Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

رئيس منتدى الناقد العربي لـ "الوحدة" : العقل السياسي مطالب بالتحرر من عقال مصالحة الخاصة والمواقف الجاهزة

‬عند محاورة هذه الشخصية الاكاديمية‮ ‬يدرك المحاور قيمة الكلمة وبْعد الرؤية الموضوعية الناقدة في‮ ‬الطرح والتحليل لمجمل ما‮ ‬يكتنف الواقع السياسي‮ ‬والاجتماعي‮ ‬من العلل وبتشخيص دقيق‮ ‬يدرك مكامن الداء والاهم من ذلك‮ ‬يحدد الوصفة الطبية الناجعة لاستئصاله‮.‬
في‮ ‬هذا الحوار الذي‮ ‬لا‮ ‬يخلو من الجدية‮ ‬يدرك الاستاذ الدكتور عبدالواسع الحميري‮ ‬رئيس منتدى الناقد العربي‮ ‬أن‮ ‬غياب أفق الرؤية الشاملة لحل المشكلات والهم الوطني‮ ‬الجامع لدى الأحزاب افضت إلى الأزمة الراهنة‮.. ‬وحضور المشاريع الجزئية الخاصة بها هو ما حال دون انصهارها وتوحيد إرادتها الوطنية باتجاه هدف تنمية الوطن‮.. ‬ولا‮ ‬يتوقف الحميري‮ ‬في‮ ‬سياق تحليله للخطاب السياسي‮ ‬للأحزاب من إدراكه أن معظم هذه الأحزاب بلا مشاريع وطنية جامعة‮ – ‬وهي‮ ‬النقطة الأهم في‮ ‬تخبطها‮ – ‬وزاوية الصراع على السلطة بآليات عتيقة واستخدامها للديمقراطية كآلية للمواجهة والصراع وليس كوسيلة‮  ‬للتفاعل مع قضايا الواقع الاجتماعي‮ ‬بكل عناصره لتغييره نحو الأفضل‮. ‬والأخطر من كل ما سبق هو جهل هذه الأحزاب أن عواقب سلوكها وممارستها‮ ‬يجعل الغالبية تنظر‮ – ‬حسب طرحه‮ – ‬لكل تصرفاتها باشمئزاز‮.‬
أما تعاطيها مع الحوار كجوهر للثقافة الديمقراطية واعلاء القيم التعددية فالدكتور الحميري‮ ‬لا‮ ‬يتردد في‮ ‬نصح العقل السياسي‮ ‬بالتحرر اليوم من عقال مصالحه الخاصة والمواقف الجاهزة‮.. ‬فالعقلاء‮ – ‬واعتبره شخصياٍ‮ ‬واحداٍ‮ ‬منهم‮ – ‬باتوا‮ ‬يرفضون عقيدتهم بضرورة التئام كافة القوى السياسية الفاعلة في‮ ‬حوار وطني‮ ‬جاد من شأنه أن‮ ‬يجنب الوطن المزيد من التصدعات وأن تكون جميع التيارات في‮ ‬الساحة ممثلة في‮ ‬هذا الحوار بشكل أو بآخر فإلى ما جاء في‮ ‬الحوار‮:‬

حاوره‮/ ‬عادل خاتم

‮> ‬في‮ ‬رأيك ما الذي‮ ‬يحول بين هذه القوى السياسية وبين التداعي‮ ‬لحوار وطني‮ ‬جاد ومسؤول‮ ‬يضع حدا لهذه الأزمة ويخرج الوطن من هذا النفق المظلم¿
