Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

الأستاذ عبدالباري‮ ‬طاهر لـ"الوحدة‮":‬الخطاب السياسي‮ ‬يتمترس حول اقتسام‮ "الكعكة"

‬أكد الأستاذ عبدالباري‮ ‬طاهر نقيب الصحافيين الأسبق أن الأحزاب السياسية في‮ ‬بلادنا تفتقد للرؤية الشاملة وأن خطابها السياسي‮ ‬يتسم بالتمترس حول حصة كل طرف في‮ ‬الحكم‮ ‬‮ ‬منوهاٍ‮ ‬أن اليمن وصلت إلى منعرج خطير لا‮ ‬يمكن تجاوزه إلا بحوار وطني‮ ‬شامل‮ ‬يحتكم إليه الجميع ويشارك فيه‮.‬
وقال في‮ ‬هذا الحوار الذي‮ ‬أجرته معه‮ »‬الوحدة‮« ‬أن الأجنحة التي‮ ‬تميل إلى العنف والتطرف تشهد لحظات نهايتها وفصولها في‮ ‬الحياة السياسية‮ ‬‮ ‬كما أن المخاطر التي‮ ‬تشهدها الساحة تعبر عن مشاريع مأزومة لا تؤدي‮ ‬إلى التنمية‮ ‬منوهاٍ‮ ‬إلى أهمية احتياج اليمن إلى مشروع تعليم وطني‮ ‬لمحو الأمية المعرفية قبل الأبجدية ومشروع وطني‮ ‬عام‮ ‬يعد بناء الحياة السياسية‮.‬
وحذر الباحث والسياسي‮ ‬المعروف عبدالباري‮ ‬طاهر من خطورة اللعب بورقة المذهبية‮.. ‬لافتاٍ‮ ‬إلى أن تشجيع التعليم المذهبي‮ ‬نشر للفتنة والتطرف وتوظيفه سياسياٍ‮ ‬عمل خطير‮.. ‬كما وصف رؤية الانقاذ لأحزاب المشترك بأنها ليست حلاٍ‮ ‬في‮ ‬غياب الدولة إذ لا‮ ‬يمكن للمعارضة وحدها أن تأتي‮ ‬بالحل ولا‮ ‬يمكن للدولة بمفردها أن تنفرد به‮.. ‬وانما بتوافق الجميع وأضاف بإن الاتفاق على تأجيل الانتخابات لم‮ ‬يكن حلاٍ‮ ‬للمشكلة لأن الأحزاب كان‮ ‬غرضها التوصل إلى صيغة لتشارك في‮ ‬الحكم واقتسام الكعكة‮ ‬‮ ‬وهذا الهدف لا‮ ‬يخص المجتمع ولا‮ ‬يلبي‮ ‬تطلعاته‮.. ‬فإلى تفاصيل هذا الحوار‮..‬
حـاوره‮/ ‬عبد الله القاضي‮ ‬

‮> ‬في‮ ‬البدء كانت الكلمة وباعتباركم أحد رجالات الكلمة‮.. ‬نود أن توضحوا لنا ما هو تصوركم لدور الكلمة في‮ ‬اذكاء الوعي‮ ‬الوطني‮ ‬واشعال جذوة الثورة على الظلم والاستبداد في‮ ‬التاريخ اليمني‮ ‬الحديث والمعاصر‮.‬
‮>> ‬لا شك أن الكلمة في‮ ‬الماضي‮ ‬لعبت دوراٍ‮ ‬عظيماٍ‮ ‬وأسست للعمل الجديد في‮ ‬اليمن والبلدان العربية بشكل عام‮.. ‬فاليمن على سبيل المثال نشأت فيها الكلمة‮ ‬نشأت الصحافة‮ ‬نشأت مجلة الحكمة‮ ‬نشأت فتاة الجزيرة‮ ‬نشأت صوت اليمن‮ ‬نشأت الصحافة العدنية والأدباء والشعراء وقد نشأت الحركة الوطنية أصلاٍ‮ ‬منذ الثلاثينات‮ ‬‮ ‬بالكلمة وفي‮ ‬عمق الكلمة‮ .. ‬حيث أنك إذا ما نظرت إلى رموز الحركة الوطنية مثل المطاع‮ ‬‮ ‬العزب‮ ‬‮ ‬الحورش‮ ‬‮ ‬الزبيري‮ ‬‮ ‬والنعمان‮ ‬وجيل كبير جداٍ‮ ‬من الأدباء والكتاب والمثقفين ارتبطوا بالكلمة وناضلوا بالكلمة وكان للكلمة أثر عميق في‮ ‬الحياة السياسية‮.. ‬فحركة ‮٨٤٩١‬م معطى من معطيات الكلمة والنضال بالكلمة‮.. ‬وما حصل من تطورات سياسية منذ ‮٨٤٩١‬م حتى الآن كان للكلمة فيه أثر عميق وكبير‮ ‬‮ ‬ونشأت الكلمة ونضال الحركة الوطنية أيضاٍ‮ ‬بالكلمة ولم ترتد الحركة الوطنية أو أجزاء منها إلى العنف واستخدام السلاح إلا في‮ ‬لحظات معينة تحت دفع السلطة أو أجنحة معينة في‮ ‬التركيبة المتخلفة في‮ ‬اتجاه العنف‮ ‬‮ ‬ولكن كانت الحركة الوطنية هي‮ ‬صاحبة الكلمة وكانت الكلمة هي‮ ‬سلاحها الوحيد‮.‬
‮ ‬وإذا ما لاحظنا نشوء الحركات النقابية والأحزاب السياسية التقليدية سواء الأحرار أو جمعية اليمن الكبرى أو رابطة أبناء الجنوب أو أي‮ ‬تشكيلات أخرى في‮ ‬الثلاثينيات والأربعينيات والخمسينيات أو الأحزاب السياسية الحديثة أيضاٍ‮ ‬مثل الأحزاب القومية واليسارية وغيرها‮ ‬‮ ‬فقد كانت الكلمة هي‮ ‬الأساس والحكم والمرجع للجميع‮.‬
مشروع متخلف
‮> ‬لكن ألا تلاحظ أن هناك تراجعاٍ‮ ‬لدور الكلمة في‮ ‬الوقت الراهن وما هو دور المثقف في‮ ‬التفاعل مع قضايا الوطن¿‮.‬
‮>> ‬اعتقد أن هناك تراجعاٍ‮ ‬‮ ‬ولكن هناك شيئاٍ‮ ‬في‮ ‬الحياة العربية وفي‮ ‬اليمن اسمه‮ »‬خط راجع‮« ‬‮ ‬حيث تلاحظ الآن أن دور القوميين تراجع ودور الإسلاميين تقلص ودور بقية الأحزاب تراجع إلى الخلف خلافاٍ‮ ‬لما كان عليه الحال في‮ ‬القرن الماضي‮ ‬وما تضطلع به الأحزاب من دور نهضوي‮ ‬وحداثي‮ ‬وتوحيدي‮ ‬وديمقراطي‮ ‬وفيه قدر من العدالة‮ ‬‮ ‬وأصبح الآن أكثر تخلفاٍ‮ ‬ولكن هذا هو الوجه الظاهر فقط للمشكلة‮ ‬‮ ‬حيث هناك داخل هذه الظاهرة ظواهر تتخلق‮ ‬هناك أجيال من المبدعين وأجيال من الشباب‮ ‬‮ ‬أجيال من الحداثيين‮ ‬‮ ‬أجيال من الاتجاهات الديمقراطية تتخلق الآن وتتكون في‮ ‬المنطقة العربية وفي‮ ‬اليمن‮ ‬‮ ‬هذه القوى الحديثة التي‮ ‬لم تأخذ سمتها البارزة ولم تظهر إلى السطح بما‮ ‬يكفي‮ ‬‮ ‬هي‮ ‬موجودة فعلاٍ‮ ‬وفي‮ ‬اعتقادي‮ ‬أن العودة إلى القبيلة والعودة إلى الاتكاء أكثر على العسكرة والميل إلى الحرب والعنف وإلى دعوات ما قبل الدولة مظهر من مظاهر القلق من القادم‮..‬
القادم الذي‮ ‬يتخلق هو الذي‮ ‬سيكون وهو الأكثر تبنياٍ‮ ‬للحداثة وأكثر تبنياٍ‮ ‬للديمقراطية والعدالة ولصورة اليمن القادم‮.. ‬أما الأجنحة التي‮ ‬تميل إلى العنف والتطرف واستخدام السلاح سواء كانت في‮ ‬السلطة وخارجها فإنها تشهد لحظات نهايتها وفصولها الأخيرة في‮ ‬الحياة السياسية‮ .‬
