Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

معظم مبانيها شيدت بدون تخطيط .. البناء العشوائي يعبث بلؤلؤة اليمن

بطابعها المعماري الفريد عالمياٍ ونسيجها المتميز وتكويناتها الفراغية الغنية وتخطيطها الهرمي المتدرج من العام إلى الخاص لؤلؤة بين وصيفاتها بقية المدن اليمنية الجميلة تعكس قدرة الإنسان اليمني على انجاز هذا المستقر البشري على أرض السعيدة التي استمدت تصاميمها وخططها المعمارية من أصوله القومية العربية والإسلامية.

 

حول التوسعات العمرانية لمدينة صنعاء وآثارها الاجتماعية والاقتصادية وأبعادها القومية ودور التخطيط الحضري في تحسين الأمن والسلامة والحركة المرورية أجرينا هذا التحقيق على هامش الندوة التي أقامتها جامعة صنعاء مؤخراٍ حول «التوسعات العمرانية في مدينة صنعاء.. التحديات والحلول» فإلى الحصيلة:
 

 

تحقيق: عبده الأكوع
 

 

 في البدء تحدث الأستاذ الدكتور حاتم الصباحي – نائب رئيس جامعة صنعاء لشؤون الدراسات العليا والبحث العلمي – أستاذ الهندسة المعمارية قائلاٍ: إن عمران مدينة صنعاء بنسيجها المتميز وتكويناتها الفراغية الغنية وطابعها المعماري يمثل نموذجاٍ متميزاٍ لعمارة فريدة من نوعها في العالم ويعبر عن حياة المجتمع وظروفه.

 

مضيفاٍ أن التنظيم العمراني لمدينة صنعاء القديمة وتخطيطها يعكس الطريقة الهرمية المتدرجة من العام الى الخاص فالزائر للمدينة يتقدم نحو بابها ثم الحي المنظم عمرانياٍ حول مسجده ومساحته الصغيرة ثم يتدخل في تتابعات الشوارع الصغيرة دون أن يخترق البساتين والحدائق العمرانية التي تعتبر من أهم الخصائص المميزة لمدينة صنعاء القديمة لما تعطيه من خصوصية مبتكرة لسكان المدينة.

 

مؤكداٍ أن التوسع العمراني لمدينة صنعاء الذي وصل إلى 135 ضعف مساحة المدينة القديمة تقريباٍ نتيجة لغياب قانون التخطيط والبناء ما أدى إلى وجود العديد من المناطق العشوائية واختفاء الفراغات العمرانية في تخطيط المساحات السكنية الجديدة التي تلبي احتياجات المجتمع في مناطق خضراء ومساحات وغيرها إضافة إلى ازدحام حركة المرور على مركز المدينة وأيضاٍ الاستخدام العشوائي والبناءات المختلفة وغير المنسجمة على مستوى المجموعة السكنية التي تفقد الهوية المعمارية.

 

مشدداٍ على ضرورة التزام التوسعات العمرانية الجديدة بانشاء عدة مراكز حضرية وتوفير الخدمات للسكان وإعادة توزيع المؤسسات الحكومية والخاصة فيها تخفيفاٍ للحركة على مركز المدينة مع توفير المناطق الخضراء والمساحات في المخططات السكنية الجديدة التي تنظم التوسعات العمرانية والمعمارية للحفاظ على الهوية المعمارية لمدينة صنعاء.

 

نمو معاصر

 

الأستاذ الدكتور عبدالحكيم العشاوي أستاذ الجغرافيا بجامعة تعز من جانبه أشار إلى أن نمو السكان في مدينة صنعاء وتوسعها المكاني عبر مسار النمو المعاصر لها أدى إلى ابتلاع مساحات واسعة من الأراضي الزراعية ذات الكفاءة الإنتاجية العالية.

 

مضيفاٍ أن الحفاظ على التربة من أهم المشاكل التي تواجه العالم اليوم وأن الذين بحثوا في مواضيع الحفاظ على التربة أشاروا إلى أن السبب الرئيسي هو التوسع العمراني على حسابها وأكدت دراسات الأمم المتحدة أن الاعتداء على الأراضي الزراعية المنتجة واستغلالها للتوسع العمراني سبب مهم في ضعف انتاجية الأرض.

 

تحولات اقتصادية

 

فيما يؤكد الدكتور محمد العلفي – أستاذ الهندسة المعمارية المشارك بجامعة صنعاء على أن التحولات العمرانية لمدينة صنعاء أدت إلى آثار اجتماعية واقتصادية وجمالية وشكلية كما أن الآثار الاجتماعية هي المشكلة الرئيسية التي ظهرت على السطح حيث يتضح من خلال التحول العمراني الذي طرأ على المدينة بين مرحلة وأخرى سواءٍ كانت هذه المراحل مرتبطة بالعوامل السياسية كون هذه العوامل الأساسية التي تظهر حالة التحول بشكل ملفت أو غيرها.

