Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

“الدولة العربية المعاصرة”: خمس عشرة دراسة

صدر حديثاً عن “المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات” كتاب “الدولة العربية المعاصرة: بحوث نظرية ودراسات حالة” الذي يضمّ دراسات لمجموعة من المؤلّفين من تحرير محمد حمشي ومراد دياني.

يتكون الكتاب من مقدمة وخمسة عشر فصلًا موزعة على ثلاثة أقسام: “بحوث نظرية”، و”دراسات تاريخية”، و”دراسات حالة”، ويحاول الإجابة عن بعض الأسئلة المتصلة بالدولة العربية المعاصرة وقضاياها، مثل المواطنة والمواطنية والمجتمع المدني، وتنازع السلطة التنفيذية، وسياسات الهوية واستقرار الدولة، ومفاعيل الدولة الكوربوراتية التسلطية ودولة الرعاية، وإشكالية قياس “الدولة الفاشلة”/ “الدولة الهشة”، وتجاذب نموذج الدولة الحديثة/ الدولة السلطانية، واستمرار التقليدانية في بنية الدولة العصرية، والعنف السياسي، والمركزية واللامركزية، وغيرها من القضايا ذات الصلة.

وتتقاطع المقاربات النظرية لفصول الكتاب الخمسة عشر، مع دراسات حالة لعدد من الدول العربية: سورية، ولبنان، والعراق، ومصر، والسودان، وتونس، والجزائر، والمغرب. ولا يتسرع الكتاب في الإعلان عن فشل الدولة؛ فليست الدولة الفاشلة موضوعًا له، إذ أظهرت غالبية الدول العربية صمودًا ملحوظًا على الرغم من التحولات التي شهدتها، كما أن لها نجاحات مهمة في بناء المؤسسات والتحديث. لكن الاستبداد أوصلها إلى طريق مسدود، وثمة فشل ملحوظ في بناء الأمة على أساس المواطنة، وكذلك في التوفيق بين القومية الإثنية القائمة على الثقافة العربية والإيمان بجماعة سياسية عربية والأمة القائمة على المواطنة، وهو توفيق ممكن وضروري.

يحاول الكتاب الإجابة على أسئلة متصلة بالدولة العربية مثل: المواطنة وسياسات الهوية والعنف السياسي

يستهلّ أدهم صولي وريموند هينبوش، في الفصل الأول، “مقاربات الكتاب النظرية للدولة العربية المعاصرة”، التي يعدّانها “الجبل الذي يجب أن يتسلّقه علماء السياسة كلّهم عاجلًا أو آجلًا”، من منظور السوسيولوجيا التاريخية.

أما رستم الضيقة، في الفصل الثاني، فيطرق إشكالية إعادة إنتاج الحقل السياسي العربي بين السيادة والجماعة، مُركزًا على تاريخية المصطلحات الفكرية السياسية العربية، من خلال قراءة نقدية مزدوجة لابن خلدون ومحمد عابد الجابري لهذا الحقل.

ويتناول سهيل الحبيّب، في الفصل الثالث، مفهومي المواطنة والمواطنية باعتبارهما صفتين للدولة/ الأمة العربية الحديثة؛ ويعود إلى سياق نشأة هذه الأخيرة، ثم يتناول تطوّر مفهوم المواطنة والبنى السياسية الاجتماعية التي يحيل إليها، وصولًا إلى اقترانه بنيويًا بنموذج الدولة/ الأمة الديمقراطية.

ي الفصل الرابع، يوسع محمد حمشي أفق المقاربة للدولة في علاقتها بالمجتمع المدني ضمن “دراسات الجنوب الكبير”، مركزًا على أطروحات عزمي بشارة في كتاب “المجتمع المدني”، ويرى أنّ قيمتها المضافة تكمنُ في نقد المركزية الغربية وكشف قصورها عن إبراز قدرةِ المجتمع المدني التفسيريةِ ومفعوله النقدي ووظيفته الديمقراطية.

