Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

سعد .. على خْطى أبيه¿!

علي الريمي

 

هي زيارة تختلف كثيراٍ عن غيرها من الزيارات.. »المماثلة« فِأنú يزور رئيس حكومة » لبناني « – أي رئيس  سوريا ويحل في دمشق فإن مثل تلك الزيارة تكون محط أنظار الكثيرين داخل البلدين »لبنان – سوريا« ويتابعها العديد من »الجيران« باهتمام كما يترقبها آخرون بكل لهفة ومن شتى أرجاء المعمورة وقد ظل مثل هذا الزخم لعقود إذ دائماٍ مايكون للزيارات التي يقوم بها رؤساء الحكومات في لبنان إلى سوريا وقع خاص داخل كل بلد وخارجه وذات الأمر ينطبق على التأثير الذي ينتج عند قيام أي رئيس جمهورية في لبنان بزيارة سوريا!

 

السبت الماضي .. حل سعد الحريري رئيس الوزراء اللبناني – الجديد – ضيفاٍ على العاصمة السورية دمشق وهو النجل الكبير للرئيس الراحل رفيق الحريري والذي ورثه في الزعامة إذ يقود تيار المستقبل الذي يتزعم تحالف فريق »٤١« آذار الفائز »مجدداٍ« بالأكثرية »الأغلبية« النيابية عقب الانتخابات التي جرت في يوليو 2008 وتفوق فيها على منافسه فريق »8« آذار الذي بقي في المعارضة للمرة الثانية بعد انتخابات 2005 التي فاز بها فريق الرابع عشر من آذار وشكلت زيارة سعد الحريري إلى دمشق نقلة متقدمة جداٍ في مسار العلاقات اللبنانية السورية إذ اعتبر مراقبون الزيارة بأنها بمثابة كسر للجليد الذي طغى على العلاقة بين البلدين الجارين بعد أن شهدت خطوات – غير مسبوقة – أبرزها التوصل إلى اتفاق فتح سفارتين لكل منهما في كل من بيروت ودمشق وتسمية كل طرف للسفيرين وهو ما فتح المجال واسعاٍ للحديث حول ملفات كانت »شائكة« جداٍ منها الحديث عن توجه البلدين جدياٍ لترسيم الحدود بينهما وغيرها من الملفات والقضايا الأخرى التي لا تقل أهمية عن موضوعي التمثيل الدبلوماسي والاعتراف بسيادة كل بلد وإقامة علاقات أخوية صادقة تقوم على الاحترام المتبادل والتعاون الخلاق لخدمة مصالح المواطن في كلا الشعبين الشقيقين وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لكليهما أي علاقة قائمة على الندية بعيداٍ عن أي وصايا أو أي هيمنة من أي نوع..

 

 ولعل ما يؤكد حدوث الاختراق الذي تم على صعيد كسر الجمود والتوجس في العلاقات الثنائية بين لبنان وسوريا ذلك الاستقبال الرفيع الذي حظي به رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري في دمشق والذي تقدمه فخامة الرئىس السوري بشار الأسد الذي أصر على أن ينزل ضيفه رئيس الوزراء اللبناني في قصر الضيافة »الرئاسي« في دمشق وهو المقر المخصص فقط لرؤساء الدول خلافاٍ لما تقتضيه المراسم البروتوكولية المتعارف عليها في مثل هذه المناسبات على أن الضيف اللبناني رد »بدوره« على تلك الحفاوة والاستقبال الحار بإعلانه أنه جاء إلى سوريا كرئىس حكومة لكل اللبنانيين وليس كرئيس لفريق سياسي – بعينه – إلى جانب تأكيده أن السعودية لعبت دوراٍ هاماٍ في التقريب بينه والرئىس بشار الأسد وهو ما سينعكس على التحسن المنتظر في كينونة العلاقة بين البلدين والشعبين الجارين الشقيقين..

