Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

التعصب الأعمى

نــور باعباد

لاشك أننا نقف عقب نهاية كل عام وقفة ذاتية وطنية إقليمية ودولية أمام ما حدث في ذلك العام الذي طويت أيامه وشهوره وأياٍ كانت نتائجه فينطبق القول عليه »بأي حال عدت ياعيد« وتعود السنة وفي فتراتنا الحالية تتداخل المعطيات وتتسارع مع الغزو والتقارب العولمي الذي يسقط علينا وتتلقفه ونمارس قبيحه نحن بإيعاز ذاتي من تعصباتنا وهو ما شهده نشاط رياضي استفحل الأمر به ليمس الثوابت القومية بين بلدين شقيقين هما قدوة في الوطنية ومدرسة شبع العرب ونهل من سفر نضالاتها وإذا بذلك يذوب عند أول تحد رياضي تغلف بطموح أظنه أجهض أمام التعصبات على الرغم من أن القضية قد تكون عابرة ويفترض أن تكون كذلك ولكني تألمت لتقاذف وتضخيم قنوات الإعلام لمثل هذه الواقعة وصار من المخيف أن تقام المباراة ليؤجج الحاقدون رياح التعصب وقد استوقفتني بأس ما تسلمته مؤخراٍ ونحن في العام ٠١٠٢م إيميل عبارة عن ترصد بطرف ضد آخر فحواه فساد عال وثراء غير شرعي لأحد قيادات الطرفين من المستوى الرفيع جداٍ وكأن ذلك كان مستوراٍ إلا بعد المعركة الرياضية مما المني لسكوت لا تسمعه إلا في التآمرات صدق القول فينا نحن معشر العرب كثيرا من الصفات في التعصب والنظرة الضيقة وكأننا نتمثل صدر بيت الشعر القائل »ومن الحب ما قتل« فها نحن اليوم نسترجع تلك الحروب القديمة الطويلة لعرب الجاهلية لا لسبب إلا لأن حصانين لهما اختلفا وتناطحت قبيلتاهما وشتى من ألوان السذاجة والسخرية التي أوقعت أجدادنا وها نحن اليوم صماصيم القرن الـ ١٢ نكرر ذلك وفي أي ميدان!!! إنه ميدان الرياضة حيث أسقط ما يسمى بالروح الرياضية وإن هو اليوم قد حدث بين فريقي كرة القدم المصري والجزائري.. وأياٍ كانت تداعيات ذلك الحدث الذي شهده شهر نوفمبر وأيقظ حماسته الشعبين وصار إلى ما لايحمد عقباه من تعصب وحشد واستعراض ما بعده وكأننا في أروقة الأمم المتحدة وحسبي أن الرياضة تقرب ما عجزت عنه السياسة وإذا بالأمر ينقلب وتصبح الرياضة رديفةٍ للسياسة في إشعال الأحقاد والفرقة.

وما زالت عواطفنا الساذجة لا تراوح مكانها إلا فيما هو دوني من المهاترات والتعصبات ومن تشجيع للعدو والتسرطن الثقافي والرياضي سلباٍ وحماقة.. فمتى تكون هناك صحوة أخلاقية فهذه التعصبات للأمانة لم تدخل فيها قوى الاستعمار والنظام العالمي الجديد والإرهاب والتطرف بل كانت وليدة تعصب تربية وتوفرت لها عوامل التخمر في العقول..

والحال عندنا في اليمن كنوع من العدوى لا أبرىء فيها وطني اليمن منها كيف نسخر طاقاتنا الكلامية والتحليلية نحو قضايا التنمية والسياسة وكيف غاب عن جماهيرنا بعد تلك الواقعة الكروية ذلك الخبر السار والجميل الذي تجاوز بأهل مصر والجزائر في تلك الأعمال النفطية الكبيرة المشتركة في استخراج وتكرير النفط الجزائري من شركات جزائرية مصرية استثمارية مشتركة .. للأسف مر هذا الخبر مرور الكرام لم يقابل هذا الخبر بحفاوة فهو الذي سيرفد البلدين بخير عميم وتسامح يفترض أن ينصب ويذكر الطرفين بعرى الاخوة والنضال التضامني للشعبين وأنه خبر بمثابة بلسم لإصلاح ما أفسدته الرياضة كما يفترض على الجهات المؤسسية حكومية وغير حكومية بالنأي بالجماهير عن التعصب الاعمى وتصحيح مسار تلك العفويات والتقليل من المغالاة والحماس المتطرف.

لم تكن واقعة مباراة كرة القدم هذه إلا نموذج لانقياد عاطف متطرف للجماهير العربية كان الاجدى ألا يصعد وان يستفاد من هذه المعارك الدونكيشوتية لتتحول إلى معارك قومية انسانية للدفاع عن القضايا المصيرية في فلسطين العراق الصومال.

كم كان أولئك المتعصبون أقدر على تحويل تلك الخطابة إلى دعم صمود الشعب الفلسطيني في إدانة الدور الاسرائيلي الخطير في اقامة المستوطنات وفي الحدود مما تقوم به الدولة الصهيونية من نهب أراضي القدس بمختلف الاساليب القسرية وانتزاع الشرعية للملكية الفلسطينية للبيوت المقدسية..

كان أجدر بتلك التلاسنات والتحليلات ان يستبدل محلها قضية الشعب الفلسطيني أو قضايا التسامح والسلم الاجتماعي..

ما زال في ذاكرتي تلك المقولة الذي ينتقد فيها رجل الشارع العربي أننا العرب نضرب في بعض.. وها نحن نضرب رياضيا وكروياٍ في بعضنا ولم نزل نراوح ذلك..

ولم نستطع بعد أن نستخدم التقنيات والفضائيات والصحافة لندافع عن حقوقنا العربية المصيرية المسلوبة.

إن تجديداٍ قيمياٍ وأخلاقياٍ نحتاجه سريعاٍ يحقق خروجاٍ من سماع أصواتنا ليصار إلى سماع رؤى وأصداء آخرين قائمة على الصدق والنقد الإيجابي البناء للحياة العامة خاصة وأمامنا مستجدات الساحة الوطنية واستحقاقاتها التنموية والسياسية وألا نسقط صغائر الأمور ونعبئها ونلبسها كبائر الامور لأثر ذلك على متتاليات الحياة السياسية والعامة في وطننا وعالمنا العربي والعالم وبالتأكيد ستجد لها صدى على الصعيد الوطني وحتى لا تنتقل هذه الممارسات إلى العام الجديد وألا نسمح للعواطف بأن تقود مواقفنا وتعكسها في غير محلها..

Share

التصنيفات: منوعــات

Share