Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

وضع مسماراً إضافيّاً في نعش التعليم .. العدوان يحيل 2108 واحة سلام إلى ركام

 عبده حسين:

تُحدِّق «ريم» ملياً في مبنى مدرستها الاساسية التي دمرها طيران تحالف العدوان بغارة جوية.. تقول ريم التي تنحدر من محافظة صعدة لـ»الوحدة» والندم ظاهر على تقاسيم وجهها: « كنت أذهب إلى المدرسة كل صباح، و أعود إلى المنزل بعد الظهر، كانت الحياة مريحة والدراسة ممتعة».

«ريم» طفلة، في عمر الزهور، ليست الوحيدة التي أجبرها العدوان والحرب الدائرة، منذ عامين على ترك، مقاعد الدراسة، التي هي بالنسبة لها واحة السلام، بل هناك نصف تلاميذ وطلاب اليمن أجبرهم تحالف العدوان بقيادة السعودية على ترك التعليم، دمّرت مئات المدارس، وشرّدت عدداً كبيراً من المدرّسين، لتضاف هذه التحديات إلى قائمة المشاكل المركبة التي تثقل كاهل التعليم.

مخاوف

يبدي أولياء الأمور مخاوف شتى من انعكاس ضعف العملية التعليمية على مستقبل أبنائهم. يقول فضل حسن لـ»الوحدة» «بسبب الاقتتال الداخلي وعدوان التحالف وحصاره، لم يعد التلميذ وحده هو المهمل، بل المدرسة تنافسه في الإهمال والتقصير».

الادارة المدرسية من جهتها تُقر بتقصيرها تجاه التلاميذ، لكنّهاتدمير مدارس3 ترجع هذا التقصير إلى جملة من الأسباب،  ويشير محسن هادي مشرف إحدى المدارس بمحافظة عمران إلى «أن العدوان والصراع الداخلي كأسباب طارئة زادت من حالة ضعف التعليم على مختلف المستويات».

ويتساءل محسن: « كيف تريدون من المدرّس أن يعمل بضمير وهو لا يجد ما يأكله هو وأولاده؟».

و مع أن الفصل الدراسي الثاني يتأرجح بين البداية لدى البعض بسبب انقطاع الرواتب منذ ستة أشهر، والاقتراب من نصفه لدى البعض الآخر، يغلب على اليمنيين عموماً وأولياء أمور الطلاب والمدرسين الشعور بالإحباط، إذ أثر الصراع الداخلي والعدوان الهمجي بصورة كبيرة على قطاع التعليم. وعلى غرار بقية القطاعات التنموية، يعاني هذا القطاع، في مختلف مراحله، من مشاكل عدة يصعب حصرها في الصراع الداخلي والعدوان، كون المنظومة التعليمية كانت تواجه تحديات كثيرة في زمن السلم والاستقرار الأمني والاقتصادي، عدا عن كون اليمن أحد أكثر البلدان التي تعاني من ارتفاع نسبة الأمية.

إغلاق الآف المدارس

وحرم العدوان والصراع الداخلي أكثر من 2.5 مليون طفل يمني من التعليم في مختلف المحافظات، وأدى الى تشريد مئات الآلاف من السكان وإغلاق آلاف المدارس، وتحويل المئات منها إلى ثكنات عسكرية.

وبحسب إحصائيات تربوية فإن أكثر من 1.5 مليون طفل حرموا من الدراسة للعام الثاني على التوالي، بسبب إغلاق نحو 3500 مدرسة أبوابها جراء قصف طيران تحالف العدوان للمدارس والمواجهات الداخلية الدائرة بين اطراف النزاع في بعض من المحافظات.

وأصبحت أكثر من ألفي مدرسة من أصل 16 ألف في عموم اليمن، خارج نطاق الخدمة لأسباب عدّة أبرزها التدمير الذي تعرّضت إليه بفعل الغارات الجويّة التي يشنّها طيران تحالف العدوان بقيادة السعوديّة، وكذلك بسبب الحرب الداخليّة.