‮>> ‬أعتقد أن ثمة جملة من الأسباب التي‮ ‬لا تزال تحول دون مبادرة هذه القوى إلى اتخاذ مثل هذه الخطوة الضرورية‮ ‬من بين أهم تلك الأسباب في‮ ‬اعتقادي‮: ‬غياب أفق الرؤية الشاملة لحل المشكلات التي‮ ‬أفضت إلى الأزمة الراهنة‮ ‬أو قل‮ ‬غياب المشروع الوطني‮ ‬الجامع مقابل حضور المشاريع الجزئية الخاصة بكل من هذه القوى منفردة‮…‬ما‮ ‬يحتم على كل منها مواصلة الضغط باتجاهات مختلفة‮.. ‬إضافة إلى‮ ‬غلبة الأيديولوجي‮ ‬على الواقعي‮ ‬في‮ ‬ثقافة هذه القوى‮… ‬ويمكنني‮ ‬أن أجمل تلك الأسباب جميعا في‮ ‬سبب واحد‮ ‬يتمثل في‮ ‬غياب الهم‮ ‬الوطني‮ ‬الجامع‮: ‬الذي‮ ‬من شأنه أن‮ ‬يصهر هذه الأحزاب والقوى ويوحد إرادتها الوطنية باتجاه هدف واحد‮: ‬تنمية الوطن والحفاظ على مكتسباته والنهوض به نحو مستقبل أفضل‮..‬
حافة الهاوية
‮> ‬هل تعني‮ ‬أن هذه الأحزاب بلا مشاريع وطنية¿
‮>> ‬نعم أنا أقول‮: ‬إن‮ ‬معظم هذه الأحزاب بلا مشاريع وطنية جامعةº مشاريعها‮- ‬فقط‮- ‬كيف تصل إلى السلطة‮ ‬أو كيف تحتفظ بها وتحافظ عليها‮ ‬لقد حشرت هذه الأحزاب نفسها في‮ ‬زاوية ضيقة‮..‬زاوية الصراع على السلطة بآليات عتيقة بدائية بالية‮ ‬مارست خلالها الكثير من التحريض وعنف الكلمة‮ ‬ودفعت بالأمور إلى مزالق خطيرة‮ ‬غير مراعية ظروف المجتمع الذي‮ ‬عانى من جرح التشطير النازف عقودا‮ ‬ولا‮ ‬يزال‮ ‬يرسف تحت ركام من الجهل والتخلف الذي‮ ‬توارثه جيلا بعد جيل‮.. ‬الأمر الذي‮ ‬أسهم في‮ ‬توتير الأوضاع ووصول الأمور إلى حافة الهاوية التي‮ ‬بتنا نشهدها اليوم‮…‬
ديمقراطية انتخابية
‮> ‬فماذا عن الديمقراطية التي‮ ‬تنتهجها هذه الأحزاب¿
‮>> ‬جميعنا‮ ‬يعلم أن الديمقراطية التي‮ ‬تتبناها هذه الأحزاب هي‮ ‬الديمقراطية الانتخابية التي‮ ‬من شأنها أن توصل هذه الأحزاب إلى سدة الحكم‮ ‬والإمساك بزمام السلطة‮.. ‬لذلك فهي‮ ‬تستخدم هذه الديمقراطية بوصفها-فقط‮- ‬سلاحاٍ‮ ‬تذود به عن نفسها‮ ‬أو تخترق به ومن خلاله الصفوف كي‮ ‬تصل إلى السلطة ولو على أنقاض الوطن ومستقبل أبنائه‮. ‬إنها تستخدم الديمقراطية بوصفها إحدى أهم‮ ‬آليات المواجهة والصراع مع الآخرين حتى‮ ‬يتسنى لها إزاحتهم من طريقها‮. ‬وليس بوصفها وسيلة من وسائل التفاعل مع قضايا الواقع الاجتماعي‮ ‬والتاريخي‮ ‬بكل‮ ‬عناصره ومكوناته لتغييره نحو الأفضل‮.‬
‮> ‬هل تريد أن تقول إن هذه القوى قد استغلت أجواء الديمقراطية ومناخات الحرية التي‮ ‬وفرتها لها دولة الوحدة لتأجيج الأزمة إلى هذه الدرجة من الخطورة¿
