Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

الموظفون يتلقون الوعود بدلاً من الرواتب .. المجاعة صارت واقعاً تتفاقم مظاهره

الوحدة:

يمر «عادل محمد» وهو موظف حكومي بأوضاع إنسانية ومعيشية هي الأسوأ على مدى أكثر من 50 عاماً، حسب تصريحه لـ«الوحدة».

«عادل» واحد من بين أكثر من مليون موظف يمني، بدون راتب، منذ ستة أشهر، يفترسهم الجوع، في كل القطاعات الحكومية، وصارت المجاعة واقعًا معاشًا تتفاقم مظاهرها باستمرار، بعد أن كانت تهديدًا تحذّرُ منه المنظّمات الإنسانية الدولية والإقليمية.

مصير «عادل» واكثر من مليون موظف يمني، سيكون كمصير، الموظف المتقاعد عبدالله عثمان القباطي، الذي لفظ أنفاسه الأخيرة أمام مكتب بريد خور مكسر في عدن، مطلع الاسبوع الجاري.

وقال شهود عيان أن المتقاعد الذي تجاوز الـ 60 من عمره توفي وهو ينتظر صرف مرتبه الذي لم يستلمه منذ أشهر.. مؤكدين أنه ظل يواظب على الحضور لمكتب البريد، والوقوف أمام بوابته لساعات طويلة، منذ أكثر من شهر لاستلام راتبه.

موضحين بأنهم عثروا في جيبه على بطاقة معاش شهري بمبلغ وقدره 21 ألف يمني باسم، عبدالله عثمان القباطي.

وعود!

بعد ستة أشهر من صدور قرار نقل مقر البنك المركزي من العاصمة صنعاء إلى عدن، نكثت حكومة الفار هادي وبن دغر بوعودها بدفع رواتب موظفي القطاع العام، بما فيهم المتقاعدون، في عموم المحافظات وفي عدن خصوصاً، رغم انتقال البنك المركزي من العاصمة صنعاء إلى عدن في سبتمبر العام الماضي.

ويعيش الموظفون الحكوميون أوضاعاً مأساوية تتزايد كل يوم، بينما يصرف أحمد عبيد بن دغر وعوداً وتوجيهات متكررة منذ ما يقرب من ثلاثة أشهر بعد تسلمه الأموال المطبوعة في روسيا.

بالمقابل تبخرت وعود حكومة الدكتور عبدالعزيز بن حبتور، بالانتظام في صرف الرواتب ابتداء من يناير الماضي، وأصبحت في خبر كان.

قضيّة عدم صرف الرواتب، مسّت «البطون الجائعة»، والتي لم يعد لها إلاَ تلك الريالات الزهيدة، التي تتقاضاها كمرتبات شهرية للحصول على أبسط مقوّمات الحياة، من مأكل وملبس وإيجار، وانقطاعها يقطع أنفاس ملايين اليمنيين الذين يعولهم موظفو الدولة، وعلى هذا الحال أصبح اليمنيون اليوم في مواجهة ساخنة مع الجوع، هي الأقوى في التاريخ اليمني الحديث.

اندثار الطبقة الوسطى

في وقت سابق، كانت الأمم المتحدة قد أعلنت عن حاجة 19 مليون شخص من أصل 26 مليوناً هم إجماليّ سكان اليمن، إلى دعم إغاثي. ويُعدّ 10 ملايين من هؤلاء في حاجة إلى مساعدات فورية لإنقاذ حياتهم، من جرّاء الحرب القائمة في البلاد، والتي تدخل عامها الثالث في أواخر مارس الجاري. خلال الأشهر السبعة الأخيرة من العام الماضي فقط، قفز عدد اليمنيين من الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي، بمقدار ثلاثة ملايين شخص. وهو الأمر الذي رفع إجماليّ عدد الذين يواجهون صعوبات في الحصول على غذائهم ويتناولون وجبات غير كافية، إلى 17 مليون شخص يمثلون ثلثَي عدد السكان، وفقاً لمسح ميداني أعدّته ثلاث منظمات إنسانية تابعة للأمم المتحدة.مجاعة3

وبتأخر صرف الرواتب منذ ستة أشهر،  تكاد الطبقة الوسطى في اليمن أن تندثر، إذ التحقت نسبة كبيرة منها إلى طابور الفقراء الطويل، وراحت تصارع الجوع. وتضم الطبقة الوسطى موظفين في القطاعَين العام والخاص وصغار التجار وأساتذة الجامعات والكادر البشري المنتج في مختلف المجالات. ويصف محمد غالب- موظف حكومي- في تصريح لـ»الوحدة» «عدم قدرة الحكومة- أي حكومة- على تسليم رواتب الموظفين بـ»الكارثة المحققة»، مشيراً إلى أنّ استمرار الوضع الراهن وتأخر صرف المرتبات يعني «موت نصف الشعب اليمني من الجوع، فيما سيغادر النصف الآخر البلاد إذا ما أتيحت لهم الفرصة».

ووفقاً لبيانات مؤشّر أسعار المستهلك التي يصدرها الجهاز المركزي للإحصاء، فقد ارتفعت تكاليف المعيشة أخيراً إلى أكثر من 40 في المائة، عمّا كانت عليه قبل الحرب، على الرغم من سوئها آنذاك. ويأتي ذلك نتيجة تدهور مستوى الدخل بطريقة خطيرة بعد انقطاع موارد العمل ورواتب موظفي القطاع العام من جرّاء العدوان والصراع منذ عامين.

