Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

التشويش.. الحرب الإعلامية المضادة!

تطورت خلال السنوات القليلة الماضية وعلى نحو لافت أدوات التشويش على بث القنوات الفضائية العربية وعلى مدار عقود تعرضت الكثير من الإذاعات والقنوات لعملية التشويش لكنها قفزت إلى سطح مشهد الإعلام العربي بقوة خلال الأسابيع الماضية وظهر التشويش جليا في الأيام الأخيرة مع ثورة الشعب الليبي حيث تعرضت الكثير من القنوات على القمر الاصطناعي »نايل سات« إلى عدة مشكلات في البث مثل تجمد الصورة أو اختلاط الصوت أو غياب الصورة والصوت عن الشاشة غيابا كاملا مما جعل هذه القنوات تلجأ إلى ترددات بديلة لكي تضمن استمرار وصول الصورة والصوت لمشاهديها من بين هذه القنوات »الجزيرة« وباقة »MBC  « و»العربية« و»الحرة« والـ»BBC  « الناطقتان باللغة العربية و»النيل للأخبار« و»المحور« المصريتان وباقة قنوات »Nbn  « التي تبث من لبنان وتضم 12 قناة إلى جانب قنوات التلفزيون الليبي.

 

وبدأ التشويش كحرب إعلامية مضادة أو لعبة سياسية في حقل الإعلام خاصة مع اكتشاف مصدر التشويش الأخير في جنوب العاصمة الليبية طرابلس وتحديدا من مبنى إداري فني تابع لجهاز المخابرات فمع التشويش الأخير اتهم مسؤولون ليبيون شركة »النايل سات« أنها من تقوم بتنفيذ عمليات تشويش ضد القنوات الليبية وبدورها نفت الشركة ذلك وأكدت تعرض »النايل سات« وأقمار عربية وأوروبية أخرى لعمليات تشويش خارجي مستمرة منذ بداية الأحداث الليبية وأنه »ليس من سياسات (النايل سات) تنفيذ عمليات التشويش التي لا تتفق مع القوانين والأعراف الدولية«. وأن جميع القنوات الليبية التي تبث من القمر المصري لم تتعرض لأي عمليات تشويش خلال الفترة الماضية بخلاف قناة ليبية واحدة موجودة على نفس تردد القناتين »الأولى« و»الفضائية المصرية« مما يؤكد استحالة قيام »النايل سات« بالتشويش على قنواته المصرية.

 

فيما تعرضت القناة العربية لـ»BBC  « لتشويش متعمد على ترددها بعد ادعاءات الحكومة المصرية حول تحيز القناة في تغطيتها للانتخابات البرلمانية نهاية العام الماضي وصدور بيان شديد اللهجة ضدها من جانب الحزب الوطني (الحاكم) في ذلك الوقت.

 

وفي ظل هذه التطورات تطرح تساؤلات عدة حول كيفية تنفيذ التشويش وما هي الأضرار التي تلحق بالفضائيات التي تتعرض له والكيفية التي يمكن بها التصدي للتشويش.

 

تنفيذ التشويش

 

بحسب رئيس قسم البث في مؤسسة »دويتشه فيله« الألمانية هورست شولتز فإن »عملية التشويش تتم عن طريق بث موجات على نفس ترددات القنوات وعلى نفس القمر الاصطناعي الذي تبث منه القناة التي يراد التشويش عليها وفي هذه الحالة يعجز القمر الاصطناعي عن التمييز بين الإشارة الأصلية السليمة وبين الأخرى الدخيلة مضيفا أن التشويش يتم من خلال ترددات كهرومغناطيسية تبث عبر محطة أرضية تقوم بإرسال إشارة البث إلى القمر الاصطناعي. ثم يرسل القمر نفس الإشارة على تردد آخر لكن الإرسال يكون في هذه الحالة مشوشا«. ويجعل هذا أجهزة الاستقبال لدى المشاهدين عاجزة عن استقبال الإشارة الأصلية وكما هو معلوم تمنح القنوات الفضائية ترددات صاعدة وأخرى هابطة وغالبا ما تتعرض الصاعدة منها إلى عمليات التشويش.

 

وكيفية مواجهته!

 

ولمواجهة التشويش يدعو الخبير الألماني إلى تشديد القوانين الدولية لتعزيز فرص محاسبة المسؤولين لأن الإطار القانوني هو الحل الوحيد الذي يمكن بواسطته حماية القنوات الفضائية من التشويش عليها في ظل الإمكانيات التي توفرها التقنيات الحديثة وتتطلب هذه التقنيات في الوقت الحاضر أن تقوم القنوات الفضائية بتقسيم إشارات بثها عبر الكثير من الأقمار الاصطناعية وتحتاج بالتالي إلى إمكانيات مالية ضخمة لن يكون بمقدور المؤسسات الإعلامية ذات الميزانيات المتواضعة توفيرها.

