Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

بعد مْضي 50 عاماٍ على الثورة اليمنية

بعد مْضي 50 عاماٍ على الثورة اليمنية
استطلاع / سمير الفقيه
<  خمسة عقود تمر على ثورة السادس و العشرين من سبتمبر 1962م التي فتحت آفاقا رحبة أمام اليمنيين وتطلعاتهم نحو التغيير المنشود والولوج إلى عصر الدولة القادرة والمقتدرة التي تسودها العدالة والمواطنة المتساوية وسيادة القانون.. غير أن الاحتفال باليوبيل الذهبي لثورة سبتمبر اليوم يصطدم بسؤال مركزي ملح وهو لماذا هذا التعثر في استكمال بناء دولة النظام والقانون ومناهضة الفساد¿ ولماذا هذه الاختلالات في فرض هيبة الدولة وتغييب الدستور والقوانين النافذة واستحضار النفوذ القبلي والجهوي والمناطقي وتنامي ظاهرة النزعات المحلية والتي عادة ما تقوض الدولة ومؤسساتها¿

الشامي:
بدون التحول الديمقراطي لا يمكن الحديث عن بناء دولة المؤسسات

وإن أخوف ما نخاف عليه اليوم أن نصل إلى ذلك القول المأثور «فاشل يتبعه فاشل على أمل انقاذ فاشل» غير أن ما يميز الاحتفال بمناسبة ثورة سبتمبر اليوم هو أنه يأتي في ظل متغيرات سياسية دراماتيكية شهدها الوطن خلال المرحلة السابقة وتمخض عنها ولادة نظام سياسي جديد في الـ21 فبراير من هذا العام.. غير أن الجميع بات يدرك الحاجة إلى أهمية قيام دولة المؤسسات والقانون التي تكرس مزيداٍ من الحقوق والحريات والعدالة الاجتماعية ومبادئ المساواة والمواطنة وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب وتحديد المسؤوليات واقترانها بالشفافية والمساءلة.
تحول ديمقراطي
ويرى النائب في البرلمان زيد الشامي أنه مما لا شك فيه أن الثورة اليمنية حققت الكثير من الانجازات على مختلف الأصعدة التنموية والاقتصادية والاجتماعية ولكن الدولة في زمن هذه الانجازات والتحولات لم تتمكن من التحول إلى دولة مؤسسات حيث ظلت الأنظمة المتعاقبة خلال هذه الفترة تحرص فقط على البقاء والاستمرار وعدم الأخذ بزمام المبادرة والتحول إلى النظام الديمقراطي وإفراز قيادات سياسية جدية.. فضلاٍ عن محاسبة القيادات القائمة..
ويضيف الشامي: لقد ظلت الأمور تعتمد على المحسوبية وحتى بعد أن تحققت الوحدة اليمنية وجاءت التعددية السياسية فقد تم أخذ أسوأ ما في النظام التعددي حيث «التعصب الحزبي» هو أساس الأداء الأمر الذي سبب مزيداٍ من تخلف وتراجع العملية السياسية.. وما ترتب على ذلك من سمعة سيئة لبلادنا على مستوى الداخل والخارج..
وفي ما يتعلق بموضوع المسؤولية والرقابة يؤكد الشامي أن غياب هاتين المفردتين في العملية السياسية هو الذي يطيح بمبدأ قيام دولة المؤسسات والقانون ويجعل من مبدأ «التبادل السلمي للسلطة» مستحيلاٍ.
ويلفت إلى أن ما يزيد من إحباط الناس إزاء قيام دولة القانون والمؤسسات هو غياب مبدأ الشفافية والمساءلة وفساد العمل السياسي وتغييب مبدأ التبادل السلمي للسلطة..

