Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

من الانقلابات والصراعات.. إلى التعددية والتداول السلمي‮ ‬للسلطة

‮ ‬الحقيقة التاريخية التي‮ ‬يجب أن نقف أمامها ونحن نحتفل بالعيد الوطني‮ ‬العشرين لقيام الجمهورية اليمنية في‮ ‬مثل هذا اليوم التاريخي‮ ‬من عام‮ ‬1990م هي‮ ‬أن الأهمية الوطنية التي‮ ‬يكتسبها هذا اليوم في‮ ‬حياتنا ليس لكونه ألغى واقع التشطير الجغرافي‮ ‬والسياسي‮ ‬لكلا الشطرين فحسب بل ولأنه جاء تتويجاٍ‮ ‬لنضال وطني‮ ‬خاضه شعبنا من أجل استعادة حرية الوطن والإنسان اليمني‮ ‬وإنهاء كل رواسب التخلف التي‮ ‬كانت تحول دون‮  ‬تحقيق التطور المنشود‮.‬
لقد كانت الحرية والهوية الوطنية هما الشرط الحاضر في‮ ‬صميم تفاعلات الواقع وتفاصيله وأحد أهم مبادئ الثورة اليمنية‮ ‬26‮ ‬سبتمبر و14‮ ‬أكتوبر سواء بعد سقوط الإمامة الكهنوتية في‮ ‬شمال الوطن آنذاك أو طرد المستعمر ورحيل السلاطين من جنوبه‮..‬
وما‮ ‬يهمنا التركيز عليه في‮ ‬تناولنا لهذا المحور‮  ‬هو القراءة الجادة لتفاصيل الواقع السياسي‮ ‬الذي‮ ‬ساد فترة ما بعد قيام الثورة اليمنية في‮ ‬كلا الشطرين وما ساده من انقلابات وعدم استقرار سياسي‮ ‬نظراٍ‮ ‬لطبيعة النظام الشمولي‮ ‬وصولا إلى‮  ‬الواقع الديمقراطي‮ ‬الذي‮ ‬أنهى معه ذلك الصراع بتحقيق الوحدة اليمنية المباركة واعتماد النظام الديمقراطي‮ ‬سبيلاٍ‮ ‬ومنهجاٍ‮ ‬لتنظيم وتسيير الحياة السياسية‮ ‬وترسيخ مبدأ التداول السلمي‮ ‬للسلطة‮.. ‬نحن وإن كنا كذلك إلاِ‮ ‬أن الأزمات السياسية التي‮  ‬تحدث ما بين الحين والآخر‮  ‬وما‮ ‬ينتج عنها من أحداث‮  ‬تعيق‮  ‬حركة التنمية وتصرفات خارجة على الدستور والقانون‮  ‬كل ذلك‮ ‬يجعلنا نطرح العديد من التساؤولات التي‮ ‬تضعنا أمام الحقيقة الموضوعية لطبيعة تلك الأحداث وتفاصيلها استناداٍ‮ ‬إلى الواقع والدوافع وهل ما‮ ‬يحدث‮ ‬يرتبط بأي‮ ‬خلل في‮ ‬المنظومة الديمقراطية أم أنه تراجع أساساٍ‮ ‬لعدم اكتمال نضوح الفكر السياسي‮ ‬لساحتنا الوطننية¿‮!‬
استطلاع/عادل خاتم

‮ ‬القراءة المتأنية لطبيعة الانقلابات في‮ ‬العهد الشمولي‮ ‬لما قبل تحقيق الوحدة اليمنية وصولاٍ‮ ‬إلى الأزمات والأحداث التي‮ ‬نلمسها في‮ ‬واقع العهد الديمقراطي‮ ‬بعد إعادة الوحدة اليمنية المباركة‮.. ‬يجعل من المهم جداٍ‮ ‬أن نضع المزيد من التساؤلات لتصحيح مسار النهج الديمقراطي‮  ‬المرتكز على الأطر الدستورية والسياسية الواضحة بعيداٍ‮ ‬عن التجاوزات التي‮ ‬لايمكن القبول‮  ‬بها لا سيما إذا كانت لاتعبر أو تتواءم البتة مع الديمقراطية بقدر ما تسىء لها وتتنامى مع هذا السلوك الحضاري‮..‬