 

مضيفاٍ أن الاضطرابات السياسية التي شهدتها الجزيرة العربية في الأعوام السابقة وبشكل خاص عام 1990م كان لها تأثير كبير جراء عودة المهاجرين بأعداد كبيرة من ذوي المستويات الأقل تعليمياٍ واقتصادياٍ ومهنياٍ حيث استقروا في المدن الرئيسية وسارعوا في إيجاد ظروف معيشية وسكنية وفرص عمل وكانت بمثابة إجهاض للتحولات التي كان يخطط لها من قبل الجهات المختصة في ما يتعلق بعمل المخططات التي تستوعب التحولات بطرق علمية منظمة تساعد على توفير الخدمات بشتى أنواعها (الطرق – الإنارة – المياه – الصحة – أماكن الترفيه) وغيرها.

 

مشيراٍ إلى أن تحول النظام السياسي إلى نظام ديمقراطي وحدوي أوجد حالة من الاستقرار الذي أدى إلى التطور في عملية التنمية الشاملة في شتى مجالات التشييد والبناء والإعمار والطرق والسدود والجسور والصناعات التحويلية والتعليم بشتى أنواعه واستخدام النفط والمعادن وبناء الموانئ والمطارات مما أظهر تحولاٍ اقتصادياٍ أثر على التحولات الاجتماعية في ما يتعلق بالمستوى المعيشي المرتبط بمستوى الدخل والذي انعكس بدوره على العمران في المدن.

 

حيز حضاري

 

أما الدكتورة آمال العرشي – أستاذ الهندسة المعمارية المشارك بجامعة صنعاء فقد نوهت إلى أن مدينة صنعاء القديمة (خارج نطاق السور القديم) توسعت بعد قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م توسعاٍ عمرانياٍ كبيراٍ من كافة الجهات وأن أجزاء كبيرة من البناء تم بطريقة عشوائية بعيداٍ عن التخطيط والمخططات بالإضافة إلى تدمير جزء كبير من سور المدينة القديمة وظهور حيز حضاري جديد مفتوح أدى إلى ظهور أشكال معمارية جديدة وغريبة على البيئة المحلية من جهة وكذا ظهور العشوائيات والازدحام السكاني والاختناق المروري والتلوث البيئي كما أن هذا التوسع العمراني كان ولا يزال على حساب الأراضي الزراعية الخصبة المجاورة لمدينة صنعاء القديمة.

 

لؤلؤة جميلة

 

وأما الأستاذ الدكتور مالك الدْليمي – أستاذ المدن والخرائط بجامعة صنعاء فقد تحدث قائلاٍ: صنعاء حبيبتنا واحدة من المدن والعواصم التي تعتبر شاهداٍ حياٍ على قدرة الانسان اليمني في إنجاز هذا المستقر البشري على هذه الأرض السعيدة فهي المتحف الرائع الذي احتوى كافة الجهود الكبيرة التي قدمها اليمنيون بشكل عام والصنعانيون بشكل خاص على مر العصور القديمة والحديثة منذْ فجر التاريخ وحتى يومنا هذا.

 

مضيفاٍ: هي ظاهرة أمام العيان بمعالمها الأثرية وجوامعها ومساكنها وقصورها ومواصلاتها بأسوارها وبواباتها وبساتينها وحماماتها وأسواقها وكل ما قدمه الانسان من أشكال المعمار اليمني والصنعاني وما جادت به أرضنا الطيبة من معالم عكست الرؤى والتقاليد والعادات والأعراف والمقومات القومية العربية والإسلامية سلوكاٍ وتصميماٍ وأشكالاٍ معبرة يشعر بها الزائر في كل لحظات حياته يشعر بالسعادة والراحة والأمان ودون شك أن صنعاء مدينتنا وعاصمتنا الجميلة هي لؤلؤة في وسط اليمن بين وصيفاتها بقية مدن اليمن الجميلة.

 

مشدداٍ على أن الإنسان استنبط تصاميمه وخططه المعمارية من أصوله القومية العربية والإسلامية فكان سر النجاح في هذه الاستدامة الناجعة التي حافظت على أسس ومبادئ تأسيس وإنشاء المدن أجمل ما قدمه البشر لهذه الطبيعة وللتاريخ.

 

طرق عقابية

 

المقدم دكتور أمين خيران – مساعد مدير أمن العاصمة لشؤون الأحياء يشير من جانبه إلى أن النطاق العمراني لمدينة صنعاء اتسع خلال العقدين الماضيين وانتشرت معه المناطق السكنية الحديثة التي تم تصميم وتخطيط غالبية أحيائها بطرق تختلف عن أسلوب النسيج العمراني التقليدي لذا نجد أن هاجس توفير الأمن والسلامة للسكان عموماٍ وللأطفال خصوصاٍ في الأحياء السكنية المعاصرة أصبح مطلباٍ أساسياٍ لاستقرار الحياة والنمو الاجتماعي.