المقطري:
غياب المشروع الوطني المتكامل عثر إرساء دولة المؤسسات

ويتابع بالقول: إن الانتساب لأسرة معينة أو لحزب معين لا يجعلك تتقدم على من هم أرفع منك في الكفاءة والاقتدار والخبرة لكن للأسف أن هذا ما حدث في الماضي ويحدث في الحاضر.. الأمر الذي يزيد من تعثر التحول إلى دولة النظام والقانون والمؤسسات..
مربط الفرس
ويستطرد النائب الشامي بالقول: نحن لا نريد أن نلغي الماضي كما يقال وإنما نريد أن نبني لأبنائنا مستقبلاٍ زاهراٍ ومربط الفرس أن يكون هناك «تبادل سلمي للسلطة» وأن تكون هناك علاقة بين السلطة والمسؤولية بحيث تكون هناك محاسبة ومساءلة بحيث لا نعطى السلطة دون أن تكون مقرونة بالمحاسبة فلا مسؤولية بلا محاسبة.
ويشير الشامي إلى أن من تعاقبوا على حكم البلد طيلة فترة الخمسين عاماٍ الماضية أن يعترفوا أنهم لم يفلحوا في قيادة البلاد إلى بر الأمان على الرغم من انجازاتهم في محافل كثيرة اقتصادية وتنموية لكنهم فشلوا في بناء دولة القانون والمؤسسات وبات لزاماٍ افساح المجال أمام هذا الجيل أن يؤسس لمرحلة بناء الدولة وفق معايير أكثر حداثة تعتمد احترام الدستور والقانون وتكريس مبدأ المساءلة والمحاسبة.
مشروع وطني
من جهته النائب عبدالله المقطري يقول أن من الأسباب الرئيسية التي حالت دون قيام دولة القانون والمؤسسات هي أن كل القيادات التي وصلت إلى هرم السلطة لا تمتلك مشروعاٍ وطنياٍ كاملاٍ يعمل على إيجاد دولة مدنية حديثة بكل جوانبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية ولذلك اعتقد أن المشكلة تكمن في عدم وجود القيادة الوطنية بشكل أساسي باستثناء فترة الرئيس ابراهيم الحمدي «74 – 1977م» الذي كان لديه مشروع وطني متكامل ودفع حياته ثمناٍ لهذا المشروع الذي تبناه.
ويضيف المقطري: اعتقد أن هذا المشروع في غاية الأهمية وأن أي قيادة تسير عكس ذلك ولا تغلب مصالح الوطن العليا على ما دونها من المصالح الحزبية والشخصية والقبلية ستظل تراوح في ذات

كـــــرو:
تكريس مبدأ «اللامركزية» يمهد الطريق نحو البناء المؤسسي للدولة

المربع.
حوار وطني
ويؤكد المقطري أن هذه المراوحة ستظل تتمدد على حاضر ومستقبل اليمن السياسي ما لم يكرس مؤتمر الحوار الوطني القادم مشروع بناء الدولة المستقبلي القائم على احترام سيادة الدستور والقانون والمؤسسات والاستفادة من دروس الماضي منذ قيام ثورتي سبتمبر واكتوبر وما تمخض عن ذلك من صراعات سياسية وقبلية..
أطراف خارجية
ولا يخفي النائب المقطري تخوفه من دخول لاعبين اقليميين دوليين في مرحلة المشروع الوطني الذي يتطلع إلى بناء دولة المؤسسات حيث تشكل هذه الأطراف عاملاٍ معيقاٍ لاكتمال العملية السياسية في البلد ولا تفكر إلا في الذي يخدم مصالحها وأجندتها في اليمن والمنطقة العربية عموماٍ.
ويخلص إلى القول أتمنى أن تكون مخرجات المؤتمر الوطني القادم المزمع انعقاده في نوفمبر القادم تغليب المصلحة الوطنية لإقامة الدولة المدنية الحديثة الديمقراطية بكل تكويناتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
التزام الدستور
من ناحية ثانية يرى النائب عبدالعزيز كرو أن التزام الدستور والتقيد بالقوانين النافذة واللوائح المنبثقة هو الذي يمهد الطريق لبناء الدولة المدنية الحديثة القائمة على المؤسسات.
ويضيف: في الماضي وحتى الآن كانت «المرجعيات» هي التي تحل محل الدستور والقوانين وكان «المرجعية» هي بديل «الدولة» ومؤسساتها..
ويتابع: كيف يمكن تصور الدولة المدنية العادلة ولا تزال «الوجاهات القبلية» تخترق الطرقات وخلفها

