Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

تـقـــف وراء هـــــلــع أجـــــــيال الغــــــد‮..‬

تـقـــف وراء هـــــلــع أجـــــــيال الغــــــد‮..‬
النزاعات تولد التطرف والسلوك العدواني
تحقيق‮ / ‬رجاء الخلقي‮ – ‬إشراق دلال
> ‬الطفولة والحرب شيئان متناقضان ومتنافران‮ ‬خاصةٍ‮ ‬وأن الحروب تزرع حالة خوف وهلع دائمتين في‮ ‬كل نواحي‮ ‬الحياة‮ ‬والحرب تعني‮ ‬تهديد النسيج الانساني‮ ‬بما فيه الطفولة‮ ‬وإقحام الأطفال رغماٍ‮ ‬عنهم في‮ ‬الكراهية تكون نتيجته الخوف والأعراض الناتجة عنه‮.‬
يعاني‮ ‬اليمن من أزمة حقيقية طالت كل أفراد الشعب اليمني‮ ..‬ما جعل الكثيرين‮ ‬ينزحون من مناطق سكنهم وبيوتهم إلى الأرياف وحتى إلى خارج اليمن هروباٍ‮ ‬من تأثيرات هذه الأزمة المفتعلة‮. ‬وخوفاٍ‮ ‬من أن تطالهم نيران زوبعات البعض‮.. ‬فإذا كان هذا هو حال بعض الأسر اليمنية من‮  ‬تشرد وخوف وفقد للأموال والأعمال‮  ‬فما الذي‮ ‬سيكون عليه حال أطفالنا جيل‮  ‬الغد وأبناء المستقبل¿¿ الاجابة في‮ ‬السياق الآتي‮:‬
يرى الطفل صهيب صبرة‮ -‬12عاماٍ‮ ‬أن ما‮ ‬يحدث في‮ ‬بلادنا من أعمال تخريبية تقوم بها عناصر‮  ‬مسلحة خارجة على النظام والقانون‮. ‬في‮ ‬أحد الليالي‮ ‬كان إطلاق النار مستمراٍ‮ ‬دون توقف فأحسست بأني‮ ‬سأموت في‮ ‬ذلك الوقت‮ .. ‬وكنت عندما اتحرك أي‮ ‬حركة داخل المنزل‮ ( ‬استشهد بالله‮ )..‬
وفي‮ ‬اليوم التالي‮ ‬أنا وأهلي‮ ‬هجرنا منزلنا وتركناه‮ .. ‬أتمنى أن‮ ‬يعود الأمان لليمن وتختفي‮ ‬الأسلحة التي‮ ‬تدمر المنازل وتقتل البشر‮ .. ‬وينال المخربون وذئاب الإجرام جزاءهم‮..‬
وتوافقه الرأي‮ ‬الطفلة زهير‮ – ‬6‮ ‬سنوات وتسكن في‮ ‬حي‮ ‬الحصبة وتقول حين اشتعلت الحرب شعرت بخوف شديد‮ .. ‬الخوف من الموت‮ .. ‬وهذا من عمل الشيطان‮ ..‬عندما أنام أحلم بالحرب والنيران التي‮ ‬اشتعلت في‮ ‬المنازل المجاورة‮ .. ‬أصبحت أخاف أن أنام من الكوابيس التي‮ ‬تطاردني‮ ‬كل ليلة‮ ..‬أتمنى أن‮ ‬ينتهي‮ ‬هذا الكابوس‮.‬
أما الطفلة نسرين‮ – ‬10‮ ‬سنوات فأدهشتنا بقولها:ليس ذنب الأطفال والصغار والمواطنين الأبرياء ما حدث من حرب‮ .. ‬فاليمن بلد الديمقراطية ولابد أن نتقبل رأي‮ ‬الأغلبية‮ .. ‬وتؤكد لدى اشتعال الحرب وسماعي‮ ‬دوي‮ ‬الانفجارات والرصاص الكثيف كنت خائفة جداٍ‮  ‬ولا أعرف ماذا سيحل بي‮ ‬‮ ‬أحسست بأني‮ ‬جبل سيتهدم من شدة الخوف‮ ‬‮ ‬اشعر بالحزن الشديد على منطقتي‮ ‬التي‮ ‬دْمرت‮ ..‬وعلى المواطنين الذين استشهدوا دون ذنب وعلى كل الشرفاء الذين ضحوا بدمائهم لأجل اليمن‮..‬اسأل الله أن‮ ‬يرحم شهداءنا‮ ‬‮ ‬وأن‮ ‬يحفظ كل من‮ ‬يدافع عن وطني‮ ‬الغالي‮.. »‬يمن الايمان والحكمة‮«.‬
