Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

ويل من غضب الشعوب !!

محمد عبدالرحمن المجاهد

 

بكل التقدير والاحترام أهنئ الشعب التونسي الشقيق بانتفاضته المباركة التي أتمنى ألا لا ينحرف بها المتسلقون والوصوليون عن مسارها السليم والصحيح وشكرا له لأنه أثبت مقولة شاعر تونس الفذ المرحوم أبو القاسم الشابي الذي صدح يوما بقصيدته العصماء ومطلعها:

 

إذا الشعب يوما أراد الحياة

 

فلا بد أن يستجيب القدر

 

ولا بد لليل أن ينجلي

 

ولا بد للقيد أن ينكسر

 

أو كما قال شاعر اليمن الكبير المرحوم عبد الله البردوني موجها خطابه للطاغية أحمد حميد الدين في عيد جلوسه :

 

الشعب أقوى من مدافع ظالم

 

وأشد من بطش الحديد وأجلد

 

فهو يصد الجيش وهو عرمرم

 

ويفل حد السيف وهو مهند

 

والشعب التونسي بانتفاضته حقق إرادته التي هي من إرادة الله سبحانه وتعالى وقهر الدكتاتورية والظلم والاستبداد وأعطى للشعوب العربية المغلوبة على أمرها مثالا حيا لإرادة الشعوب أتمنى أن تستفيد من ذلك وتأخذ منها عبرة وقدوة ..

 

فانتفاضة الشعب التونسي وغضبته الجبارة قدمت وأعطت لكل الأنظمة العربية والحكام العرب درسا وعبرة أتمنى أن يأخذوا بها قبل أن تدور الدائرة عليهم جميعا بل أنها أعطت درسا وعظة ليس للحكام العرب وأنظمتهم ولكن لكل المعارضات العربية وبالذات المعارضة اليمنية التي دائما تسبح وتغرد خارج عن السرب وبعيدا عن المعقولية والمنطق حيث أن الانتفاضة التونسية لم تطرح أبدا شعارات الانفصال ولا شعارات العودة للملكية الكهنوتية ولا رفعت شعارات الجنوب للجنوبيين ولا الشمال للشماليين ولا الشرق للشرقيين ولا الغرب للغربيين ولا رفعت أيضا شعار ومطالب المشاركة والشراكة في السلطة والثروة  بالانتخابات أو بغيرها..

 

بل كانت شعارات الانتفاضة التونسية ومطالبها الحد من غلاء الأسعار ومعالجة البطالة وإنهاء الفساد وإعطاء الحريات ونهج الديمقراطية السليمة وانتهاء الاستبداد والدكتاتورية والتسلط الأسري بكل أشكاله وأنواعه وهي مطالب مشروعة لا يمكن لأحد أن يستنكرها أو يرفضها إلا إذا أراد أن تكون نهايته كنهاية ( بن علي ) وزبانيته ذلك الذي تسنم سدة السلطة والحكم بعد الإطاحة  ب ( الحبيب بورقيبة ) كإنهاء للبورقيبية التي دامت ربع قرن وإذا بذلك البن علي وعهده يصير أكثر دواما من بورقيبة وأشد وطأة منه حيث زاد فساد السلطة وزاد التسلط الأسري والأزلام عن الحد المقبول والمعقول ..

 

أما شعارات معارضتنا اليمنية فهي كما يقول بعض القبائل (كذاك) ومطالبها ما أنزل الله بها من سلطان فهي مكرسة جهدها للدعوة والدعم لدعاة الملكية ودعاة الانفصال والتشطير والخارجين على الثوابت الوطنية وقطاع الطرق والقتلة السفاحين والضغط وبإلحاح بالمطالبة بالشراكة في السلطة والثروة سواء بالانتخابات أو بغيرها فلا تهمها الديمقراطية ولا الانصياع لحكم الأغلبية فهي لا تهتم بما يعانيه عامة الناس من فساد ولا تهتم بتفشي البطالة ولا بارتفاع الأسعار التي جعلت أغلب الناس يعيشون حالة الكفاف ولا الانفلات الأمني الذي جعل الناس أيضا يعيشون في خوف وفزع ولا ضعف الخدمات أو انعدامها أحيانا ولا انعدام العدالة التي هي أساس ومرتكز أمن المواطن وأمانه كل تلك الأمور والقضايا لا تحتل سوى حيز بسيط وضئيل في فكر ونشاط المعارضة اليمنية هداها الله فهمها الأول والأخير هو الضغط على الحزب الحاكم ومكايدته ومماحكته لعله يرضخ فيشاركها في السلطة والثروة ..

 

فهي ترفض وبعناد أي حوار وطني وسلمي وترفض إجراء الانتخابات و ترفض أي نقاش لأي تعديلات قانونية ودستورية مع أنها هي التي ضجت وألحت على إحداث إصلاحات سياسية ودستورية ولكن عندما أعد الحزب الحاكم – بحكم مسئوليته الدستورية – مشروع التعديلات لقانون الانتخابات وللدستور تهربت متيحة للحزب الحاكم مجالا رحبا لوضع ما يريد وفقا لمصالحه وأهوائه ولو كانت حريصة على مصلحة البلاد والعباد وعلى المسار الديمقراطي لما تهربت من الحوار ولساهمت مساهمة جادة في الحوار وفي كل التعديلات القانونية والدستورية وبذلك تستطيع فرملة الحزب الحاكم عما يريده من تلك التعديلات التي جاءت بعض مواده في صالح السلطة الحاكمة تخدم مصالحها وتخدم استمراريتها في الحكم والسلطة وبالذات تلك المادة التي تلغي تحديد دورات رئاسة الجمهورية وتجعلها مفتوحة إلى ما شاء الله والتي ربما في المستقبل تكون عامل ودافع غضب وانتفاضة شعبية..

