Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

غياب التسامح السياسي والتعايش غير مشروع المدنية والحداثة

غياب التسامح السياسي والتعايش غير مشروع المدنية والحداثة
هل آن الأوان لتجاوز مخلفات الصراع الماضوي¿!
تحقيق/ عبده حسين
<  كانت الدولة المدنية هدفاٍ أساسياٍ من أهداف التغيير الذي قامت الثورة اليمنية «سبتمبر- أكتوبر» لأجله واستوعبت أهدافها الأولى الأسس السليمة لإقامة هذه الدولة ‘لكن ما جوبهت به من حروب ومعوقات ومؤامرات داخلية وخارجية جعلت من تحقيق هذا الهدف أملاٍ صعباٍ وشأناٍ مؤجلاٍ.. ونحن

د. البحــش:
القبيلة والغنيمة أعادت الأمور إلى ما قبل الثورة

نحتفل بالعيد الذهبي نتساءل عن جدوى الدعوات التي تطل علينا اليوم من جديد لتنادي بشيء كان هدفاٍ استراتيجياٍ في الأصل لتغيير جذري حصل قبل خمسين عاماٍ¿ لماذا لم نسع للعمل الواقعي باتجاه مأسسة الدولة وتطويرها على أساس من مدنيتها بدلا من التكرار الممل للشعارات الرنانة¿ وما المعالجات لتجاوز تلك المعوقات ¿وفي ماذا يتمثل دور المجتمع المدني¿ هذه التساؤلات وغيرها تجدون إجابتها في السياق..
يؤكد الدكتور عبده البحش رئيس الدائرة السياسية بمركز الدراسات      والبحوث اليمني أن ثورتي سبتمبر وأكتوبر هما ثورتان حقيقيتان وعظيمتان شكلتا منعطفا تاريخياٍ حاسماٍ في تاريخ اليمن الحديث وهذا يتضح من الأهداف العظيمة لتينك الثورتين المجيدتين إلا أن تلك الأهداف وللأسف الشديد لم تتحقق على أرض الواقع بسبب هيمنة القبيلة على الدولة خاصة في شمال اليمن ومن ثم سحق وإقصاء الثوار الحقيقيين الذين قادوا ثورة 26 سبتمبر1962م من خلال التصفية الجسدية أو التهميش والطرد والنفي وغيرها من اشكال الإقصاء والتعسف تلك هي العقلية القبلية المتخلفة التي سطرت المشهد السياسي في شمال اليمن خصوصا بعد اغتيال الزعيم الشهيد ابراهيم الحمدي وأخيه الشهيد عبد الله الحمدي لتنفرد القبيلة منذ تلك اللحظة بحكم شمال اليمن وتدشين مرحلة جديدة من السياسة القائمة على محركين أساسيين هما القبيلة والغنيمة وبذلك عادت الأمور في البلاد ليس إلى ما قبل عصر الثورة وإنما الى العصر الأموي الذي كان النظام السياسي فيه يقوم على القبيلة والغنيمة أو ما يسمونه العطاء وكان لديهم ترتيب معين في توزيع العطاء يقوم على معيار قبلي غالبا ما كان يؤدي الى قتال ضار بين القبائل القيسية والقبائل اليمانية , تلك هي المصيبة التي منيت بها الثورة السبتمبرية وتلك هي العقلية القبلية التي حكمت البلاد وحالت دون بناء دولة مدنية حقيقية أو حتى بناء مؤسسات فاعلة في هيكلة الدولة الجديدة الأمر الذي جعل أهداف الثورة السبتمبرية حبراٍ على ورق وشعارات رنانة تتردد في المناسبات الوطنية لتلميع الوجه القبيح للقبيلة المتخلفة وهمجيتها الفوضوية ونظرتها للدولة باعتبارها غنيمة تم تقاسمها بين قلة من رموز القبيلة المتخلفة.
