Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

فتنة الأضرحة وتعظيم الأموات

تب/ محرر الصفحة:

 

كيف تتعلق القلوب بالمخلوق ¿! فتعظم الأموات.. تناديهم وتناجيهم وتستغيث بهم..

 

كيف تتعلق قلوب الأحياء بالأموات ¿! فتقدم إليهم النذور والقربات .. وتنسى رب الأرض والسماوات..

 

تساؤلات يثيرها واقع كثير من المسلمين..

 

نذكر شيئاٍ يسيراٍِ منها تبياناٍ لتلك الحقائق.. ونصحاٍ صادقاٍ لكل من سلك ذلك الطريق.. مبتعداٍ به عن تعظيم الخالق جل جلاله.

 

 

قلوب طاهرة

 

بعث الله النبي محمداٍ صلى الله عليه وآله وسلم ليكون للعالمين مبشراٍ ونذيراٍ وهادياٍ إلى طريق الحق ليخرجهم من الظلمات إلى النور.. وكل ذلك بأمر الله تعالى وتوفيقه وظل عليه الصلاة والسلام مجتهداٍ في دعوته ليخرج عظمة ماسوى الله من قلوب البشر لتستنير قلوبهم بعظمة الله تعالى ووحدانيته فلا تعظم إلا الله ولا تعبد إلا الله الواحد الأحد ..

 

 ولذلك وجدنا ثمرة تلك الدعوة »حقيقة لا إله إلا الله« متجسدة في حياة النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه حين تطهرت قلوبهم من التأثر بالمخلوقات وتعظيمها .. فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يجسد هذه الحقيقة حين قال عند الحجر الأسود: والله إني أعلم أنك حجر لا تنفع ولا تضر ولولا أني رأيت رسول الله يقبلك ماقبلتك«..

 

نعم فهو يقبله عبادة لله وتعظيماٍ لأمر الله ولسنة نبيه عليه الصلاة والسلام وهو حين يقبله يعلم يقيناٍ أنه مخلوق لاينفع ولا يضر إلا أن النبي عليه الصلاة والسلام علمهم أن يقبلوه لأنه ينطق يوم القيامة فيكون شاهداٍ لهم .

 

هذا عمر رضي الله عنه الذي كان يعبد الأصنام .. تبدل حاله حين تحقق التوحيد في قلبه..

 

 

التأثر بالمخلوقات

 

وهكذا كانت القرون الأولى تعيش- إجمالاٍ – حقيقة التوحيد وتعظيم الله عز وجل وهذا مصداق قوله عليه الصلاة والسلام »خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم«..

 

ولما رحل الأولون وقل الصالحون واشتغل الناس بدنياهم  وخلت قلوبهم من عظمة مولاهم تأثروا بالمخلوقات فعظموها وأعطوها مكاناٍ أعظم من قدرها .. لا سيما الصالحين من العباد فرفعوا قبورهم .. وبنوا عليها القباب ..

 

 وأداموا لها الزيارات ..  وقربوا لهم القربات .. ونادوا الأموات .. راجين قضاء الحاجات وكشف الكربات..

 

ومنهم من يقوم بذلك على علم فهو متأثر بالشبهات وآخرون يفعلون ذلك بجهل فهم مقلدون معظمهم توارث ذلك عن الآباء والأجداد مخالفين بذلك أمر الله تعالى وهدي نبيه عليه الصلاة والسلام .

 

 الواقع المؤلم

 

رغم أننا نعيش في زمن صحوة عارمة أفاق كثير من الناس من تلك الغفلة التي نشأوا عليها من تعظيم القبور والأولياء ..