وتستمر المآسي‮ ‬ويدب الخوف في‮ ‬نفوس الأطفال فهذا الطفل‮ ‬يوسف الخلقي‮ ‬الذي‮ ‬لم‮ ‬يتجاوز السبع سنوات‮ ‬يشكو وطأة الحرب والخراب والدمار ويقول‮: ‬ارتعبت وخفت لسماعي‮ ‬أصوات الانفجارات والرصاص ولم استطع النوم‮ ‬‮ ‬وكنت دائماٍ‮ ‬بجانب أمي‮ ‬ولا أتركها صباحاٍ‮ ‬ولا مساءٍ‮ ‬لدرجة أني‮ ‬كنت أنهض من نومي‮ ‬مفزوعاٍ‮ ‬‮ ‬فكنت اسأل لماذا الحرب ¿¿ وتقول أمي‮ ‬ليست حربا وإنما عرس كانت تحاول تهدئتي‮ ‬لكي‮ ‬لا اخاف‮ ‬‮ ‬يخيفني‮ ‬انطفاء الكهرباء لدرجة‮  ‬بكائي‮ ‬ولا استطيع مشاهده مسلسلات الأطفال‮ … ‬لقد مرضت عند نزوحنا الى البلاد من شده البرد لاني‮ ‬كنت اجلس فترة طويلة خارج البيت بسبب انقطاع الكهرباء‮.‬
وقع سيئ
فيما تؤكد الاخصائية الاجتماعية منى سالم على أن الحروب في‮ ‬العالم لا تؤدي‮ ‬إلى خير بل هي‮ ‬خراب ودمار للمدن وقتل للأبرياء و سفك للدماء البريئة‮ ‬‮ ‬وكما أن لها وقعها السيئ على الأطفال‮ ‬حيث‮ ‬يحتفظون في‮ ‬ذاكرتهم كلما خِلِوúا بأنفسهم‮ ‬مما‮ ‬يولد لدى الكثير التطرف والعنف والسلوك العدواني‮ ‬غير السوي‮ ‬تجاه وطنهم و مجتمعهم‮ ‬‮ ‬مما‮ ‬يعود عليهم بالتصرف السيئ‮ ‬‮ ‬و اعتماد العنف الدائم في‮ ‬حياتهم نتيجة المشاهد التي‮ ‬تولدت لديهم أثناء هذه الحروب إضافة إلى الأمراض النفسية و العضوية كالصمم و البكم‮ ‬نتيجة هذه الحروب ومشاهدتها عن قرب‮ ‬و مالم‮ ‬يكن هناك علاج نفسي‮ ‬لهؤلاء الأطفال وإخراجهم من هذه الدائرة التي‮ ‬يعانون منها فلن‮ ‬يكون هناك جيل من الأطفال‮ ‬يتدرج إلى الشباب‮ ‬ليتجاوز هذه المرحلة الصعبة‮ ‬و ليكون عضوا فاعلا بناءٍ‮ ‬في‮ ‬مجتمعه‮ ‬يستحق التقدير و الاحترام‮ ‬وبالتالي‮ ‬يعيش كغيره حياة هادئة بعيدة عن التشنج والانفعال‮ ‬ليكِون له مستقبلا أسرة صحيحة خالية من ظروف ومشاهدات و اضطرابات الحروب التي‮ ‬مرت عليه‮ ‬ويطوي‮ ‬صفحة الماضي‮ ‬بصفحة جديدة ملؤها التفاؤل والسعادة والانفتاح على حياة أفضل لخدمة مجتمعه‮ ‬الذي‮ ‬هو بأمس الحاجة إليه‮.‬
تهدئة مباشرة
ويشدد اخصائي‮ ‬الصحة النفسية الدكتور سعيد الرياشي‮ ‬على أنه‮ ‬يجب على الأهل القيام بعملية تهدئة لأطفالهم رغم معاناتهم وخوفهم مما‮ ‬يجري‮ ‬حولهم‮ ‬‮ ‬حال تعرض الطفل لظروف مروعة ان‮ ‬يبدأوا مباشرة بإحاطتهم بالاطمئنان ولا‮ ‬يتركوهم عرضة‮  ‬لمواجهة هذه المشاهد دون دعم نفسي‮ ‬وذلك عن طريق الحديث المتواصل معهم وطمأنتهم بأن كل شي‮ ‬سيكون على ما‮ ‬يرام وانه لن‮ ‬يصيبهم شىء‮ ‬‮ ‬والتركيز على كلمات‮  ‬وعبارات الحب‮ ‬‮ ‬أو تشتيت أفكارهم عن التركيز في‮ ‬الحدث المروع خاصة في‮ ‬أوقات الغارات المخيفة في‮ ‬حال وقوعها على مقربة منهم‮ ‬‮ ‬فهذه اللحظة هي‮ ‬الأهم في‮ ‬حياه الطفل النفسية وكلما تركناه‮ ‬يواجهها وحده‮ ‬يزداد أثرها السلبي‮ ‬بداخله على المدى القريب والبعيد‮.‬