ويضيف: المشكلة الأساسية في عدم السعي الجاد إلى بناء الدولة المدنية هي نفس المشكلة التي واجهت الثورة السبتمبرية فتلك العقلية القبلية ما كان لها أن تسمح أبدا بقيام دولة مدنية حقيقية على الاطلاق ذلك أن مصلحة القبيلة لا تنسجم أبدا مع قيام دولة مدنية ومؤسسات حقيقية فاعلة لأنها ببساطة تدرك تماماٍ أن قيام دولة مدنية حديثة سيفقد القبيلة الغنيمة والنفوذ الذي تتمتع به القبيلة طيلة العقود الماضية وحتى يومنا هذا ولعل محاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها الدكتور ياسين سعيد نعمان الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني لم تكن سوى رسالة واضحة من القبيلة التي شعرت أن نعمان يهدد مصالحها ونفوذها في الوقت الراهن وكأن القبيلة تريد أن تقول للقوى المدنية التقدمية نحن لن نسمح لكم بتغيير الأوضاع مهما كان الثمن.
ويردف الدكتور البحش: المعالجات الحقيقية هي أن يتم نزع القوة والنفوذ من يد القبيلة أولاٍ ومن ثم الشروع في بناء الدولة المدنية الحديثة لأنه لا يمكن حتى مجرد التفكير ببناء الدولة المدنية في ظل سيطرة القبيلة على القوة والثروة حيث ما يزال الجيش وحتى يومنا هذا تحت سيطرة القبيلة ممثلة برموزها الذين يتقلدون المراكز القيادية سواء في الجيش أو القوى الأمنية كما أن الثروة هي الأخرى تقع تحت سيطرة تلك القوى المتنفذة وهذا الواقع يجعل من المستحيل بناء دولة مدنية حديثة كما سيجعل من المستحيل التمكين للمجتمع المدني من القيام بدوره الحيوي في مختلف المجالات السياسية والثقافية والاجتماعية وغيرها من المجالات الأخرى.
وصاية وعمالة
وفي ما يتعلق بالمؤامرات الخارجية التي شكلت تحديات كبرى أمام مشروع بناء الدولة اليمنية الحديثة على أسس سليمة ومتينة انطلاقا من أهداف ثورتي 26 سبتمبر و 14 أكتوبر المجيدتين يرى الدكتور البحش أن القوى الاقليمية المجاورة لليمن ومن ورائها القوى الدولية المهيمنة شكلت تحدياٍ رئيسياٍ وعقبة كبرى أمام الجهود الوطنية المخلصة التي بذلت من قبل القوى الوطنية الثورية اليمنية التقدمية لدرجة أن اليمن الجمهوري دفع ثمناٍ غالياٍ باغتيال زعيم المشروع الوطني ورائد التغيير والتصحيح الحقيقي لبناء الدولة المدنية الحديثة الرئيس ابراهيم الحمدي الذي تم اغتياله بمؤامرة دولية وإقليمية بالتواطؤ مع بعض القوى المحلية العميلة داخل اليمن على رأسها القبيلة المتخلفة التي ما تزال تحكم وتتحكم بالقرار السياسي اليمني وبطريقة عبثية وفوضوية أوصلت اليمن إلى ما وصل اليه من تخلف وفقر وجهل ومرض وعشوائية جعلت من اليمن مرتعاٍ للفساد ووكراٍ للإرهاب وبيئة لانتشار الأفكار المتطرفة نتيجة للتحالف التاريخي بين القبيلة العميلة في اليمن وبين القوى الاقليمية المجاورة التي تظن أن من مصلحتها بقاء اليمن دولة هشة وضعيفة ومحطمة تعاني من مشكلات اجتماعية وصراعات داخلية وتحديات اقتصادية بحيث تظل اليمن تحت هيمنة وسيطرة تلك القوى الاقليمية المجاورة والتي تدير وتتولى حاليا الملف اليمني وترسم التحولات التي تجري في الوقت الراهن من هيكلة للجيش والأجهزة الأمنية وتحضيرات للحوار الوطني والمصالحة وصياغة الدستور اليمني الجديد الذي لن يخلو من لمسات تلك القوى التي نصبت نفسها وصية على الجمهورية اليمنية.
محطة لتقييم الذات
أما الدكتور محمود البكاري أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة تعز فيشدد على أن الاحتفال بالعيد