خطوط عامة
في‮ ‬تحليله للواقع الديمقراطي‮ ‬في‮ ‬اليمن‮ ‬ينظر الدكتور فؤاد الصلاحي‮ ‬أستاذ علم الاجتماع السياسي‮  ‬في‮ ‬جامعة صنعاء إلى هذا الجانب بالقول أنه لا‮ ‬يوجد ثقة بين الأحزاب السياسية على الساحة والاتفاق على خطوط عامة عن العمل وهذا ما‮ ‬يعكس حقيقة تبادل الاتهام في‮ ‬ما بينها في‮ ‬أوقات متعددة‮ ‬لكن ذلك من وجهة نظره لا‮ ‬يعني‮ ‬عدم القبول بالديمقراطيةش بل بالعكس فالجميع مؤمن بالديمقراطية ولكن كلاٍ‮ ‬من زاويته‮.. ‬فالحاكم‮ ‬ينظر إليها بأنها وسيلة لاستمراره في‮ ‬السلطة والمعارضة تنظر إليها كآلية للولوج إلى السلطة وهي‮ ‬نظرة خاطئة‮  ‬في‮ ‬كل الأحوال‮.‬
ويضيف بالقول‮: ‬الديمقراطية مطلب اجتماعي‮ ‬عام للشعب وليس‮  ‬خاصا تمكنه من التعبير عن نفسه وحقوقه والمشاريع الشعبية ومن حق الأحزاب كذلك أن تتداولها من أي‮ ‬ناحية‮ ‬فأهم ما في‮ ‬الديمقراطية وفقاٍ‮ ‬للدكتور الصلاحي‮ ‬هي‮ ‬أنها الآلية الأسلم لإدارة الصراع السياسي‮  ‬بعيداٍ‮ ‬عن العنف والانقلابات الأمر الذي‮ ‬يخلق حالة نسبية من الاستقرار السياسي‮..‬
وفي‮ ‬هذا الصدد‮ ‬يشير إلى أنه‮ ‬يجب على الحزب الحاكم أن‮ ‬يستمع لمطالب المعارضة وأن‮ ‬يتم وضع أجندة للحوار وتحديد مدة زمنية للحوار وإشراك الجميع في‮ ‬هذه العملية الحوارية‮.. ‬فمثل هذا قد‮ ‬يخلق استقرارا وتوافقا سياسيا بين أطراف المجتمع المدني‮ ‬كله‮ ‬فالوضع القائم‮ ‬يدفع باليمن‮  ‬نحو الديمقراطية التوافقية كونها لم تستقر بعد في‮ ‬تفعيل مؤسسات الدولة‮.. ‬كما أن الخيار الأفضل للحاكم هو مزيد من الديمقراطية والحوار‮ ‬فالديمقراطية لايوجد فيها مساوئ حسب رأي‮ ‬الدكتور الصلاحي‮ ‬والقضية ليست هكذا فالواضح أنه لم‮ ‬يترسخ بعد لمسار الديمقراطي‮ ‬في‮ ‬اليمن ولا نزال في‮ ‬بداية هذا المشوار‮.. ‬وهو ليس عملية انتخابية فقط بل رسوخ في‮ ‬مؤسسات الدولة‮ ‬يقوم على نضج في‮ ‬الآليات‮ ‬واقتناع في‮ ‬التنمية السياسية سواء في‮ ‬السلطة أو المعارضة بالاحتكام للآليات التي‮ ‬تفرزها الديمقراطية لا تزال بعيدة المنال‮  ‬في‮ ‬الواقع اليمني‮..  ‬وبشكل عام الديمقراطية هي‮ ‬التي‮ ‬تصحح نفسها وفي‮ ‬غياب الديمقراطية فإن البديل هو العنف‮.. ‬فالديمقراطية تصحح بمزيد من الديمقراطية ومزيد من الحوار باعتباره‮ »‬ميكانيزم‮« ‬فاعلا لترسيخ الديمقراطية وأهم مقوماتها هي‮ ‬إجراء حوارات بين فرقاء العمل السياسي‮.‬
إرادة وطنية
