Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

أما حـان الوقـت لتأصيل الوعــي بالهوية الوطنية الجامعة؟!

عبده حسين
alakoa777@hotmail.com
تحتفل الجمهورية اليمنية اليوم الاثنين، الموافق 22 مايو 2017م، بالذكرى الـ 27 لإعادة تحقيق الوحدة، وقيام الجمهورية اليمنية التي رفرف علمها في صبيحة الـ22مايو1990م، كأعظم إنجاز حققه اليمانيون في تاريخهم المعاصر، على الرغم من اطلالة الأصوات النشاز التي تسعى الى حياكة المؤامرات والمخططات بين الفينة والاخرى، مستهدفة تقسيم وتجزئة اليمن الواحد الموحد عبر التاريخ.
محطات ناصعة صنعها اليمانيون ونسجوا خيوطها بأحرف من نور، بدءاً بإشعال فتيل ثورة الـ26 من سبتمبر 1962م الخالدة، ومروراً بثورة الـ14 من اكتوبر المجيدة، التي توجت بالاستقلال الوطني الناجز الذي تحقق في الـ 30 من نوفمبر 1967م، كفيلة بأن تدفع كافة القوى السياسية الى الخروج بمشروع وطني يمني جامع، يؤسس لصياغة الخطوط العريضة للهوية الوطنية اليمنية الجامعة، ويستوعب في ثناياه مشروع اليمن – كل اليمن- بما يحقق المواطنة وتكامل الهويات الفرعية أو الجزئية معها، ويؤصل لمشترك تاريخي يمني وواقعي يحل بديلاً عن الصراعات والاقتتال والحروب.
في السياق تناقش «الوحدة» مع علماء وأكاديميين وباحثين، قضية الهوية الوطنية اليمنية الجامعة ومكوناتها، وعلاقتها بالمشروع الوطني الجامع لليمن-كل اليمن- وأين تقف كل القوى السياسية منه فكرياً وسياسياً ؟ وما هي أدوات وسبل تنفيذ وتعزيز هذا المشروع في نفوس المواطنين؟

د. العثربي: على القوى السياسية الاعتراف بالأخطاء التي ارتكبتها

تتجسد الهوية الوطنية اليمنية الجامعة في مبدأ الولاء الوطني، ذلك المبدأ الشريف الذي لا ينسجم بأي حال من الاحوال مع التبعية أياً كان شكلها أو نوعها، فمتى ما التف اليمنيون حول هذا المبدأ الحيوي فهو المجسد لمفهوم الهوية الوطنية اليمنية الجامعة، وفقاً لما يراه الدكتور علي العثربي- استاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء، في تصريحه الى «الوحدة».
ويؤكد الدكتور العثربي:» وحدة الهوية الوطنية اليمنية الجامعة هي السياج المنيع لمنع التدخلات الاقليمية والدولية في الشأن الداخلي اليمني، وهي السبيل الوحيد التي ستمكن اليمنيين من صنع المستقبل وانجاز التسوية السياسية الخالصة التي ستمكنهم أيضاً من تسيير عجلة التنمية المستدامة، وبناء عليه فإن القوى السياسية ونحن نحتفل بالذكرى السابعة والعشرين لقيام الجمهورية اليمنية في الـ22 من مايو 1990م، معنية بأن تقف أمام نتائج الاحداث التدميرية التي تعرض لها اليمن منذ العام2011م حتى اللحظة، وتقيم آراءها وأفعالها صوب هذه النتائج التي أوصلت اليمن الى ما هو عليه من الدمار، ثم تبدأ بالاعتراف بالأخطاء التي ارتكبت، وتقدم الاعتذار للشعب اليمني، وتلتقي على كلمة سواء حول الهوية الوطنية اليمنية الجامعة، التي تنطلق من مبدأ الولاء الوطني».
ويجزم الدكتور العثربي قائلاً:» لا يمكن أن تعالج مشاكل اليمن أو تحل أزماته عبر الاجنبي أو الاستقواء بالقوى الاستعمارية أياً كان شكلها أو نوعها، واليمنيون أعلم بشؤونهم، ونحن على يقين بأنه اذا توقفت التدخلات الاقليمية والدولية في الشأن اليمني، فإن أبناء اليمن قادرون على صناعة المستقبل وإضافة لبنة جديدة في صرح الحضارة الانسانية».
وأبدى الدكتور العثربي تفاؤله بأن «تفهم هذه الرسالة بالشكل الصحيح الذي يخدم المصلحة الوطنية، ويعزز وحدة الجبهة الداخلية، ويسخر كل الامكانات المتاحة لبناء الدولة اليمنية العصرية الواحدة والموحدة والقادرة والمقتدرة، وأن يكون هذا الفهم لدى كافة القوى الوطنية في الداخل والخارج، ولا سبيل لنا غير ذلك».

