Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

صامد بهندسته المعمارية لأكثر من 400 عام جامع الطفلي.. أحد المعالم الأثرية المنسية!

جامع أثري قديم في منطقة الطفيلي شرعب السلام يبعد 35 كيلومتراٍ تقريباٍ عن مدينة تعز قرن بناؤه بالإمام القاسم وقيل بني منذ أكثر من 450 عاماٍ وتختلف الروايات في ذلك.. يتسع لأكثر من 250 مصلياٍ.

استطلاع وتصوير/ عبدالعليم السيد

هندسة بنائه ومهارة تصميمه واتساع حجمه ودقة بناء بركة الماء بجواره لجدير بتسليط الحديث عنه والسلم الحجري ÿ»مدرجات« الممتد من بوابته الغربية حتى سور القلعة المبنية فوق التلة الجبلية بالاتجاه الغربي منه بمسافة طويلة لتوحي بمكانة تلك المنطقة الزراعية آنذاك من قبل ملوك اليمن القدماء إبان الدويلات اليمنية القديمة لكن الجهات المعنية في بلادنا لم تقدم لهذا الصرح الأثري الشامخ شيئاٍ  سوى تدوين اسمه لديها لشيء محزن وهكذا تتهاوى كثير من آثار اليمن تحت مظلة الإهمال والنسيان والخوض في تفسير رموز الكتب دون جدوى!!

يقع الجامع أسفل التلة الجبلية المرتفعة المبني عليها قلعة الصعيد الكبيرة والمشهورة في منطقة شرعب والشبيهة بتصميمها قلعة القاهرة بمدينة تعز إلى حد كبير ويبعد عن مدينة تعز بمسافة 35 كيلومترا.

تفاصيل مهمة

بني هذا الجامع على تلة جبلية متوسطة تشرف على الوادي الذي كان مشهوراٍ قديماٍ بإنتاج البن وقريباٍ من مقر حاكم المنطقة آنذاك القلعة حيث بنى ذلك الحاكم سلماٍ حجرياٍ »مدرجاٍ« ممتداٍ من بوابة سور الجامع الغربي  إلى أحد أبواب سور القلعة.. من الجهة الشرقية يصل طول هذا السلم الحجري الى أكثر من 250 متراٍ تقريباٍ ولم يبق من هذا السلم إلا آثار بسيطة متقطعة بسبب الاهمال وعوامل التعرية من ناحية والتخريب بحثاٍ عن الآثار من ناحية ثانية.

يأخذ الجامع شكلاٍ مربعاٍ إلى حد كبير عرضه 15 متراٍ ويصل طوله إلى 13 متراٍ ويبلغ ارتفاعه 7 أمتار.

بناء هذا الجامع يوحي بمهارة الهندسة المعمارية الباهرة قديماٍ والتي ما تزال قائمة بروعتها حتى اليوم فقد بني كله من الأحجار القوية ونوافذه وأبوابه منحوتة من الأخشاب الجيدة شجرة الطنبله ستة نوافذ بنيت جدرانه من جدراين داخلي  وخارجي تسمى بلهجة المنطقة بطانة وظهارة يبلغ عرض الحائط متراٍ وللجامع بابين أحدهما من جهة الجنوب والأخر من اتجاه الغرب يصل ارتفاع الباب إلى مترين وأربعين سنتيمتراٍ.

عقود وقباب

 وأنت في داخل الجامع يجذب بصرك الفن المعماري حيث يوجد بداخله أسطوانتان عريضتان مربعتان تعتبران القاعدتين الرئيسيتين للعقود الثمانية الموجودة داخل الجامع حيث يمتد فوق كل قاعدة حجرية أربعة عقود متساوية في الارتفاع والمساحة وعدد الأحجار فكل عقد حجري مبني من 32 حجراٍ وقد بنيت على تلك العقود الحجرية ستة قباب متساوية بالمساحة والارتفاع وبروعتها  الهندسية المتقنة كما أن ترابط  الأحجار ببعضها البعض ومادة الجس التي أضيفت إلى تلك الأحجار لتزيدها تماسكاٍ وصلابة وتمنع تسرب مياه الأمطار إلى داخل الجامع يزيد المنظر رونقاٍ ويوحي بدقة الصانع ومهارته وللجامع محراب للإمام في الصلاة ومنبر على شماله للخطيب.

