجتمع الدولي‮ ‬بوحدة اندماجية‮  ‬أنهوا بها به كيانين شطريين في‮ ‬جنوب الجزيرة العربية‮ ‬‮ ‬ولم تكن الوحدة وليدة انفعالات أو قرارات ارتجالية أو عاجلة وإنما جاءت نتاجاٍ‮ ‬لسلسلة من النضالات للشعب اليمني‮ ‬واللقاءات والحوارات وقيادات الشطرين منذ قيام ثورة الشمال واستقلال الجنوب‮ ‬‮ ‬فقد تمت الوحدة على أساس من القناعة الكاملة من قبل كل أبناء شعبنا اليمني‮ ‬وتحققت بسلمية وديمقراطية وبطواعية وليس بالعنف أو الاكراه‮ ‬‮ ‬ففي‮ ٤٢ ‬سبتمبر ‮٢٦٩١‬م أي‮ ‬قبل قيام الثورة اليمنية بيومين خرجت المظاهرات والمسيرات الجماهيرية التي‮ ‬وصلت إلى أمام المجلس التشريعي‮ ‬بعدن مناهضين ورافضين قرار الاستعمار البريطاني‮ ‬الذي‮ ‬يطالب الشماليين في‮ ‬عدن أن تعد لهم بطاقات شخصية خاصة بهم بخلاف بطاقات أبناء الجنوب‮ ‬وأدى حينها‮  ‬حماس إحدى النساء المتظاهرات إلى صعود سارية العلم وإنزال العلم الاستعماري‮ ‬البريطاني‮ ‬‮ ‬مما أدى إلى إصابتها بطلقات نارية في‮ ‬يدها من قبل جنود الاستعمار البريطاني‮.‬
نعم لقد كانت الوحدة اليمنية لغالبية اليمنيين حلماٍ‮ ‬وأملاٍ‮ ‬وغاية منذ القدم‮ ‬‮ ‬فكانت في‮ ‬كافة الأدبيات السياسية والإعلامية لقيادات وأحزاب الشطرين‮ ‬وكانت الديمقراطية إحدى الركائز والقضايا الرئيسية التي‮ ‬تم الاتفاق عليها من صانعي‮ ‬الوحدة باعتبار الديمقراطية شرطاٍ‮ ‬أساسياٍ‮ ‬وجوهرياٍ‮ ‬للحياة العامة وللشعب ولدولة الوحدة ومثل هذا الشرط أبرز وأهم منجزات الوحدة اليمنية لأن الأوضاع قبل الوحدة بالشطرين كانت لا تقر بالديمقراطية أو بالتعددية السياسية فتحكم بالجنوب حزب لا‮ ‬يعلو صوت أي‮ ‬بشر فوق صوته‮ ‬فكان الموجه والقائد والمعبر عن مصالح الطبقة العاملة وتحكم بالشمال حكم الفرد وحظرت الأحزاب والجماعات والتعدد السياسي‮ ‬وساد رأي‮ ‬أن الحزبية تبدأ بالتأثر وتنتهي‮ ‬بالعمالة برغم وجود العمل الحزبي‮ ‬بشكل سري‮ ‬وتحت الأرض‮ ‬‮ ‬ولذلك فإن الديمقراطية التي‮ ‬اقترنت بالوحدة مثلت أبرز منجزات العصر الحديث للشعب اليمني‮ ‬برغم أن شعبنا اليمني‮ ‬من أقصاه إلى أقصاه ليس بغريب عليه الممارسات الديمقراطية وحكم الشعب‮ ‬‮ ‬فالتاريخ‮ ‬يفصح عن قدم اليمانيين في‮ ‬الديمقراطية والشورى وما قصة الملكة بلقيس مع النبي‮ ‬سليمان عليه السلام وما جاء بالقرآن الكريم إلاِ‮ ‬تأكيد على أن نهج الديمقراطية‮  ‬والشورى من الارث التاريخي‮ ‬الأصيل للشعب اليمني‮ ‬‮ ‬وكذلك عبر الحقب التاريخية المختلفة شهدت اليمن عصوراٍ‮ ‬تم بها ممارسة الديمقراطية وبوسائلها المختلفة السليمة‮..‬