د.البكاري: الهوية الوطنية الجامع المشترك لكل اليمنيين والديمقراطية ضمان تعزيزها

تعد الديمقراطية الضمان الاساسي والحقيقي لتعميق الهوية الوطنية بما توفره من ضمانات لحقوق الانسان والمواطنة المتساوية، وفقاً للدكتور محمود البكاري، استاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة تعز في سياق تصريح خص به «الوحدة».
ويضــيف الدكــتور البكــاري: «تتعرض الهوية الوطنية اليمنية لتدمير ممنهح تتشارك فيه جميع القوى السياسية وبنسب متفاوتة طبعاً ومن وقت لآخر، ومن حدث لآخر، وذلك من الممارسات السلبية الخاطئة، إضافة الى غياب الرؤى الاستراتيجية لأهمية تعزيز الهوية الوطنية في نفوس وسلوكيات أبناء الوطن الواحد، خاصة ما يتعرض له الشباب من إحباط وتزييف وعي متعمد، لكن ومع ذلك ستظل الهوية اليمنية، وعلى الرغم مما تتعرض له من اهتزازات، الجامع الوطني المشترك لكل اليمنيين كونها تستند الى إرث حضاري وتاريخي يضرب بجذوره في أعماق التاريخ والجغرافيا، وتعد الديمقراطية هي الضمان الاساسي والحقيقي لتعميق الهوية الوطنية بما توفره من ضمانات لحقوق الانسان والمواطنة المتساوية».

د. العجل: ثورة فكرية للحفاظ على الهوية الوطنية اليمنية

شيوع الولاء الوطني كهوية وطنية هو البديل للدفاع عن الوجود أمام كل المغريات بما فيها غسيل الدماغ والغزو الفكري والثقافي وتيار العولمة الجارف، هذا ما يؤكد عليه الدكتور أحمد العجل- أستاذ مناهج بحوث الاتصال والرأي العام بجامعة صنعاء في تصريحه الى «الوحدة».. ويضيف الدكتور العجل: «نحن في المرحلة الراهنة بحاجة ماسة إلى حماية الهوية والذات وحماية النشء ومؤسسات التنشئة الاجتماعية وحماية التعددية السياسية والديمقراطية من الولاءات الضيقة المرتهنة للخارج على حساب تمزيق الداخل».. ونوه الدكتور العجل إلى ضرورة « إيقاف العبث بمشاعر أجيالنا ومحاولة النيل من مكاسبنا التاريخية والوطنية لمن يرمون إلى إضعاف ثقافة وقيم حب الوطن والوطنية من خلال العمل الجاد والدؤوب على تنمية الشعور والإحساس بالمسؤولية الوطنية، لأن شبابنا اليوم يواجهون تعبئة سياسية حاقدة، ودعاية أيديولوجية دخيلة تشعرهم بالحرمان الذي يؤدي إلى زيادة الحقد والكراهية؛ ما يجعلهم ألعوبة في يد مثيري الأزمات ومصاصي الدماء، إلاّ أن شيوع الولاء الوطني كهوية وطنية هو البديل للدفاع عن الوجود أمام كل المغريات بما فيها غسيل الدماغ والغزو الفكري والثقافي وتيار العولمة الجارف».
وحث الدكتور العجل « كافة المؤسسات التربوية على القيام بثورة فكرية لمواجهة من يحاول النيل من المكاسب الوطنية والتاريخية ومن يحاولون إضعاف ثقافة وقيم الوطن والوطنية لصالح إنعاش ثقافة المذهبية والطائفية والقبلية من خلال العمل الجاد والمبرمج للحفاظ على الهوية الوطنية اليمنية الجامعة في ظل الانتماء العربي والقومي والاسلامي جنباً إلى جنب مع تعزيز الروح المحبة للأمن والحرية والسلام والاستقرار في كل أنحاء المعمورة».

