Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

«غوغل» ترفض الدفع مقابل الاستفادة من محتوى الصحف الإلكترونية

باريس: إريك بفانر*

 

أصبحت شركة «غوغل» ثرية بطرحها بيانا بسيطا ألا وهو أن الروابط الإلكترونية التي تزود بها مواقع الإنترنت الأخرى تقدر قيمتها بأموال طائلة إلى حد أن ملايين المعلنين مستعدون لدفع مليارات الدولارات للشركة مقابل الحصول عليها.

 

الآن يرغب بعض ناشري الصحف والمجلات الأوروبيين الذين أصابهم الإحباط بسبب عجزهم عن تحقيق المزيد من الأرباح من شبكة الإنترنت في قلب المعادلة وهم يقولون إن موقع «غوغل» يجب أن يدفع لهم مقابل تلك الروابط نظرا لأنها توفر المادة التي يعتمد عليها عملاق الإنترنت في تحقيق كل هذا العائد الضخم. في الكثير من الدول الأوروبية أصبحت على وشك أن تشق طريقها. من شأن مشروع قانون ينظر أمام البرلمان الألماني أن يمكن الناشرين من تحصيل رسم من «غوغل» وغيره من محركات البحث الأخرى ومواقع الأخبار الأخرى عندما تعرض مقتطفات من مقالات إخبارية إلى جانب روابط لمواقع إنترنت خاصة بصحف ومجلات.

 

في هذا الأسبوع هدد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند «غوغل» بسن تشريع مماثل ما لم تأت بوسيلة لتعويض مواقع الأخبار بنهاية العام. في الأسبوع الماضي قال ناشرون في إيطاليا إنهم سوف يضغطون من أجل سن مثل هذا القانون.

 

غير أن «غوغل» ما زالت متمسكة بموقفها حتى الآن. تقول شركة «غوغل» التي تواجه بالفعل عقوبات محتملة من جانب جهات تنظيمية مختصة بمكافحة الاحتكار والخصوصية إن الاضطرار لدفع مقابل الروابط يمكن أن يهدد «صميم وجودها» على الإنترنت.

 

وحذرت من أن طلب دفعها رسوما قد يأتي بنتائج عكسية. إذا ما تعين على «غوغل» أن تدفع فهذا يعني أنها «ستجبر بالتبعية على وقف فهرسة المواقع الفرنسية» حسبما كتبت شركة «غوغل» في «ورقة تحديد موقف» أرسلتها إلى الحكومة الفرنسية.

 

ونظرا لأن نسبة تتراوح ما بين 30 إلى 40 في المائة من الزيارات على مواقع الإنترنت الإخبارية تأتي من روابط «غوغل» فليس تهديد الشركة بسيطا.

 

تقول «غوغل» إن من شأن مثل تلك القوانين أن تعرقل تعهدها بتوفير شبكة إنترنت مفتوحة وبحرية تدفق المعلوماتº فهي قد تقلب نموذج العمل الأساسي للشركة رأسا على عقب. يأتي الجزء الأكبر من عائد الشركة السنوي البالغ 38 مليار دولار من بيع «روابط خاضعة للرعاية» تظهر بجانب نتائج البحث المجانية. كذلك تقوم شركة «غوغل» ببيع إعلانات نيابة عن شركائها الخارجيين بما فيهم مواقع الأخبار وتتشارك العائد معهم.

 

ويقول ناشرون أوروبيون إن وجودهم أصبح محفوفا بالمخاطر بصورة أكبر ما لم يكن باستطاعتهم البدء في جني المزيد من الأموال من مواقعهم الإلكترونية ومن المنتجات الرقمية الأخرى مثل تطبيقات الهواتف الجوالة. وفيما تستمر عائدات الإعلان في الزيادة على موقع «غوغل» فإنها ثابتة أو حتى آخذة في الانخفاض في الكثير من الإصدارات الأوروبية على الإنترنت.

 

«نحن نغذي محرك البحث ونظام الحلول الحسابية بالفعل حيث نزودهما بشكل دائم بمحتوى جديد محتوى يمكنك الاعتماد عليه لأنه تمت مراجعته ويتسم بالدقة». هكذا تحدثت ناتالي كولن رئيس مجموعة الناشرين المستقلين وهي المؤسسة التي تضم ناشري الصحف والمجلات الفرنسية. وأضافت: «لهذا يمكنهم بيع إعلانات».

