Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

عبد الحفيظ النهاري*: الوحدة وجدت لتبقى

خلال حوارات ما بعد الانتخابات الرئاسية سبتمبر 2006، ومنها حوارات 2008 ـ 2009 بين المؤتمر الشعبي العام و(أحزاب اللقاء المشترك) والتي أصرّت فيها أحزاب اللقاء المشترك على عدم موافقتها إجراء الانتخابات النيابية في موعدها الدستوري 27 أبريل 2009 وتهديدها بمقاطعة الانتخابات في حال أجريت في موعدها، قدّم المؤتمر الشعبي العام إطارا عاما وشرطا للحوار مع جميع الأطراف، تمثل في اشتراط إجراء الحوار تحت سقف: الجمهورية، والوحدة، والديمقراطية، باعتبارها ثوابت ومكاسب وطنية غير قابلة للمساومة، وما عداها فهو قابل للنقاش والحوار والتفاهم حوله.
ورفضت أحزاب اللقاء المشترك ذلك الإطار الوطني لأي حوار، وصدر من طرف أحزاب اللقاء المشترك ما سمي بوثيقة الإنقاذ الوطني الصادرة عن لجنة التشاور الوطني (لجنة حميد) وهي وثيقة ترتكز على محاولة ضرب آخر مؤسسة دستورية وهي مؤسسة الرئاسة ومؤسسة السلطة المحلية، التي تجددت شرعيتها بانتخابات سبتمبر 2006 ، وبعد أن حاولوا إخراج مجلس النواب عن شرعيته الزمنية، من خلال التمديد واستغلال مرونة المؤتمر وحرصه على إجراء انتخابات تشاركية.
وظل المؤتمر مصرّا على رفض أي حوار سياسي ووطني لا يتخذ من (الجمهورية والوحدة والديمقراطية) سقفا له، وكان واضحا أن (المشترك) يشتغل وكيلا لأطراف عديدة في الصراع خارج حلبة الديمقراطية ومنها الحراك والحوثيون فضلا عن الأجندات الخارجية التي لها وكلاء سياسيون في المشهد السياسي الوطني.
وظل المشترك لأشهر عديدة مصرا على تجاوز هذا السقف الذي أصرّ عليه المؤتمر، تدعم (أحزاب المشترك) منظمات دولية تمارس الضغط المستمر على المؤتمر تحت عنوان تجاوز الأزمة السياسية والمساعدة على نجاح التجربة الديمقراطية، إلا أن المؤتمر لم يتزعزع موقفه وإيمانه بترابط المكاسب الثلاثة باعتبارها الدعائم الوطنية الثلاث التي بدونها لن يكون هناك وطن اسمه اليمن ودولة اسمها الجمهورية اليمنية.
وكانت أطروحات المؤتمر على وعي عميق بالأهداف التي تتربص بالوطن، و بأن أي تفريط بأحد هذه الأركان هو هدم للوطن كله، وأن وراء الحوار بدون سقف نية مبيتة لتقويض وتفكيك الدولة اليمنية.
وكان هدف (أحزاب اللقاء المشترك) واضحا في تقويض النظام الجمهوري والعودة إلى ما قبل الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر وكيانات ما قبل الاستقلال، وتقويض الوحدة لصالح الكيانات الشطرية مشفوعة بأطماع وأحلام مناطقية وحزبية وفئوية، وتقويض الديمقراطية لصالح العودة إلى الحكم الفردي بصيغ تقليدية وجهوية مختلفة ومتخلفة.
ولن أسرد ما حدث بعد ذلك من تداعيات مشروع تفكيك الوطن لأنه معروف للجميع، فما حدث في (الموفمبيك) من تقسيم إقليمي سداسي قسري خارج الإجماع الوطني، وخارج موافقة المؤتمر الشعبي العام، وأنصار الله، وممارسة التهديد الأممي والإقليمي على المؤتمر ورئيس المؤتمر وممارسة الضغوط المباشرة عليه، لغرض تمرير المشروع خارج شرط الاجماع والتوافق الوطني في الحوار، وقفز القوى المتآمرة مع الخارج فوق رفض وإرادة القوى الرئيسية والغالبة في مؤتمر الحوار ممثلة في المؤتمر وأحزاب التحالف الوطني الديمقراطي، ومكون أنصار الله.
ولم يكن ما حدث في الموفمبيك سوى امتداد لما لم يستطيعوا تحقيقه على طاولة المفاوضات مع المؤتمر الشعبي العام قبل فوضى الشوارع.
وما ينبغي التركيز عليه وفهمه هو أن التفريط بأحد تلك الأركان الثلاثة هو تفريط بالكل، بالوطن اليمني الذي نستظل بظله جميعا ويمنحنا هويتنا في الوجود.
واليوم وبالاستعانة بالغزو والعدوان الأجنبي العسكري المباشر يراد تطبيق خارطة الموفمبيك التقسيمية بالقوة العسكرية، وفرض الأقاليم بالقوة العسكرية، وحين لم تفلح القوة العسكرية بعد أكثر من عامين من العدوان والحرب الإمبريالية ـ الرجعية عليه، اضطروا للافصاح عن نواياهم التفكيكية والانفصالية والأقاليمية بدءا بحضرموت ومرورا بعدن.. وهم بذلك يسقطون مبرر إعلان حربهم على اليمن فيضطرون لتأجيل التنفيذ حتى إحراز مكاسب عسكرية إضافية ويضعون الشعب اليمني أمام واقع التفكيك المناطقي والجهوي المرتبط مباشرة بمصالح وأطماع الخارج.
تلك إذن أهمية ومركزية قضية الوحدة التي لا بد أن يستمر نضال الشعب اليمني من أجلها مهما كانت التضحيات لأن سقوطها هو سقوط الوطن، وليس مجرد سقوط أجزاء منه، وسقوطها هو سقوط النظام المركزي الجمهوري الجامع، وسقوط الديمقراطية والمرجعية الدستورية الكافلة للشراكة السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتكافئة وسقوط التعبير الدستوري والقانوني عن الاستقلال الوطني والخيارات الوطنية التي يحددها أبناء الشعب اليمني، لا أن تملى عليهم من الخارج القريب والبعيد.
فالرهان على الوحدة هو رهان بالأساس على النظام الجمهوري وعلى الخيار الديمقراطي وهي معركة وجود ومعركة بقاء لليمن التاريخ والحضارة.
وقد أضيف إليها اليوم، الركن الرابع وهو ركن رد الاعتبار للاستقلال من جديد، بعد أن أصبح في الماضي محسوما ومنجزا، وهو ما أعادنا إليه التكالب الاستعماري ـ الرجعي على اليمن واطماع اقتسامه والسيطرة على ثرواته ومقدراته وتدمير تنميته ومحاولة الحيلولة دون نهوضه المستقبلي.
لكن الوحدة وجدت لتبقى، تلك حقيقة تاريخية لا تستطيع أية قوة خارجية أو داخلية تجاوزها، لأن الوحدة هي اليمن، واليمن هو الوحدة، والديمقراطية التي صحبتها ،بمرجعياتها الشعبية والمؤسسية، كفيلة بضمان الشراكة الوطنية المتكافئة والمساواة في الحقوق والواجبات، وليس التقسيم، أو الاستعمار الخارجي أو العمالة والارتزاق مع الغزاة الجدد.

*نائب رئيس الدائرة الإعلامية بالمؤتمر الشعبي العام

Share

التصنيفات: أقــلام

Share