Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

بانتظار المفاتيح!!

أنور نعمان راجح
يقف في دائرة بين العقل والجنون وهو إلى الأخير أقرب كل صباح أجده في نفس المكان ينظر باتجاه واحد لا يشغله عنه شيء ولا يلتفت إلى من يناديه لكنه يجيب وهو على حالته المهم أنه يقف بانتظار شيء ما لم يصل بعد والوقت الذي مضى منذ أن رأيته أول مرة ليس بالقليل حالة الانتظار التي يبدو بها أثارت فضولي كثيراٍ وفي كل مرة أحاول أن اقتحم عالمه الخاص يردني عنه السؤال.. وما الذي يعنيك أن تعرف ما هو عليه¿
استمر السؤال يصدني كثيراٍ وحاولت أن أتناسى ذلك الواقف في نفس المكان إلى أن جاء البرد وأطل الشتاء برأسه فطرد الكثير من أرصفة الشوارع والطرقات وقل عدد المتجولين إلى أدنى مستوى وغيرهم غير أن هذا الرجل ما يزال على موعده الصباح المبكر كل يوم لم يستطع البرد تأخير خروجه أو منعه من المكان.. أخيراٍ قررت أن اقتحم عالمه لأعرف حكاية يبدو أنها ذات أهمية وجديرة بالاهتمام حاولت أن ألعب نفس دوره وأظهر له بأني بانتظار شخص ما على أمل أن يبادر بالحديث معي لكنه ظل على موقفه الرافض للاعتراف بوجودي إلى جانبه على رصيف ركن الشارع المطل على التقاطع حاولت أن أنظر إليه عن قرب لألفت انتباهه ويسألني عن سبب وجودي هناك ولم تفلح محاولتي تلك فتركته وذهبت وقلت: غداٍ سأعيد المحاولة بعد ما يكون قد اعتاد على رؤيتي إلى جانبه في اليوم الثاني جئت مبكراٍ فوجدته قد سبقني إلى نفس المكان والحقيقة أني لا أعلم متى يصل إلى هناك لكني أعلم أنه يغادر المكان بعد ساعات يقضيها هناك كل يوم ولا يعود إليه إلاٍ في اليوم الثاني بادرته السؤال.. كيف حالك¿ فلم يرد لكن لم يصدر منه ما يوحي بانزعاجه من الكلام.. غيرت السؤال فقلت له من تنتظر¿ فأشار بيده طالباٍ مني الانتظار وهو يراقب في إشارته دلالة خير بأنه سينطق بشيء وفجأة مر أحد الأصدقاء فاقنعني بمغادرة المكان وأصدر حكمه على الرجل بأنه مجنون وقال: مالك وماله¿ وتحت إلحاح صاحبي تركت الرجل ومشيت لكني كنت على قناعة بأني قد كسرت أول طوق للصمت الذي دام لأشهر عدة.. وفي اليوم الذي بعده قلت له: وكأنك من أمس هنا¿ فأشار إلي بالجلوس ولأول مرة أحس بسعادة جراء دعوة من هذا النوع فجلست وبدأت أتحدث إليه وهو صامت لكنه بكامل التركيز لما أقول ينظر إلي نظرة ونظرة أخرى إلى الشارع حتى لا يفوته شيء ينتظره منذ أشهر عدة وربما من قبل ذلك.. سألته »أيش تسوي هنا كل يوم¿ فابتسم ابتسامه بائسة وسألني أين اسير¿ قلت في البيت أو إلى العمل.. قال: ضاع المفتاح.. مفتاح أيش¿ قال مفتاح الدنيا.. وهل للدنيا مفاتيح¿ قال سرقوها وكل واحد يتهم الثاني.. من هم هؤلاء¿ قال أنت تعرفهم.. قلت لا.. قال إذا ما تعرفهم قم من جنبي وأنا باجلس انتظرهم لما يمروا ولي حساب معهم.. قلت له وإذا مروا من شارع ثاني.. قال لا.. لا بايوصلوا بس المشكلة أنهم كثير وأنت ما تشتيش توقف معي ضدهم.. قلت أنا معك.. قال اجلس فأيقنت أن الانتظار سوف يطول والوقت لا يسمح لي بالانتظار أكثر..
Share

التصنيفات: منوعــات

Share