Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

زوجــة بلا

بلقيس أحمد علي الكبسي

 

نهض من فراشه متثائباٍ لم يفتح عينيه بعد أخذ يصرخ مْتأففاٍ من كل شيء مد يده في آنية الطعام واغترف منها حتى ملأ معدته وهو لايدري ما يأكل ولا لِم يأكل هل يأكل لأنه موجود أم ليستمر في الوجود¿ِ! فبعد ليلته الطويلة أمام شاشة التلفاز وهو ينقل ناظريه بين القنوات الفضائية غثها وسمينها ولا ينبهه من جلسته تلك إلاِ تسبيح الفجر يسرع على  إثر سماعه ليلقي بنفسه بين أحضان لحافه ويغط في نوم عميق.

 

بعدها أخذ يرتشف قهوته بصوت مزعج ومقزز تتصاعد من شاربيه ولحيته العشوائية أدخنة سيجارته ينفخ معها تذمره ولعناته على هذه الحياة حياة الغلب والفقر والعوز وهو لا يدري أن وسادته ولحافه هما من جلبا له الفقر والعوز فحبه لهما عميق وهو لا يستطيع فراقهما.

 

ما انتهى من وجبة إفطاره حتى ألقى بنفسه على فراشه مهدداٍ ومتوعداٍ إذا لم يستيقظ على وجبة غداء فاخرة فإنه سيفعل كذا.. كذا.. وهو لا يدري من سيوفر مستلزمات الوجبة الموعودة ولا من سيدفع ثمنها بيته خالُ من جميع مستلزماته الأساسية ولا يوجد شىء من مكونات وجبته الموعودة بل ثمة زوجة هي التي ستقوم بكل ذلك فلماذا هي زوجة¿ حتى توفر مستلزمات وحاجيات ذلك الطفيلي وأمام هذا المشهد المتكرر ثمة أطفال صغار بأعينهم البريئة يتابعون أحداث هذا الهراء الممل يومياٍ لم تتضح لهم تلك الأحداث فهذا القدوة ورمز القوة يصور لهم أبشع منظر وأتعس صورة لقد أحبط آمالهم وأحلامهم وقتل طفوتهم في مهدها وهو يزاحمهم في وجباتهم الشحيحة ويقاسمهم فتات الخبز بهستيريا استعمارية مرعبة صابا اللعنات والشتائم على تلك القابعة في المطبخ تبكي بدموعها الحارقة حظها العاثر بهذا الزوج..

 

وما انتهت من بكائها إلاِ على صراخ أحدهم أسرعت مهرولةٍ تنادي زوجها ليجيب الداعي إلاِ أنه رفض لأنه قد عرف المنادي إنه صاحب البيت يريد الإيجار وثمن فواتير الماء والكهرباء يصرخ في وجهها إذهبي من أمامي تتلعثم لكن الرجل ينادي يعاود صياحه وسبه: تصرفي قولي له إني غير موجود ماذا¿! غير موجود لكنك موجود.. تقف متسمرة وهي تتمنى لو أنه غير موجود فهذا الذي يسمى نفسه رجل البيت ليس له من التسمية سواها فوجوده وعدمه سواء بل إن عدم وجوده يكفيهم القسوة والألم والحسرة على شيء موجود لكن لا فائدة منه فوجوده الضرر الكبير.

 

تواصل عتابها هذا الكلام لا يجوز أنت تكذب وتزيد من كذبك أمام أولادك في كل شيء وعلى كل شيء الرجل في الخارج يصرخ ويتوعد وأنت غير مبالُ ولا مهتم تختبئ بين أولادك وبسرعة جنونية تنبض رجولته الميتة وينتصب واقفاٍ وبلمحة البرق يرسم كفه عل خدها بصفعة مدوية تسقط خائرة على الأرض يسرع أطفالها صارخين باكين يلملمون تلك الأشلاء المفتتة من بقايا امرأة.

 

أما هو فيعود مزمجراٍ إلى فراشه وذلك الصارخ في الخارج بح صوته فعاد أدراجه وكعادته يترصد ذلك الخامل حتى يخرج لينال منه وذلك الشبه إنسان يختبئ وراء لثام شاله متخفياٍ ليحضر قاته ودخانه ثم يعود بعد أن أطلق الأف الأيمان والطلقات والتحريمات أنه سيسدد »للمقوت« نهاية الشهر إثر استلامه للمرتب ذلك المرتب الفقير الذي يذهب نصفه أقساط غيابه والنصف الآخر ثمناٍ للولعة.

 

وأولئك الأطفال وتلك التي تسمى زوجة يأكلون الحصرم المهم أن يكون هو سعيداٍ ومنتشياٍ أما هم فيكفي أنه يمتلكهم ليفعل بهم ما يشاء فهو والدهم وتلك الزوجة التي تستند الفراغ عليها كل المسؤولية يكفيها فخراٍ أنه اشتراها بأبخس الأثمان لينسبها إليه بأنها زوجة فلان لتلبي جميع رغباته وطلباته دون اعتراض أو تذمر فهو رجل البيت..

Share

التصنيفات: ثقافــة

Share