تغطي دراسة محمد جمال باروت، في الفصل الخامس، المرحلة 1943-1949 من تاريخ الدولة السورية، التي شهدت استقلالها السياسي ونشوء جمهورية برلمانية يحكمها دستور عصري مبني على الأسس التقليدية للنظام البرلماني، بينما يضيء سعيد الحاجي، في الفصل السادس، استمرار الدولة في المغرب في توظيف أدوات الضبط والتحكم التقليدية في المجتمع، التي تعود إلى مرحلة الدولة المخزنية التي ظهرت منذ القرن السادس عشر، بوصفها إشكالية أساسية ترتبط ببناء الدولة المغربية ما بعد الاستعمارية.

يضم القسم الثالث من الكتاب دراسات حالة لعدد من الأقطار العربية: لبنان، وسورية، والعراق، ومصر، والسودان، وتونس الجزائر، والمغرب. يتناول باسل صلّوخ، في الفصل السابع، إشكالية “دولة التوافقية” في لبنان ما بعد حرب عام 2006. أما في حالة العراق، فيبحث حارث حسن، في الفصل الثامن، ما يسميه “الدولة النيوباتريمونيالية المقننة التي نتجت من تراجع نموذج الدولة الشعبوية-التنموية، ومرور العراق بتجربة الحكم الباتريمونيالي-الفردي.

ويتتبع مروان قبلان، في الفصل التاسع، الديناميات التي أدت إلى ولوج الدولة السورية أسوأ أزمة وجودية منذ تأسيسها في عام 1920، كما يبيّن عبد اللطيف المتدين في الفصل العاشر تأثير الهويات الثقافية الفرعية في استقرار الدولة في بلدان المغرب العربي، والتحدي الذي تطرحه في وجه بناء الهوية الوطنية.

وعن حالة الجزائر، يتناول عبد القادر عبد العالي، في الفصل الحادي عشر، نمط الدولة الكوربوراتية التسلطية بوصفه مركبًا بنيويًا تنظيميًا وشكلًا من العلاقة بين الدولة والمجتمع، تؤدي مخرجاته إلى انتقال ديمقراطي مشوّه ومقيّد وغير مكتمل. وعن حالة الجزائر أيضًا، يحاول حامي حسان، في الفصل الثاني عشر، الكشف من خلال دراسة إحصائية مقارنة عن العلاقة بين تحولات الدولة الاجتماعية وإكراهات المسألة الاجتماعية في السياقات الاقتصاديّة المتأزمة.

أما عن حالة المغرب، فيرصد عبد العزيز الطاهري، في الفصل الثالث عشر، التلازم بين العنف السياسي وبناء الدولة، مفترضًا أن هذا العنف ذو صلة وثيقة بالمرحلة الانتقالية من الدولة التقليدية إلى الدولة الحديثة. ويسائل محمد أحمد بنيس، في الفصل الرابع عشر، دور الجهوية المتقدمة في تعزيز مركزية الدولة المغربية، وإعادة إنتاج مأزقها الإصلاحي، بين تطلّعها نحو تحديث محدود لآليات اشتغالها، والحفاظ على شكلها الموحّد وبنيتها المركزية.

وتتناول رويدة محمد عبد الوهاب فرح، في الفصل الخامس عشر، حالة السودان، من خلال دراسة نقدية لقياس مؤشر “الدولة الفاشلة”/ “الدولة الهشة” على واقع الدولة السودانية، ومن خلال العودة أيضًا إلى انتفاضة كانون الأول/ ديسمبر 2018، تبرز الباحثة أنّ مؤشرات الدولة الهشة تواجهها العديد من المزالق المفاهيمية والتحليلية وتحديات القياس، فاتحةً بذلك الباب لآفاق بحثية أوسع للاشتباك مع السؤال: أيرجع “فشل الدولة” إلى أنها مستوردة من الغرب أم يرجع إلى أزمتها وضعفها، كما تبرزه دراستها للحالة السودانية؟

Share

التصنيفات: ثقافــة,عاجل

Share