‮>> ‬أنا لا أعتقد أن المسألة تتعلق‮ -‬هنا‮ – ‬باستغلال هذه القوى لمناخات الحرية بقدر ما‮ ‬يتعلق بجهل هذه القوى بعواقب سلوكها وممارساتها تلك‮ ‬أو قل إن ذلك راجع إلى قصور نظرتها في‮ ‬التعامل مع قضايا الواقع ومشكلاته‮ ‬وعدم إدراكها أن التعامل مع تلك القضايا والإشكالات‮ ‬يجب أن‮ ‬يتم بشكل كلي‮ ‬بنيوي‮..‬عضوي‮ ‬وإلا‮ ‬أدى إلى مضاعفات سلبية خطيرة على النحو الذي‮ ‬بتنا نشهده اليوم‮..‬
منهجيات خاطئة
‮> ‬هل تعني‮ ‬أن الأمر‮ ‬يتعلق بمنهجية هذه القوى في‮ ‬التعامل مع قضايا الواقع اليمني‮ ‬الحي‮ ‬بما فيها قضية السلطة¿
‮>> ‬أعتقد أن الجزء الأكبر من الإشكالية الحاصلة اليوم في‮ ‬البلد‮ ‬يتعلق أو‮ ‬يرجع بالأحرى إلى حضور هذه المنهجيات الخاطئة في‮ ‬التعامل مع قضايا الواقع الحي‮ ‬بالنسبة لقوى المعارضة‮ ‬مقابل‮ ‬غياب أية منهجية رشيدة في‮ ‬التعامل مع قضايا الواقع الحي‮ ‬نفسه بالنسبة لقوى السلطة‮.. ‬أعتقد أن‮ ‬جدلية الحضور‮/ ‬الغياب هذهº حضور منهجيات‮ ‬غير ملائمة في‮ ‬التعامل مع قضايا الواقع اليمني‮ ‬الحي‮.. ‬مقابل‮ ‬غياب أية منهجية رشيدة في‮ ‬التعامل مع قضايا هذا الواقع بالنسبة للقوى الأخرى الممسكة بزمام السلطة‮ ‬هو الذي‮ ‬أدى إلى هذا الشرخ العميق الحاصل اليوم بين قوى السلطة عموما وقوى المعارضة عموما‮ ‬وهو ذاته الذي‮ ‬أحدث ولا‮ ‬يزال‮ ‬يحدث الشرخ العميق أيضا بين قوى المجتمع اليمني‮ ‬عموما وتلك القوى المتصارعة في‮ ‬الساحة الوطنية عموما‮ ‬أي‮ ‬بين الجمهور اليمني‮ ‬عموما‮ ‬والنخبة السياسية في‮ ‬اليمن عموما‮ ‬أكانت في‮ ‬السلطة أو في‮ ‬المعارضة‮ ‬فمن‮ ‬يستطلع آراء الناس في‮ ‬الشارع اليمني‮ (‬غير السياسي‮ ‬طبعا‮) ‬أعتقد أنه سيجد أن الغالبية العظمى من اليمنيين باتوا‮ ‬ينظرون باشمئزاز وقرف إلى ممارسات النخبة التي‮ ‬باتت تستغل معاناتهم لتحقيق مآرب خاصة‮..‬
اتساع الهوة
‮> ‬هل لك أن توضح للقارئ كيف أسهمت ما تسميه بجدلية الحضور والغياب في‮ ‬خلق تلك الحالة من القرف الوطني¿
