Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

فضائيات تروج الفتنة وأخرى تبث فتاوى شاذة .. الشبهات بين مبدأ الاتقاء ومحنة الابتلاء بالمحرمات

تب/ محرر الصفحة:
حين خلق الله البشرية واستعمرها في أرض لم يتركها عبثاٍ تسير كيفما شاءت وفق أهوائها وشهواتها ولكن الله عز وجل شرع لها منهاجاٍ ونظاماٍ تسير عليه امتثالاٍ لأوامره وأرسل الأنبياء والرسل لتعلم البشرية كيف تسير على ذلك المنهاج والنظام ولذلك فإن حياة البشرية مقيدة بالأوامر والنواهي فمن امتثل الأوامر واجتنب النواهي خالصاٍ لوجه الله فاز وأفلح ومن خالف الأوامر واقترف النواهي خاب وخسر..
وجعل الله تعالى من بين تلك الأوامر والنواهي أموراٍ مشتبهات هي امتحان وابتلاء لعباده ليميز الخبيث من الطيب والصادق من الكاذب فوقع كثير من الناس في تلك الشبهات اتباعاٍ لأهوائهم ورغباتهم ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام بل إن من يستمرىء الشبهات يهون عليه الوقوع في الحرام..
وما يزال ابليس وأعوانه في حرب دائمة مع ذرية آدم فيثيرون لهم كل شبهة ويهونون عليهم كل محرم.. باذلين في ذلك جهدهم لإغواء بني آدم ليقاسموهم بذلك سخط الله وعذابه.. أجارنا الله وإياكم من ذلك..
اتقوا الشبهات
ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قوله: »الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات….«
ونحن نعيش زمناٍ كثرت فيه الشبهات واجترأ كثير من الناس عليها بحجة أنها ليست حراماٍ قطعاٍ ولا حلالاٍ قطعاٍ.. وعن ذلك يقول الشيخ محمد الحزمي إمام وخطيب مسجد الرحمن بصنعاء:
أمر الله عز وجل الإنسان أن يتقي الشبهات احتياطاٍ لدينه وأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: »اتقوا الشبهات فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه« فهذا أمر نهي من النبي عليه الصلاة والسلام والشبهات هي منطقة ضبابية تفصل بين الحلال والحرام ومن دخلها لا شك أنه لن يرى الرؤية الواضحة والذي يستمرىء الشبهات سيتجاوزها إلى المحرمات وهو لا يشعر بذلك..
أدلة القياس
يظن كثير من الناس أن المحرمات لا تكون إلا بنص واضح يسمي تلك المحرمات بعينها فيقترفون تلك المحرمات وهم لا يشعرون..
يقول »الحزمي«: القاعدة أن الأصل في الأشياء الإباحة إلا ما ورد النص في تحريمه.. أما التي لم يرد نص في تحريمها فتستخدم فيها أدلة القياس مثلاٍ المخدرات عندما استوت علتها بعلة الخمر صار حكمها حكم الخمر وهكذا يستخدم القياس لمعرفة كثير من المحرمات التي لم يرد نص باسمها يحرمها..
فتاوى وشبهات
ما بين حين وآخر تظهر لنا وسائل الإعلام بفتاوى شاذة وشبهات جديدة يثيرها بعض المفكرين أو دعاة الافتاء.. 
 ومما لا شك فيه أن تلك المواضيع التي تثيرها الفضائيات قد جعلت كثيراٍ من الناس في حيرة من أمرهم خاصة أن بعض تلك الفتاوى أو الشبهات المثارة تناقض الفتاوى التي أجمع عليها علماء الأمة مما فتح باباٍ للتلاعب بأحكام الدين.
يقول الأستاذ المشارك بقسم الدراسات الإسلامية بكلية الآداب – جامعة صنعاء الدكتور علي مقبول الأهدل: يجب على المسلم والمسلمة أن يتحرى الحلال ويجتنب الشبهات ويعلم أنه مسؤول أمام الله عز وجل ولذلك فإن الحريص على دينه المتقي لربه لن يأخذ أحكام الدين وفتاواه إلا من عالم يثق في دينه فجميع الناس يحرصون دائماٍ على اختيار الأفضل فإذا أرادوا استشارة الطبيب فسوف يبحثون عن الطبيب الموثوق وكذلك التاجر الموثوق والبائع الموثوق وهكذا يحرصون على اختيار أفضل الطرق للحصول على أفضل النتائج وإذا كان هذا في معاملات الدنيا فالدين أولى أن تحرص على سلامته وأن تأخذه ممن تثق بهم من العلماء لا أن نتتبع الرخص فنأخذ من كل عالم رخصة فنقع في الزلل.