 

إلا أن كثيراٍ من الناس أيضاٍ مازالوا يعتقدون تلك المعتقدات ومازالت كثير من تلك الأضرحة والقباب تشهد زيارة الملايين من »المسلمين« في مواسم الزيارات باذلين من أجل ذلك الغالي والرخيص أملاٍ في جلب منفعة أو دفع مضرة .. والواقع الذي نعيشه يشهد بانتشار تلك القباب والمشاهد في كثير من بلاد المسلمين وعددها بالآلاف.. سواء كانت قبوراٍ للصالحين أو قباباٍ وأضرحة ليس تحتها إلا التراب.. ويعتقد معظم الزائرين لتلك الأضرحة – خاصة العامة – أن تلك الزيارات سبب للبركة في حياتهم ولجلب أرزاقهم ولدفع الأذى وكشف الكربات عنهم إضافة إلى شفاء المرضى منهم .. والأهم من ذلك أنهم يعتقدون أن تلك الزيارات تقربهم إلى الله عز وجل .. وأنهم قد يحصلون على رضوانه وغفرانه بواسطة هذا الولي وشفاعته..

 

معتقدين أن الله عز وجل أعطى لهذا الولي تلك القدرات والبركات لقضاء حاجاتهم ..

 

 

 بين الشرك والبدعة

 

يذكر أحد أولئك الذين كانوا يحملون هذا المعتقد ثم تابوا منه تجربته ومما ذكره »كنت أطوف حول صنم البدوي حتى إذا مثلت أمام الكوة الصغيرة في وثنه النحاسي البرات أنفذت منها يدي في رعشة التقديس – حتى ألمس ستر القبر ثم أخرجها رويداٍ رويداٍ في حرص وحذر بالغين وقد ضممت قبضتيهما علي.. على ماذا¿!

 

كنت أوقن حينذاك أنني أضمهما على بركات سماوية تفيض من روح الله على القبر ثم أبسط يدي في جيبي ثم أمسح بها وجهي رجاء أن أكون ميسر الرزق وآتي قطوف النجاح مشرق الوجه بنور الله .. بل قد يصل الأمر إلى الدعاء والاستغاثة بالأولياء وندائهم بأسمائهم مع النذر لهم خاصة عند الشدائد والكرب وذلك نتيجة لاعتقاد خاطئ بأن الله سخر لهم الكون ليتصرفوا فيه كما يشاءون..

 

 يقول محمد السنوسي أنه حين كان راكباٍ في البحر وهاجت الرياح وتلاطمت الأمواج حتى كادت السفينة أن تغرق أخذ يستجير بكل مايستحضره من الأولياء كي يكشفوا كربته.

 

تلك بعض الحقائق حول فتنة الاضرحة.. والزائرون لها متفاوتون في اعتقادهم فهم بين مغالُ في اعتقاده فيهم  يستغيث بهم ويعظمهم ويرجوهم ويدعوهم وينذر ويذبح لهم.. معتقداٍ أن لهم تصرفاٍ نافذاٍ في الكون متيقناٍ أن لهم القدرة في قضاء حاجاته وكشف كربه فهم واقعون في فتنة الشرك وآخرون يزورونها للحصول على البركة ولا يعتقدون بتلك المعتقدات فهم واقعون في البدعة وكلاهما شر .

 

أ إله مع الله ¿!

 

حذر الله تعالى من تعظيم مخلوقات وجعلها نداٍ له مهما كانت هذه المخلوقات فهي في جنب عظمة الله لاقيمة لها.

 

 فقال تعالى: (أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء إنا اعتدنا جهنم للكافرين نزلاٍ) الكهف 102

 

وقال تعالى :(قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلاٍ ) الإسراء 56

 

وقال عز وجل 🙁 قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ومالهم فيها من شرك وماله منهم من ظهير ولا تنفع الشفاعة إلا لمن أذن له) سبأ»22-23«

 

 فكيف تتوجه القلوب إلى المخلوق لدفع الضر وجلب النفع أليس الله أولى أن يدعى وأن يستغاث به وأن يذبح له أليس الله أرجى أن يكشف الكرب ويشفي المرض ويدفع النقم .. هل يرد الله من سأله¿

 

هل يغلق بابه في وجه من طرقه¿!

 

واسمعوا لقوله عز وجل :»وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان« البقرة 186 .

