Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

إذا مرøِ الصواب

 جاء في كتب التراث أن رؤساء قبيلة بني سعد ذهبوا إلى أكثم بن صيفي وكان قد بلغ من العمر عتيا فقالوا له: يا أكثم نريد أن نستشيرك في ما هو أفضل لنا في دنيانا فقال: إن وهن الكبِر قد فشا في بدني وليس معي من حدة الذهن ما ابتدئ به الرأي ولكن اجتمعوا وقولوا آراءكم فإذا مرِ بي الصواب عرفته.
 كأني بهذا الحكيم العربي قد حدد منذ قرون خلت أهم وظائف الإعلام المعاصر فمن شأن تعدد الآراء ووجهات النظر أن تتيح للمتلقي قارئاٍ كان أو مشاهداٍ ومستمعاٍ تكوين الرأي الخاص به وربما من حوار الآراء المختلفة مرِ به الصواب فعرفه فمن الحوار تنبثق الحقيقة ومن الاختلاف يأتي الائتلاف.
 غير أنه لا رأي لمن لا معلومة له..
  المعلومات هي أساس العمل الإعلامي لا بل هي الإعلام في عصر المعلومات.. حسب الإعلام في أحد تعريفاته أنه تقديم المعلومات المناسبة للمتلقي المناسب في الوقت المناسب وفي الوسيلة المناسبة.

والمعلومات لابد أن تكون صحيحة وسليمة غير ناقصة أو مشوهة وإلاِ لا تكون إعلاماٍ..
 لكن الإعلام لا يحقق إقناعاٍ أو تأثيراٍ إذا ما أغفل طبيعة الوسيلة الإعلامية أو الجمهور فالإعلام الفعِال يتأتى ليس فقط في »الرسالة« بل في الأهم من الرسالة وهو كيفية تقديم الرسالة الإعلامية.
 كذلك الأمر بالنسبة للقائم بالإعلام أو الإعلامي فهو لا يكون منتجاٍ جيداٍ للمعلومات إلا إذا كان مستهلكاٍ جيداٍ لها..
 وكأني بأكثم بن صيفي قد أدرك بأن الجمهور عقل وأنه لا يتقبل كل ما يعرض عليه وأنه يمرر ما يتلقى على عقله في عملية انتقائية يتعرض انتقائياٍ ويفهم انتقائياٍ وهذا ما تقوله النظريات الإعلامية المعاصرة والتي تؤكد على ما تسميه بالجمهور النشط حسبه أنه ليس متلقياٍ سلبياٍ فهو يتلقى ما يود قراءته أو مشاهدته والاستماع إليه وينجذب نحو ما يدعم قناعاته.

 

>    >    >

 

نحن في زمن »ثقافة الصورة« تسارعت التطورات التي نالت الإعلام المعاصر تكنولوجيا إنتاج وبث وأساليب إنتاج تفاعل الإعلام مع الثقافة وتوحدا في رسالة مشتركة وأصبح من الصعوبة التمييز بين ما هو ثقافي وإعلامي نتيجة للتنافذ والتداخل بينهما تعاضدت وتداخلت وسائل الإعلام والثقافة كل وسيلة تسند الأخرى وترتب على هذه التطورات المتسارعة والمؤثرة أن أدت إلى اقتحام إدارة إعلامية جديدة مواكبة لهذه التطورات.
 ولعلنا من خلال قراءة نقدية لواقع وقضايا وتحديات نظامنا الإعلامي والثقافي سنجد أنه أحوج كنظامنا الإداري العام الذي تأسن وتجمد إلى أن يتجدِد ويجري تحديثه فكراٍ وإدارة وتكنولوجيا..
 قد يتاح الحوار حول هذا الموضوع في مجال آخر وإن كنت قد ناقشته نشراٍ في فترات سابقة غير أني لا زلت أعتقد أنه بحاجة إلى عملية »عصف ذهني« تتأتى بمشاركة شتى الآراء عسى أن يمر الصواب لا لنعرفه فقط ولكن لنأخذ به..
 

اسكندر الأصبحي

 

Share

التصنيفات: الصفحة الأخيرة

Share