‮> ‬إذاٍ‮ ‬ما الذي‮ ‬تتوقع أن‮ ‬يسود في‮ ‬المستقبل¿
‮>> ‬الذي‮ ‬سيسود في‮ ‬المستقبل هو الميل إلى العدالة والديمقراطية والحرية والتجديد في‮ ‬الحياة بصورة عامة وهذه الصورة وإن كانت‮ ‬غير بارزة بما‮ ‬يكفي‮ ‬الآن لكنها موجودة وممكن التدليل عيلها بعشرات الشواهد من خلال المبدعين الشباب في‮ ‬القصة والرواية والشعر‮… ‬إلخ هؤلاء الآن‮ ‬يتكونون وينمون في‮ ‬قلب الحياة العامة وهم بالفعل الذين‮ ‬يؤشرون إلى المستقبل‮.‬
البديل القادم
‮> ‬يلاحظ أنه كان في‮ ‬القرن الماضي‮ ‬تنافس بين مشاريع نهضوية سواء كانت وطنية أو قومية أو‮ ‬يسارية أو لبرالية‮ ‬‮ ‬فيما‮ ‬يلاحظ في‮ ‬الوقت الراهن أن هناك تراجعاٍ‮ ‬في‮ ‬هذه المشاريع لصالح المشاريع الصغيرة والعصبوية قبلية‮ ‬‮ ‬طائفية و جهوية‮.. ‬ما هو تفسيركم لهذا التراجع والنكوص إلى الخلف بدلاٍ‮ ‬من التقدم إلى الأمام¿
‮>> ‬هذا صحيح ولا بد أن ندرك الآن أنه حصل تراجع في‮ ‬اليمن وفي‮ ‬المنطقة العربية بشكل عام لأن القوى السياسية التي‮ ‬حكمت سواء كانت‮ ‬يسارية أو قومية أو إسلامية اثبتت فشلها والنماذج الموجودة في‮ ‬الحكم والقريبة من الحكم وأحياناٍ‮ ‬في‮ ‬المعارضة أصبحت بشكل عام تقليدية وعجزت عن إنجاز حداثة أو تنمية أو تحقيق مشاريع نهضوية حضارية بمعنى الكلمة‮.. ‬ومن هنا بدأ دورها‮ ‬يتضاءل ويتآكل‮ ‬‮ ‬فإذا ما أمعنا النظر في‮ ‬الحياة الواقعية والحياة الثقافية في‮ ‬الوطن العربي‮ ‬نلاحظ أن الأمية تتجاوز ‮٠٦ ‬مليون إنسان وفي‮ ‬اليمن تتجاوز الأمية ‮٠٦‬٪‮ ‬في‮ ‬صفوف الرجال و ‮٠٧‬٪‮ ‬في‮ ‬صفوف النساء فيما تتجاوز الأمية المعرفية وهي‮ ‬الأخطر في‮ ‬الوطن العربي‮ ٠٧ – ٠٨  ‬٪‮ ‬بمعنى عدم القدرة على التواصل مع الكتاب والكمبيوتر وعدم التواصل مع المواقع الالكترونية والتكنولوجيا الحديثة وتجليات العصر هذه الأمية المعرفية هي‮ ‬التي‮ ‬أصبحت الآن الأكثر عمقاٍ‮ ‬وتأثيراٍ‮ ‬من الأمية الأبجدية التي‮ ‬تحتل ثلثي‮ ‬السكان في‮ ‬اليمن وما‮ ‬يزيد على نصف السكان في‮ ‬كثير من الدول العربية كما تلاحظ أن ما ترجم في‮ ‬البلاد العربية منذ بداية الترجمة في‮ ‬عهد المأمون العباسي‮ ‬حتى اليوم لا‮ ‬يصل إلى ما ترجم في‮ ‬اليونان أو البرتغال وأسبانيا هذا‮ ‬يعني‮ ‬أن هناك عوائق كبيرة أمام التحضر والتمدن في‮ ‬الوطن العربي‮ ‬في‮ ‬حين ان ما‮ ‬ينفق على البحث