يتفق في‮ ‬هذا الطرح ما‮ ‬يؤكده الأستاذ محمد العيدروس مدير معهد الميثاق حيث‮ ‬يشير إلى أن ما‮ ‬يواجهه الوطن اليوم ليس بالتهويل الذي‮ ‬تتناوله أحزاب المشترك‮ ‬وأبواق الخارج‮ ‬وليس بالتعقيد الذي‮ ‬يعجزنا بإحباطاته وإنما هي‮ ‬سلسلة ظروف صعبة تترقب بلورة إرادة وطنية‮  ‬يمنية تفك طلاسمها وتزيل اشكالياتها‮ ‬ويبدو أن عدم اكتمال نضوج الفكر السياسي‮ ‬لساحتنا الوطنية أعاق بلورة الإرادة الوطنية وذلك على خلفية اعتقاد البعض أن تلك الإرادة أمر‮ ‬يخص السلطة‮ – ‬صانعة القرار ولا‮ ‬يعني‮ ‬سواها‮.‬
ويشير العيدروس إلى أن الرؤية القاتمة للحياة الديمقراطية ما تزال مشوهة كثيراٍ‮ ‬جداٍ‮ ‬لدى البعض منا حيث أن بيننا من لا‮ ‬يعي‮ ‬أن الديمقراطية هي‮ ‬النقيض التام للعنف والعصبية والانتهاكات القانونية وأنها خيار الأمن والسلام والحوار والشورى والصناديق الانتخابية‮.. ‬لذلك‮ ‬يصطدم مجتمعنا بمن‮ ‬يصر على خدمة القانون باسم الديمقراطية والحرية‮.‬
ويضيف العيدروس أنه ومن وحي‮ ‬الأحداث التي‮ ‬شهدها الوطن فإنه‮ ‬يمكن القول أن هناك من‮ ‬يتعمد الممارسات السلبية التي‮ ‬لا تمت للثقافة الديمقراطية بصلة‮ ‬ربما للانعتاق من الديمقراطية التي‮ ‬لم توافق تطلعاته ومصالحه والتهويل الدعائي‮ ‬الذي‮ ‬يحيط نفسه به أو أنه‮ ‬يجد ضالته في‮ ‬الفوضى والفتن وغياب الرقابة المدنية التي‮ ‬تفرضها المنظمات الناشطة في‮ ‬الساحة الديمقراطية‮.‬
قمع الحريات
ينظر الدكتور محمد قيس أستاذ العلوم السياسية في‮ ‬جامعة‮  ‬الحديدة إلى النظام السياسي‮ ‬الحديث لليمن لما بعد قيام الثورة اليمنية بأنه كان‮ ‬غير مستقر نظراٍ‮ ‬لظروف التشطير وتبني‮ ‬نظامين سياسيين مختلفين من عدة نواح‮.. ‬ففي‮ ‬الشطر الجنوبي‮ ‬تبنت الجبهة القومية تطبيق النظام الاشتراكي‮ ‬بصورة متطرفة سياسياٍ‮ ‬واقتصادياٍ‮ ‬واجتماعياٍ‮ ‬وثقافياٍ‮ ‬وسلوكياٍ‮ ‬وأمنياٍ‮ ‬حيث كان هذا الخيار‮ ‬غير مناسب لبيئة اليمن بكل ما تعنيه الكلمة من معان‮ ‬لذلك نتج عنه صراعات سياسية عديدة وصدامات عسكرية دموية بين‮  ‬مكونات المجتمع التقليدية المحافظة والتقدمية الراديكالية‮ ‬ولم تستقر الأوضاع‮  ‬بصورة تامة طوال فترة الاستقلال حتى إعلان الوحدة‮ ‬فلقد قام النظام وأجهزته الاستخبارية بقمع الحريات بعنف شديد وحكم كحزب طليعي‮  ‬وحيد لم‮ ‬يسمح لأي‮ ‬منافسة برنامجياٍ‮ ‬ومن‮ ‬يحاول القيام بذلك‮ ‬يتهم بالعمالة والرجعية كمبرر للحكم عليه بالسجن أو الإعدام‮ ‬ولذلك حسب رأي‮ ‬الدكتور قيس أصيبت الحياة السياسية والثقافية والاقتصادية بالجمود التام مما دفع المواطن للهجرة إلى الخارج وأصبح عدد السكان‮ ‬يتناقص عاماٍ‮ ‬تلو الآخر وكادت مساحة الجنوب أن‮  ‬تكون خالية جراء تلك السياسات‮.‬
صراعات مستمرة