 

يبدو أن هولاند متفق معهمº ففي اجتماع مع إريك شميدت الرئيس التنفيذي لشركة «غوغل» في قصر الإليزيه هذا الأسبوع أعرب الرئيس عن رغبته في أن تبدأ المفاوضات بين «غوغل» وناشري الأخبار بسرعة وتختتم بنهاية العام هذا ما ذكره مكتبه في بيان أصدره.

 

وأكد هولاند على أن «الحوار والتفاوض بين الطرفين بدا له بمثابة الخيار الأفضل لكن إذا لزم الأمر يمكن تفعيل قانون في هذا الصدد على حذو ألمانيا».

 

وفي بيان لها قللت «غوغل» من قدر الحديث عن إنذار قائلة إن شميدت قد «زار فرنسا عدة مرات لمقابلة مسؤولين حكوميين ومناقشة كيف يمكن أن تساعد شبكة الإنترنت في توفير وظائف إضافة إلى تصدير الثقافة الفرنسية للعالم».

 

إن من شأن المقترح الألماني الذي استشهد به هولاند أن يوفر ما يمكن أن يطلق عليه «حق نشر مكمل» على نحو يحمي المحتوى الإخباري على الإنترنت وينظم الاستخدامات الثانوية له بما فيها المقاطع التي تعرضها الآن محركات البحث مثل «غوغل» لذكر روابط لمواقع أخرى.

 

سوف يتعين على مستخدمين من قطاع الأعمال مثل «غوغل» دفع رسوم بهدف عرض مواد لناشري أخبار حتى لو كانت مقتطفات صغيرة. من شأن أي هيئة مختصة بجمع الرسوم مثل الوكالات التي تحصل الرسوم نيابة عن الموسيقيين أن تجمع الرسوم وتقوم بتوزيع الأموال المستحقة للناشرين.

 

طرحت حكومة المستشارة أنجيلا ميركل التشريع في الشتاء الماضي وقد صدقت الغرفة العليا بالبرلمان على الإجراء ومن المقرر أن تبدأ مناقشته في الغرفة السفلى في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.

 

وفي إيطاليا تعتبر المناقشات في مرحلة مبكرة لكن الاتحاد التجاري لناشري الأخبار تعهد الأسبوع الماضي بالعمل مع نظيريه الفرنسي والألماني وبالضغط على الحكومة من أجل تخفيف التشريع. ويعكف ملاك مساحات إعلامية في النمسا وسويسرا ودول أوروبية أخرى أيضا على دراسة القضية.

 

ويأتي الضغط من أجل فرض حماية أكثر صرامة لحقوق النشر بالقارة على النقيض من الاتجاه الرامي إلى مزيد من التحرر في مناطق أخرى إذ تقوم دول أخرى بتحديث قوانينها الخاصة بالملكية الفكرية لأجل الحقبة الرقمية التي يميزها التدفق الحر للمعلومات.

 

على سبيل المثال في بريطانيا اقترحت هيئة خاضعة لرعاية الحكومة مؤخرا تخفيف قيود حقوق النشر التي تجرم حتى النسخ الخاص للمواد المحمية. وفي الولايات المتحدة تتسم مادة «الاستخدام العادل» بقانون حقوق النشر بالاستشهاد بالمواد المحمية.

 

وقال سيمون موريسون مدير السياسة العامة بموقع «غوغل»: «الدول بمختلف أنحاء العالم تتحرك بسرعة في اتجاه سن قوانين حقوق نشر تتطلع قدما إلى القرن الحادي والعشرين تشجع الابتكار والإبداع والنمو الاقتصادي». وأضاف: «نأمل في العمل مع الناشرين في فرنسا وألمانيا من أجل تحقيق الهدف نفسه».

 

فيما كانت قوانين حقوق النشر أكثر تقييدا في قارة أوروبا منها في الولايات المتحدة يقول الناشرون إن ثمة اختلافا آخر هاما يجعل التأمين الجديد والتمويل ضروريين. لقد منحت شبكة الإنترنت أكبر الناشرين باللغة الإنجليزية وجودا عالميا في بعض الحالات زودتهم بعشرات الملايين من القراء الجدد. وهذا يحسن فرصهم في استخدام أنظمة «غوغل» من أجل زيادة عائد الإعلان رغم أن كثيرا من الصحف المكتوبة بالإنجليزية تشق طريقها بصعوبة على الإنترنت أيضا.

 

وفي بلدان مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا التي يكون فيها مشاهدو المواقع الإخبارية على شبكة الإنترنت مقيدين بعاملي اللغة والجنسية نجد أن عائدات الإعلانات على شبكة الإنترنت محدودة. وقالت كولن إن إجمالي عائدات الإعلانات على المواقع التابعة للصحف والمجلات الفرنسية تصل إلى نحو 150 مليون يورو أو ما يعادل 194 مليون دولار سنويا.

