Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

أين المرأة العربية اليوم منها في الأمس¿

ياسين رفاعية

المرأة فالعربية في الأمس القريب والبعيد كانت تتحدى الكبار والصغار ليلى الاخيلية تحدت أحد أبطش الحكام العرب في عصور الاسلام الاولى ألا وهو الحجاج الذي زرع الرعب في قلوب أهل العراق عندما صاح بهم: إنني أرى رؤوساٍ قد أينعت وحان قطافها. وقس على ذلك نساء مجاهدات مقاتلات ومشاركات في الحروب حتى عائشة زوج النبي كانت مقاتلة. أما اليوم فأين المرأة العربية ¿ العالم يتقدم ونحن نتأخر على هذا الصعيد. المرأة خطوة إلى الأمام وعشر إلى الوراء مكبلة بالتقاليد مهانة.تذهب ضحية جرائم الشرف. والقانون يساعد في ذلك. إن جريمة الشرف أقسى أنواع الجرائم ومع ذلك لا يحاسب القاتل على ما صنعت يداه إلا ببضعة شهور سجن وهو يتفاخر أمام قاضي المحكمة: إصبع عايبة وقطعناها.

جريمة الشرف تدل على انحطاط وتراجع حتى عن القيم الدينية حيث منع الاسلام وأد المولودة وهي طفلة وأعطاها حقوقها وهي كبيرة. لكن هذه الحقوق أصبحت ناقصة جداٍ هذه الايام.

 أنا بالصوت الملآن ضد حجاب المرأة وليعطني أي  شيخ نصاٍ صريحاٍ في القرآن يدعو المرأة الى الحجاب.

 واذكر في هذه المناسبة من التراث العربي المنشور في أكثر من مصدر أن المرأة العربية كانت تعتز بجمالها وتظهره على الملأ فتجد في مخطوط أبي الحسن علي بن محمد المعافري المالقي أن نساء من كرام الأسر يذكر اسماءهن ويْطري جمالهن رجال مرموقون في المجتمع : فابو هريرة يقول – وكذلك أنس بن مالك – إنه لم ير أحداٍ أجمل من عائشة بنت طلحة . ولم تكن المرأة تكتفي بالانشراح والاعتداد بجمالها في قرارة نفسها بل كانت تعلن ذلك . فإنه عندما علق أنس بن مالك على جمال عائشة بنت طليمة ردت عليه قائلة: والله لانا أحسن من النار في عين المقرور في الليلة الباردة . انظر الى هذا التشبيه البديع في حرارة المرأة في عز البرد. وفي مناسبة أخرى قال لها أنس بن مالك : إن أناساٍ بالباب يريدون أن يدخلوا إليها لينظروا الى حسنها. فما كان منها إلا أن عاتبته لأنه لم يخبرها بالامر قبل ذلك لترتدي من الثياب ما يلائم المقام.

 يروى أن عواطف الحب والفخر التي يكنها الرجال لزوجاتهم نجدها كذلك مذكورة بصراحة. فمصعب بن الزبير اصطحب الشعبي إلى منزله ليريه جمال زوجته عائشة بنت طلحة » وردت في هذا المخطوط ثلاث مرات«.  وفي احدى الروايات يقول الشعبي إنه لم ير زوجاٍ أجمل من مصعب وعائشة وأنهما أجمل الخلق . وفي حكاية أخرى نقرأ أن عائشة بنت طلحة وبعد زواجها من مصعب جلست تستمع مع نساء من قريش إلى عزة المدينية وهي تغني بعض أبيات يصف الشاعر فيها محبوبته بأن فمها »لذيذ المقبل والمبتسم « ثم يضيف أن هذا ليس إلا »ظناٍ« منه إذ هو لم يذقه ويظهر أن مصعباٍ كان واقفاٍ في الدهليز فلما سمع هذه الابيات صاح قائلاٍ: بارك الله عليك يا عزة لكننا والله قد ذقناه فوجدناه كما ذكرت.

 بالاضافة إلى ذلك كانت نساء ذلك العصر يسعين إلى الصلح والسلام بين القبائل والأسر والعشائر إذ كن يقمن بدور الوساطة بين رجال ونساء الأسر الرفيعة ويؤتمن على الكثير من أسرارهم : فنحن نقرأ مثلاٍ أن عزة المدينية المذكورة سابقاٍ كانت من أعقل النساء وإن جمال الجارية هوى وإتقانها لتلاوة القرآن الكريم وإنشاد الاشعار بلغ من الحسين بن علي مبلغاٍ جعله يبكي من شدة الانفعال أدى به إلى عتقها«.