وقال طارق هادي، وهو أحد المعلّمين في مدرسة ابن ماجد الاساسية في عمران لـ»الوحدة»: « أن التعليم خلال العامين الماضيين تراجع إلى مستويات لا توصف، بسبب استمرار العدوان، واحتدام الاقتتال الداخلي، إنّها الفترة الأسوأ في تاريخ اليمن الحديث».

وطبقاً لتقرير أصدره مركز الدراسات والإعلام التربوي فإن نحو مليون طفل تضررت مدارسهم البالغ عددها 1495 مدرسة، سواء كان التدمير كليا أو جزئيا، أو تحولت إلى مراكز للنازحين، أو اتخذها المسلحون كثكنات عسكرية.

إضافة إلى تدهور العمليّة التعليميّة في اليمن، يخشى أولياء الأمور على أبنائهم في ظلّ التحليق المتواصل لطيران تحالف العدوان على اليمن في سماء كافة المحافظات، خصوصاً بعد استهدافه الوحشي لمدرسة الفلاح بمديرية نهم، واستشهاد الطالبة الطفلة «اشراق المعافا» وإصابة أربعة أطفال آخرين بجراح نتيجة هجومين بالقرب من المدرسة نفسها.تدمير مدارس2

وبحسب اليونيسف، فإن الهجمات على المناطق المدنية تؤدي إلى مقتل وإصابة العديد من الأطفال في اليمن. وبدل من التعيلم يشهد الأطفال على الموت والحرب والدمار.

ومنذ تصعيد العدوان واحتدام النزاع في الـ26 من مارس 2015، قامت الأمم المتحدة بالتحقق من مقتل قرابة 1.400 طفل واصابة اكثر من 2.140 آخرين بجراح. وقد يكون الرقم الفعلي اكثر من ذلك بكثير.

تقول اليونيسف «ينبغي أن تكون المدارس واحات سلام في كافة الأوقات، وملاذ آمن يتمكن فيه الأطفال من التعلم والنمو واللعب وأن ينعموا بالأمان. يجب ألا تتعرض حياة الأطفال للخطر لأنهم يذهبون إلى المدرسة».

تجدد اليونيسف النداء إلى «كافة أطراف النزاع في اليمن وأولئك الذين بإمكانهم التأثير عليهم من أجل حماية الأطفال ووقف الهجمات على البنية التحتية المدنية بما فيها المدارس ومرافق التعليم وذلك تماشياً مع التزاماتهم  بالقانون الدولي الإنساني».

مواصلة المسيرة

وعلى ما يبدو أن استمرار الحرب، سيقضي على ما تبقى من هامش التعليم في اليمن، ويجد اليمنيون اليوم أنفسهم، عاجزين عن مواصلة مسيرة الحياة وليس مسيرة التعليم فقط.

ومع ذلك يؤكد تقرير مكتب الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة على أنّ استمرار الحرب سيؤدي إلى انهيار وشيك لكلّ مؤسسات الدولة في معظم مناطق البلاد.

ومع اليوم الدراسيّ الأوّل للعام الدراسي الجاري الذي بدأ في مطلع أكتوبر 2016، كانت مقاتلات تحالف العدوان تحلّق صباحاً بشكل كثيف ومنخفض في سماء صنعاء، وعدد من المحافظات، مّا أثار الرعب في أوساط الطلاب والمدرسين وأولياء الأمور.

مسمار في نعش التعليم

وجاء العدوان ليضع مسماراً إضافيّاً في نعش التعليم في اليمن الذي كان يعاني أساساً من عقبات كبيرة، أهمّها تسرب الطلّاب من مدارسهم نتيجة الفقر المدقع الذي يجبرهم على الالتحاق بسوق العمل.