‮>> ‬أود أن أشير هنا إلى أن من شأن حضور هذه الجدلية في‮ ‬حياة المواطن البسيط أنه قد أفضى إلى اتساع الهوة بين الواقع والمثال في‮ ‬وعي‮ ‬هذا المواطن‮ ‬أو بين حلم الخلاص المنشود على‮ ‬يد تلك القوى‮ (‬اليوتوبية‮)‬‮ ‬وواقع المعاناة اليوميأي‮ ‬بين حلم الدولة اليمنية اليوتوبية التي‮ ‬ما انفكت تشيدها قوى المعارضة اليمنية المدججة بكل قوى الوعي‮ ‬والثقافة في‮ ‬وعي‮ ‬المواطن اليمني‮ ‬وبين الدولة اليمنية القائمة بالفعل على أرض اليمن السعيد‮ ‬بين المثال الذي‮ ‬شيدته قوى المعارضة في‮ ‬وعي‮ ‬الناس خلال عقود من التعبئة والشحن والتثقيف‮ ‬وبين الواقع الذي‮ ‬ترسخ على أرض اليمن منذ قرون وأسهم في‮ ‬صياغته ركام من التخلف والجمود‮ ‬ومن ثم‮ ‬بين منطق حلم الدولة‮ ‬ومنطق واقع الدولة‮ ‬ما عرض الشعور الجمعي‮ ‬اليمني‮ ‬لكثير من الانتكاسات والإخفاقات التي‮ ‬أوصلته إلى مثل هذه الحالة من القرف والنفور من كل ما له صلة بماضي‮ ‬الصراعات من أجل الشعارات‮ ‬أو بمرحلة الشحن والتعبئة‮..‬
‮> ‬لكن ألا تعتقد أننا لا تزال نعيش مرحلة اجترار الشعارات¿
‮>> ‬نعم أعتقد ذلك‮ ‬بدليل أننا ما نزال نقرأ لمن‮ ‬يعتبرون أنفسهم‮ – ‬كما‮ ‬يعتبرهم كثيرون في‮ ‬الساحة‮ – ‬قادة سياسيين‮ ‬ومنظرين ميدانيين‮ ‬يقاومون ما هو قائم من الأوضاع بما لن‮ ‬يقوم‮ ‬ويصارعون ما هو كائن من الأحوال بما‮ ‬يحلمون أنه قد‮ ‬يكون‮…‬
‮> ‬في‮ ‬رأيك أين تكمن المشكلة بالنسبة للنخبة السياسية اليمنية التي‮ ‬فشلت حتى الآن على الأقل ليس في‮ ‬النهوض بواقع الشعب اليمني‮ ‬وتغييره نحو الأفضل‮ ‬بل فشلت في‮ ‬ما‮ ‬يبدو في‮ ‬الحفاظ على مكتسباته التاريخية‮ ‬بما في‮ ‬ذلك الحفاظ على وشائج القربى التي‮ ‬تربط بين كافة أبنائه ومكوناته‮ ‬حيث أسهمت في‮ ‬إشاعة ثقافة الكراهية‮ ‬وتكريس الانقسام‮ ‬وبناء أسوار من الحقد والكراهية‮.. ‬ما هي‮ ‬أسباب هذا الفشل الذريع في‮ ‬رأيك¿
‮>> ‬أعتقد أن ذلك راجع-في‮ ‬جانب منه‮- ‬إلى خلل في‮ ‬بنية العقل السياسي‮ ‬المفكر في‮ ‬فكر هذه النخبة بوصفه‮: ‬عقلا اصطفائيا من جهة‮.. ‬تجزيئيا من جهة أخرى‮: ‬يجزئ قضايا المجتمع التي‮ ‬يعقلها ليعقلها مجزأة معزولة بعضها عن بعض‮ ‬أي‮ ‬بمعزل عن القضايا الأخرى التي‮ ‬ترتبط بها بشكل عضوي‮ ‬أو بنيوي‮(‬يعزل قضايا السياسة بمعزل عن قضايا الاقتصاد والصحة والتعليم و‮.. ‬و‮…‬الخ‮)‬‮ ‬وهذا‮ ‬يعني‮: ‬أنه عقل تسطيحي‮ ‬يسطح قضايا المجتمع التي‮ ‬يعقلها‮ ‬بحكم أنه‮ ‬يعقلها بمعزل عن أسبابها ومسبباتها الحقيقية‮..