 

فالله تعالى قريب أقرب من الأولياء الذين تشد إليهم الرحال أينما كان المضطر أجابه الله عز وجل .. قال النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه البخاري: »إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته « وهو عز وجل الذي يعلم السر وأخفى فلا يحتاج إلى واسطة ليقضي حوائج عباده وفي ذلك يقول الإمام إسماعيل الدهلوي في كتابه » تقوية الإيمان« : وقد نكب هؤلاء الجهال عن طريق الحق وأعرضوا عن الله الذي هو أقرب إليهم من كل أحد وأقبلوا إلى غير الله واتخذوه ظهيراٍ ونصيراٍ وولياٍ من دون الله وحرموا أنفسهم النعمة الكبيرة التي أنعم الله بها عليهم فإنه يحقق جميع المطالب ويرد جميع الآفات من غير واسطة فلم يشكروا هذه النعمة لم يقدروها حق قدرها وأقبلوا على خلقه يوسطونهم ويطلبون منهم قضاء الحاجات ورفع الآفات فعسروا الميسور وفضلوا ملتوي الطريق وجاهدوا في غير جهاد وبدلوا نعمة الله كفراٍ وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاٍ ويبتغون في ذلك عند الله قرباٍ وزلفى ولكنهم لم ينالوا بذلك مطلوبهم ولم يسعدوا بالقرب عند الله بل بالعكس من ذلك كلما أمعنوا في هذا الطريق واستمروا في هذا السلوك ازدادوا من الله بعداٍ.

 

 

 سلف الأمة

 

ولذلك بين النبي عليه الصلاة والسلام علة زيارة القبور فقال: »زوروا القبور فإنها تذكركم بالموت« رواه مسلم.

 

ولذلك فإن زيارة القبر للعبرة والعظة وليس للاستعانة بهم ولذلك كان النبي عليه الصلاة والسلام يزور البقيع ويقول: السلام عليكم دار قوم مؤمنين وأتاكم ماتوعدون غداٍ مؤجلون وإنا إن شاء الله بكم لاحقون اللهم اغفر لبقيع الفرقة … كما كان يقول عليه الصلاة والسلام: »اللهم لاتجعل قبري وثناٍ يعبد«.. وعن عائشة رضي الله عنها أن أم سلمة رضي الله عنها ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كنيسة رأتها بأرض الحبشة يقال لها »مارية« فذكر ما رأت فيها من الصور فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم »أولئك قوم إذا مات فيهم العبد الصالح أو الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداٍ أو صوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله تعالى« متفق عليه..

 

ولذلك فإن سلف هذه الأمة لم يكونوا ليعظموا هذه القبور وإن كانت للأولياء الصالحين..

 

 يقول الإمام الشافعي رحمه الله في »المجموع« يكره إن يجصص القبر وأن يكتب عليه اسم صاحبه أو غير ذلك وأن يبنى عليه..

 

وقال في »المهذب«: أكره أن يعظم مخلوق حتى يجعل قبره مسجداٍ مخافة الفتنة عليه وعلى من بعده من الناس..

 

أخيراٍ

 

 يقول الإمام ابن تيمية رحمه الله: »ومن لم يكن محباٍ مخلصاٍ لله عبداٍ له قد صار قلبه معبداٍ لربه وحده لا شريك له بحيث يكون أحب إليه من كل ما سواه ويكون ذليلاٍ خاضعاٍ وإلا استعبدته الكائنات واستولت على قلبه الشياطين.. وهذا أمر ضروري لا حيلة فيه فالقلب إن لم يكن حنيفاٍ مقبلاٍ على الله معرضاٍ عما سواه كان مشركاٍ..

 

وقال أيضاٍ: » فالإنسان خلق محتاجاٍ إلى جلب ما ينفعه ودفع ما يضره ونفسه مريدة دائماٍولا بد لها من مراد يكون غاية مطلوبها لتسكن إليه وتطمئن به وليس ذلك إلا لله وحده فلا تطمئن القلوب إلا به فإذا لم تكن القلوب مخلصة لله الدين عبدت غيره من الآلهة التي يعبدها أكثر الناس مما رضوه لأنفسهم فأشركت بالله بعبادة غيره واستعانته..

Share

التصنيفات: نور على نور

Share