 

وبينما لا تقوم «غوغل» بتقسيم إيراداتها حسب كل دولة فإن مشتري المساحات الإعلانية في وسائل الإعلام يقولون إن «غوغل» تحقق مكاسب تصل إلى نحو 1.5 مليار يورو في فرنسا وحدها. وفي ضوء معدلات النمو الحالية فإن الشركة سرعان ما ستتجاوز شبكة التلفزيون الرائدة في البلاد «تي إف 1» كأكبر وسيط للإعلانات في فرنسا.

 

وفي شكوى تتعلق بتلك القضية أعلنت الحكومة الفرنسية عن غضبها من عدم قيام «غوغل» بدفع ضرائب على عائدات الإعلانات في فرنسا لأن الشركة تقوم بتوجيه الحجوزات الإعلانية إلى فرعها بآيرلندا للاستفادة من انخفاض المعدلات الضريبية على الشركات هناك. ولا يتنافى هذا الإجراء مع قوانين الاتحاد الأوروبي ولكن هولاند حذر شميدت من أنه يجري النظر في تلك المسألة.

 

وفي البيان الصادر عقب انتهاء الاجتماع قال مكتب هولاند إن الرئيس الفرنسي قد طالب بـ«تعديل ضريبي من أجل مراعاة القيمة المضافة وتمويل إنشاء المحتوى في المناطق المختلفة».

 

وقد قوبل مشروع قانون حقوق النشر في ألمانيا بانتقادات حادة من قبل مجموعة واسعة من الفئات بما في ذلك جماعات الضغط للشركات غير العاملة في مجال النشر والتي ترى أن ذلك سيكلفها أعباء إضافية لأنها قد تضطر لدفع مبالغ أخرى نظير الحصول على معلومات عبر الإنترنت. وندد حزب الخضر والجماعات التحررية بهذا المشروع لأنه يقيد حرية التعبير كما وصفه المدونون بأنه شيء متخلف يصعب تطبيقه.

 

وكتب جوستوس هوكاب وهو رئيس أحد اللجان المستقلة التي تقدم المشورة للحكومة الألمانية فيما يتعلق بقضايا المنافسة في صحيفة «دير تاغ شبيغل» الألمانية يقول: «في النهاية ما يكمن وراء مصطلح (حق النشر الإضافي) لا يعدو كونه محاولة لدعم الصحف الألمانية على حساب القطاعات الأخرى ولا يوجد أي مبرر موضوعي لذلك لأن مثل هذا الدعم سوف يبطئ حركة التغيير الهيكلي ويحول دون تطوير نماذج الأعمال المبتكرة».

 

وقالت «غوغل» إن الروابط الخاصة بها هي السبب في قيام أربعة ملايين زائر بالدخول على مواقع الأخبار الفرنسية كل شهر وإن هذه المواقع ستكون غبية إذا ما خاطرت بفقدان هذا العدد الهائل. ومع ذلك يقول الناشرون إنهم يشكون في قيام «غوغل» بتنفيذ تهديدها والتوقف عن إظهار محتوياتهم لأن هذا من شأنه أن يقوض التزام الشركة المعلن بحرية التعبير.

 

وفي البرازيل قررت أكثر من 150 صحيفة في الآونة الأخيرة الانسحاب بصورة جماعية من على خدمة «غوغل نيوز» التي تقوم بعرض العناوين والأسطر الأولى من المقالات الإخبارية – يرى الناشرون أن هذه العناوين والأسطر تكون كافية بالدرجة التي لا تجعل القارئ مهتما بالدخول لقراءة باقي الخبر. وتدور معركة مماثلة منذ سنوات في بلجيكا حيث ربح الناشرون دعوى قضائية تلزم «غوغل» بالتوقف عن نشر أخبارها على خدمة «غوغل نيوز» على أن تبقي عليها في محرك البحث.

 

وبغض النظر عن حرية التعبير يرى الكثير من الناشرين أن المشكلة ستكمن في العائدات في ظل عدم وضوح هذا النظام لأن تلك القوانين لا تحدد الرسوم التي سيتم تحصيلها. ويقول كريستوف كيس وهو رئيس الشؤون العامة في مؤسسة «أكسل سبرينغر» التي تقوم بنشر صحف «بيلد» و«دي فيلت» الألمانية إن الرسوم «لن تكون باهظة».

 

* خدمة «نيويورك تايمز»

Share

التصنيفات: منوعــات

Share