Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

أسدُ القدس… وجابوتنسكي”

ناصيف ياسين*

في منشورٍ لهُ أسماهُ ” الجدار الحديديّ ” أورد فلاديمير جابوتنسكي -وهو أحدُ أبرزِ ” الآباء المؤسّسين ” للحركة الصهيونية – في 4تشرين الثاني عام 1923، خلاصةَ رؤيَتِهِ حول احتلالِ فلسطين وإنهاء تواجدِ شعبِها فيها ، تقول بعضُ فقراتها :
” ليس هناك أيُّ أملٍ في مصالحةٍ طَوعيّةٍ بيننا وبين العرب ، لا الآن ، ولا في المستقبل المنظور . إنّ كلّ العقلاء ، باستثناء الذين وُلِدوا عميانًا ، أدركوا منذ زمنٍ بعيد ، الإستحالةَ الكاملةَ للتّوصّلِ إلى اتّفاقيّةٍ رضائيّةٍ طَوْعيّةٍ مع عرب فلسطين ، من بلدٍ عربيٍّ إلى بلدٍ ذي غالبيّةٍ يهوديّة …
ثم يقول : ” ألقوّةُ الخارجيّةُ – ( طبعًا قبل إعلان إسرائيل ) – ضروريّةٌ لإنشاء شروط حكمٍ ودفاعٍ يُجَرّدُ فيها أهلُ البلاد ( الفلسطينيون) رغمًا عنهم – من كلّ إمكانيّةٍ لمقاومة استعمارِنا : إداريًّا وجسديًّا . إنّ على القوةِ أن تُؤدّيَ دورها بحزمٍ ودون تساهُل …”
ويعود لِيُكمِلَ :
” وجوابًا على القول بأنّ هذا عملٌ غير أخلاقيّ، فإنّني أقول : هذا غيرُ صحيحٍ على الإطلاق : فهذهِ هي أخلاقُنا، وليس هناك أخلاقٌ غير هذه الأخلاق ( هل سمع محمود عباس وجماعته وأمثاله هذا ؟؟!) … وليس هناك شعبٌ يُقْدِمُ على تنازلٍ هائلٍ في مثلِ هذه القضيّة المصيريّة ، إلّا حين تُغلَقُ في وجهِهٍ كلُّ منافذِ الأمل ، وإلّا حين لا نَدَعُ أمامَ عينيهِ ثغرةً يستطيعُ أنْ يخترقَ بها جدارنا الحديديّ ” !!
لِنَعُدْ إلى أربعةِ أيامٍ فقط – الأحدَ الماضي- وبعد ثمانيةٍ وستّين عامًا من إعلان الكيان الصهيونيّ على أرض فلسطين وقيام ” إسرائل” : وِفْقَ ” استشرافاتِ” ووصايا الإرهابيّ جابوتنسكي وأمثاله من أوائل ” آباء الصهيونية ” المؤسِّسِين والقادة التابعين ، بقوة الحديد والنار ، فنشاهد :
” أسد القدس والأقصى ” الشهيد مصباح أبو صبَيْح يقوم – منفردًا – بتنفيذِ عمليّةٍ بطوليّةٍ في شارع “” الشيخ جرّاح ” ، في القدس ، مُفتَتِحًا بداية العام الثاني لانتفاضة الشعب الفسطيني الثالثة التي راهَنَ الصهاينة ، ومعهم محمود عباس و ” شلّتُهُ ” و” سلطَتُهُ” على تعَبِها وإخمادِها ، فكانت لهم جميعًا : صفعةً قاسيةً ، انتهت بمقتل صهيونيّين ، وجَرحِ أربعة ، وعلى بُعدِ أمتارٍ ممّا يُسمّى ” مقرّ القيادة القطريّة للشرطة الإسرائيلية ” !
وبينما كانت آخر وصيّةٍ للشهيد البطل : ” الأقصى أمانةٌ في أعناقكم فلا تتركوهُ وحيدًا “… عمّت المواجهات ضدّ الصهاينة أرجاء القدس وأُغلِقت المحالّ التجارية فيها ، ودوهمت بلدة الشهيد : ” الرّام ” ، واعتُقِلَت ابنتُهُ ” إيمان ” ذات السبعة عشر ربيعًا ، لأنها أبدت اعتزازها العارم ببطولة أبيها ، كما اعتُقٍلَ جدّها وإخوتها الثلاثة وأعمامُها الثلاثة ، وأُقفِلَت محلّاتُ “آل صبيح ” بالشمع الأحمر ؟!
غير أنّ المُحلّلين ” الإسرائيليّين ” ، في المكتوب والمرئيّ والمسموع ، أجمعوا على أنّ هذه العمليّة التي تمّت بسلاح ( m 16 ) ، وليست بسكّين ، أو سلاحٍ من صنعٍ يدويٍّ ، هي ” نقطةُ تحوّلٍ ” في قدرةِ بطَلِها على تضليل ” أمن السلطة الفلسطينية ” و ” الشاباك ” ، حتى آخر لحظةٍ قبل تنفيذها ، بعدما كان قد كرّر أمام وسائل الإعلام إنه سيُسلِّمُ نفسَه للشرطة الصهيونية ( بناءً على طلبها ) … وكونها – حسب رأيهم – ستكون مثالًا يُحتَذى لٍمن سيتمثّلُ به لاحقًا ، وهذا ، كما قالوا : هو ” منبع الخطورة ” !
لِمن عشِيَتْ عيونُهُم ، وخفتت هِمَمُهُم : راقبوا وتبصّروا … ألشعب العربيّ حيٌّ : داخلَ فلسطينَ ، وخارجَها … ولن يركعَ … وهو ما زال يُردّد مع الشاعر معين بسيسو :
أنا إنْ سقَطْتُ فَخُذْ مكاني يا رفيقي في الكفاحْ واحْمِلْ سلاحي لا يُخِفْكَ دمي يسيلُ من السلاحْ
وانظرْ إلى شَفَتَيَّ أطبقتا على هَوْجِ الرياحْ وانْظرْ إلى عينيَّ أغمضتا على نورِ الصباحْ ؟!!
هو ذا قانونُ الشعوب الظافرة … ومآلُ المستعمرين الغاصبين ومصيرهم الأسْود الذي ينتظرهم ؟!!

كاتب لبناني

Share

التصنيفات: أقــلام

Share