أصوات الموت‮ ‬
كما تنوه إخصائية الصحة النفسية الدكتورة فاتن عبده محمد‮ – ‬إلى أن للحرب تأثيراتها المحبطة على نفسية الأطفال من خلال الاضطرابات التي‮ ‬تسببها لديهم‮ ‬‮ ‬فعندما‮ ‬يسمع الطفل صوت الرصاص تؤدي‮ ‬بذلك معنى لديه بأنها أصوات الموت‮ .. ‬وهي‮ ‬كلمة تؤدي‮ ‬إلى الآلام وتؤثر سلبياٍ‮ ‬عليه‮ .. ‬كما أن حرمانه من الأشياء التي‮ ‬تعود عليها على سبيل المثال الألعاب التي‮ ‬يحبها‮ .. ‬كل هذا‮ ‬يظل في‮ ‬نفسيته مما‮ ‬يؤدي‮ ‬إلى اضطرابات نفسية‮ .. ‬لذا نطالب أهل السياسة أن‮ ‬يتقوا الله في‮ ‬النساء والأطفال لأن الحروب لا تنتج إلا دمار العباد والبلاد‮.‬
صلة‮ ‬غير مباشرة
وتؤكد الدكتورة نجاة صائم استاذ علم النفس الاجتماعي‮ ‬بجامعة صنعاء على أن صلة السياسة بالأطفال ليست مباشرة وإنما انعكاسات الحروب والاقتصاد هي‮ ‬التي‮ ‬توأثر في‮ ‬الأطفال لأنها ناتجة عن أزمة سياسية كالحرب‮ ‬‮ ‬فيسأل الطفل لماذا‮ ‬يقتل الناس بعضهم البعض ¿¿‮ ‬
لافتة إلى أن الحالة الاقتصادية أثرت على الأسرة مما جعل أجواء الأسرة مشحونة متوترة ما انعكس ذلك على الأطفال لمجرد صراخ آبائهم في‮ ‬وجوههم‮ !! ‬أما الأطفال من القريبون من مناطق الصراعات في‮ ‬أبين والحصبة وأرحب وغيرها فهم‮ ‬يتعرضون لصدمتين‮ :‬الاولى اضطرابات نفسية لمجرد سماعهم لأصوات الأسلحة‮ ‬يحصل للطفل ذعر وخوف وبكاء وإغماء لا إرادي‮ ‬فالصدمة على حسب شدة الحرب وشخصيه الأطفال‮..‬
الثانية الظروف المحيطة به وخاصةٍ‮ ‬اذا فقد أهله فالاضطرابات تظهر في‮ ‬الكوابيس أثناء النوم‮ ‬‮ ‬وعدم النوم بشكل جيد والتلعثم في‮ ‬الكلام‮ ‬‮ ‬مشددة على أن الحروب والنزاعات المسلحة هي‮ ‬السبب في‮ ‬تراجع التحصيل العلمي‮ ‬وتدهور القدرات العقلية لدى الطفل‮..‬
فيما‮ ‬يشير تقرير‮ ( ‬جراسيا ماتشل‮ ) ‬المدافعة عن حقوق الأطفال بعنوان‮: “‬تأثير الحرب على الأطفال وقدمته للأمم المتحدة أن الصراع المسلح‮ ‬يقتل ويسبب اعاقات جسدية للأطفال أكثر من الجنود‮”. ‬كما أن إصابات المدنيين في‮ ‬زمن الحرب ارتفعت من‮ ‬5٪‮ ‬عند بداية القرن العشرين إلى15٪‮  ‬أثناء الحرب العالمية الأولى‮ ‬إلى‮ ‬65٪عند نهاية الحرب العالمية الثانية إلى ماهو أكثر من‮ ‬90٪‮ ‬في‮ ‬حروب التسعينات‮ ‬فخلال العقد الماضي‮ ‬قتل نحو مليوني‮ ‬طفل في‮ ‬الصراع المسلح وثلاثة أضعاف ذلك أصيبوا بجراح خطيرة أو أصيبوا بإعاقة دائمة‮ ‬واخرون‮ ‬يصعب حصرهم أجبروا على مشاهدة أعمال عنف مرعبة أو حتى المشاركة فيها‮ ‬وكثير من الأطفال حرموا من الحاجات المادية والوجدانية لاسيما الجوانب التي‮ ‬تعطي‮ ‬معنىٍ‮ ‬للحياة الاجتماعية والثقافية‮.‬