‬وحين‮ ‬يحاول البحث عن أسباب تلك الظواهر أو الربط بينها فإنه‮ ‬يربط بينها بطريقة اعتباطية تعسفية على نحو ما فعل هذا العقل مؤخرا‮ ‬حين قرر الثأر من السلطة ورموزها‮ ‬فربط بين فسادها السياسي‮ ‬وما‮ ‬يعانيه المجتمع اليمني‮ ‬في‮ ‬كافة مناحي‮ ‬حياته الاجتماعية والثقافية والاقتصادية‮..‬ليس هذا فحسب بل لقد جعل من رمز هذه السلطة الأول‮ ..‬علي‮ ‬عبد الله صالح سر فساد كل وضع‮ ‬يعانيه المجتمع اليمني‮ ‬في‮ ‬كافة مناحي‮ ‬حياته‮.‬
قيم التعددية
‮> ‬فماذا عن ثقافة الحوار عند هذه الأحزاب‮.. ‬هل ترى بأن هذه الأحزاب تتحلى بأي‮ ‬قدر من هذه الثقافة رغم كل هذا الإصرار والعناد على نفي‮ ‬الآخر عن ساحة المشاركة¿
‮>> ‬ثقافة الحوار هي‮ ‬جوهر الثقافة الديمقراطية التي‮ ‬من شأنها أن تعلي‮ ‬من قيم التعددية واختلاف وجهات النظر حول الأوضاع التي‮ ‬تتطلب طرحها على طاولة الحوار بين جميع الأطراف الفاعلة في‮ ‬الساحة الوطنية‮ ‬وهو ما نرى نكوصا عنه من لدن هذه القوى وتهربا من مجمل استحقاقاته حتى الآن على الأقل‮.‬
‮> ‬لماذا هذا النكوص في‮ ‬رأيك رغم الدعوات المتكررة من فخامة الأخ رئيس الجمهورية وما ترفعه هذه القوى من شعارات الإصلاح¿
‮>> ‬لأنها تنظر إلى عملية الإصلاح التي‮ ‬باتت البلاد بأمس الحاجة إليها بالفعل‮ ‬بوصفها عملية إحلال واستبدال ولا شيء‮ ‬غير ذلك‮: ‬تبدأ بإحلال فكرها محلِ‮ ‬فكر الآخر‮ ‬وإحلال مشروعها السياسي‮ ‬محل مشروع الآخر‮ ‬ومن ثم‮ ‬إحلال تصورها لحل المشكلات المطروحة للحوار محل تصور الآخر‮ ‬غير واعية بأن عملية الإصلاح الحقيقي‮ ‬هي‮ ‬أعقد من ذلك بكثير‮.. ‬وأنها إنما تنهض في‮ ‬أفق التعددية والاختلاف‮ ‬والقبول بوجهات النظر المختلفة‮..‬
‮> ‬كيف تقرأ مستقبل الحوار الذي‮ ‬تدعو إليه بعض القوى في‮ ‬ظل ما‮ ‬يجري‮ ‬من مماحكات سياسية¿
‮>> ‬أعتقد أن‮ ‬القوى الوحدوية الموجودة في‮ ‬صفوف كل‮ ‬الأحزاب المتصارعة في‮ ‬الساحة باتت تمارس ضغوطاٍ‮ ‬حقيقية متزايدة على قياداتها ما سيجعلها تنصاع لمنطق الحوار الجاد والمسؤل‮.‬
‮> ‬لكن كيف¿ ومتى¿
‮>> ‬أعتقد أن‮ ‬الأمور الآن سائرة في‮ ‬هذا الاتجاه وسنسمع قريباٍ‮ ‬عن بدُء هذا النوع من الحوار‮ ‬أو عن نتائج تراضى عليها أهم‮ ‬أطراف اللعبة‮..‬أعتقد أننا بتنا أمام مرحلة جديدة من الحوار الجاد والمسؤول الذي‮ ‬يفرض على كافة القوى الوطنية الوحدوية التداعي‮ ‬إليه وتوحيد كلمتها في‮ ‬مواجهة دعاة الفرقة‮.. ‬دعاة الفوضى‮.. ‬دعاة الهدم الشامل لتحقيق مآرب خاصة‮..‬