العلمي‮ ‬في‮ ‬اسرائيل أكثر مما‮ ‬ينفق على البحث العلمي‮ ‬في‮ ‬الدول العربية مجتمعة‮ ‬‮ ‬لكن هذه الصورة القائمة ليست هي‮ ‬كل شيء‮ ‬‮ ‬صحيح أنها ظواهر مخيفة وخطيرة‮ ‬‮ ‬ولكن‮ ‬يجب ألا تحجب هذه الظواهر أبصارنا عما‮ ‬يتخلق داخل هذه الأمة وفي‮ ‬المجتمعات العربية‮ ‬‮ ‬هذه المجتمعات هناك شيء جديد‮ ‬يتكون في‮ ‬داخلها‮ ‬‮ ‬هناك تيارات حداثية وقوى ديمقراطية في‮ ‬طور التكون وهي‮ ‬البديل القادم لهذه الحالة المزرية التي‮ ‬يعيشها الوطن العربي‮ ‬واليمن ليست استثناءٍ‮.‬
مشاريع قديمة
‮> ‬في‮ ‬ضوء هذا كله‮ ‬كيف‮ ‬يمكن فهم ما‮ ‬يجري‮ ‬في‮ ‬اليمن من تمرد في‮ ‬صعدة وحرف سفيان وما‮ ‬يسمى بالحراك في‮ ‬الجنوب¿
‮>> ‬العودة إلى التمترس خلف القبيلة أو الطائفية والعودة إلى مشاريع التقسيم والتجزئة والتفكيك واستخدام العنف والسلاح في‮ ‬بعض مناطق اليمن دليل أن الحالة اليمنية وصلت إلى مأزق حقيقي‮ ‬والوضع وصل إلى منعرج خطير لا بد من تجاوزه‮ ‬‮ ‬ولكن لا‮ ‬يمكن تجاوزه بالعنف والسلاح وانما بالحوار ومزيد من الديمقراطية والتحديث والارتباط بالعصر والمستقبل والارتباط بالقوى الجديدة والحديثة في‮ ‬المجتمع اليمني‮ ‬وهي‮ ‬موجودة في‮ ‬الحكم وخارج الحكم‮.‬

مشاريع مأزومة
‮> ‬كيف تقرأ المشهد السياسي‮ ‬اليمني‮ ‬في‮ ‬ضوء ما‮ ‬يجري‮ ‬على الساحة اليمنية من أحداث وتجاذبات سياسية¿
‮>> ‬أخطر ما‮ ‬يتعرض له المجتمع اليمني‮ ‬في‮ ‬الحاضر هي‮ ‬ظاهرة دعوات العودة إلى عصر ما قبل الدولة والمشاريع التي‮ ‬ترتفع باسم السلطنات أو باسم مناطق معينة وأيضاٍ‮ ‬الاصرار على التوحد بالقوة واستخدام العنف‮ ‬‮ ‬هذه الدعوات تعني‮ ‬النظر إلى المجتمع اليمني‮ ‬نظرة شمولية وتعني‮ ‬فرض لون معين للتجانس والانسجام لوحدة‮.. ‬التراجع عنها كارثة وفرضها بالقوة كارثة أخرى حيث لا‮ ‬يمكن وجود وحدة حقيقية إلا باحترام التنوع والتعدد في‮ ‬البيئة اليمنية والمجتمع اليمني‮ ‬في‮ ‬مختلف المناطق‮.. ‬اليمن لديها من التنوع والتعدد ما‮ ‬يشكل قوة حقيقية وغنى للوحدة نفسها‮ ‬‮ ‬الإصرار على أن الوحدة تلغي‮ ‬التنوع تلغي‮ ‬التعدد تلغي‮ ‬الهويات التي‮ ‬تكون هذه الوحدة العظيمة فيها خطورة على المجتمع اليمني‮ ‬‮ ‬كما أن رفع السلاح في‮ ‬وجه الدولة واحتكام الدولة إلى السلاح أيضاٍ‮ ‬هي‮ ‬خطورة أخرى‮ ‬وهذه المخاطر تعبر عن مشاريع مأزومة ولا تؤدي‮ ‬إلى نتيجة‮.‬
‮> ‬ما هو المخرج في‮ ‬رأيك من هذه الأزمة¿‮!‬