ويضيف التقرير‮: ‬تختلف ردود الفعل تجاه صدمات الحرب الحادة وفق عمر الطفل وجنسه وطبيعة الصدمة والخسارة مباشرة كانت أو‮ ‬غير مباشرة‮ ‬ووفقاٍ‮ ‬لتوفر خدمات مؤازرة الأسرة والمجتمع‮. ‬والصفات العامة للصدمة هي‮ ‬الصفات نفسها التي‮ ‬تندرج تحت فئة الاضطراب الناشئ عن ضغط ما بعد الصدمة وحددت الجمعية الأمريكية للطب النفسي‮ ‬ثلاثة أنواع من أعراض الصدمات وهي‮ ‬الاقتحام‮  ‬و التجنب و الهيجان‮ ‬‮ ‬وقد تكررت ذكريات الصدمة عند الأشخاص المعانين من أعراضها على‮ ‬غير توقع كلقطات تعرف ب‮  “‬الالماعات الخلفية‮” ‬متدخلة في‮ ‬حياتهم‮ ‬وتكون الذكريات الفجائية النشطة عادة مصحوبة بانفعالات عاطفية مؤلمة‮ ‬وأعراض التجنب تؤثر في‮ ‬العلاقات مع الآخرين كالعائلة والأصدقاء والزملاء‮ ‬ويشعر الشخص أنه لا‮ ‬يقوى على الحركة ويشعر بتضاؤل وجداني‮ ‬وباستطاعته أداء الأعمال الروتينية فقط‮. ‬وقد‮ ‬يقود الإخفاق في‮ ‬علاج المشاعر المؤلمة عند الشخص إلى الاكتئاب وأحياناٍ‮ ‬للشعور بالذنب لأنه كان قد نجا من الكارثة بينما لم‮ ‬ينجْ‮ ‬منها الاخرون‮.‬
ويحدث الهيجان عندما‮ ‬يصبح الأشخاص فجأة سريعي‮ ‬الغضب أو سريعي‮ ‬الانفعال حتى عندما لا‮ ‬يكون هناك ما‮ ‬يستفزهم‮ ‬وقد‮ ‬يصاب الأشخاص باضطراب التركيز أو تذكر معلومات آنية وقد‮ ‬يعانون من عدم النوم بسبب تكرار الكوابيس‮. ‬وبسبب الشعور بالخطر الوشيك كردود فعل قلقة بشكل مبالغ‮ ‬فيه‮ ‬ويظهر كثير من الناس الذين‮ ‬يعانون من أعراض الصدمات سيطرة قليلة على دوافعهم وأحياناٍ‮ ‬يحاولون التخلص من التجارب المؤلمة بالاعتماد على الكحول والمخدرات‮ ‬وغالباٍ‮ ‬ما‮ ‬يكونون تحت خطر الانتحار‮. ‬
نقطة ضوء‮ ‬
خلصنا من هذا التحقيق إلى أن الحل الجذري‮ ‬يبقى‮  ‬بإيقاف مسلسل النزاعات والحروب وانعكاساتها على الأطفال وباقي‮ ‬أفراد المجتمع‮ ‬والعمل على توفير المناخات السياسية الملائمة التي‮ ‬تعالج الأسباب المؤدية إليها بإيجاد الحلول العادلة والعمل على بناء الدولة و الإنسان وأعتماد سياسة وطنية إنمائية شاملة وردم الهوة بين كافة أطياف المجتمع‮ ‬وقيام منظمات المجتمع المدني‮ ‬بدورها كونها‮  ‬شريكاٍ‮ ‬مع الحكومة في‮ ‬وضع البرامج والتخطيط والتنفيذ‮ ‬والعمل على تعزيز الوعي‮ ‬بإنسانية الإنسان بمعزل عن الخيارات السياسية والثقافية وفي‮ ‬المقدمة الأطفال الذين نقرأ مستقبلنا من خلال واقعهم‮.<‬
Share

التصنيفات: الشارع السياسي

Share