‮> ‬ثقافة الاختلاف‮ .. ‬ماذا تعني‮ ‬في‮ ‬فكر الدكتور الحميري‮..‬¿
‮>> ‬ما أعنيه بالاختلاف هنا‮ ‬الاختلاف في‮ ‬وجهات النظر‮.. ‬في‮ ‬الأفكار‮.. ‬في‮ ‬الآراء‮.. ‬في‮ ‬المشاريع العامة والخاصة‮.. ‬في‮ ‬كل ما من شأنه أن‮ ‬يثري‮ ‬الحياة السياسية والثقافية‮ ‬ويسهم في‮ ‬النهوض بالحياة من أسن الجمود والركود ويدفع بها نحو مستقبل زاخر بالخير والعطاء‮ ‬والاختلاف بهذا المعنى هو الاختلاف الراجع إلى اختلافنا في‮ ‬فهم الأشياء وطرائق النظر إليها‮..‬لذلك فهو بهذا المعنى‮ ‬يعد شرط إنسانيتنا الواعية أو المسؤولة‮ ‬ويمثل حقاٍ‮ ‬مشروعا من حقوق كل‮ ‬البشر‮..‬
شرط وجودنا
‮> ‬في‮ ‬رأيك أين‮ ‬يمكن أن نختلف وأين‮ ‬يجب أن نتفق¿
‮>> ‬يمكن أن نختلف تحت سقف الثوابت‮ ‬وفي‮ ‬ما عدا ذلك لا‮ ‬يجوز أن نختلف‮ ‬وهذا‮ ‬يعني‮ ‬أنه لا‮ ‬يجوز أن نختلف حول ما‮ ‬يمثل وجوده شرط وجودنا‮ (‬الجمعي‮) ‬المؤتلف أي‮ ‬أنه لا‮ ‬يجوز أن نختلف حول أي‮ ‬ثابت من ثوابت الدين والوطن‮ ‬كقضية الوحدة الوطنية مثلاٍ‮: ‬وهل هي‮ ‬ضرورية أم لا‮ ‬وفي‮ ‬ما عدا ذلك فإن الاختلاف ممكن‮ ‬بل مطلوب لإثراء الحياة وتفجير طاقات الأحياء‮…‬
مستقبل وطن
‮> ‬في‮ ‬رأيك كيف تستطيع هذه القوى كسر حالة الجمود والتخشب التي‮ ‬تعاني‮ ‬منها والتداعي‮ ‬إلى حوار وطني‮ ‬جاد ومسؤول¿
‮>> ‬أعتقد أن على العقل السياسي‮ ‬المدعو للحوار اليوم أن‮ ‬يتحرر أولا من عقال مصالحه الخاصة‮ ‬وأن‮ ‬يتحرر ثانيا من عقال المواقف الجاهزة التي‮ ‬تعميه عن رؤية الحق والحقيقة في‮ ‬أية قضية‮ ‬يتم طرحها للحوار‮ ‬وأن‮ ‬يتحرر ثالثا من عقال التصورات الجاهزة للحلول‮.. ‬وهذا‮ ‬يتطلب منه التحرر من أسر ثقافة الوصفات الجاهزة في‮ ‬التعاطي‮ ‬مع قضايا الواقع الوطني‮ ‬الحي‮.. ‬ما‮ ‬يحتم على هذا العقل الانفتاح الواعي‮ ‬المسؤول على كل القوى السياسية الموجودة في‮ ‬الساحة الوطنية‮ ‬والتعاطي‮ ‬مع كل ما‮ ‬يطرح بإيجابية‮ ‬لاسيما وأن القضية المطروحة اليوم للحوار ليست متعلقة بمصير حزب أو جماعة أو فئة‮ ‬بل تتعلق بمصير أمة ومستقبل وطن‮. ‬
‮> ‬ما هي‮ ‬حقيقة مشكلة الحوار في‮ ‬بلادنا‮.. ‬من خلال متابعتك لما‮ ‬يدور في‮ ‬الساحة‮.. ‬هل لديك تشخيص محدد لأزمة الحوار‮..‬كأكاديمي‮ ‬وناقد بعيدا عن لغة السياسة¿‮!‬
