Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

د. محمد السنفي: نظام القيم

ترسيخ نظام القيم بشكل عام يشكل ركيزه جوهرية وأرضية صلبة لبناء أي مؤسسة في الحياة، وغياب ذلك يؤدي إلى تهشم بنية المؤسسات وتبددها اين كانت.

بناء جسور الثقة كقيمة عليا في بناء الدولة يغيب عندنا ويرتفع لدى الدول المتقدمة معدل : الصدقِ، والأمانة، والإخلاص، والنزاهة، وتقدير قيمة الوقت، والمثابرة على العمل، والتعامل مع المواطن بوصفه مواطنًا وكفى، من دون النظر لمعتقده أو إثنيته أو عشيرته أو طبقته، ويكون الناتج ارتفاع  الشعور بالرضا وعدم المظلومية، بهذا نجد فصامٌ بيننا وبين نُظمِ الدولة الحديثة التي نطمح إلى أن نبنيها خصوصاً واننا لا زلنا نطمح لتكريس نظامِ القيم وتقاليدنا العشائرية والتديّن الشكلي في مجتمعنا.

لذلك تتكرر باستمرار إخفاقُ محاولاتنا لبناء هذه الدولة، منذ خلاص بلادنا من الاستعمار المباشر حتى اليوم، ففي كلّ مرة نبدأ ببناء الدولة الحديثة وننتهي إلى انتكاسات مريعة، تعود بنا على الضدّ من الدولة الحديثة.

خصوصا واننا لا زلنا مصرين على عدم تجسيد قيم المساواةَ، والحرية والمحبة، والرحمة، على اعتبار أنها قيمٌ كونية وعابرة، للمعتقدات، والإثنيَّات، والثقافات، والهويّات، والزمان، والمكان، والتاريخ، والجغرافيا.

بناء جسور التواصل الحضاري، وتلاقح الثقافات ونضجها، وترسيخ قواعد السلام والعيش المشترك، وتكريس قيم الحوار الايجابي مع المختلف دينيًا وثقافيًا واجتماعيا كفيل بنقلنا نحو الاستقرار والعيش الكريم .

من خلال متابعتي لعدد من الدراسات في موضوع القيم في الجامعات، تبين لي أن الجامعات في الدول المتحضرة تولي اهتماما كبيرا لغرس قيم الانفتاح على باقي الثقافات والقبول بالتعدد داخل المجتمع والتهيؤ للتعامل المفتوح مع الأنساق الثقافية المختلفه في العالم، بينما يسكن هاجس المؤامرات واستعادة الهوية للجماعة والمذهب والحزب والولاء عقول طلابنا في البلدان العربية. ترى لماذا؟

الجواب: هناك فرق بين العقل المتفوق والمنتصر والواثق والعقل المنهزم والخائف والمدافع والمتأثر، والعاجز ،والباسط لسيادته على أرضه والمتطلع لتوسيع نفوذه إلى ما  وراء حدوده التاريخية.

وبناءً على ذلك لا بد لنا من الانفتاح على الآخر المختلف في الداخل والخارج ليس بالضرورة من أجل الاقتباس منه، حتى وإن كان هذا الأمر مشروعاً ومطلوباً بحكم وحدة الحضارة الإنسانية رغم تعدد الثقافات فيها، وإنما الانفتاح على الآخر بحكم انتمائنا للجماعة الإنسانية التي يفيدها أن نقدم لها إسهامنا الفكري والعلمي والروحي من أجل حضارة عالمية أكثر إنسانية ورقيا وتقدما، كما يوصينا عن ذلك الامام علي حين قال” الناس صنفان اما اخ لك في الدين(كأن يكون له دين كدينك) أو نضير لك في الإنسانية”، مع مراعات شروط الخصوصية لمثل هذا الضرب من الانفتاح، وهو عين شروط نهضة العرب والمسلمين في ما بعد كسب معركة المقاومة، والمرور إلى الاستحقاق الحضاري !

Share

التصنيفات: أقــلام,عاجل

Share