د. دغيش:
تعثر البناء المؤسسي يعود إلى غياب الاستقرار السياسي

مجاميع قبلية من المسلحين.. لافتاٍ إلى أنه ليس ضد القبيلة التي اقترن اسمها عبر التاريخ بالشيم والقيم النبيلة من الكرم وإغاثة الملهوف والتفضل والإيثار.. غير أن ما يحدث اليوم أن هناك وجاهات قبلية تريد الولوج إلى الأنظمة والقوانين ليس حبا فيها وإنما لتحمي مصالحها ولتستخدم الدستور والقانون مطية لتحقيق أكبر قدر من المصالح والمكاسب وهذا بدوره سيؤدي إلى تكريس مزيد من الهيمنة والسيطرة والاقصاء والالغاء ويترتب عليه مزيداٍ من التعثر في الوصول إلى دولة المواطنة والمساواة والعدالة الاجتماعية..
مرحلة حساسة
ويؤكد كرو أن المرحلة التي يعشيها البلد حالياٍ حساسة وخطيرة في ظل التحولات التي شهدتها اليمن خلال الفترة الماضية الأمر الذي يؤكد الحاجة إلى رص الصفوف وحاجة بعضنا إلى  بعض في هذه الظروف الاستثنائية الدقيقة سواء كان ذلك شمالاٍ أو جنوباٍ وأن نطرح مشاكلنا بكل شفافية وصراحة مطلقة..
ويلفت كرو إلى الأهمية في الاتجاه نحو تخفيف المركزية والانتقال إلى «اللامركزية» وهي مرحلة إعطاء المحافظة المزيد من السلطات والمحليات ومعالجة شؤونها وأن ننطلق في ذلك من خلال التجارب وليس من خلال الخيارات والأمزجة حيث نستطيع أن نطبق نظام «الاقاليم» إذا استدعت الضرورة ذلك فليس هناك ما يمنع وإن كان الأمر ليس سهلاٍ..
صدق النوايا
ويخلص النائب كرو إلى ضرورة أن تصدق النوايا في التوجه نحو مؤتمر الحوار الوطني القادم الذي يحدد وجهة اليمن ومصير هذا البلد أما التوحد حول الأهداف الكبرى أو التشرذم والتشظي..
ويضيف أن أهم ما يواجه اليمن من مشكلات اليوم هو تداخل السلطات والبديل لذلك هو تعزيز قيم «اللامركزية» في مقابل المركزية ويجب أن تكون هناك قيادات محلية على قدر عال من الخبرة والدراية