‮>> ‬في‮ ‬هذه الحالة لا بد من حوار شامل في‮ ‬المجتمع اليمني‮ ‬والاستجابة لصوت الجديد في‮ ‬الحياة وصوت الجديد في‮ ‬القوى الجديدة والحديثة‮ ‬‮ ‬هناك قوى جديدة في‮ ‬التعليم في‮ ‬الإبداع في‮ ‬الحياة السياسية وان لم تكن بذلك التأثير‮ ‬‮ ‬لكن من خلال الاهتمام بها سيكون لها تأثير في‮ ‬المستقبل ولا بد من التركيز على مسألة التعليم في‮ ‬اليمن وبناء الدولة الحديثة الابتعاد عن التعليم المذهبي‮ ‬والتعليم الديني‮ ‬لأنه‮ ‬يقود إلى التطرف وإلى العنف‮ ..‬
خلل في‮ ‬التعليم
‮> ‬لماذا في‮ ‬تقديرك ظهرت في‮ ‬اليمن ظاهرة الحوثية المذهبية في‮ ‬هذا الوقت بالذات¿
‮>> ‬هذا الخلل مصدره تشجيع القبيلة والاحتكام إلى حكم القبيلة وأعرافها وتقليدها وتشجيع التعليم المذهبي‮ ‬حيث أن تشجيع التعليم المذهبي‮ ‬نشر للفتنة ونشر للاحتراب وما‮ ‬يحصل الآن في‮ ‬صعدة هو جزء منه ليس كله‮..‬
عامل خارجي
‮> ‬ألا ترى أن ما‮ ‬يجري‮ ‬في‮ ‬صعدة من تمرد منشأه عامل خارجي‮ ‬واستقطاب اقليمي¿
‮>> ‬لا شك أن هناك تأثيراٍ‮ ‬خارجياٍ‮ ‬وارتباطات خارجية بشكل أو بآخر‮ ‬‮ ‬لكن هناك أيضاٍ‮ ‬عودة إلى القبيلة‮ ‬‮ ‬وتكون اتجاهات خطيرة في‮ ‬المجتمع ومع ذلك‮ ‬يظل التعليم رافداٍ‮ ‬مهماٍ‮ ‬لتغذية مثل هذه النزعات‮ ‬‮ ‬فضلاٍ‮ ‬عن عجز الدولة عن ربط مناطق الأطراف بجسد الدولة وفرض الدولة سيادتها وسلطاتها على كامل الأرض اليمنية وخلق مواطنة متساوية‮..‬
صراع سياسي
‮> ‬ألا ترى أن اقحام الدين في‮ ‬السياسة وتوظيف الدين في‮ ‬خدمة السياسة هو العامل الرئيسي‮ ‬الذي‮ ‬يقف وراء ظهور مثل هذه النعرات المذهبية¿
‮>> ‬هذا هو جوهر المشكلة ويخطئ من‮ ‬يعتقد أن الذي‮ ‬يجري‮ ‬في‮ ‬صعدة الآن هو صراع مذهبي‮ ‬أو ديني‮ ‬ولكن توظيف المذهبية سياسياٍ‮ ‬عمل خطير ونشرها عمل أخطر‮ ‬‮ ‬ويمكن القول أن ما‮ ‬يجري‮ ‬في‮ ‬صعدة هو صراع سياسي‮ ‬وخلاف على السلطة والنفوذ والمكانة هنا‮ ‬يحضرني‮ ‬قول الخليفة العادل عمر بن عبدالعزيز عندما قال‮ »‬إن المسلمين لم‮ ‬يقتتلوا على نبيهم ولا على ربهم ولم‮ ‬يختلفوا على صوم أو صلاة أو حج وانما اختلفوا على المال والسلطان‮« ‬واللعب بورقة الدين لعبة خطيرة سواء كانت باسم الاثنا عشرية والزيدية أو السنة وغيرها المفترض أننا نختلف اختلافاٍ‮ ‬سياسياٍ‮ ‬ومن احترامنا للدين وتقديسنا له‮ ‬ينبغي‮ ‬أن لا نزج به في‮ ‬معارك سياسية وأغراض وأهواء دنيوية‮..‬
