Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

د.يحيى الماوري: مبدأ الحوار في الثقافة الإسلامية

عن اﻻمام الشافعي رضي الله عنه انه قال : ( رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب) في هذه القاعدة الفقهية العظيمة يقرر اﻻمام الشافعي رحمه الله ان اﻻختﻻف في الثقافة اﻻسﻻمية يعتبر حقيقة انسانية طبيعية ، وانه ﻻ يجوز ﻻحد ان يدعي امتﻻكه الحقيقة المطلقة ، كما ﻻ يجوز له ان يخطئ الاخرين لمجرد مخالفته الرأي ، فالحقيقة نسبية ، والبحث عنها حتى من وجهة نظر الاخر المختلف ، طريق مباشر من طرق المعرفة ، ويعتبر من اسمى انواع الحوار ، ومن القواعد القرآنية الصريحة التي اقرت مبدأ اﻻعتراف بالاخر وبوجهة نظره اظهارا للحقيقة، حوار الله تعالى مع ابليس ﻻظهار حقيقة الثواب والعقاب ، والخير والشر ، اﻻيمان والكفر … انها تبرز حقيقة اﻻعجاز الرباني وتؤكد على ان اﻻختﻻف في الاجتهاد وفي الرؤى ظاهرة طبيعية ، ومظهرا من مظاهر عظمة الخالق (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ) [سورة الروم : 22]
حوار الله تبارك وتعالى مع ابليس :
في هذا الحوار الإلهي مع ابليس ، تبرز مكانة الحوار في الفكر اﻻسﻻمي والزاميته للمسلمين من باب اولى ، فيما بينهم ومع غيرهم ، وان من اهم شروطه ،هو احترام كل طرف لرأي اﻻخر وحقه في اﻻختيار الحر واﻻيمان بان الحوار هو الطريق الوحيد لتسوية الخﻻفات وتجاوز اﻻزمات فالحوار يحقق التوافق والتفاهم ويعزز المحبة والثقة بين المتحاورين وﻻ بد من ان يدرك المتحاورون بان البديل للحوار سيكون كارثة على الجميع ، في دينهم ودنياهم (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ ۖ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ ۖ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ) [الحج :11]
يقول الله تبارك وتعالى في محاورته ﻻبليس :
(وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ) [سورة اﻷعراف : 11] (قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ۖ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) [ اﻷعراف : 12] (قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ) [اﻷعراف : 13]
(قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ) اﻷعراف : 14] (قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ) [ اﻷعراف : 15]
(قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ) [ اﻷعراف : 16] (ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ) [اﻷعراف : 17] (قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا ۖ لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ) [ اﻷعراف : 18] وبعد ان بين الله سبحانه اداب الحوار ومنهجه واخﻻقيانه ، ترك لبني اﻻنسان حرية اﻻختيار فقال تعالى: (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ ۖ فَمَنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ۖ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ) [سورة يونس : 108]
صدق الله العظيم ، وهو حسبنا ونعم الوكيل ..

Share

التصنيفات: أقــلام

Share