 

لافتاٍ إلى تنوع الطرق العقابية والوقائية المتبعة للحد من الجريمة وإشاعة الأمن وتوفير السلامة في المناطق العمرانية لمدينة صنعاء إلا أن أسلوب تشكيل البيئة العمرانية يبقى ذا دور مهم وفعال للغاية في تحقيق الأمن والسلامة في الأحياء السكنية من خلال تقوية العلاقات الاجتماعية بين السكان وتمكينهم من المشاركة في إيجاد الأمن والإحساس به.

 

وضع كارثي

 

أما المقدم دكتور نديم الترزي مدير مرور أمانة العاصمة فأوضح أن التوسعات العمرانية التي تشهدها مدينة صنعاء أفقياٍ وعمودياٍ ينذر بأن الحركة المرورية ستكون في وضع كارثي بكل المقاييس في المستقبل القريب إذا لم يتم تدارك الأمور منذ الآن ووضع المعالجات أولاٍ بأول وفق خطط هندسية تراعي الجوانب الاجتماعية والاقتصادية للمدينة والتوسعات العمرانية المتوقعة في الجهات الأربع.

 

مضيفاٍ أن حركة  التنمية والعمران المتسارع الذي تشهده كافة أرجاء الدولة تنبئ بمزيد من الزيادة في أعداد المركبات ما يعني زيادة المخاطر والمهددات التي تنجم عن زيادة معدلات الازدحام المروري ومما لا شك فيه أن التخطيط الحضري أحد العوامل المؤثرة في الحركة المرورية ايجاباٍ أو سلباٍ لأن التخطيط العشوائي له الأثر السلبي على الجانب المروري والعكس صحيح.

 

مؤكداٍ على أن أسباب الاختناقات والحوادث المرورية تعود إلى الانسان بكل ما يقوم به من تهور واستهتار وغيرها من التصرفات غير القانونية أيضاٍ السيارة وما تسببه من أخطار والطريق وما فيه من أخطاء حدثت أثناء التخطيط والتي تؤثر على الجانب المروري.

 

تناسق عمراني

 

فيما يرى الدكتور مهندس صالح السحيقي أن التناسق العمراني الحضري ما يزال واضحاٍ وشاهداٍ حتى الآن يؤكد بأن البناء القديم جرى وفق أسس ونظم متفق عليها ومن دون إصدار تراخيص بناء موثقة ولكن ظلت القوانين والأسس العرفية هي السائدة والمنظمة للبناء والعمران ويجب الحفاظ عليها وعدم مخالفتها ومن ضمنها الالتزام الأخلاقي بتوثيق مستندات ملكية الأراضي المخصصة للبناء في المحاكم دون إحداث أي مشاكل تذكر وكل ذلك انعكس ايجاباٍ على شكل البناء وتشكيل الأحياء والحارات وترتيب وتوزيع مواقع الخدمات المتنوعة داخل المدينة بما يخدم جميع سكانها.

 

مضيفاٍ: في بداية التسعينيات حدث تطور هائل في البناء والعمران وكان لا بد من خروجه خلف أسوار المدينة القديمة حيث الأراضي الواسعة القابلة للتمدد شرقاٍ وغرباٍ وشمالاٍ وجنوباٍ وكان لا بد من مواجهة ذلك التطور الهائل في البناء والعمران وتقنين انتشاره بما يكفل تنفيذ معايير تخطيطية سليمة تتماشى مع ما تم التعارف عليه خلف أسوار المدينة القديمة والتوفيق بينها والجديد القادم ومن هنا تم اصدار مجموعة من القوانين المنظمة لأعمال البناء والتي بموجبها تمنح تراخيص البناء بحسب نصوص وأحكام تلك القوانين ولوائحها التنظيمية المنظمة لعملية تشييد المنشآت العمرانية المختلفة.

 

تخطيط فاعل

 

ويطالب المهندس محمد الطلوع بضرورة ضبط النمو العمراني بالشكل الذي يضمن الوصول إلى الغايات المنشودة من خلال تخطيط عمراني فاعل ينظم ويخطط ما نرغب في الوصول إليه مستقبلاٍ.

 

ويضيف: التوسع العمراني في مدينة صنعاء تحول إلى مشكلة كبيرة نتيجة لافتقاد الهوية واستنزاف الموارد على المستويين الشخصي والعام مع عدم وضوح الرؤية المستقبلية في الحدود التي يجب أن نقف عندها وعدم قدرة الحكومة على توفير الخدمات الأساسية في وقتها المناسب.

Share

التصنيفات: تحقيقات

Share