Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

فلسفة القـْبح

لماذا خلق الله الشر في هذا العالم ¿جاء في قصة الخلق أن الله عز وجل خلق الشر يوم الثلاثاء والشر يعني كل ما يشكل ضرراٍ من فئران وأفاع وعقارب إلى جانب النفس البشرية التي لا تخلو من اللؤم والأنانية والحقد والحسد ..

 

لا أدري ما سبب الأثر البالغ الذي تركته قصة هابيل  وقابيل في نفسي فكلما حاولت أن أكتب عن ظلم الإنسان لأخيه تراءى لي هابيل غارقاٍ في دمائه وقابيل غارقاٍ في الضياع والذهول لما اقترفت يداه فلماذا خلق الله الأخوين بنفسيتين متناقضتين ولماذا قدر لآدم عليه السلام أن تبدأ حياته في الجنة ويذوق راحتها ونعيمها ثم يقدر له ولذريته النزول إلى الأرض لتكون مسرحاٍ لأطماع لا تنتهي وحروب ترفض أن تضع أوزارها رغم أن الأرض تتسع للجميع ¿! علامات الاستفهام تلك كانت تْلحْ في طلب الإجابة .

 

زرعت جدتي ” تقية ” في نفسي أن الله تباركت أسماؤه وصفاته هو الحكمة المطلقة وظل الأمل يراودني في أن أعرف ولو جزءاٍ يسيراٍ من هذه الحكمة لماذا خلق الله الشر في هذا العالم ولماذا قدر على بعض خلقه الفقر والمرض ¿

 

وفي اليوم الذي مرضت فيه اشتد خوفي اعتقدت أن تلك اللحظة هي أخر عهدي بالعافية حينها استيقظ القلب من غفلته وفارقني زهو الشباب والصحة وشعرت بالضعف وقلة الحيلة وذكرت فضل الله علي مذ وعيت وجودي في هذا العالم وذكرت قوله تعالى ” وقليل من عبادي الشكور ” فعدت إليه بقلب ذليل يرتجي فضله وشعرت بعمق العبارة التي قالتها صديقتي ” إذا وجدت الله فماذا فقدت ¿! وإذا فقدت الله فماذا وجدت ¿!” ذكرت تلك العبارة فبكيت هيبة وإجلالاٍ للقوي العزيز وتذوقت روعة رجوع العبد إلى خالقه فلن يجد من يحتفي بقدومه قدر خالقه وسيده فوصلت إلى إجابة السؤال لماذا خلق الله المرض .

 

السنون التي تمر علينا تحمل لنا في طياتها أناس ليكتبوا في الوجدان نقوشاٍ تحكي قصة للأمل أو الألم ففي السنوات التي تمر بنا إما أن يسعدنا الحظ ونلتقي أناساٍ نحاول أن نتعلم منهم الترفع والرقي والتسامح والعطاء طبعاٍ لن ندرك فضلهم إلا حين نصادف أناساٍ ليس لهم من الإنسانية إلا الاسم فندرك فضل الأولين حين تصدمنا وضاعة ودناءة الآخرين “.

 

 ضدان لما استجمعا حسنا      والضد يظهر حسنه الضد “  

 

في الحروب تدرك الشعوب قيمة الرخاء والسلام ففي حرب صيف 1994م والتي حملت معها الشدة والخوف وطوت في صفحتها العديد من القتلى الأبرياء الذين دفعوا دماءهم ثمناٍ لترسيخ الوحدة فعرفنا جميعاٍ بشاعة الحرب التي لم يتردد بعض التجار من استغلالها في احتكار بعض السلع واعتبروها فرصة وتعاملوا مع احتياجات الناس كالتعامل مع الشاة الضالة .. لك أو لأخيك أو للذئب وقتها عرفت مغزى دعاء جدتي ” اللهم إنا نسألك الأمان قبل الإيمان والعافية من غير امتحان ” وأعتقد أن جدتي من سعة الأفق بحيث تجاوزت في قصدها عافية الجسد إلى عافيـــــة الفكر الذي يعـــــــتبر الغلو والتطرف أهم أمراضه .

 

أن ما نال هذا الشعب العظيم من ظلم من الحكم الإمامي والاستعمار كفيل بأن يجعله يدرك معني أن تكون اليمن الحبيبة أرضاٍ خصبة للقلاقل والفتن لتأتي الأجيال القادمة وقد تركنا لها تركة طائلة من الفتن أشدها الطائفية والتطرف التي تعتبر عصا الرحى التي تطحن كل جميل وعزيز في علاقة الأخوة ببعضهم فيصبحوا غرباء حتى عن أنفسهم.

 

أن ما يحدث في العراق من تشرد وضياع ونهب لخيرات بلاد الرافدين والتي نعتبرها قبلة الفكر الإسلامي تضع الحقيقة أمام كل عقل رشيد من أن الفرقة والتطرف والطائفية آفة وسنوات عجاف نعوذ بالله أن نحس وطأتها.

 

إن القبح مايزال يلعب دور البطولة في حياتنا بطريقة تعافها كل نفس حرة .. لذلك يحب أن تتحد قلوبنا لنسعى جميعاٍ بخطى حثيثة إلى العدالة والمساواة والحياة الكريمة لكل يمني فيد الله مع الجماعة ومن شذ شذ في النار.

 

وفي الأخير أسال الله الأمان قبل الإيمان والعافية من غير امتحان..
 

إيمان عبد الوهاب حْميد

Share

التصنيفات: ثقافــة

Share