وحينما أجمع اليمنيون عند إقرارهم دستور دولة الوحدة جعلوا من الديمقراطية والتعدد السياسي‮ ‬والحزبي‮ ‬أحد الأهداف الرئيسية لحقوق المواطن باعتبار أن الديمقراطية تؤسس لدولة نظام وقانون ودولة مؤسسات وتحقق للمواطنين حقوقهم في‮ ‬اختيار حكامهم وقياداتهم السياسية والبرلمانية والمحلية‮ ‬‮ ‬وهذا ضمان سلمي‮ ‬يجعل من التداول السلمي‮ ‬للسلطة وسيلة للحكم وينهي‮ ‬تلك القيم والصورة البشعة التي‮ ‬كانت مسيطرة عليها ظاهرة الصراعات على السلطة وظاهرة الانقلابات والاغتيالات التي‮ ‬شهدها الشطران طيلة سنوات الثورة والاستقلال وأصبح من حق المواطن أن‮ ‬يطمح وأن‮ ‬يحلم بالمشاركة السياسية وترشيح نفسه لأي‮ ‬مواقع قيادية أو برلمانية أو سلطات محلية والاحتكام للبرامج السياسية ولنتائج أصوات الشعب في‮ ‬صناديق الاقتراع كهدف وغاية للوصول إلى الحكم بديل عن الدبابة والمدفع والمؤامرات التي‮ ‬كانت هي‮ ‬الوسائل للوصول للسلطة وما تحتاجه بلادنا هو مزيد من الديمقراطية السلمية الديمقراطية الحقيقية التي‮ ‬يحتكم بها للشعب ولاختياراته‮ ‬‮ ‬ديمقراطية تقوم على الإيمان بالكل وبقدرات وإمكانيات كل اليمنيين وبضرورة مشاركة كل الفعاليات السياسية والنقابية والإبداعية والفئات الاجتماعية المختلفة‮ ‬‮ ‬نعم إن معالجة مشاكل اليمن بالمزيد من الممارسة الديمقراطية التي‮ ‬لا تستقوي‮ ‬بنفوذ المال أو السلطة أو الجاه أو القبيلة أو أجهزة الدولة المختلفة أو القوات المسلحة والأمن‮ ‬ديمقراطية لا تستقوي‮ ‬بالخارج وبالتدخل الأجنبي‮ ‬وتباشير ووساطة دولة أو أحزاب أو منظمات دولية‮ ‬ديمقراطية قائمة على المساواة في‮ ‬الحقوق والواجبات والامتيازات لا فرق بين مواطن ومواطنة وآخرين لا بحسب المولد أو الجنس أو المركز أو الإمكانيات‮ ‬ديمقراطية تعتمد على الايمان المطلق بالشعب وبوعيه ووطنيته وحسن اختياره وأن هذا الشعب لديه القدرة الكافية والكاملة للفرز والاختيار‮ ‬‮ ‬ديمقراطية تنهي‮ ‬مظاهر الانفلات الأمني‮ ‬وتعيد للمواطن وماله ومسكنه الثقة بالأمان‮ ‬‮ ‬ديمقراطية تحقق العدل الاجتماعي‮ ‬والفرص المتكافئة بين أبناء الشعب‮ ‬ديمقراطية تنهي‮ ‬ظاهرة التقاسم سواء بالمواقع القيادية العليا أو بالحقائب الوزارية أو بالمواقع القيادية في‮ ‬أجهزة الدولة من أعلاها إلى أدناها وتجعل بلوع هذه المواقع جميعاٍ‮ ‬يتم وفق معايير موضوعية عادلة هي‮ ‬الإخلاص والكفاءة والنزاهة والتأهيل والأداء الجاد وليس حسب الولاء الشخصي‮ ‬أو الفئوي‮ ‬أو النسب أو المناطقية‮.‬