 وكانت المرأة العربية أيضاٍ ذواقة للشعر وناقدة.. أين منها نقاد اليوم . فسكينة بيت الحسين يمكن اعتبارها أول  ناقدة أديبة إذ كانت عندما يزورها الشعراء لا تخلي سبيلهم من دون أن تصرح لهم برأيها في شعرهم وحتى في أخلاقهم . وعندما خطب ابان بن سعيد عائشة بنت طلحة وعلمت أنه اختار أن يعيش في آيلة »أي العصبة« لرخص العيش فيها ولأنه رغب في العزلة علقت على ذلك قائلة أنه كالضب لا يضر ولا ينفع» الضب حيوان جبان يعيش في الصحراء «.

 وهي من ناحية أخرى كانت وفية لزوجها مهما يكن وضعه وشكله. فنائلة بنت الفرافصة لما زْفِت إلى عثمان بن عفان وأدخلت عليه – وكان آنذاك قد ناهز السبعين من العمر وضع قلنسوته على رأسه  ولكن بدا صلعه. فخاف أن يغمها ذلك . فما كان من نائلة إلا أن قالت أنها من نساء »أحب أزواجهن اليهن السادة الصلع« ودام زواج نائلة لعثمان سبع سنوات فخطبها الرجال بعد موته ومنهم معاوية بن أبي سفيان ولكنها أبت الزواج منهم جميعاٍ ويقال أنها اخذت حجرا ودقت به اسنانها . ولما سئلت عن ذلك أجابت قائلة: اني رأيت الحزن يبلى كما يبلى الثوب وإني خفت أن يبلى حزني على عثمان فيطلع مني رجل ما اطلع عليه عثمان. وذلك ما لا يكون ابداٍ« .

 بمعنى أن يرى جسدها كما رآه عثمان.

 ونقرأ في التراجم أيضاٍ أن هناك نساء عربيات لم يهبن الحاكم بل واجهنه بأخطائه من دون خوف منه . فنساء قمن بزيارة خلفاء وامراء وتصرفن عندهم بكل اعتداد ورباطة جأش . فعندما زارت ليلى الاخيلية الحجاج بن يوسف الثقفي أعجب كثيراٍ بشعرها وبلاغتها وخاف من هجائها فما كان منه إلا أن أمر بها تؤخذ الى رجل ليقطع لسانها على جرأتها . وكان الدافع الى عمله هذا من دون شك الخوف من سلاح الكلمة الذي تملكه ليلى فلما وصلت ليلى عند الرجل وسمعته يرسل في طلب الحجاج صاحت به قائلة : »اما سمعت ما قال¿ إنما امرك أن تقطع لساني بالبر والصلة«. وكان هذا من نتيجة قولها أن الحجاج أرجعها وعفا عنها وأكرمها . وهناك قصة أم سنان بنت خيثمة التي ذهبت إلى معاوية لتطلب عونه على مروان بن الحكم والي المدينة وقتذاك فحقق لها طلبها رغم كونها من شيعة علي ورغم الأشعار التي قالتها في التحريض عليه وما كان ذلك إلا لرباطة  جأشها وشجاعتها وبلاغتها وتفهمها للأحوال السياسية السائدة فهي ضربت على الوتر الحساس عندما لمحت الى أطماع مروان بالخلافة – وهذا ما حققه في ما بعد فاكتسبت معاوية إلى جانبها.

 وكانت ترفض من يشهر بها أو يشبب كما كان يحصل في ذلك الزمان فها هي عزة مثلاٍ عند طلب عبدالملك بن مروان الخليفة الأموي  أن يزوجها إلى كْثر قالوا: إنها امرأة بالغ لا يولى على مثلها وعندما عرض الامر عليها رفضته رفضاٍ باتاٍ مع انها كانت معجبة بشعره الذي قاله فيها والسبب الذي قدمته لرفضها هذا يكشف نواحي الاعتزاز بالنفس وأنها حرة الرأي ولا يستطيع أحد أن يضغط عليها حتى الحاكم نفسه. فقالت : بعدما شهرني بين العرب وشبب بي فأكثر ذكري : ما إلى هذا سبيل.

 لنأخذ مثلاٍ آخر عن الوفاء فها هي فاطمة بنت الحسين حين توفي عنها زوجها الاول وكان ابن عمها وجاءها الخطاب شرطت بأنها لن تقبل إلا من مهرها مبلغا من المال كافيا لسد ديون زوجها المتوفي. فهل هناك أروع من ذلك¿

إن الحرية التي كانت تتمتع بها المرأة لم تكن مشوبة بالاباحية والحديث إذا تطرق إلى موضوع المرأة والحب كان صريحاٍ خالياٍ من الاستهتار والابتذال.

فكانت هذه المواضيع تتبوأ مكانها الطبيعي في مضمار النشاط الانساني فلا يحذف منها شيء بدافع من التحرج وفي الوقت ذاته لا يبالغ فيها رغبة في الاستثارة.

عن »ميدل إيست أونلاين«

Share

التصنيفات: الشارع السياسي

Share