من جهتها، تؤكد وزارة التربية والتعليم أن الحرب والحصار خلال العامين الماضيين تركا أثراً كبيراً في المؤسسة التعليمية والمدارس، لافتة إلى أنها لن تثني المسؤولين في الوزارة عن العمل على تحصين الدراسة، مهما كانت الكلفة.

ويقول عبدالله الحامدي، نائب وزير التربية والتعليم، في تصريح له إن الظروف التي تعيشها الوزارة حالياً صعبة للغاية، لكن العملية التعليمية ستسير كما هو محدد وبالإمكانيات المتاحة.

وينوه الحامدي بأن الوزارة تعاني من مشاكل كثيرة، مشيراً إلى أن «أهمها هو استهداف المدارس والتلاميذ، وتضرر بعض المنشآت جراء المواجهات المسلحة». ويضيف: «وجهنا رسالة إلى الأمم المتحدة والصليب الأحمر ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، وطالبناها بالضغط على المتحاربين لحماية المدارس والتلاميذ، واعتبارها خطوطاً حمراء، والقيام بواجبها ورفض قصف المدارس». ويؤكد أن استهداف آلاف المدارس يؤثر بشكل مباشر وسلبي على العملية التعليمية في المستقبل.

ويدعو الحامدي المنظمات الدولية، وخصوصاً تلك المعنية بالتعليم، إلى العمل على رفع الحصار عن اليمن، بما يضمن تجاوز وزارة التربية والتعليم مشاكلها، وتوفير متطلبات العملية التعليمية وإصلاح ما دمرته الحرب.

2.9 مليون متسرّب

وبلغ عدد اليمنيين في سن التعليم الذين لم يلتحقوا بالمدارس منذ مارس2015م 2.9 مليون تلميذ وتلميذة بحسب تقرير صادر عن الأمم المتحدة.

و منذ تفاقم النزاع قبل حوالي 24 شهراً، كان للاعتداءات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية للتعليم تأثير مدمر على المنظومة التعليمية في البلاد، ناهيك عن حرمان ملايين الأطفال من فرص التعليم.

ويقول ممثل اليونيسف في اليمن جوليان هارنيس: «لقد قتل العديد من الأطفال وهم في الطريق إلى مدراسهم أو أثناء الدوام المدرسي،» مضيفاً «يجب على أطراف النزاع إبقاء الأطفال والمدارس بعيداً عن أي ضرر وإعطائهم فرصة للتعلم».

كما تعذر على 350.000 طفل الالتحاق بالدراسة العام الماضي، بسبب استمرار العنف وإغلاق المدارس،  وبذلك يقفز إجمالي عدد الأطفال الذين هم خارج المدارس في اليمن إلى أكثر من مليوني طفل. ويضيف السيد هارنيس «الأطفال خارج المدارس أكثر عرضة لخطر التجنيد والانخراط في القتال.»

فمنذ تصاعد النزاع في مارس 2015، استطاعت الأمم المتحدة التحقق من تجنيد 1.210 طفل بعضهم لا يتجاوز الثامنة من العمر.

بدورها تُشير تقديرات اليونيسف إلى أن 2.108 مدرسة في مختلف أنحاء البلاد لم تعد صالحة للاستخدام نظراً لكونها باتت مدمرة أو متضررة أو أنها باتت مساكن لنازحين أو يتم استخدامها لأغراض عسكرية.

التعليم هو الحل

يؤمن الطفل أيمن حمود بأن التعليم هو الحل للقضاء على الصراعات المستمرة في اليمن، وتأسيس قوة حقيقية تستند على العلم والمعرفة.

وستكون العواقب كئيبة إن لم يلتحق جيل اليمن الحالي بالمدرسة.  لذا، ينبغي منح الأولوية للاستثمار في التعليم والحماية لكي يستطيع أطفال اليمن شأن «أيمن» أن يحققوا أحلامهم بيمن أفضل حالياً وفي المستقبل.

Share

التصنيفات: تحقيقات

Share