 

ولذلك تكون المعارضة اليمنية المتمثلة بأحزاب اللقاء المشترك وبقيادة ذلك الحيزبون ( بن أمه عائشة ) أسوأ المعارضات العربية لأن تلك المعارضات العربية الأخرى وحتى التي في تونس وإن كانت تسير على الهامش الشعبي إلا أنها في أسوأ الأحوال غالبا لم ترفع الشعارات المناطقية والدينية والمذهبية والعشائرية وهي بذلك تكون أفضل بكثير من معارضتنا اليمنية التي بدلا من التفاعل مع مطالب الشعب ومعاناته وصراخه من الفساد والمفسدين ومن انعدام العدالة وضعف القضاء وغياب الخدمات العامة أو ضعفها نجدها شاغلة نفسها بأمور وقضايا لا يمكن أن يرضاها الشعب أو يفرط بها ونجدها تتهرب دائما من أي نداء للحوار الوطني بل وتتهرب من الانتخابات التي هي الفعل الصحيح للمسار الديمقراطي..

 

وهي ربما لا تدرك أنها إنما تخدم وتتيح للحزب الحاكم ليعمل ما يريد وكيفما يريد ولا يزيد موقفها التي بسلوكها وبتصرفاتها الخارجة على الثوابت الوطنية فقدت الشارع الذي تهدد به إلا تمسك العامة من الناس بالسلطة الحاكمة رغم مساوئها وعيوبها ومرة أخرى هنيئا لشعب تونس الشقيق انتفاضته المباركة وشكرا له لما فعله من قدوة طيبة وحسنة لغيره من الشعوب الخاضعة للاستبداد والدكتاتوريات وأتمنى أن يعتبر الحكام العرب وأنظمتهم بما حدث في تونس الذي فشل الجيش وقوات الأمن ومعهما الأمن الرئاسي أن يوقف المسيرات الشعبية المظفرة وأن يتعظوا بما حدث للرئيس المخلوع ( بن على ) وأسرته وأزلامه ونظامه..

 

فغضب الشعوب غالبا يكون كاسحا جبارا لا حدود له إذا حان أوانه أي إذا عضها الجوع والفاقة وسيطر عليها الفساد والمحسوبية وشاعت فيها البطالة وانعدام متطلبات الحياة الضرورية وعليهم أي الحكام العرب ملوكا وأمراء ورؤساء ( جملوكيات) أن يفهموا ويدركوا أن لا  شيء يردع الشعوب عند غضبها وثورتها ـ خصوصا إذا كانت كالثورة التونسية المباركة التي حدثت عفوية دون تخطيط من أحد ولا حتى من أحزاب المعارضة التي تحاول الآن ركوب الموجة و الانتفاضة التي بدأت بإقدام شاب على حرق نفسه غضبا لحاله ويأسا لعدم حصوله على وظيفة أو عمل يعيل به نفسه وأسرته فاشتعلت عقب ذلك الثورة والانتفاضة ولم تشعر بها المعارضة إلا والشارع مشتعل وهي الآن تحاول جهدها ركوب الموجة والتمسح بالجماهير لعلها تستطيع تضليل الشعب الذي يعرف حقيقتها كما يعرف حقيقة  السلطة الحاكمة ..

 

وعليه يحدوني الأمل وأدعو جميع المعارضات العربية أن تنزل إلى الجماهير وتحسن أداءها ولا تكون مجرد معارضات وصولية تركب موجات الغضب والانتفاضات الشعبية فلا بد أن تكون هي الفاعلة والمخططة الأساسية لأي تغيير في بلدانها وهي المبادرة الأولى في الثورات والانتفاضات وذلك من خلال التصاقها بالجماهير والنزول إلى مستواها وتحسس أوجاعها وألامها فلا تكون مجرد أداة سيئة بيد أعداء أوطانها ومخلب قط لمن يريدون السوء بالأوطان وسلب استقلالها وسيادتها كتلك المعارضة العراقية التي لم تصل إلى سدة الحكم والسلطة إلا بعد أن باعت نفسها للشيطان وفي ظل حراب الغزاة والمحتلين ومثلها ما حدث وما يحدث في السودان الشقيق الذي سيجري تقسيمه وفصل جنوبه عن شماله تحت سمع وبصر كل الحكام العرب وبمباركة ودعم من الغرب والحركة الصهيونية ولعنة التاريخ لا ولن ترحم من يخونون أوطانهم فهم ملعونون حتى قيام الساعة ولن يغفر الله لهم سوء عملهم..
 

almujahed_mohammed@yahoo.com  

Share

التصنيفات: منوعــات

Share