Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

في موازنات الدولة: «العجز» حاضر ومستمر ودائم منذ عقدين

كتب/ محرر الصفحة:

 

كشف تقرير رقابي حديث صادر اوائل العام الجاري أن استمرار تحقيق «الموازنة العامة للدولة» عجوزات سنوية بحيث أصبحت تمثل أحد مكوناتها الاساسية وعلى مدى عقدين من الزمن يرجع إلى جملة من الاختلالات الاساسية والتي من ابرزها الإخفاق في تنمية الموارد غير النفطية بشكل عام والايرادات الضريبية بشكل خاص وانخفاض القدرة الاستيعابية للمنح والقروض الخارجية والارتفاع المستمر في الإنفاق الجاري خصوصاٍ ذلك المتعلق بالدعم الحكومي للمشتقات النفطية ـ والاجور والمرتبات. والتزايد المستمر في أعباء الدين المحلي.. هذا فضلاٍ عن الانفاق على المكافآت والمركبات والبعثات الدراسية الذي تجاوز الـ 400 مليار ريال.. والفشل والتعثر في تنفيذ المئات من المشاريع المرحلة من سنوات والتي تجاوزت كلفتها الـ100 مليار ريال.

 

ويشير تقرير جهاز الرقابة المتعلق بمراجعته للحسابات الختامية لموازنة الدولة للسنة المالية 2010م إلى أن الموازنة العامة للدولة لا تترجم توجهاٍ جاداٍ نحو ترشيد الانفاق الجاري على مستوى وحدات الجهاز الإداري سواء من خلال رصد الاعتمادات المقدرة أو من خلال التنفيذ الفعلي والذي يمكن رصد ملامحه من خلال الارتفاع المستمر في نفقات اكتساب المركبات ووسائل النقل والتي ارتفعت بنسبة «56%» مقارنة بالعام 2009م بما يتعارض مع توجهات الحكومة نحو ترشيد الانفاق والحد منه في هذا الجانب.. هذا علاوة على الارتفاع المستمر في نفقات «المكافآت بريد الاتصالات ـ البعثات الدراسية ـ استخدامات غير موزعة ونفقات أخرى» والتي بلغت عام 2010م «401» مليار ريال بزيادة قدرها «45» مليار ريال بنسبة «12.6%» مقارنة بالعام السابق.. الأمر الذي يشير إلى عدم الاستناد على اسس ومعايير علمية سليمة اثناء وضع تقديرات موازنة الاستخدامات العامة مما ترتب عليه تحقيق بعض بنود وانواع الانفاق الجاري إجمالي تجاوزات بمبلغ «63.4» مليار ريال وتحقيق البنود والانواع الاخرى إجمالي وفر بمبلغ «50.5» مليار ريال ـ بينما حقق الإنفاق الراسمالي والاستثماري صافي وفر بمبلغ «190» مليار ريال.

 

تراجع مستمر

 

ويلفت التقرير إلى التراجع المستمر في قيمة الإنفاق الرأسمالي والاستثماري حيث شهدت سنوات الخطة الخمسية الثالثة تراجعاٍ في قيمة سنة إثر اخرى ـ فبعد أن كان في عام 2007م بمبلغ «380» مليار ريال ليتراجع في عامي «2008م ـ 2009م» إلى مبلغ «355.1» مليار ريال ومبلغ «347.2» مليار ريال ليصل في عام 2010م إلى مبلغ «340.2» مليار ريال ـ كما تراجعت أهميته النسبية لإجمالي الاستخدامات العامة إلى نسبة «16%» خلال العام 2010م بعد أن كانت أهميته النسبية في السنة الاولى للخطة 2006م بحوالي «24%» وتزداد حدة هذا التراجع بالمقارنة مع النسبة المستهدفة في الخطة الخمسية الثالثة المقدرة بـ«30%».

 

اختلالات مزمنة

 

ويؤكد التقرير على استمرار الخلل في هيكل موازنة الاستخدامات العامة والمتمثل في النمو المستمر والمضطرد في الانفاق الجاري وسيطرته على استخدامات الموازنة على حساب الانفاق الاستثماري حيث بلغ الانفاق الجاري ما نسبته«82.7%» من إجمالي الانفاق العام وبما نسبته «27.5%» من الناتج المحلي الاجمالي مع أن المستهدف في الخطة الخمسية الثالثة «70%» كنسبة لإجمالي الإنفاق العام ونسبة «23%» من الناتج المحلي الإجمالي كما استحوذ الإنفاق الجاري على كامل الموارد العامة الذاتية وبشكل يضفي في الوقت ذاته على نتائج تنفيذ الموازنة العامة للدولة الطابع الإنفاقي ويحد من الاثر التنموي للموازنة وهو ما ينعكس سلباٍ بطبيعة الحال على معدلات النمو للقطاعات الاقتصادية.

