Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

د. عبد الوهاب الروحاني: التعليم.. المهنة الضائعة بين الزحام!

في زحمة الحرب.. ومشاريع التدمير التي تفتك ببلادنا، تتزاحم في رأسي بعض الخواطر، والأفكار عن المعلم والتربية وعن التعليم والكتاب، وعن الناشئة والمستقبل، والدور الذي ضاع، والذي ينتظر الضياع في مسار التنمية في هذا البلد، الذي يغرق أبناؤه في التسابق على حمل البندق والزعامة والجهالة.

العملية التعليمية والتربوية – للأسف – تبدو في حالة انهيار لم يسبق لها مثيل في بلادنا، كما في كثير من بلدان عالمنا العربي، وبالتأكيد، كان لتخلفنا في مواكبة التطور في حقلي التربية والتعليم والثقافة، والإصرار على سياسة التجهيل التي نعتمدها بقصد دور واضح في انهيار أوضاعنا السياسية والاجتماعية والاقتصادية والمالية والإدارية، بل لعبت وتلعب دوراً أساسياً فيما نحن فيه من نكوص وتراجع في كل شيء حتى في قيم وأخلاق الناس وطباعها.

جوهر المشكلة:

المشكلة التعليمية – الثقافية هي جوهر المشكلة اليمنية، ولذلك نجد الكثير من العقبات قد وضعت وتوضع أمام التعليم، ونجد الكثيرين ممن لهم مصلحة في بقاء هذا الشعب غارقا في جهله وتخلفه يخططون لعرقلة التعليم واجهاض مسيرته، فهم يحاربون الكتاب، ويحاربون المدرسة، ويهزؤون بالمدرس، ويحاربون إنشاء المراكز التعليمية والثقافية، ويحولون القائم منها الى متاريس وثكنات عسكرية، وأماكن لـ”الملقى” و”التخزين” ومناسبات ” النكف “.

لذلك صار اليوم كل فريق يطبع ويدرس المنهج الذي يعبر عنه وعن منهجه وعقائده وتوجهه، في تشتيت لذهنية الطالب اليمني ومسخ للهوية والمستقبل، وتعود مدارسنا رغما عنا الى سطحيتها وبداوتها ونحن في العقد الثالث من القرن الواحد والعشرين..

كنا وأصبحنا: ‏

‏لم نعد نطالب بان تتوفر لمدارسنا المعامل التعليمية ، التي تساعد طلابنا على تطبيق ما يتعلمون، ولا مكتبات القراءة والمطالعة التي من شأنها صقل المواهب وتهذيب السلوكيات، وانما نطالب بتوفير معلم بمرتب ومنهج وطني معاصر..

أصبح المدرس في بلادنا يعمل “حجر وطين” ان توفر له العمل، واصبحت المدرسة مترس، والثقافة المعاصرة هي ثقافة حمل “البندق والجعبة” و”رُبَطْ القات”، و”هوكة الخبرة” والمرافقين.

كانت مدارسنا في سبعينات وثمانينيات القرن الماضي – في المدن على الأقل – لا تخلو من المكتبات، وكانت تزخر جداولها بحصص المكتبة، والموسيقى، ودروس الفنية والرسم، والطلاب يتسابقون للحصول على بطائق الاشتراك والعضوية في المراكز الثقافية المحلية والعربية والأجنبية التي كانت تتواجد، والتي كان من شأنها تنمية الفكر والمعرفة وتنمية الذوق العام، بينما أصبحت مدارسنا اليوم خالية خاوية من كل شيء يمت للعملية التعليمية المعاصرة بصلة.

هذا الحال المحزن للعملية التعليمية والتربوية في بلادنا، يبرز في زمن يعيش فيه العالم ثورة تكنولوجيا المعلومات، والثورة الحقيقية فيه هي الثورة التعليمية..

للأسف.. أصبحت مدارسنا ومؤسساتنا التعليمية الأساسية أو العليا معطلة، وإذا عملت فهي تعمل وتعيش خارج عصرها.

تدمير المستقبل:

وضع التعليم وحاله ليس اقل خطرا وفتكا بالمجتمع من الحرب الدائرة اليوم.. فالحرب تقتل وتحرق وتدمر القائم الذي يمكن اصلاحه وتعويضه.. اما تدمير التعليم فهو حرب تدمير المستقبل والحكم بفناء الانسان والمجتمع واستمرارية النمو والحياة..

من هنا، فالعملية التعليمية في بلانا يجب أن تشغل الضمير الوطني، بكل أطيافه وفصائله وجماعاته..  لأن التعليم هو التحدي الأكبر الذي يجب أن يراهن عليه اليمنيون في تغيير واقعهم المؤلم.. هذا الواقع الذي تتصارع فيه الجهالات الجهوية والقبلية والعنصرية والمذهبية على قيم ليست من العصر في شيء، ولا تمت للعقل والمنطق بصلة.

وإذن، ما الذي يمكن أن نعمله من أجل التعليم ونسبة الأمية في بلادنا في تزايد مخيف.. إذ تشير بعض التقارير والاحصائيات انها وصلت الى نسبة 75%.. فما الذي تبقى؟!.

Share

التصنيفات: أقــلام,عاجل

Share