ويظل التعليم هو المسؤول عن مثل هذه الظواهر لأننا لو علمنا أجيالنا تعليماٍ‮ ‬وطنياٍ‮ ‬وتعليماٍ‮ ‬عاماٍ‮ ‬وعلمياٍ‮ ‬ينفع في‮ ‬الحياة ما كنا وصلنا إلى هذه المحنة الموجودة الآن لأن نتقاتل حول قضايا ماتت وأصبحت من التاريخ الامام علي‮ ‬بن أبي‮ ‬طالب رضي‮ ‬الله عنه ومعاوية بن ابي‮ ‬سفيان لم‮ ‬يقتتلا على أساس الدين وانما اقتتلا على أساس الأولوية في‮ ‬الخلافة ولم‮ ‬يزج الدين فيما حصل بينهما‮.‬
والخروج من هذه المشاريع‮ ‬يكمن في‮ ‬التعليم الوطني‮ ‬والمشروع الوطني‮ ‬العام الذي‮ ‬يعيد بناء الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية على أسس صحيحة وتغليب المدنية على الريف لأنه منذ عدة عقود جرى تغليب القبيلة على المدنية وتغليب الريف على المدنية وتغليب الميل إلى القوة والعسكرة والعنف على الحداثة والتطوير وهذه مهمة ومسؤولية الدولة‮..‬
لأن الدولة هي‮ ‬قاطرة المجتمع وهي‮ ‬حامية النظام والقانون وهي‮ ‬رأس المجتمع والمسيطرة على الحياة فلا بد أن تكون فوق الخلافات وفوق الصراعات وألا تكون طرفاٍ‮ ‬فيها وعليها أن تتبنى وتعيد صياغة المجتمع صياغة صحيحة وأن تستخدم التعليم السليم والسياسات الصائبة‮.. ‬إن الصراع الذي‮ ‬يدور في‮ ‬اليمن هو صراع‮ ‬يؤدي‮ ‬إلى اضعاف الدولة اليمنية واضعاف هويتها الوطنية والقومية وهو في‮ ‬نهاية المطاف كارثة على المجتمع وعلى الدولة أن تلتفت إلى هذا المجتمع وتفتح الأبواب والنوافذ مع القوى السياسية المختلفة وأن تعتمد على لغة الحوار والتسامح‮ ‬‮ ‬حيث‮ ‬يثبت التاريخ أن دمار الكيان اليمني‮ ‬كان في‮ ‬ظل الصراعات والنزاعات وكان بناء اليمن وازدهارها في‮ ‬ظل التسامح والتآخي‮ ‬والحوار‮.‬
دعوات ميتة
‮> ‬كيف تفسر الظاهرة الحوثية وجنوحها إلى إعادة التاريخ إلى الوراء¿
‮>> ‬في‮ ‬اعتقادي‮ ‬أن مثل هذه الدعوات هي‮ ‬دعوات ميتة‮ ‬‮ ‬لكن الذي‮ ‬يبعث فيها الحياة هو‮ ‬غياب المشروع الوطني‮ ‬ذي‮ ‬الأفق الأوسع المشروع الكبير الذي‮ ‬يتجاوز المشاريع الصغيرة‮..‬
ولابد أن تبنى دولة للجميع دولة تعبر عن ألوان الطيف المجتمعي‮ ‬والفكري‮ ‬والسياسي‮ ‬وتعبر عن جوهر المشروع الوطني‮.. ‬المشروع الوطني‮ ‬النهضوي‮ ‬هو المنفذ وهو المخرج ليس لليمن فحسب بل وللمنطقة العربية كلها‮.. ‬إن العودة إلى المشاريع الصغيرة في‮ ‬الوطن العربي‮ ‬هي‮ ‬التي‮ ‬أدت إلى الكارثة‮… ‬الدولة الوطنية الآن تتآكل‮.. ‬وهذا التآكل سببه أن الدولة لم تعد تقدم نفسها كهوية جامعة شاملة للناس جميعاٍ‮.‬

هموم الناس
‮> ‬كيف تقرأ الخطاب السياسي‮ ‬للأحزاب وتعاطيها مع القضايا الوطنية¿
