Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

الحداثة

عند التحدث عن المجتمعات الاستاتيكية يتبادر إلى الذهن المجتمعات العربية التي تعاني من التخلف والجمود وعدم القدرة على مواكبة المجتمعات الديناميكية إلا في السلع التي أغرقت الأسواق العربية وإثبات معظم المستهلكين لهذه السلع ما نعانيه من السطحية وضحالة التفكير وكأننا أتينا بالكتاب الذي أنهك الشعوب الأوربية في دراسته وبحوثه وتجاربه لنفتحه نحن من آخره من دون أن تكون لنا نظرة فاحصة لكل ما يحويه هذا الكتاب.

 

فلا نحن الذين أخذنا عن هذا الكتاب بعد دراسة فاحصة ولا نحن الذين تركناه فكان ذلك من أهم الأسباب في حالة  الاستاتيكية التي تعيشها المجتمعات العربية ويرجع البعض هذا الجمود إلى تمسكنا بذيل الماضي وعدم الالتفات إلى الأمام وقد سبق التحدث في هذا الموضوع د ـ محمد خاتمي في كتابه »الإسلام والعالم« ولفت الانتباه إلى حالة الشوزفرينيا ” الانفصام ” التي نعيشها كعرب ومسلمينحيث تحيا أمتنا بثقافة عربية إسلامية وحضارة غربية ولكن هل الحل هو التخلص من الموروث الثقافي وقيود الماضي كما يقول البعض !! وبعد التخلص من الموروث الثقافي بعد ذلك كيف يتسنى لنا حماية أنفسنا من أن نكون إمعة لمن نأخذ عنهم¿!

 

وكيف نستطيع أن نحافظ على هويتنا العربية الإسلامية في عصر العولمة هذا العصر الذي يكتسح بأفكاره وثقافته ومنتجاته العالم وأسواقه بما فيه عالمنا أو أرضنا العربية وأسواقها¿ وحديثي هذا لا يعني على الإطلاق أنني ضد الاستفادة من الحضارات الغربية بل العكس ولكن كيف نأخذ عنهم وعن سواهم فنجعلها ضمن إطار عربي إسلامي فإذا عرفنا إجابة السؤال نكون قد اهتدينا لبداية الطريق.

 

ولا نستطيع أن نقول إن  الغربيين قد وصلوا إلى ما وصلوا إليه بسبب تخلصهم من موروثهم الثقافي وأذكر أني قرأت مرة أن الكاتب الايرلندي جورج برناردشو يعتبر من أنصاف المتعلمين نظراٍ لعدم إلمامه باللغة اللاتينية رغم أنها لم تعد لغة حية أو متداولة.

 

إن ما يحترم في الغربيين هو احترامهم لموروثهم الثقافي ومحاولة الإضافة إليه ما يفيد ويثري الأجيال القادمة فعلى سبيل المثال من يدرس المسرح فمن الضروري أن يدرس آراء أرسطو طاليس واسخيلوس وارستوفان وسوفوكليس قبل أن يدرس شكسبير وهنريك ابسن وشو. وما أريد الانتهاء إليه انه ليس من الخطأ المحافظة على الموروث الثقافي ولكن الخطأ أن نعتقد أن ليس في الإمكان أبدع مما كان لتأتي الأجيال القادمة فلا تجد إلا ما وجدناه نحن فنمضي في هذه الحياة دون أن نترك أي أثر وهناك من يعتقد أن غياب الحداثة وحضور السمات التقليدية سببه غياب الفصل بين الدين والدولةوما أستطيع أن أقوله بهذا الصدد ليس بجديد فقد قاله السيد قطب وغيره كثيرون بأن الدين الإسلامي ليس مجرد شعائر وقيم مكانها زوايا المساجد بل هو حياة كاملة منظمة لحياة البشرية من جميع نواحيها كما أن مؤسس علم العمران ابن خلدون يرى أن العصبية والدين من أسس المجتمع الإنساني السليم..
 

إيمان عبد الوهاب حْميد

Share

التصنيفات: ثقافــة

Share