أما في‮ ‬الشطر الشمالي‮ ‬فإن النظام قد سمح للمبادرة الخاصة في‮ ‬المجال الاقتصادي‮ ‬بالعمل وكان الاقتصاد ليبراليا لكنه من الناحية السياسية منع الحزبية وربط وجودها بالعمالة وفي‮ ‬هذه الجزئية‮ ‬يشترك مع نظام عدن آنذاك لكنه من الناحية العملية كانت الأحزاب موجودة في‮ ‬البلد وتتحرك وسط الجمهور بصورة واضحة وبلافتاتها المختلفة القومية‮ ‬الإسلامية واليسارية‮.. ‬الخ
واقتصادياٍ‮ ‬حقق النظام شيئاٍ‮ ‬بسيطاٍ‮ ‬من الازدهار المعيشي‮ ‬في‮ ‬بعض الفترات‮ ‬لكنه سياسياٍ‮ ‬تعرض لبعض الهزات المتوسطة كان أعنفها حرب تثبيت النظام الجمهوري‮ ‬ثم حادثتي‮ ‬اغتيال الرئيسين الحمدي‮ ‬والغشمي‮ ‬وكذلك الجبهة الوطنية المسلحة في‮  ‬ثمانينيات القرن الماضي‮ ‬ويشير الدكتور محمد قيس إلى أن الأوضاع آنذاك لم تستقر إلى حد كبير إلاٍ‮ ‬بعد إتاحة الفرصة لكافة القوى السياسية أن تعمل بصورة شبه علنية وتشارك في‮ ‬السلطة تحت مظلة المؤتمر الشعبي‮ ‬العام‮.. ‬ونظراٍ‮ ‬لاختلاف منطلقات وأسس نظامي‮ ‬الشطرين السياسيين قبل تحقيق الوحدة فقد تسبب‮  ‬ذلك في‮ ‬حدوث صراعات مستمرة بينهما‮ ‬وجولات عديدة‮  ‬من المواجهات العسكرية خاضتها القوات المسلحة التابعة لكلا النظامين‮..‬
حدث تاريخي
ويسترسل الدكتور محمد قيس حديثه بالقول أن تحقيق الوحدة اليمنية المباركة واندماج النظامين في‮ ‬نظام واحد قد أراح اليمنيين من تلك الحقبة السوداء من الصراعات والانقلابات الدموية داخل كل شطر وبين الشطرين بعضهما ضد بعض منوهاٍ‮ ‬أن الوحدة اليمنية كحدث تاريخي‮ ‬مهم‮  ‬جعل الشعب‮ ‬يتفاءل بقوة حدوث انفراج كبير خاصة أن النظام الجديد ارتبط بفتح مجال أوسع للحريات وشرعنة التعددية السياسية وأكد على التداول السلمي‮ ‬للسلطة‮  ‬من خلال انتخابات تنافسية‮  ‬تتيح للشعب اختيار حكامه‮  ‬بدءاٍ‮ ‬برئيس الدولة ومروراٍ‮ ‬بنوابه في‮ ‬البرلمان وانتهاء بحكامه المحليين‮ ‬وبصورة مباشرة عبر صناديق الانتخابات وفي‮ ‬هذا السياق‮ ‬يضيف الدكتور قيس في‮ ‬هذه النقطة الأخيرة في‮ ‬مداخلته بالقول‮ »‬أنه رغم أهمية التطور الذي‮ ‬شهدته الساحة السياسية بعد الوحدة في‮ ‬المجال الدستوي‮ ‬والمؤسسي‮ ‬إلاِ‮ ‬أن الوضع العام لم‮ ‬يتحسن بسبب عدم التطبيق أو التنفيذ الصادق‮ ‬الذي‮ ‬قد‮ ‬يعود في‮ ‬جزء منه لغياب النية الحسنة‮ ‬أيضاٍ‮ ‬عدم القدرة على استيعاب المتغيرات الجديدة‮ ‬وتباطؤ اتخاذ القرارات اللازمة للإصلاح والاختلالات الأمنية والمالية والإدارية والحد من انتشار الفساد‮  ‬الأفقي‮ ‬والرأسي‮..  ‬وهنا‮ ‬يشير الدكتور محمد قيس‮  ‬إلى أن النظام السياسي‮ ‬مهما كان تقدمياٍ‮ ‬من الناحية النظرية فإنه‮ ‬يثمر ورودا وأزهار من دون عمل وبذل جهود كبيرة في‮ ‬تفعيل أداء مؤسساته المختلفة التي‮ ‬في‮ ‬مقدمتها السياسية والقانونية‮.‬
