Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

أروى.. بيت الموروث الشعبي

نــور باعباد

 

 تألمت لذلك الايميل المرسل من الزميل موسى الذمراني الذي دائماٍ ما يرسل لي أخباراٍ ومعلومات كثيراٍ ما توجع القلب.. أما خبر أروى فكان ممزوجاٍ بالتاريخ القديم والمعاصر.. أما القديم فإننا نحن اليمنيين نتطير منه فهو خراب حضارتنا الذي خرب سد مارب عاصمة دولة معين مارب إنه الفأر الذي خرب السد وها هو يخرب بيت الموروث الشعبي وها هو سليل مخربي السد من الفئران ولعل صفات التخريب استنسخت لبعض من اليمنيين وصارت أنواعا من التخريب السياسي الأمني الاقتصادي بل والثقافي فقد امتدت مخالب هذه الفئران لتقضم ملابس وأدوات من الموروث الشعبي اليمني سهوله ووديانه وجباله.

 

على الرغم من تواجد هيئات ثقافية كبيرة لها من الهيكلية والميزان ولكنها لا تستشعر الخطر لما جرى لهذا البيت ولا لفترة سابقة في تقديم الدعم الفني خاصة أن المبنى مستأجر تدفعه أروى إلا في فترة قصيرة دفعته جهة أخرى ما لبث أن توقف وعادت الأعباء إلى مجراها.

 

سألتها في البحث عن داعم أهلي أو من القطاع الخاص ولكنها كانت تخاف أن يسيس الموروث والبيت ويتقبيل ويتمنطق.. وأوضحت أن الموروث هو لعموم اليمن وتنوعها الثقافي والجغرافي ولا أحب أن يربط باسم وجهة فينسب البيت لمرجعيتها القبلية والمناطقية وفضلت أن تقتر من احتياجاتها وأسرتها ليتفيأ البيت والموروث سماء اليمن ويستقبل كل فنجان قهوة  ومروحة سعف النخيل وكل ألوان الحبوب والزروع والأغاني والموروث الشفاهي وتتسع أقسام البيت ليجد متسعاٍ متواضعاٍ لشرب قهوة القشر الذي تتقهواه كل اليمن..

 

أعادني ذلك الايميل للذاكرة وزيارتي وكان عزائي أنني لم أجد لمعاناة الأخت العزيزة أروى عثمان الباحثة والأديبة والمستشعرة لذلك الضياع للارث الثقافي اليمني في غمرة العولمة الثقافية المنزلية والأسرية إلا الأسف والغصة لذلك البيت العريق في محتوياته كما نخرت فئران سابقة سد مارب العظيم.. فهي بقدر ما وثقت وجمعت بقدر ما تشكل من حالة ريادة ونكران ذات لما تكلفه هذه المهمة الوطنية من استحقاق عظيم في عقول وذاكرة مواطنينا الذين توسعت دائرتهم بهذا البيت »بيت الموروث الشعبي« وتعرفوا على تنوعه في المأكل والملبس..

 

ذهبت قبل يومين.. الأربعاء أوائل شهر أبريل في الرابعة عصراٍ فلي زيارات متقطعة للبيت ولعزيزتي أروى وبينما أنا أدق الباب استحضرني ذلك البيت الشعري »دققت الباب فلما كلمتني كل متني فقلت يا اسماعيل اسماعيل صبري« ولكن هذه الاستعارة والتشبيه لم ينطبقا في فترات سابقة باعتبار أن البيت طابقان حتى تنزل إحدى المشرفات أو أروى لا لأذكرهن بهذا البيت ولكن لا مجيبة.. ولا شك أن من يعرف ذلك التلاعب اللغوي في هذا البيت الشعري يدرك مدى التطابق وتناقضه ومضمونه أن الشخص دق الباب حتى تعبت يده ومتنه وهي أعلى اليد بينها وبين الظهر لجسم الإنسان ثم إذا بالشاعر واسمه اسماعيل يحدث نفسه مخاطباٍ من يطرق بابها »اسما« انه عيل صبره أي تعب صبره.

 

واليوم ما يزال البيت »بيت الموروث الشعبي« مغلقاٍ ويحتاج لمبادرة لإنقاذه وإعادة الاعتبار لهذا الجهد الفردي الذي اقتطعت الباحثة أروى من قوتها ورزقها وأذكر أنها في سنوات سابقة حصلت على جائزة لأحسن عمل أدبي من إحدى المؤسسات الخليجية مشفوعة بمبلغ مالي وإذا بالعديد من المحتاجين والمتمحوجين يطلب منها أن تسلفه تساعده.. أما هي فقد استغربت كيف يفكر البعض وأوضحت لي أنها ستسدد ديون مقتنيات ما يزال أصحابها ينتظرون كما ستشتري مقتنيات أخرى وستغطي بعض الاحتياجات وما يسمونها بنفقات تشغيلية.

 

عندما تزور البيت تشعر أنك تدخل أو تسكن الماضي لأن هذه المقتنيات على بساطتها وأصالتها هي توثيق وهي ذاكرة للجيل القادم الذي ستغيب عن منزله وعاداته ذلك الماضي الذي قاده وذلك الماضي الذي يحافظ على الهوية ويعيد تقديمها ليشكل منافسة وثروة ليمنيي اليوم وتحدياٍ أمام حضارات وثقافات هي الأخرى تصارع من أجل حضور الهوية والذات الوطنية لما يشكله ذلك من قيم وأخلاق هي السند والعاصم لأي تعديات واحتواء وتزوير وطمس خاصة للموروث الشفاهي ولعل الموروث المادي بمكوناته الملموسةد والمجسدة هي الدليل على الانتماء والهوية.

 

لعل هذه الفئران على فعلتها المؤذية لموروثنا وللعزيزة الفاضلة وجهد سنين من الجمع والتوثيق والترتيب والتصوير.. نلفت عناية المؤسسات الثقافية والوطنية وخاصة الحكومية أننا بحاجة لمتاحف وطنية تؤرخ للفئران المعاصرة وعلى الأقل القرن الماضي حيث لم تتدخل المدنية إلا في القليل فنحن بحاجة والأجيال المتبوعة الآن تحتاج لزاد ثقافي مثل بيت الموروث الثقافي يربطها بالهوية اليمنية ويفترض أن تشكل هذه المبادرة وهذا العمل الثقافي المتوسع من التفهم للاحتياجات الثقافية مثل الاحتياجات التنموية الأخرى الاجتماعية والاقتصادية وأن هذه الاحتياجات بالإمكان أن تشكل أيضاٍ مصدر تعريف للسياح القادمين اليمنيين والأجانب ومصادر للتنمية السياحية.

 

أشكر الزميل الذمراني أن أيقظ إحساسي وحضرني للكتابة وأتوقع أنه أرسل هذه المعلومة وأتمنى أن يكون أرسلها للمعنيين بالقرار في المؤسسات الثقافية.

 

أتمنى أن تشارك المؤسسات الثقافية والبيئية في القضاء على عدونا التاريخي الذي أخاف أن يمتلك تقنيات حديثة  ليحاربنا أو يتسلط على مقدرات ثقافية ووطنية أخرى..

Share

التصنيفات: منوعــات

Share