د. البكاري:
التاريخ لن يرحم معرقلـي مشـروع التطوير السياسي

الذهبي للثورة اليمنية الأم 26سبتمبر يمثل محطة هامة لتقييم الذات الوطنية في ضوء أهداف ومبادىء الثورة الخالدة والتى تشكل منظومة متكاملة غير قابلة للانتقاء والتجزئة إذ أن كل هدف منها يشكل سبباٍ ونتيجة للآخر وهذه الأهداف السامية تعكس عظمة أولئك الرجال الذين مثلو بفكرهم السياسي المتقد شعلة مضئية في ظل الظلام الدامس الذى كان يسود تلك المرحلة ولذلك فإن الوفاء لهؤلاء العظماء يتطلب السير في درب التطوير والبناء لتحقيق تلك الأهداف جملة وتفصيلا وهي بمثابة برنامج عمل سياسي ووطني شامل ومتكامل وهو ما كنا ولانزال بأمس الحاجة اليه وخاصة ما يتعلق ببناء دولة مدنية حديثة ومجتمع مدني ديمقراطي وتحقيق العدالة الاجتماعية والوحدة الوطنية وهو ماكان من المفترض أن نكون قد شارفنا على إنجازه لندخل في نطاق الحداثة السياسية والمجتمعية بأهدافها العصرية إلا أن ماحدث يمكن وصفه بحالة من النكوص عن تلك الأهداف بفعل تآمرات عديدة داخليا وخارجيا نتج عنها استفحال حالة الصراع السياسي على السلطة سواء في ظل الشمولية والتشطير على مستوى كل شطر وفيما بين الشطرين سابقاٍ أو في ظل الوحدة اليمنية منذ العام 1990م وهو ماكان مفترضاٍ أن تكون الديمقراطية القائمة على التعددية السياسية الحزبية بهدف التداول السلمي للسلطة قد وضعت حدا ضامنا لعدم حدوثه وتكراره وبالتالي فإن كل تلك الأحداث والمحطات الصراعية والتى أخذت في معظم الاحيان شعارات حديثة أعاقت مشروع التغيير السبتمبري والأكتوبري أيضا ولاتزال مثل هذة الشعارات توفر غطاء للصراع السياسي المولد للصراع الاجتماعي والتخلف الاقتصادى والمجتمعي بما يمثله من عرقلة لبرامج التنمية الشاملة والمستدامة ولذلك فإن فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي كان محقاٍ بإشارته إلى أنه حان الوقت لوضع حد للصراع السياسي المحتدم في اليمن منذ خمسين عاماٍ هي عمر الثورة.
ويتساءل الدكتور البكاري: هل الثورة قامت لأجل هذا الصراع أم أنها ضد العنف وللقضاء على التخلف والصراع الذي يمثل بحد ذاته قمة التخلف لأنه ببساطة يعني غياب دولة المؤسسات والقانون وسيادة شريعة الغاب كما يقال ولذلك فإن أهم المعالجات تتمثل في إدراك الجميع أن الأسس العامة لبناء الدولة المدنية موجودة وواضحة كما وضعها الثوار ولا داعي لإضاعة الوقت أو الاجتهاد في وضعها وبالتالي فإن المطلوب هو استعادة وتفعيل الذاكرة الوطنية بغية تجاوز مخلفات الصراع الماضوي والانطلاق نحو المستقبل برؤية وطنية واعية ومستوعبة لحقائق العصر ومتطلبات التطور وبدون ذلك سنظل ندور في حلقة مفرغة من التخلف والشتات والتاريخ لن يرحم من يتسبب في عرقلة مشروع التطوير السياسي والمجتمعي ويطيل من معاناة الشعب اليمني التواق فعلا والمتفاعل ايجابا مع مصالحه ولا يحتاج سوى قدر عال من الرشادة السياسية والشعور بالمسئولية لدى من يتولون السلطة باسمه ونيابة عنه سواء على المستوى السياسي الرسمي أو المستوى المدني الموازي «أحزاب سياسية ومنظمات مجتمع مدني ونخب ثقافية وفكرية» والجميع مدعو بهذه المناسبة إلى تغليب مصلحة الوطن وتقديم التنازلات المولدة للتسامح السياسي والتعايش الاجتماعي والوطن بكل تأكيد يتسع للجميع وعلينا أن ندرك أن كلفة ما دفعه الشعب اليمني جراء الصراع وحالة اللاستقرار تفوق بكثير ما استهلكه في السلم والتنمية فضلاٍ عن الصورة المشوهة التى ترتسم عن الشعب اليمني لدى الآخر والمسيئة لعراقته وحضارته وتاريخه والبعض يتساءل ماجدوى الثورة والجمهورية والوحدة والديمقراطية إذا كانت هذه هي النتيجة المؤلمة والمحبطة بأننا لانزال نبحث عمن يساعدنا في حل مشاكلنا السياسية والاقتصادية انه بالفعل واقع غير مشرف لشهداء الثورة وللشعب اليمني عموماٍ وحتى للنخب السياسية تحديدا والتي تتحمل مسئولية الانحراف عن أهداف ومسار الثورة اليمنية..
مشروعان متناقضان
من جانبه الدكتور سمير العبدلي – أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء – يرى في دراسة له بعنوان