 

وفي تأكيد آخر على أن الحريري ذهب إلى دمشق من أجل تدشين مرحلة جديدة بين بلده وجاره السوري تكون صفحة »بيضاء« نقية عنوانها الوفاق والتعايش وفق مبادئ الأخوة وحسن الجوار.. أن الرجل كان حريصاٍ جداٍ على تجنب الخوض في أي نقاش أو طرح بشأن قضية اغتيال والده الشهيد رفيق الحريري وهي القضية التي (ما تحملها ملف) وكانت السبب الأول في تأزم علاقات البلدين منذ »٤١« فبراير ٥٠٠٢م وهو التاريخ الذي اغتيل فيه الراحل رفيق الحريري في تفجير مروع لموكبه أودى بحياته و »22« شخصاٍ من مرافقيه في أحد شوارع بيروت ومن يومها أصيبت العلاقات بين لبنان وسوريا في مقتل!

 

مما لا شك فيه أن دولة رئيس الحكومة اللبنانية الشاب اليافع سعد الحريري بات ملماٍ بدهاليز وكواليس السياسة باعتبارها فن الممكن وفيها تحالفات وخصومات لا بنود لها في أوساط المشتغلين في اللعبة السياسية ووحدها المصالح والمنافع المشتركة هي من تحدد مقدار التقارب بين أطراف وفرقاء المنظومة السياسية.. وفي هذا المكان أو ذاك وحجم التلاقي وصلاحيته الزمنية وعلى ذلك يتحدد إلى أي مدى يمكن أن يصل المتحالفون أو المتخاصمون, على أن مؤثرات وتأثيرات – من هنا أو هناك – لها بلا شك دور »أدوار« في بقاء وانقضاء هذا التحالف على أن المؤثر »المحلي« أو التأثير »الخارجي« لا يمكن التغاضي عنهما أو Nنكار ما يمكن أن يحدثاه في المواقف والمواقع..

 

ومن هذه المنطلقات كان لا بد للحريري الابن من التسليم ومن ثم الإقرار بمثل هذه المفاهيم فكان التحرك من الداخل في الاتجاه الصحيح وكذلك الانطلاق نحو الجيران وهو ما لم يكن ليحدث وينتج عنهما توصل فرقاء العمل السياسي في لبنان على الاتفاق على العمل معاٍ ضمن حكومة الوحدة الوطنية التي تضم الجميع ومن ثم السير قدماٍ في التعامل مع الأطراف الخارجية عربياٍ إقليمياٍ بناءٍ على المستجدات والتطورات الناتجة عن الواقع الدولي – الراهن-..

 

وإجمالاٍ يمكن القول بأن التطور الكبير الذي سينتج عن زيارة الحريري لسوريا على صعيد تمتين العلاقات بين دمشق وبيروت سينعكس بثماره على مواطني الشعبين الشقيقين في لبنان وسوريا وستمتد تلك الثمار لتصل إلى آخرين في المحيط أو الإقليم إن لم تصل إلى أطراف دولية فيكون التقارب والتلاقي وفقاٍ للمصالح والمنافع المشتركة هو الخط السائد ومن ثم ستتراجع حدة التأزم وستهدأ الكثير من بؤر الصراعات رويداٍ رويداٍ.. إنها السياسة..

 

آخر السطور

 

 من المؤكد أن التقارب السوري – اللبناني الذي سجل بزيارة سعد الحريري رئيس وزراء لبنان إلى سوريا واللقاء الحميمي الذي جمعه مع الرئيس السوري بشار الأسد سيسفر عن تضرر أو حدوث أضرار لبعض الأطراف ربما في البلدين لكن المتضرر الأكبر من عودة الوئام اللبناني – السوري – هو الكيان الصهيوني ذلك العدو المشترك »للطرفين« والمحتل لأراضيهما وأراضي الفلسطينيين.. فاسرائيل ستكون متضررة من التقارب بين دمشق وبيروت وقد تعمل على ارتكاب »حماقات« لضرب اسفين »جديد« يعيد علاقات البلدين الشقيقين إلى المربع الأول والسلوك الاسرائيلي معروف جداٍ ومشهور في إشعال الفتن وتأجيج البؤر, وفي الحالة السورية اللبنانية فإن الإسرائيليين سيعملون ما بوسعهم لوأد مثل هذا التقارب بين البلدين في سبيل تحقيق هدفها المعروف بسياسة »فصل المسارات« في ظل الحديث الدائر – حالياٍ – عن المساعي القادمة من بعض العواصم الكبرى لإعادة استئناف العملية السلمية في المنطقة¿!!

Share

التصنيفات: خارج الحدود

Share