مفاهيم التسامح
‮ ‬وعلى نفس السياق‮ ‬يشير الدكتور خالد عمر باجنيد عميد كلية الحقوق وأستاذ القانون الدستوري‮ ‬في‮ ‬جامعة عدن إلى أنه‮ ‬إذا كانت الوحدة الوطنية قد عانت عبر‮ ‬التاريخ من نظم التسلط والشمولية المعاصرة‮ ‬فواقع اليوم بكل مقوماته التعددية ومناخ الحريات والديمقراطية المجسد في‮ ‬الدستور والساعي‮ ‬لبناء تجربته على الواقع السياسي‮ ‬والاجتماعي‮ ‬والثقافي‮ ‬والفكري‮ ‬يفرض على كل الأطراف السياسية والاجتماعية التمسك بكل الأبعاد التي‮ ‬تشكل السياج الحامي‮ ‬لهذه الوحدة لتنمو وتترعرع في‮ ‬أفضل ظروف السلم واحترام القانون والاحتكام إلى الحوار العقلاني‮ ‬كسبيل وحيد لإدارة الصراع وتلطيف حدته وتوليف التباين ولتعزيز هذه الأبعاد‮ ‬يرى الدكتور باجنيد أنه‮ ‬يجب على أطراف العلاقات السياسية والاجتماعية في‮ ‬بلادنا أن تعي‮ ‬مخاطر العنف والتعصب والضغائن ومخاطر زرعه في‮ ‬وعي‮ ‬الأجيال من خلال‮ ‬غرس مفاهيم التسامح والتآلف الاجتماعي‮ ‬في‮ ‬وعي‮ ‬المجتمع وسلوك الفرد على الصعيد السياسي‮ ‬والاجتماعي‮ ‬حتى‮ ‬يصبح السلم ثقافة المجتمع السياسي‮ ‬وقوة وعيه‮.‬
ويضيف باجنيد أنه من هذا المنطلق‮ ‬يصبح السعي‮ ‬لصياغة رؤية المجتمع للسلام الاجتماعي‮ ‬من خلال الاستفادة من التجارب التاريخية المأساوية لشمولية وثقافة التعصب والعنف والتسلط والقهر في‮ ‬الحياة الشخصية والسياسية والتأكيد على الحاجة إليها كضرورة تاريخية وتربوية وسلوكية ملحة لتعزيز تماسك المجتمع وغرس حب السلم فيه للوصول إلى تحقيق أفضل حماية للحريات حماية نابعة من الوعي‮ ‬والحاجة والخوف على المستقبل‮ ‬فسيطرة ثقافة العنف والضغائن والكراهية‮ ‬ينبغي‮ ‬أن نغرس في‮ ‬وعي‮ ‬الجميع أنها الخطر المدمر للمجتمع في‮ ‬قيمه وثقافته ومستقبله وآمال أجياله‮.. ‬فالوحدة الوطنية هي‮ ‬الوعاء السياسي‮ ‬والاجتماعي‮ ‬الذي‮ ‬ينبغي‮ ‬أن‮ ‬يجسد التناغم بين الإرادات المتباينة‮ ‬والوحدة الوطنية هي‮ ‬طوق الأمان والقناة التي‮ ‬توصل إلى المعرفة وممارسة الحقوق والحريات‮ ‬بكل أبعادها السياسية والإنسانية والأخلاقية وبكل ما تحمله من قيم العدالة والمساواة‮..‬
ويضيف الدكتور باجنيد‮: ‬أنه بالقدر الذي‮ ‬تقر الثوابت الدستورية الحق للجميع في‮ ‬الوجود والتعبير والاختيار والممارسة السياسية والمشاركة في‮ ‬ممارسة الحكم‮ ‬فإنها وبنفس القدر تفرض على الجميع التنازل عن طموحهم الجارف والأناني‮ ‬وكبت ذاتيتهم المدمرة وأن‮ ‬يلفظوا الأنا السياسي‮ ‬والإداري‮ ‬حتى‮ ‬يجد الجميع مكاناٍ‮ ‬للعيش والتعبير والاختيار والعطاء في‮ ‬إطار من التنافس الشريف والتعاون والتكامل والحوار العقلاني‮.‬