 

فيما يحدد د.عاطف عبد الرشيد رئيس قناتي »الحافظ« و»الصحة والجمال« ومؤسس الكثير من القنوات الإسلامية بعض الخسائر والأضرار التي تلحق بالقنوات التي تتعرض للتشويش مبينا أن التشويش يفقد القنوات كل وظائفها فالمشاهد عندما يجد أن القناة التي يفضلها لا تعمل يتركها إلى قناة أخرى تحقق طلبه ومرة بعد أخرى إذا وجد القناة مستمرة على نفس الحال قد لا يرجع لها نهائيا لأنه قد يظن أنها أغلقت وبالتالي يعمل التشويش على فقد القنوات لمشاهديها.

 

كذلك القنوات التي تتعرض للتشويش تصيبها أضرار مهنية وفنية ومالية فمالك القناة يستمر في دفع المقابل المادي لاستئجار القناة على القمر الاصطناعي إلى جانب أن القناة في هذه الحالة تخسر الشركات والأفراد المعلنين لديها بالإضافة إلى أن انتقال القناة لتردد آخر لتجنب التشويش يعد أمرا مكلفا ماديا وبالتالي تتأثر اقتصاديات القنوات سلبيا لكافة تلك الأمور.

 

ويوضح عبد الرشيد أن التشويش ظاهرة تتواجد من سنوات ولكنه ظهر بكثرة في الفترة الأخيرة نتيجة الارتباط بالأحداث السياسية.

 

ويرى أن الخروج من مشكلة التشويش يتطلب تنسيقا بين إدارة القمر الاصطناعي وبين القنوات الفضائية لإيجاد آلية تحل من تلك المشكلة خاصة أن ملاك الفضائيات لا حول لهم ولا قوة أمام التشويش قائلا: »نحن عملاء لدى إدارة القمر الاصطناعي وبالتالي عليه أن يوفر لنا ترددا بديلاٍ أو ترددا إضافيا للخروج من أزمة التشويش أو إيجاد تقنية فنية تعمل على حل تلك المشكلة الهندسية خاصة مع التقنيات المتطورة التي تستخدمها الجهات المشوشة«.

 

أما معتز صلاح الدين المستشار الإعلامي بجامعة الدول العربية فيوضح أن غالبية مصادر التشويش يكون خلفها في المقام الأول أجهزة المخابرات لافتا إلى أن التشويش الأخير الذي شهدته عدة قنوات عربية كان الاتهام الصريح فيه للمخابرات حيث قيل إن مصدره جنوب العاصمة الليبية طرابلس.

 

وبرأي صلاح الدين أن طريقة التشويش قد تجاوزها الزمن وفي عصر البث الفضائي لا يمكن منع الحقيقة ففي تونس حجبت مواقع الإنترنت وفي مصر توقفت خدمات الإنترنت واتصالات الهواتف الجوالة وفي كلتا الحالتين استمرت الثورة.

 

ويضيف: »التشويش أسلوب من الأساليب البالية التي لم تعد تستخدم في العصور الحديثة واللجوء إليها هو سيادة للفكر الديكتاتوري فهو أسلوب لا نراه في أوروبا ودول العالم المتقدم التي تعيش المفهوم الحقيقي لعولمة الاتصالات« مشيرا إلى تعارض التشويش مع مبدأ حرية الإعلام وتداول المعلومات وضد حق الفرد في الحصول على المعلومات وهي حقوق أساسية لكل مجتمع يبحث عن الديمقراطية.

 

ويوضح المستشار الإعلامي بجامعة الدول العربية أن اجتماعات مجلس وزراء الإعلام العرب أو اللجنة الدائمة للإعلام العربي لم تتطرق إلى ظاهرة التشويش وكذلك البنود التي تحدد مجال عمل مفوضية الإعلام العربي إلا أنه يشير إلى إمكانية وضع رؤية أو تصور خاص بها بناء على طلب الدول الأعضاء بالجامعة.

 

ويقول الدكتور شعبان شمس عميد كلية الإعلام بجامعة 6 أكتوبر المصرية: »عملية التشويش هدفها سياسي بحت وما نراه من عمليات تشويش حالية لبعض الفضائيات العربية يعد بمثابة حرب إعلامية مضادة وهو تفكير صادر من عقليات لا تعي أنها تعيش في الألفية الثالثة فهؤلاء يفكرون أنهم يعيشون في كوكب بمفردهم ولا يدركون أن هناك بدائل يمكن اللجوء إليها لمعرفة الحقيقة كالإنترنت والإذاعات الدولية على سبيل المثال وبالتالي لا يمكننا إلا وصف ذلك بـ(الخيابة) الإعلامية«.

Share

التصنيفات: منوعــات

Share