‮>> ‬للأسف الشديد لقد‮ ‬غابت الرؤية الشاملة عن برامج الأحزاب المختلفة وغابت المعارضة التي‮ ‬تأخذ مطالب الناس بعين الاعتبار‮.. ‬الخطاب السياسي‮ ‬للأحزاب خطاب‮ ‬يتمترس حول حصة كل طرف في‮ ‬الحكم ونصيبه في‮ ‬الكعكة ولا‮ ‬ينزل إلى هموم الناس ولا‮ ‬يعبر عن همومهم وتطلعاتهم‮.. ‬لكن مهما‮ ‬يكن القصور في‮ ‬الخطاب السياسي‮ ‬لدى المعارضة فإنها لا تتحمل اللوم والتبعة كما تتحمله السلطة الحاكمة لأن الحكم هو الأساس وهو بالفعل الذي‮ ‬ينبغي‮ ‬أن‮ ‬يكون قدوة ومرجعية للناس جميعاٍ‮ ‬وهو الأقدر على التسامح وفتح باب الحوار أمام الجميع‮.. ‬وينبغي‮ ‬أن تكون الدولة هي‮ ‬النموذج والقدوة والمثل الأعلى‮.‬
حالة‮ ‬غير طبيعية
‮> ‬هل المعارضة قادرة أن تقدم البديل وأن تكون هي‮ ‬البديل للحكم القائم¿
‮>> ‬عندها اجتهادات سياسية‮.. ‬اجتهادات سياسية قد‮ ‬يكون فيها قدر من الصواب أو قدر من الخطأ‮.. ‬ولكن لا‮ ‬يمكن أن‮ ‬يكتمل المشروع الذي‮ ‬تدعو إليه المعارضة إلا بوجود مشترك أعظم بين الأطراف جميعاٍ‮ ‬سواء كانوا في‮ ‬الحكم أو خارج الحكم‮..‬
وللخروج من المأزق لابد أولاٍ‮ ‬على الدولة أن تعترف أن هناك خللاٍ‮ ‬في‮ ‬المجتمع‮.. ‬أما مسألة أن‮ ‬يلجأ هذا الطرف من المجتمع أو ذاك كاالحوثي‮ ‬أو‮ ‬غير الحوثي‮ ‬إلى حمل السلاح في‮ ‬وجه الدولة فهو عمل‮ ‬يعبر عن حالة‮ ‬غير طبيعية‮ ‬ولا شك أنه تمرد مدان ولابد أن ندين أي‮ ‬طرف‮ ‬يحتكم إلى السلاح‮.. ‬ولابد أن نشخص هذه الحالة ونسأل أنفسنا لماذا ظهور مثل هذه الحركة بعد قرابة خمسين سنة من عمر الثورة اليمنية وحوالي‮ ‬60‮-‬70‮ ‬سنة من بداية حركة التنوير والتحديث في‮ ‬المجتمع اليمني‮.. ‬لنجد أنفسنا أسيري‮ ‬مشروع مات وأصبح من التاريخ‮.. ‬لاشك أن هناك خللاٍ‮ ‬أدى إلى ذلك‮ ‬يجب أن نبحث وندرس أسبابه وقد‮ ‬يكون لدينا أسباب في‮ ‬التعليم وأسباب في‮ ‬المنهج وأسباب في‮ ‬الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية‮.. ‬إن الناس‮ ‬يعودون إلى الماضي‮ ‬عندما تنسد أمامهم آفاق المستقبل‮.‬
تأييد دولي
‮> ‬ما هو تأثير العامل الخارجي‮ ‬على أحداث صعدة من وجهة نظركم كمتابع وكمحلل سياسي¿ وكيف تقرأ الموقف الدولي‮ ‬المساند لليمن في‮ ‬هذا الجانب¿‮!‬