 

إخفاقات

 

مع الاخذ في الاعتبار الإجراءات الحكومية في اتجاه الإصلاحات السعرية للمشتقات النفطية ـ إلا أن الملاحظ استمرار ارتفاع قيمة الدعم الحكومي لهذه المشتقات والذي بلغ خلال عام 2010م «558.9» مليار ريال وبزيادة نسبتها «43%» مقارنة بقيمة الدعم المنصرف خلال العام 2009م حيث تمثل قيمة ما نسبته «9%» من الناتج المحلي الإجمالي ـ في حين استهدفت الخطة الخمسية الثالثة انخفاضاٍ تدريجياٍ لهذا الدعم ليصل إلى الصفر عام 2010م السنة الاخيرة من الخطة..!

 

ويظل هذا الدعم للعديد من الاعتبارات أحد أهم الاختلالات التي تعاني منها الموازنة العامة بحسب التقرير كونه يستحوذ على «32%» من إجمالي الانفاق الجاري ويفوق المنصرف على الانفاق الرأسمالي والاستثماري البالغ «340.2» مليار ريال ويقترب من إجمالي الانفاق على قطاعات «التعليم ـ الصحة ـ الامن والنظام ـ الخدمات الاجتماعية» والبالغ إجماليها «587.1» مليار ريال ليمثل هذا الدعم أحد أهم التحديات التي تواجه السياسات المالية للحكومة.

 

تعثر

 

ويبين التقرير تزايد حدة المؤشرات السلبية في تحصيص وتوظيف الرساميل والاعتمادات المخصصة للانفاق الرأسمالي والاستثماري على الرغم من تواضع الاعتمادات المرصودة سنوياٍ في الموازنة بالمقارنة مع متطلبات التنمية من المشاريع ذات الطبيعة البنيوية والحيوية والخدماتية.. حيث لم يسفر التنفيذ الفعلي وبشكل مستمر إلاِ عن صافي وفر بلغ خلال السنوات الاربع من الخطة الخمسية الثالثة «2006م ـ 2009م» مبلغ «580» مليار ريال وبنسبة 30% من إجمالي الربط المقدر لتلك السنوات البالغ «1909.6» مليار ريال لتصل قيمة هذا الوفر في عام 2010م إلى مبلغ 190 مليار ريال.. الامر الذي ينعكس سلباٍ على الاثر التنموي للموازنة العامة وقدرتها في دعم السياسات الاقتصادية والدفع بعجلة التنمية الشاملة والمستدامة وتحقيق معدلات النمو المستهدفة وعلاوة على ما تقدم لا تزال أيضاٍ استثمارات القطاع الخاص هي الاخرى متواضعة ودون المعدلات المستهدفة رغم أهمية هذا القطاع في قيادة الاقتصاد الوطني والمساهمة في رفع معدلات النمو.. حيث بلغت مساهمته في الناتج المحلي والإجمالي خلال سنوات الخطة الخمسية الثالثة 11% فقط بنقص قدره «5.4» نقطة مقارنة بالمستهدف في الخطة المقدرة بـ«16.4%».

 

معوقات

 

ويضيف التقرير أن هناك عوامل ساهمت في تواضع اداء استثمارات القطاع الخاص والتي من ابرزها تدني مستوى خدمات البنية التحتية اللازمة لعملية الاستثمار وضعف الدور التمويلي للقطاع المصرفي في الاقتصاد الوطني وخاصة الموجهة لتمويل الاستثمار وضعف قدرات العنصر البشري الناتجة عن محدودية فرص التأهيل والتدريب وتعدد الاجهزة والجهات المشرفة على الانشطة الاقتصادية وطول الاجراءات الروتينية في المعاملات الحكومية والمشاكل المتعلقة بالاراضي وما يرافقها من تدني مستوى اداء القضاء.

 

وفي ضوء حدة تلك المؤشرات في ظل العديد من الاختلالات الإدارية والتنظيمية التي تصاحب الإجراءات المرافقة لاستخدام الموارد المالية المخصصة للإنفاق الاستثماري والتي ساهمت في بطء وتعثر العديد من المشاريع الاستثمارية في العديد من وحدات الإدارة العامة ـ يصاحبه في كل الاحوال ارتفاع في كلفة التنفيذ وعدم الاستفادة من العوائد والمزايا الاقتصادية والاجتماعية المرتبطة بإنجاز تلك المشاريع ـ حيث بلغ ما امكن حصره من المشاريع المتعثرة من سنوات «558» مشروعاٍ بلغ المنصرف عليها «30.3» مليار ريال و«800» مشروع منفذ خارج البرنامج الاستثماري بمبلغ «24» مليار ريال ـ بينما بلغ عدد المشاريع المعتمدة في البرنامج الاستثماري وغير المنفذة «2973» مشروعاٍ وبمبلغ «116» مليار ريال..

Share

التصنيفات: مكافحة الفساد

Share