عادات جديدة

تدهور الوضع الغذائي دفع أكثر من 60 في المائة من الأسر إلى عادات جديدة للتكيّف بحسب منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو)، لكنّها وسائل تكيّف تضرّ بهم وبصحتهم. وأبرز مظاهر ذلك انخفاض حجم الاستهلاك الغذائي اليومي وفقر محتوياته الغذائية واللجوء إلى شراء الأغذية الرخيصة التي تشارف تواريخ صلاحيتها على الانتهاء.

جهود لكنها عاجزة

ورغم الجهود التي تبذلها الحكومة للتغلب على التحديات التي تواجهها، إلا أنها لا تزال عاجزة عن تجاوز أزمة السيولة المالية التي احتلت أولى اهتماماتها على مدى أكثر من 100 يوم من حصولها على ثقة البرلمان. فحكومة بن حبتور التي وعدت بحل أزمة المرتبات في غضون أقل من شهرين، لا زالت عاجزة عن صرف مستحقات موظفي الدولة حتى اليوم. ووفقاً لآخر تقارير وزارة المالية المقدمة الى البرلمان، فإن الفجوة التمويلية بين الإيرادات والنفقات الشهرية الحتمية تصل إلى 154 مليار ريال شهرياً، بينما الإيرادات لا تغطي 30 %. ورغم نجاح الحكومة برفع الإيرادات العامة للدولة من مليار إلى 56 مليار ريال خلال يناير ـ فبراير الماضي، فإن السيولة النقدية منها المتواجدة في خزينة الدولة لا تتجاوز الـ 5 مليارات ريال.

حلول غامضة

اخفاقات حكومة الإنقاذ دفعت البرلمان إلى تفعيل حقه في وضع الحكومة تحت الرقابة والمساءلة ليتم استدعاء حكومة بن حبتور أكثر من 5 مرات منذ شهر فبراير للمساءلة، التي كادت أن تتحول إلى استجواب وتهديد بسحب الثقة. إلا أن كل الحلول التي قدمتها الحكومة لحل أزمة السيولة لا تزال غامضة، فحكومة بن حبتور التي استلمت مهامها والسيولة النقدية في البنك المركزي لا تتجاوز المليار ونصف المليار ريال تقول إنها صرفت بقية راتب شهر أغسطس وسبتمبر الماضي، وتواصل صرف نصف راتب شهر أكتوبر الماضي.

إعادة دور »النفط«

أعضاء البرلمان طالبوا حكومة بن حبتور بإعادة دور شركة النفط في استيراد المشتقات النفطية، لافتين إلى أن حكومة الإنقاذ يمكن أن تحقق موارد مالية في حال تحصيل فارق بيع المشتقات النفطية والغاز، الذي يبلغ 33 مليار شهرياً في الحد الأدنى إلى 62 مليار، موضحين أن تكلفة الدبة (عشرين لترا) تصل إلى المستهلك بـ2500 إلى 3 آلاف ريال، في حين تباع فعلاً بأكثر من 5 آلاف ريال. كما أشاروا إلى أن إيرادات قطاع الاتصالات بخمسة مليارات شهرياً وبقية الموارد بسبعة مليارات ريال، إلا أن حكومة بن حبتور جزمت بعجزها الكامل عن تمويل واردات شركة النفط اليمنية بالعملة الصعبة لاستيراد المشتقات النفطية في الظرف الحالي.مجاعة2

وشدد أعضاء البرلمان على ضرورة ايجاد الحلول السريعة لصرف مرتبات موظفي الدولة دون تلكؤ أو مبررات كونها التزمت بذلك، لافتاً إلى أن حكومة بن حبتور قادرة على توفير 31 مليار ريال تمثل إجمالي مرتبات موظفي المحافظات العشر الواقعة تحت سيطرتها، إلى جانب إلزامها بالتكفل بتكاليف الجبهات بنحو 30 مليار ريال.

نصف راتب بـ »القطارة«

اعتراف حكومة بن حبتور التي أعلنت قبل أربعة أسابيع صرف نصف راتب كمستحق لشهر أكتوبر الماضي، بالتدريج وحسب الإمكانيات المتاحة، وتهرب بن دغر عن الوفاء بالالتزامات التي قطعها للبنك والصندوق الدوليين أواخر سبتمبر الماضي، وذلك رداً على مخاوف دولية من تداعيات قرار نقل البنك المركزي اليمني من صنعاء إلى عدن، فاقم معاناة موظفي الدولة الذين يعيشون للشهر السادس على التوالي بدون مرتبات.

مطالب حقوقية

اتحاد عام نقابات عمال اليمن الذي توسط لدى الأمم المتحدة بالتدخل وتسليم قاعدة البيانات الخاصة برواتب موظفي الدولة لحكومة الفار هادي حسب طلبها، دعا إلى تنظيم وقفات احتجاجية أمام مكتب الأمم المتحدة بصنعاء للمطالبة بمرتبات موظفي الدولة معتبراً تلك المطالب إنسانية وحقوقية وليست سياسية، وجاءت دعوة اتحاد العمال لتنظيم وقفات احتجاجية بعد نفي مصدر مسؤول في مكتب الأمم المتحدة أن يكون قد توسط بين صنعاء وعدن لحل أزمة رواتب موظفي الدولة، مؤكداً انه تلقى طلباً لإيصال الكشوفات إلى عدن ولم تقدم أي التزامات لطرف صنعاء في هذا الشأن.

تهرب

وبحسب سلسلة التوجيهات التي أصدرها بن دغر خلال الفترة الماضية بصرف مرتبات بعض الجهات التي قامت بتسليم الكشوفات، يبدو أنه يتهرب من التسليم حتى اليوم ويتحجج باستكمال إجراءات ترتيب الكشوفات.

Share

التصنيفات: تحقيقات

Share