‮>> ‬لاشك أن العالم كله وبخاصة الدول الكبرى مع أمن واستقرار اليمن وتشجيع الدولة على فرض الأمن والاستقرار على كامل الأرض اليمنية لما لليمن من أهمية كبرى على مصالح الدول الكبرى وعلى أمن واستقرار المنظمة لاسيما وأن اليمن تحتل موقعاٍ‮ ‬استراتيجياٍ‮ ‬حيث تطل على باب المندب وتتوسط طرق التجارة العالمية وتقع على مقربة من آبار نفط الخليج ولذلك‮ ‬يسعى المجتمع الدولي‮ ‬إلى تشجيع الأمن والاستقرار في‮ ‬اليمن‮.. ‬لكن حماية أمن واستقرار اليمن والحفاظ على وحدته هي‮ ‬مسؤولية وطنية تهم كل أبناء اليمن‮.‬
لتدخل الإيراني
‮> ‬وماذا عن التدخل الإيراني¿
‮>> ‬إيران دولة إقليمية كبرى لها مصالحها ولها أطماعها ولها أهداف استراتيجية وأهداف بعيدة المدى كما أن لها بعدها الطائفي‮ ‬ولديها مشاكلها الداخلية والخاصة‮.. ‬ولكن مشكلة اليمن هي‮ ‬مسؤولية أبنائها بالدرجة الأولى ومشاكلها لا‮ ‬يمكن حلها من طرف واحد سواء كان هذا الطرف في‮ ‬الحكم أو المعارضة وإنما الحل لابد أن تشترك فيه جميع القوى السياسية بكل أطيافها وأن تتنادى إلى حوار وطني‮ ‬شامل وإدانة الاحتكام إلى القوة وإدانة التمرد والخروج على الدولة‮.. ‬ليعود الناس إلى صيغة مشتركة لبناء اليمن أرضاٍ‮ ‬وإنساناٍ‮ ‬وحضارة‮.‬
‮> ‬هناك صيغة خرجت بها أحزاب المعارضة اطلق عليها‮ »‬رؤية للإنقاذ الوطني‮«.. ‬كيف تنظر إلى هذه الرؤية وهل تشكل حلاٍ‮ ‬لقضايا الوطن¿
‮>> ‬إن هذه الرؤية ليست حلاٍ‮ ‬في‮ ‬غياب الدولة والحكم عنها‮.. ‬فالدولة تظل طرفاٍ‮ ‬أساسياٍ‮ ‬في‮ ‬أي‮ ‬حل وطني‮.. ‬وعلى الدولة أن تتبنى دعوة لمشروع‮ ‬يستجيب لنداء الناس وصيغة‮ ‬يلتقي‮ ‬عليها جميع الناس ويقفون على أرض مشتركة ليصلوا إلى حلول وقواسم مشتركة‮.. ‬إذ لا‮ ‬يمكن للمعارضة وحدها أن تأتي‮ ‬بالحل ولا‮ ‬يمكن للدولة بمفردها أن تنفرد بالحل وإنما الحل لابد أن‮ ‬يتوافق عليه الجميع‮.‬

الاحتكام للعقل
‮> ‬كيف تفسر فشل الحوار السياسي‮ ‬التي‮ ‬اتفقت عليه الأحزاب في‮ ‬فبراير الماضي¿
‮>> ‬الاتفاق على تأجيل الانتخابات لم‮ ‬يكن حلاٍ‮ ‬للمشكلة لأن الأحزاب كان‮ ‬غرضها التوصل إلى صيغة لتشارك في‮ ‬الحكم والكعكة‮.. ‬ولكن هذا لا‮ ‬يخص المجتمع ولا‮ ‬يلبي‮ ‬تطلعاته لأن المجتمع لديه مطالب حياتية في‮ ‬الماء والكهرباء في‮ ‬الصحة والتعليم في‮ ‬مكافحة الفقر والبطالة وفي‮ ‬الأمن والسلام‮.. ‬وهذه القضايا‮ ‬ينبغي‮ ‬أن تشكل هماٍ‮ ‬مشتركاٍ‮ ‬بين الدولة والأحزاب والناس أجمعين‮.. ‬وليس أمام اليمنيين من مخرج لمواجهة المأزق الراهن إلا بالاعتراف بمشاكلهم والعمل على حلها ومعالجتها من خلال الاحتكام للعقل والمنطق والحوار‮..

Share

التصنيفات: حــوارات

Share