Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

«فلخة» .. الحوار الوطني

علي سالم المعبقي

 

يبدو مشهد مؤتمرالحوارالوطني حيوياٍ وكئيباٍ في آن واحد وهو صارمثل فنجان المفوله (العرافة) الجميع ينظر إليه بقلق وترقب في انتظار ما سوف يخرج به من نتائج.

 

والحقيقة أن المشكلة لا تكمن في الـ563شخصاٍ أعضاء مؤتمرالحوار ولا في ما سوف يتفقون عليه أويختلفون حوله بل تكمن أساسا في الـ24مليون نسمة وطبائعهم الثقافية والاجتماعية المعصودة عصيد.

 

وحتى في حال خروج القوى المتحاورة باتفاق يرسم مستقبل اليمن وهذا هو الاحتمال الأرجح بيد أن ذلك لا يعني أن البلاد ستتحول في ليلة وضحاها إلى فردوس بل ستبقى جذور المشاكل ثابتة في الأرض وهي تتعلق أساسا بوقوع كثير من اليمنيين في شرك العصبيات وعبادة الجغرافيا وافتقارهم لإرث دولة القانون والمواطنة ومازالت الثقافة العامة مثقلة بالتحيزات التقليدية وبمعاول التشظي وما أنفك الانتماء إلى بطون وأفخاذ ومناطق يمثل المعادلة الأكثر حضوراٍ على الأرض وقلما وجد شخص في اليمن يحمل ثقافة المواطن المنتمي إلى دولة  ناهيك عن وجود مواطن عالمي.

 

وفي انزلاق النخب الثقافية والسياسية وتمترساتها الجهوية والمذهبية والمناطقية ما يؤكد غياب ثقافة المواطنة والتعايش وكان جلوس الأطراف المتصارعة إلى طاولة الحوار جاء نتيجة تكافؤ القوة وغياب طرف إقليمي أو دولي قوي يشجع أو يدعم استمرارالصراع وليس نتاج حكمة يمنية كما يزعم البعض.

 

ويرتسم المشهد الكاريكاتوري لطبيعة تعقيدات الواقع السياسي اليمني من خلال «الفلخة» الحاصلة بين ثقافة القوة وثقافة السلام فإن يضع فرد أو جماعة أوحزب قدما في مؤتمر الحوار وأخرى في سوق السلاح والميليشياتيعني استمرار غياب الثقة وإبقاء السلاح  كحام بدلا عن القانون والأمر برمته يعود إلى طبيعة المجتمع ماقبل الصناعي ومافتئت الأحزاب السياسية تبدو مجرد تمثيلات تعكس لحمة الجماعة الرعوية المتجذرة على هوية القرابة والجغرافيا ولم يكن اعتباطيا حرص كثير من الأحزاب على أن تعكس قياداتها التمثيل المناطقي وهناك أحزاب ماتزال في العمق أسرية.

 

والحال أن السلام اليمني المنشود مازال محفوفا بالكمائن وبمراوحات و»فلخات»شتى تعوق ترسخ الديمقراطية وتمثلها من قبل الاطراف قولا وسلوكا وحتى في حال اتفق على بناء دولة اتحادية من إقليمين أو من ستة أقاليم وتم ضبط النظام السياسي على أحسن صيغة فإن ذلك لا يعني أن اليمن ستتحول إلى قطعة من السويد أو سويسرا بل ستبقى مجرد صورة أخرى من حاشد و بكيل ومثلما بقي النزاع بين القبائل قائما فلا يستبعد أن يستمر ويأخذ مسمى جديدا هو صراع الأقاليم. وكما كان الارهاب الاسلامي نتيجة للتدين وليس بسبب الدين نفسه كذلك سيبقى الصراع العنيف ملمحا لـ»فلخة»  يمنية مزمنة عنوانها غياب التمثل الحقيقي  لثقافة الديمقراطية والسلام.

Share

التصنيفات: الصفحة الأخيرة

Share