انعكاسات سلبية
فيما‮ ‬يعتبر الدكتور أحمد قاسم الحميدي‮ ‬عميد كلية الحقوق وأستاذ القانون الدولي‮ ‬في‮ ‬جامعة تعز أن الأحزاب السياسية أظهرت عجزها عن ممارسة دورها المجتمعي‮ ‬وهشاشة وضعف مواقفها فهي‮ ‬تعيش حالة من الارتباك الشديد لدخولها بعد تحقيق الوحدة المباركة واعتماد منهج الديمقراطية عصر المنافسة والعمل العلني‮ ‬بعد أن عاشت جزءاٍ‮ ‬من حياتها في‮ ‬العمل السري‮ ‬لذلك لا‮ ‬غرابة أن تظهر تلك الأحزاب بتلك الصورة السلبية تجاه ما تمر به البلاد‮.‬
ويشير الحميدي‮ ‬إلى أنه ليس خافياٍ‮ ‬على المتتبع للشأن السياسي‮ ‬اليمني‮ ‬مدى الانعكاسات السلبية على أمن واستقرار الوطن بسبب التعاطي‮ ‬السابق لأطراف الحياة السياسية في‮ ‬مختلف القضايا الوطنية‮ ‬ومن هنا لا بد أن‮ ‬يعلو صوت العقل والمنطق والحكمة من أجل تعزيز الاصطفاف الوطني‮ ‬لمواجهة مختلف التحديات وخروج الأحزاب من التمترس الذي‮ ‬وضعت نفسها فيه والالتصاق بقضايا الجماهير والعمل على تجذير وجودها في‮ ‬المجتمع الذي‮ ‬يهمه بدرجة اساسية العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص وأن‮ ‬يلمس أثر السياسات والبرامج في‮ ‬مستوى معيشته وفي‮ ‬الخدمات التي‮ ‬تقدم له بما‮ ‬يحقق له الحياة الكريمة‮ ‬وأن‮ ‬يدرك الجميع أن أمن الوطن وسلامته ورخاءه واستقراره مسألة مقدسة لا‮ ‬يسأل عنها حزب بعينه بل هي‮ ‬مسألة فوق الأحزاب وقبل الأحزاب وبعدها وهي‮ ‬مسؤولية جميع المواطنين ولن تكون حكراٍ‮ ‬على الحكومة وحدها‮..‬
ويختتم الحميدي‮ ‬مداخلته بالقول‮: ‬أن تأكيدنا على التعاطي‮ ‬السلبي‮ ‬من قبل مختلف الأحزاب مع القضايا الوطنية لا‮ ‬يجب أن‮ ‬يحجب عنا أننا جميعاٍ‮ ‬أحزابا وجمعيات ومواطنين قد اثبتنا للعالم صبيحة الـ22‮ ‬من مايو تسعينيات القرن الماضي‮ ‬أن الأمم الحية لا تموت‮ ‬وتمكنا حينها من تحقيق استقرار حسدنا عليه الكثيرون‮ ‬ومع أننا نقر أن هناك عراقيل صادفتنا في‮ ‬مسيرتنا الشاقة نحو بناء ذاتنا اليمنية وصعوبات اعترضت خطانا الطموحة إلا أنه‮ ‬يجب على الجميع أن‮ ‬يدرك أن لا شيء‮ ‬غير الوحدة‮ ‬يصون شرفنا وكرامتنا ونحافظ فيه على ذاتنا ووجودنا ومصلحتنا‮.. ‬وأن قيم الحوار والتسامح والتفريق بين المكايدات السياسية والقضايا الوطنية واستشعار المسؤولية هي‮ ‬مقدمات ضرورية لتحقيق الغايات الوطنية المنشودة وصناعة المستقبل الذي‮ ‬يجب أن‮ ‬يكون هماٍ‮ ‬وطنياٍٍ‮ ‬يجب أن‮ ‬يشترك الجميع في‮ ‬تحديده بعيداٍ‮ ‬عن معادلات السلطة والمعارضة‮..

Share

التصنيفات: الشارع السياسي

Share