د.الماوري: المواطن اليوم مذهول من انهيار قيم الولاء الوطني

تلاشت تدريجياً مشاعر الحب والإخاء والتراحم، التي كانت تجمع كل أبناء اليمن في كل المحن والأزمات، وتتجسد من خلالها أروع معاني الوحدة الوطنية والولاء الوطني.. القاضي الدكتور يحيى الماوري يرى أن «الولاء الوطني من المفاهيم التي لا تثير خلافات جوهرية حولها لدى أي شعب من شعوب العالم، وإن كان هناك من يتوسع في شرحه وتفسيره من جوانب سياسية واجتماعية وثقافية، لكن الإجماع يكاد ينعقد على أن الولاء الوطني يعني أن الرابطة التي تجمع المواطن بوطنه تسمو على كل الولاءات الضيقة القبلية والعشائرية والطائفية والحزبية، وأن هذه الرابطة لا تنحصر في مجرد الإحساس بالانتماء والمشاعر العاطفية، وإنما تتجلى إلى جانب الارتباط الوجداني، في إدراك المواطن وإيمانه بأن هناك التزامات وواجبات نحو الوطن، لا تتحقق المواطنة دون التقيد الطوعي بها».
وأشار القاضي الماوري في نشر على صفحته بـ»الفيس بوك» بعنوان» لماذا تراجع الخطاب الوطني أمام الخطاب الجهوي؟» الى أن «الولاء للوطن يعني شعور كل مواطن بأنه معني بخدمة الوطن، والعمل على تنميته ونهوضه، وحماية هويته القومية والدينية واللغوية والثقافية والحضارية، والشعور بالمسؤولية عن المشاركة في تحقيق المصالح العامة، والالتزام باحترام حقوق وحريات الآخرين، واحترام القوانين التي تنظم علاقات المواطنين في ما بينهم، وعلاقاتهم بمؤسسات الدولة والمجتمع، وخضوعهم جميعا في مساواة مطلقة لمبدأ سيادة القانون دون تمييز أو استثناء، والمشاركة في الدفاع عن القضايا الوطنية، في مواجهة التحديات والأخطار، التي قد تهدد الكيان الوطني في أي وقت، والاستعداد للتضحية من أجل حماية استقلال الوطن، والذود عن حياضه، وضمان وحدته وسيادته واستقلاله، وجعل المصالح العليا للوطن فوق كل المصالح الذاتية والفئوية الضيقة، وتحقيق الشراكة الوطنية الحقيقية بين كل أبناء الوطن في المغنم والمغرم».
ونوه الماوري الى «أن المواطن اليمني يقف اليوم مذهولا وهو يشاهد بحزن وألم انهيار قيم الولاء الوطني والوحدة الوطنية وتلاشي مشاعر الحب والإخاء والتراحم ،التي كانت تجمع كل أبناء اليمن في كل المحن والأزمات، وتتجسد من خلالها أروع معاني الوحدة الوطنية والولاء الوطني، واستحقوا بها وصف الرسول الكريم لهم بأهل الإيمان والحكمة .. وأنه يجد نفس الرحمان من قبل اليمن .. فهل من عودة صادقة إليها يا أبناء اليمن ؟»..>

