Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

الأزمــة في القــــيم!!

أنور نعمان راجح

 

ثمة من ينفي وجود أي شكل من أشكال الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وغيرها من المشكلات والقضايا والأزمات صغيرها وكبيرها.. وفي المقابل يرى أن كل ما حدث ويحدث منها هو في الأساس أزمة قيم وأخلاق ولاشيء غير ذلك وأن كل  مشكلة أو معضلة في الجانب السياسي أو الاقتصادي تبدأ من خلل في القيم والأخلاق ولا نلوم سوى الناس أولاٍ وأخيراٍ ولا يصح أن نتهم الأوهام أو الشياطين من الإنس والجن في الداخل والخارج إلا من باب القيم والأخلاق أيضا فهي المسؤولة عن كل التصرفات والأفعال والمواقف والسياسات وكل خروج أو تمرد على القيم النبيلة والأخلاق السامية ينعكس على هيئة مشكلات وأزمات من كل نوع وما تعود إليه من كوارث.. بالطبع لا يمكن اتهام الناس جميعاٍ بانعدام القيم والمبادىء والأخلاق ولكن بالمقابل لا يمكن تبرئة ساحة القيم من كل ما يحدث سلباٍ إذا ساءت قيم الفرد أو المجتمع وإذا تراجعت عن حدودها التي تنظم العلاقات وتضبط مسار الحياة الخاصة والعامة.. وعلى هذا الأساس فإن انهيار منظومة القيم والأخلاق عند فرد واحد سوف يلقي بظلاله على المجتمع من حوله وإذا توسعت دائرة الانهيار جزئياٍ أو كلياٍ لتصيب جماعة أو أكثر من ذلك فإن دائرة الخراب والصراع والمتاعب سوف تتوسع أيضا وكلما استشرى السبب ساءت نتائجه وزادت أكثر.

 

 الرأي الذي ينسب أصحابه أسباب الأزمات إلى ما أصاب منظومة القيم الإنسانية والدينية من تراجع أو اختلال أو فساد يبقى قويا في تشخيص الأزمات والمشكلات ووصفها بدقة تساعد على وضع الحلول والمعالجات اللازمة فهناك مجموعة قيم تحكم طبيعة العلاقات الاجتماعية فإذا غابت تلك القيم  ضعفت العلاقات وتبدلت إلى صور أخرى يغلب عليها سلوك القطيعة ومن ثم العداوة والصراع في خاتمة المطاف.. لا يمكننا أن نتهم الفقر بذاته في معاناة الفقراء والمساكين دون النظر إلى قيم وسلوكيات تسببت في خلق حالة الفقر في ظل وجود ثروة تكفي لتفادي حالة الفقر في صورته المتوحشة التي تفتك بالآلاف من الناس يوميا..  لولا خلل القيم الذي أدى إلى استئثار البعض بمقومات وثروات المجتمع وإطلاق يد الفقر والحرمان على بقية الناس.. لا مجال للاعتراف بالأزمات السياسية دون الالتفات إلى أهم المسببات وهي المتعلقة بأخلاق ومبادئ أطراف الأزمة السياسية أو أحدهما.. وسوف نجد قطعا أن الخلل في القيم والأخلاق قد فعل فعله ليوصل الأوضاع إلى مرحلة الأزمة ومن ثم إلى ماهو أسوأ من الأزمة مالم يعالج السبب أولاٍ.. كل المعالجات المرجوة لن تجدي نفعاٍ إذا ظلت بعيدة عن أصل الأزمة وظلت القيم والأخلاق بعيدة عن أصل العلاج.. مشكلة الاختلال في القيم والأخلاق أنها قابلة للتوسع والزيادة وكلما زادت العملية عن حدها يصبح المجتمع في خطر أكبر وكذلك الحال بالنسبة للبلد الذي يعاني من أزمات عديدة في الوقت الراهن وفي جوانب مختلفة أخذت مسميات غير مسمياتها الحقيقية بينما القصة كلها بدأت بفكرة فرد أو أكثر نتيجة خلل في القيم والأخلاق لديهم وتْركت الأمور تأخذ مسارها من باب الاستهانة بالفكرة والتقليل من شأنها وخطورتها لتصل في جوانب كثيرة إلى حد الخطر الداهم الذي نستشعره اليوم هنا أو هناك.. ومن هنا لا بد من تصحيح مسار القيم والأخلاق أولاٍ قبل كل شيء والعملية لا تبدو سهلة أبداٍ..

Share

التصنيفات: منوعــات

Share