  200.000 لتر

وللجامع بركتان للمياه البركة الكبيرة تقع داخل  السور من الجهة الجنوبية مكشوفة بنيت بشكل تقني رصين من الأحجار وصب فوق  تلك الأحجار وأرضيتها مادة مصنوعة محلياٍ في تلك المنطقة والمقاومة لتسرب المياه حتى اليوم.. تأخذ البركة قياساٍ فريداٍ تضيق عند قاعها وتتسع في الأعلى بمقاسات متساوية للانفتاح والتوسع.. يصل عرضها إلى خمسة أمتار وطولها إلى سبعة أمتار وارتفاعها إلى ستة أمتار وتتسع لـ 200  .  000 لتر من الماء   تقريباٍ.

وللبركة الكبيرة مدرج من جهتي الغرب والشمال الغربي ممتدة من أعلى إلى قاع  البركة سهلة النزول ويوجد في حوش الجامع أيضاٍ بركة محكمة مغلقة صغيرة بحجمها تستخدم مياهها للشرب.. يشرب منها الناس تقع بين البركة الكبيرة وركن الجامع الجنوبي الشرقي يصل ارتفاعها إلى أربعة أمتار وعرضها إلى 3 أمتار وقد أعيد إصلاحها قريباٍ قبل عدة سنوات على يد رجال الخير.. ومن سور الجامع الغربي بابان أحدهما صغير والأخر كبير وقد سد الباب الصغير قبل عشرات السنين ولم يبق له سوى البوابة الكبيرة.

يعتبر هذا الجامع من الآثار القديمة في بلادنا وقيل أنه بني قديماٍ منذ أكثر من خمسمائة عام نهاية القرن الثامن الهجري إبان حكم الدولة الرسولية التي حكمت اليمن »626-852هـ« وأتخذت من تعز عاصمة لها.

وقيل أنه بني في عهد الإمام القاسم في الدولة  الزيادية التي حكمت أجزاءاٍ من اليمن حتى عام 980هـ للمرة الثانية.

حصن أثري

ويتسع هذ الجامع لأكثر من 200 مصلي تقريباٍ وبهذا العدد وبحجم الجامع وفنه المعماري ولارتباطه بالحصن الأثري الأعلى منه يوحي بأن بانيه كان أميراٍ على هذه المنطقة الزراعية المشهورة بإنتاج البن والحبوب في تلك الحقبة الزمنية  الغابرة كما تشرف هذه المنطقة على وادي نخلة المشهور بإنتاج الموز والجوافة والعنب ذات النوعية الجيدة والمشهورة بطعمها حتى اليوم في محافظة تعز.

كما تعتبر منطقة متوسطة بين المناطق السهلية المشهورة بزراعة الحبوب باتجاه زبيد وتهامة وبين المناطق الحدودية مع مدينة تعز وبعض من ضواحي مدينة إب حيث كانت في تلك الأزمان تحكم مناطق اليمن دويلات مختلفة مثل دولة بني نجاح ودولة بني رسول والدولة الزيادية والدولة الصليحية.. إلخ

إهمال

ورغم شهرة هذا المبنى الإسلامي قديماٍ وحتى اليوم وصلابة مقاومته للعوامل الطبيعية مثل الأمطار والرياح والشمس وعوامل التخريب التي اتخذها الأهالي منذ القرن الماضي وحتى السنوات الأخيرة والماضية في البحث عن الآثار بداخله عملات فضية وذهبية وغيرها بداخل الجامع وبين مدرجات بركة الماء وجدران الجامع وغيرها حيث أدت تلك الأفعال العشوائية إلى طمس وتغيير بعض من بناء الجامع أو أحد مرافقه ترجمة للمقولة السائدة هناك حتى اليوم »الدرجة العليا تحت السفلى« وتسببت تلك في تخريب بعض من درج بركة الجامع وقد تم فعلاٍ الحصول على آثار لا ندري ما هي في إحدى درجات بوابة الجامع الشرقية منذ عشر سنوات ماضية وقد عاينا فعلاٍ تلك الحفرية التي نبشت ليلاٍ في تلك الأيام.

هنا لا يتسع المجال لاستعراض عمليات الحفر التي تعرض لها الجامع من جوانبه المختلفة ولكن الموضوع أن هذه المآثرة القائمة حتى اليوم لم تلق اهتماماٍ يذكر من قبل  الجهات المعنية بالآثار والأوقاف ولم تقم تلك الجهات بعمليات ترميم أو محافظة على أي شيء داخله أو خارجه وما يتم سوى تبرعات خاصة من أناس فاعلي خير لترميم القبب أو إصلاح الجدران وتتم بطريقة تقليدية بسيطة دون تخطيط ما يؤدي إلى طمس ما تبقى من المعالم الأثرية الشاهدة على فن البناء ومهارة الإتقان..

Share

التصنيفات: تحقيقات

Share