يؤيد ذلك الدكتور عقيل المقطري – جامعة تعز – بقوله: على عامة الناس ألا يعتمدوا في الفتاوى إلا على ما يقدمه العلماء وفي حال الاشتباه يتم التواصل مع العلماء المتخصصين حتى لا تثار شبهات ويفتتن الناس.
مسؤولية وسائل الإعلام
مما لا شك فيه أن وسائل الإعلام هي المسؤول الأول في ترويج تلك الفتاوى والشبهات..
بخصوص ذلك يقول »المقطري«: إن وسائل الإعلام من أِجل نعم الله عز وجل لو استخدمت بالطريقة الصحيحة وسلك أصحابها المنهج السليم فنقل المعلومة الدقيقة الصحيحة رسالة شريفة لا يحملها إلا الشرفاء وأما الخداع والدجل والكذب فبضاعة رخيصة ممتهنة سرعان ما يسقط صاحبها ويكشف أمره بل ويتحمل أوزار من يضللهم ويلبس عليهم.. يقول الله جل وعلا »يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين«.
ويقول جل جلاله »ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون«.
وما هو حاصل اليوم في الفضائيات ووسائل الإعلام ما هو إلا فتنة للناس فكثير ممن يتصدى للافتاء غير مؤهل بل ويقحم كثير منهم أنفسهم في ما لا يحسنون فصاروا ممن يبث وينشر الشبهات بين الناس بل وجعلوا أنفسهم في تناقض واضطراب نظراٍ لتصادم هذه الفتاوى.. ولا شك أن لأصحاب القنوات التي تبث تلك الفتاوى دوراٍ في هذا التناقض والاضطراب وإثارة الشبهات.. ولو أنهم أسندوا البرنامج إلى أهله لما حصل ذلك..
تعاون فعال
وحتى نسلم من هذا فواجب على جمعيات العلماء ودور الافتاء منع من ليس أهلاٍ للإفتاء أن يفتي وواجب عليهم كذلك أن يتعاونوا مع هذه الفضائيات بإرسال الأكفاء من العلماء كما هو واجب على أرباب الفضائيات أن يجعلوا حلقات متخصصة في الإفتاء فمثلاٍ فتاوى في الاقتصاد يحضر لها متخصصون فبعض العلماء مثلاٍ ليس عنده تصور  لكثير من المعاملات المعاصرة فالواجب أن يؤتى بمتخصص.
أيضاٍ فتاوى العبادات يؤتى بفقيه متخصص في هذا الجانب ومن الواجب على المفتي أن تكون فتواه مدعمة بالأدلة الشرعية.
إجماع العلماء
ويضيف »المقطري«: إن التزام ما تجمع عليه المجامع الفقهية ودور الإفتاء أقرب للسلامة والدقة وإن كان يجوز للعالم ان يخالف المجموع إذا لم يستبين له وجه الدليل الذي ذهب إليه المجموع شريطة ألا يكون الأمر الذي يخالف فيه مما يترتب عليه العمل الجماعي..
وأما في الأمور التي يترتب عليها عمل الأمة فلا تجوز فيه المخالفة بل يجب على المخالف أن يحتفظ برأيه في نفسه وواجب عليه أن يعمل وفق ما ذهب إليه الأكثر.. والله أعلم..
أهمية التخصص
ويضيف »المقطري«: إن حملة الرسالة الإعلامية واجب عليهم أن يكونوا عند المسؤولية فيعطى كل برنامج لكفؤ من المتخصصين فالبرنامج الفقهي لا يجوز إعطاؤه للمؤرخ والبرنامج السياسي لا يعطى للاقتصادي والبرنامج الاقتصادي لا يعطى للطبيب وهكذا برنامج الفتاوى لا يعطى لغير من وصل إلى درجة الإفتاء ودرجة الإفتاء يحتاج صاحبها إلى شهادة أو إجازة من بعض الهيئات كجمعية العلماء أو المجمع الفقهي أو دار الإفتاء..

 

 

أخيراٍ

الدين تعامل مع الله عز وجل والله تعالى يعلم السر وأخفى ويعلم ما تكنه القلوب والضمائر ومن تعامل مع الله عز وجل سوف يأخذ حذره واحتياطه لعلمه أن الناقد بصير ولذلك لن يكون قشراٍ في مهب رياح الفتاوى والشبهات فهو وإن سمع الفتاوى والشبهات التي تتيح له كثيراٍ من الشهوات إلا أن صدقه مع الله عز وجل يجعل بينه وبينها ألف حجاب..
ولذلك فإن ما نسمعه بين حين وآخر من فتاوى وشبهات يثيرها بعض من يلقبون »بالمفكرين« أو »الباحثين« لن تؤثر إلا فيمن قدم هواه على مرضاة الله عز وجل والصادق في دينه لن تؤثر عليه الأهواء والشبهات لأن الله الذي يعلم ما في قلبه يعصمه من تلك الفتن والشبهات فالله الله في دينكم يا مسلمين والله الله في دينكم يا معشر الإعلاميين.. فرضوان الله أولى من الإثارة وجذب الأنظار..
Share

التصنيفات: نور على نور

Share