الشيخ:
الصراع والتقاسم أخر قيام دولة المؤسسات والقانون

وحس المسؤولية وأن يتم انتخابهم من قبل المواطنين..
استقرار سياسي
النائب الدكتور عبدالباري دغيش يبتدئ حديثه بالقول أن الحديث عن ثورة سبتمبر في يوبيلها الذهبي ليس بالأمر السهل وإن كان ذلك من اختصاص المراكز البحثية والتاريخية التي هي  الأقدر على معالجة المراحل التي مرت بها ثورة سبتمبر وأنظمة الحكم التي تعاقبت عليها غير أن ذلك لا يمنع من الاجتهاد من ذلك فعلى الرغم من الاخفاقات والأخطاء التي رافقت الأداء بعد ثورتي سبتمبر 1962م واكتوبر 1963م إلا أن الثورتاين سمحتا بالانفتاح نحو آفاق رحبة والسماح لانوار التغيير والعلم بالانسياب على كل أرجاء اليمن كما توجت ثورتي سبتمبر واكتوبر نضالات الشعب اليمني بالانعتاق من رمق التخلف والطغيان..
أما بالنسبة لماذا لم نستطع اكمال وارساء دولة النظام والقانون والمؤسسات وتعثرنا في هذا السياق فإن من الأسباب الرئيسية لذلك أن الأرث الذي واجهته ثورة سبتمبر من جهل ومرض وتخلف كان عاملاٍ مسيطراٍ على اليمن في الشمال وظلت آثاره عالقة في كل مرحلةمن مراحل البناء المؤسسي وكما لم نستطع الاستفادة من تطوير الأداء والبحث عن الأفضلية والكفاءات والسبب في ذلك يعود إلى غياب الاستقرار السياسي والصراع السياسي الذي كان قائماٍ عقب قيام الثورة وما يتعلق بالحرب الباردة واشتداد صراع الأقطاب كما لا يمكن هنا إغفال جانب «الاستقطاب السياسي» الذي ساعد وساهم في تأخر عملية التحول الديمقراطي وبناء الدولة.. هذا بالإضافة إلى أن عملية «الانحسار السياسي» في البناء المؤسسي لصالح إنتاج الأفكار السياسية لصالح الطبقات السياسية فظل الصراع يدور بين هذه الطبقات على حساب بناء مؤسسات الدولة وتكويناتها الدستورية والتشريعية والتنفيذية هذا بالإضافة إلى عدم حيادية المؤسسة العسكرية والوظيفية العامة الأمر الذي أدى إلى انعدام المعايير التي ترتبط بالكفاءة ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب..
خصومة سياسية
ويؤكد الدكتور دغيش أن من الأسباب الأكثر تأثيراٍ في تعثرنا في البناء المؤسسي للدولة هو عدم الأخذ بالتجارب السياسية القائمة في أكثر من بلد وعدم التعاطي الإيجابي معها هذا بالإضافة إلى «الخصومات السياسية» التي اخذت في مناح متعددة أبعاداٍ أكثر تطرفاٍ ونحن بحاجة إلى عملية «انصاف» و«تصالح» مع هذه الخصومات التي أثرت كثيراٍ على أهداف  الثورة بدءاٍ من سبتمبر 1962م واكتوبر 1963م بعيداٍ عن سياسيات الإقصاء والتهميش والإلغاء وأن نكون أوفياء لأرواح الشهداء التي سقطت في سبيل أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر وأن يكون وفاؤنا لهؤلاء الشهداء المجيء إلى مؤتمر الحوار الوطني المرتقب انعقاده بعد شهر بعقول منفتحة تمهيداٍ لارساء دولة العدالة الاجتماعية والمواطنة والمساواة..
صراع سياسي
النائب ناجي الشيخ يرى أن من الاسباب التي ساهمت في تعثر البناء المؤسسي للدولة التقاسم السياسي الذي يقود لاحقاٍ إلى صراع سياسي وهذا الأخير ظل سائداٍ خلال فترة التشطير في الشمال والجنوب.
كما لا يغفل ناجي الشيخ العوامل القبلية التي ظلت تصارع كثيراٍ وتتجاذب مع الدولة في أكثر من مكان هذا بالإضافة إلى العوامل الخارجية التي ظلت ولا تزال تسهم في تأجيج الصراعات ولا تريد الاستقرار لهذا البلد إلا وفق ما تراه من مصالحها أو بالقدر  الذي يحقق لها مصالح في هذا البلد وبالتالي بات القرار السياسي المستقل في البلد في غير أهله.. فكيف يمكن بعد ذلك الحديث عن بناء دولة مدنية قادرة إذا لم تمتلك القرار السياسي السيادي المستقل.
بناء الانسان
ويلفت النائب الشيخ إلى أهمية الأهداف التي جاءت بها ثورة سبتمبر ومنها رفع مستوى الشعب سياسيا واقتصاديا وتنموياٍ واجتماعياٍ.. أي أن الإنسان هدف التنمية ووسيلتها.. لكن للأسف لم يحقق هذا الهدف سواء على مستوى التربية المدرسة والجامعة.. صحيح أننا حققنا قفزات في العملية التربوية والجامعية.. لكن على مستوى النوع والكيف هناك تأخر وتراجع.. فكيف يمكن الحديث بعد ذلك عن بناء دولة قادرة وقوية أساسها إنسان مؤهل وكفؤ ومقتدر.
ويتابع بالقول: إذا أردنا أن نقفز إلى مصاف الدول المدنية علينا الاهتمام بالإنسان وبنائه السياسي الاقتصادي والاجتماعي.. كما لا بد أن تصدق النوايا في هذه المرحلة وأن نبتعد عن الأنانية والمصالح الحزبية- أما إذا ظللنا نقصي بعضنا بعضاٍ فكيف سنبني الدولة المدنية المنشودة..>

Share

التصنيفات: مكافحة الفساد

Share