السالمي: بالمواطنة المتساوية تتكامل الهويات الفرعية مع الهوية الوطنيـة الجامعـة
قيام الهوية اليمنية كوجود قائم بذاته لا يتحدد إلا من خلال ما يعنيه اسم اليمن من دلالة على الوطن أو الدولة، وحتى ينسجم وجود الهويات الجزئية في المجتمعات المحلية مع الهوية الوطنية الجامعة، يتعين على هذه الهويات أن يكون انتماؤها للدولة، والوطن مقدماً على ما سواه من المرجعيات، حسب ما يؤكد الباحث عبدالله السالمي.
ويضيف السالمي في دراسة له، حول «الهوية الوطنية اليمنية» اطلعت عليها «الوحدة»: «إذا أخذنا بعين الاعتبار أن هناك من الدول من أضحت تشدد على مكون واحد لهوية مواطنيها، مثل الدين، العرف، اللغة، الانتماء الجغرافي، بل تختصرها فيه بحثاً عن أرضية للتوافق والانسجام بين مواطنيها وتمتين شرعيتها، كما أن بعض الدول العظمى والتكتلات الدولية والإقليمية تقوم بالشيء ذاته لزعزعة استقرار بعض الدول خدمة لمصالحها الجيو استراتيجية، فإن سؤال الهوية الوطنية اليمنية يستدعي صياغتها في الخطوط العريضة على أكثر الأسس شمولاً للهويات الجزئية، وتحقيق الانسجام في ما بينها، وليس ثمة شك في أن أشمل الأسس هو الانتماء الجيو سياسي المشترك الذي يتسع للهويات الفرعية على تعددها وتنوعها، أما ما عداه من المكونات أكان دينياً، أو مذهبياً، أو غيرهما فإنه مهما اتسع إلا أن المواطنين قلوا أم كثروا يظلون خارج دائرته».
ويردف الباحث السالمي: «لا يصح قطعاً النظر إلى تعدد الهويات وتنوعها على أنه مشكل في حد ذاته، بل الصحيح أن التعدد والتنوع أمر ضروري وإيجابي من حيث المبدأ، فليست المشكلة في الاختلاف، بل في طريقة النظر اليه وفي تأويله وفي حامله الاجتماعي بقيمه وعقله، ومن هنا تغدو الحاجة ملحة إلى إعادة بناء العلاقة بين الهويات الفرعية على أسس الحوار والاحترام المتبادل وصولاً إلى مبدأ المواطنة الذي يحتضن الجميع ويجعلهم على حد سواء في الحقوق والواجبات، غير أنه وكما أن الحوار حتى يكون فعالاً ويؤتي ثماره يشترط، أول ما يشترط، وقف حروب الهويات، فإن إحلال مبدأ المواطنة المتساوية التي تمكن من تعايش الهويات الفرعية وتحقق الانسجام والتكامل في ما بينها تحت مظلة الهوية الوطنية الكلية يتوقف على وجود دولة مدنية ديمقراطية، تستجيب لسؤال، كيف يمكن تحويل الانتماءات المختلفة سواء كانت كبيرة أو صغيرة، إلى تراكم غني في شخصية المواطن، إلى أي هوية انتمي، فرعية أو شاملة، شخصية نغتني من خلال ممارستها لمواطنيتها المحلية بالذات».
وينوه السالمي الى « أن استجابة الدولة لمتطلبات هذا السؤال تتوقف على وعيها بشرط الاستجابة وهو ممارسة الديمقراطية في إطار من التوازن الدقيق بين الحقوق والواجبات، بين الحرية والعدل».
ويستطرد السالمي: «أن قيام الهوية اليمنية كوجود قائم بذاته لا يتحدد إلا من خلال ما يعنيه اسم اليمن من دلالة على الوطن أو الدولة، وحتى ينسجم وجود الهويات الجزئية في المجتمعات المحلية مع الهوية الوطنية الجامعة، يتعين على هذه الهويات أن يكون انتماؤها للدولة، والوطن مقدماً على ما سواه من المرجعيات، وكما أن حضور الهويات الجزئية لا يصح أن يكون على حساب الهوية الكلية، فإن الانتماء للهوية الجامعة لا يعني نفي ما دونها من هويات، والمعادلة هنا أنه بالقدر الذي لا حياة طبيعية ودائمة ومستقرة للهويات الجزئية إلا عبر وجود موضوعي وحقيقي للهوية الجامعة أو الكلية، ومن خلال تجسيدها لوجود أكبر عدد ممكن من الهويات التي ينطوي ويتجمع حولها السكان في هذا البلد أو ذاك، على أن اقتصار الهوية الكلية الجامعة على البعد الوطني لا ينفي انفتاح مستويات أو انماط الهوية على ما هو أبعد من ذلك، فهناك بالتأكيد هويات كبرى قومية ودينية، وعلى أساس عرقي ومشترك جغرافي ينتظم في العنوان العام لكل منها مجموعة من الدول أو الشعوب أو الأوطان».
ويشير السالمي الى أنه» في الكثير من تجليات الصراع السياسي والتأزم الاجتماعي وأعمال العنف والصدامات المسلحة حول العالم، غالباً ما يتطاول سؤال الهوية بوصفه الباعث على الصراع أو الأزمة، أو الاحتراب، فقليلة هي الدول التي لم تعش توترات ناجمة عن الهوية، التي إن لم تفرزها الجغرافيا أحياها التاريخ أو أيقظها الحاضر، واليمن قطعاً ليست من بين تلك الدول القليلة، إذ لا يمكن نكران مظاهر التوتر وتجليات الأزمة الكاشفة عن مدى الاختلال في علاقة الهويات الفرعية ببعضها، وفي علاقتها، من باب أولى بالهوية الوطنية الكلية، وشهدت اليمن، ولم تزل توترات ناجمة عن الهوية التي تتنازعها ولاءات وانتماءات، لهويات فرعية (طائفية ـ مذهبية ـ أهلية ـ قبلية ـ جهوية ـ مناطقية) استلزمها التعدد الذي تنطوي عليه التركيبة المجتمعية طائفياً وقبلياً ومناطقياً، وهذه الهويات التي ينطوي عليها المجتمع اليمني ليست وليدة اليوم بالتأكيد، فلأكثرها ماضٍ طويل ومتقادم، في العودة إلى تراكماته بوعي سجالي ما يذكي جذوة السجال التاريخي، ذلك أن الوعي بالهوية يجعل التاريخ حياً، يتحرك في الحاضر، يستلهم أو يستجد به كلما ظهرت الحاجة إلى ذلك، وطالما لم يفلح أكثر من نصف قرن هو (عمر اليمن الجمهوري) وأكثر من ربع قرن من الزمن (عمر اليمن الموحد) في التأصيل لمشترك تاريخي وواقعي يحل بديلاً عن ماضي الصراع الطائفي والقبلي والمناطقي، فإن نزوع الهويات الأثنية والطائفية والقبلية والجهوية إلى ماضيها البعيد، لتلمس ما ينبغي أن تكون عليه علاقتها بالواقع يعني جولات أخرى من الصراع».

Share

التصنيفات: أخبار وتقارير,تحقيقات

Share