‮>> ‬إن‮ ‬المتتبع لما‮ ‬يجري‮ ‬اليوم في‮ ‬الساحة الوطنية‮ ‬يجد أن كل العقلاء في‮ ‬البلد باتوا‮ ‬يرفعون عقيرتهم بضرورة التئام كل القوى السياسية الفاعلة في‮ ‬الساحة لحوار وطني‮ ‬جاد ومسؤول‮ ‬من شأنه أن‮ ‬يجنب الوطن المزيد من التصدعات والانهيارات‮ ‬ويضع حدا لتفاقم الصراعات‮ ‬ويمكن الجميع من خوض خطط المستقبل التنموية‮.‬
تكتيك
‮> ‬الحوار السياسي‮ ‬الذي‮ ‬يجري‮ ‬بين الحين والآخر‮.. ‬لا‮ ‬يؤتي‮ ‬أي‮ ‬نتائج‮.. ‬فهل التسوية وتصفية الحسابات وراء تعثره¿
‮>> ‬لا‮ ‬يخفى أن‮ ‬الحوار الذي‮ ‬تمارسه هذه القوى هو بمثابة تكتيك‮..‬إنه نوع من الحوار الشكلي‮ ‬أو الصوري‮ ‬البعيد عن أي‮ ‬شكل من أشكال الحوار الوظيفي‮ ‬الحقيقي‮ ‬الذي‮ ‬تتلاشى فيه الهوة بين القول والفعل‮ ‬أو بين الشعار والممارسة‮.‬
آليات تنفيذية
‮> ‬في‮ ‬رأيك ما هي‮ ‬الخطوات التي‮ ‬يجب اتباعها لنجاح أي‮ ‬حوار وطني‮ ‬جاد ومسؤل¿
‮>> ‬لنجاح أي‮ ‬حوار وطني‮ ‬حقيقي‮ ‬أعتقد أنه‮ ‬يجب على الأطراف المتحاورة الاتفاق على كيفية إدارة الجلسات‮ ‬وسير عملية التفاوض‮ ‬وإدارة الوقت‮ ‬وتحديد قائمة الموضوعات التي‮ ‬سيتم التفاوض الجمعي‮ ‬حولها‮ ‬موضوعاٍ‮ ‬تلو آخر‮…‬كما‮ ‬ينبغي‮ ‬أن تكون جميع التيارات الفاعلة في‮ ‬الساحة ممثلة في‮ ‬عمليتي‮ ‬الحوار التفاوضي‮ ‬بشكل أو بآخر‮. ‬ومن ثم العمل على تحويل الاتفاقات بعد الوصول إليها إلى ممارسات وسياسات‮ ‬وهذا‮ ‬يتطلب وجود آليات تنفيذية لا بد‮ ‬من تحديدها وربط عملها بإطار زمني‮ ‬محدد لانجاز المهام العاجلة‮.‬
‮> ‬كيف تقرأ الفكر السياسي‮ ‬عند هذه النخب‮.. ‬ما ملامح الأزمة في‮ ‬هذا الفكر¿
‮>> ‬لعل أبرز مشكلة‮ ‬يواجهها الفكر السياسي‮ ‬اليوم‮ ‬هي‮ ‬مشكلة القطيعة فيه بين هذا الفكر وموضوعه‮ ‬بين منطوق الخطاب ومضمونه‮. ‬وهذا إنما‮ ‬يرجع إلى كونه خطاب ذاكرة‮ ‬وليس خطاب عقل‮ ‬إنه خطاب فكر‮ ‬وليس خطاب وعيº لذلك فهو لا‮ ‬ينطق باسم ذات حية واعية تملك استقلالها‮ ‬وتتمتع بكامل شخصيتها‮ ‬بقدر ما‮ ‬ينطق باسم سلطة مرجعية عليا‮ ‬توظف الذاكرة وتستدعي‮ ‬الثقافة‮ ‬لذلك نجد أن‮ ‬مفاهيم هذا الخطاب لا ترتبط بالواقع الحي‮ ‬المباشر الذي‮ ‬يتحدث عنه الخطاب‮ ‬بل بواقع آخر‮ ‬هو الذي‮ ‬يؤسس في‮ ‬الوعي‮ ‬والثقافة أو الذاكرة‮..

Share

التصنيفات: حــوارات

Share