د. العبدلي:
تناقض المشاريع والتدخلات الخارجية عطل بناء الدولة

«الطريق إلى الدولة المدنية» أنه بعد قيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962م في الشطر الشمالي والاستقلال في 30 نوفمبر 1967م في الشطر الجنوبي كانت هناك فرصة تاريخية لبناء وترسيخ أسس دولة مدنية حديثة تنتقل فيها اليمن من دولة موغلة العيش في العصور الوسطى والتخلف والانتقال بها إلى مصاف الدول الحديثة ولكن اصطدمت قوى الثورة والاستقلال بمشكلات اجتماعية واقتصادية وسياسية متراكمة من أزمنة الإمامة والاستعمار شاركها فيها عامل التشطير الذي فرض نفسه على أرض الواقع كما لعب نقص الخبرة والتعليم وسيادة التوجهات الأيديولوجية لدى العديد من الثوار والمناضلين الذين قاموا بالثورة والاستقلال دوراٍ في عرقلة ما تبقى مما فتح الباب أمام الصراعات السياسية والأيديولوجية ووجدت اليمن نفسها أمام مشروعين متناقضين مشروع مستقبلي لقوى التغيير والحداثة تقوده طليعة من الشباب المتعلمين والمثقفين مدنيين وعسكريين في مواجهة مشروع محافظ للقوى التقليدية والقبلية يقوده المشائخ والقضاة والذي يستقوي بالعصبية القبلية والجهوية مما سمح للتدخلات الخارجية لدول الجوار الإقليمية والقوى الدولية أثناء الحرب الباردة لكي تفرض إرادتها وإملاءاتها على فرقاء الساحة السياسية اليمنية لتجني اليمن حروباٍ وصراعات أهلية دموية بين الشطرين أو في داخل كل شطر على حدة مما أسهم في تعطل وتعثر مشروعات استكمال بناء الدولة المدنية التي تعتمد أركانها الأساسية على مضامين تتمثل بسيادة مفاهيم الحرية والديمقراطية والعدالة وسيادة دولة المؤسسات والنظام والقانون والمواطنة المتساوية..>

Share

التصنيفات: الشارع السياسي

Share