الديمقراطية التي‮ ‬يريدها شعبنا هي‮ ‬تلك التي‮ ‬تحمل المشكلة الاقتصادية وتخلق فرصاٍ‮ ‬استثمارية وفرص عمل وتقضي‮ ‬على البطالة‮ ‬ديمقراطية تضع الرجل المناسب في‮ ‬المكان المناسب‮ ‬ديمقراطية تحاسب وتنصف وتعاقب بقسوة المخالفين والخارجين على القانون‮ ‬ديمقراطية تجعل من زيادة الانتاج والاستثمار والادخار هدفاٍ‮ ‬لكل أبناء الوطن‮.‬
ديمقراطية القضاء على التسيب والمحسوبية والعنصرية والطائفية وتضع مصلحة اليمن الجديد فوق كل اعتبار‮ ‬ديمقراطية التخلص من استغلال أموال الخزينة العامة‮  ‬للمصلحة الشخصية‮ ‬ديمقراطية تخلق الصناعات وتنمي‮ ‬الإنتاج الزراعي‮ ‬والسمكي‮ ‬وتزيد من النمو الاقتصادي‮ ‬وتستثمر ثروات الوطن ليعود خيرها لتحسين أحوال الشعب اليمني‮ ‬‮ ‬ديمقراطية تشبع الجائع وتؤمن الخائف وتكسو العاري‮ ‬وتحقق للمحتاج احتياجاته ومطالبه‮ ‬‮ ‬ديمقراطية تجعل الواطن والمواطن‮ ‬يشهدون بمحاسبة المقصر ومعاقبته‮ ‬وإنصاف ومكافأة المحسن والمجتهد وتجعلهم‮ ‬يشاهدون إبعاد الوزير والقائد والمحافظ والوكيل والمدير الفاشل والمقصر والمخالف ومحاكمتهم‮ ‬يريد شعبنا أن تتوفر للفقير والمحتاج لقمة العيش قبل أن تتوفر له فرصة الادلاء بصوته الانتخابي‮ ‬وإلا سيكون صوته الانتخابي‮ ‬عرضة للبيع لمن‮ ‬يدفع أكثر لسد رمق الجوع والفقر‮ ‬‮ ‬وبالتالي‮ ‬ستكون‮ ‬ديمقراطية مزيفة‮ ‬ديمقراطية مضللة‮ ‬‮ ‬ديمقراطية خادعة‮ ‬‮ ‬نعم إن الديمقراطية‮ ‬ينبغي‮ ‬أن ترتبط بتوفر الحرية الاجتماعية ليكون المواطن متحرراٍ‮ ‬من السيطرة والتوجيه والاكراه وأن ترتبط الديمقراطية بتوفر الحرية الاقتصادية حتى‮ ‬يملك المواطن قوت‮ ‬يومه ولا‮ ‬يضع حاجته وقوت‮ ‬يومه للعرض ثمناٍ‮ ‬لصوته‮.‬
إن‮ ‬يمن الديمقراطية‮ ‬يمن الأمن والأمان بحاجة لإعادة مراجعة وصياغة الدولة بمفاهيمها السياسية المختلفة وبحاجة جادة لإصلاح حقيقي‮ ‬لأوضاع البلد أمنياٍ‮ ‬واقتصادياٍ‮ ‬وقضائياٍ‮ ‬وإعادة النظر في‮ ‬تحقيق الدولة للحدود الدنيا من الحقوق المتصلة بتوفير العمل والخدمات الأساسية وحقوق المواطنة المتساوية وإلا فما قيمة الديمقراطية لجائع ولعاطل ولمظلوم ولمحروم¿‮!!.

Share

التصنيفات: الشارع السياسي

Share